ثانياً : مرحلة الأجِنَّة :
على كل أم مسلمة تنتظر طفلاً أن تبدأ منذ علمها بأن هناك رزق
من الله في أحشائها ؛ فتزيد من تقربها إلى الله شكراً له على
نعمته ، واستعداداً لاستقبال هذه النعمة ، فتنبعث السكينة في قلبها ،
والراحة في نفسها ، مما يؤثر بالإيجاب في الراحة النفسية للجنين ؛
كما يجب أن تُكثر من الاستماع إلى القرآن الكريم ،
الذي يصل أيضاً إلى الجنين ، ويعتاد سماعه ،
فيظل مرتبطاً به في حياته المستقبلة إن شاء الله .
ولنا في امرأة عمران- والدة السيدة مريم- الأسوة الحسنة حين قالت:
{ ربِّ إني نَذَرتُ لك ما في بطني مُحرَّراً ،
فتقبل مني إنك أنت السميع العليم } ،
فكانت النتيجة: { فتقبَّلها ربُّها بقَبول حَسَن }.
ولقد أثبتت التجربة أن أفضل الطعام عند الطفل هو ما كانت تُكثر
الأم من تناوله أثناء حملها بهذا الطفل ،
كما أن الجنين يكون أكثر حركة إذا كان حول الأم صخباً أو
ضجة ، وهذا يعني تأثر الجنين بما هو حول الأم من مؤثرات.
( وهاهي الهندسة الوراثية تؤكد وجود الكثير من التأثيرات التي
تنطبع عليها حالة الجنين ، سواء أكانت هذه التأثيرات
بيولوجية ، أوسيكولوجية ، أو روحية ، أوعاطفية .
ونحن نطالع باستمرار مدى تأثر الجنين بإدمان الأم على التدخين ،
فإذا كان التدخين يؤثر تأثيراً بليغاً على صحة الجنين البدنية ،
فَتُرى ما مدى تأثره الأخلاقي والروحي بسماع الأم للغيبة أو
أكلها للحم الخنزير ، أو خوضها في المحرمات
وهي تحمله في أحشائها؟! )
ويؤكد الدكتور "علاء الدين القبانجي" هذا بقوله:
" هناك خطأ كبير في نفي التأثير البيئي على النطفة ،
في نفس الوقت الذي نلاحظ فيه التأثير ا لبيئي على الفرد ذاته
سواء بسواء ، ولن تتوقف النطفة عن التأثر بالمنبهات الكيماوية -
بما فيها المواد الغذائية والعقاقير- أو بالظروف البيئية ،
بل ستظل تتأثر بقوة التوجه إلى الله أيضا ،
فروح الاطمئنان والتوجه إلى الله تعالى تخفف من
التوترات والتفاعلات النفسية المضطربة .
ويضيف فضيلة الشيخ "علي القرني" :
" أثبت العلم الحديث أن للجنين نفسية لا تنفصل عن نفسية أمه ،
فيفرح أحياناً ، ويحزن أحياناً ، وينزعج أحياناً لما ترتكبه أمه من
مخالفات كالتدخين مثلاً ، فقد أجرى أحد الأطباء تجربة على
سيدة حامل في شهرها السادس وهي مدمنة للتدخين ،
حيث طلب منها الامتناع عن التدخين لمدة أربع وعشرين ساعة ،
بينما كان يتابع الجنين بالتصوير الضوئي ، فإذا به ساكن هادئ ،
حتى أعطى الطبيب الأم لفافة تبغ ، فما إن بدأت بإشعالها
ووضعها في فمها حتى بدأ الجنين في الاضطراب ،
تبعاً لاضطراب قلب أمه .
كما أثبت العلم أيضاً أن مشاعر الأم تنتقل لجنينها ، فيتحرك
بحركات امتنان حين يشعر أن أمه ترغب فيه ومستعدة للقائه ،
بينما يضطرب وينكمش ، ويركل بقدميه معلناً عن احتجاجه حين
يشعر بعدم رغبة أمه فيه...
حتى أن طفلة كانت أمها قد حملتها كُرهاً ، وحاولت إسقاطها ،
دون جدوى ، فلما وضعتها رفضت الطفلة الرضاعة من أمها ،
فلما أرضعتها مرضعة أخرى قبلت!!!
ولكنها عادت لرفض الرضاعة مرة أخرى حين عصبوا
عيني الطفلة ، ثم أعطوها لأمها كي ترضعها !!! "
بينما نرى أماً أخرى حرصت - منذ بداية الحمل- على تلاوة القرآن
والاستماع له في كل أحوالها ... قائمة ، وقاعدة ، ومضطجعة ،
فكانت النتيجة أن وضعت طفلاً تمكن بفضل الله تعالى
من ختم القرآن الكريم حفظاً ، وتجويداً ،
وهو في الخامسة من عمره !!!
فتبارك الله أحسن الخالقين"
مما تقدم نخلص إلى أن تربية الطفل تبدأ من مرحلة الأجنة ،
" فإذا نشأ الجنين في بطن أمه في جو من الهدوء والسكينة -
وخير ما يمنحهما هو القرب من الله سبحانه -
فإنه يستجيب بإذن ربه ، ويعترف بفضل أمه عليه ،
ويتمتع بشخصية سوية ونفسية هادئة ،
يقول لسان حاله : { هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ؟!!! } "
نتابع