تابع الأمثال الصريحة فى سورة البقرة
المثل السادس
{ كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ
فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا
لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ }
(الآية 264 )
التفسير:
أي لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى
كما تبطل صدقة من راءى بها الناس
فأظهر لهم أنه يريد وجه الله وإنما قصده مدح الناس له
أو ليشكر بين الناس أو يقال إنه كريم ونحو ذلك من المقاصد
الدنيوية مع قطع نظره عن معاملة الله تعالى ابتغاء مرضاته
وجزيل ثوابه ولهذا قال "ولا يؤمن بالله واليوم الآخر"
ثم ضرب تعالى مثل ذلك المرائي بإنفاقه والذي يُتْبع نفقته
منا أو أذى فقال "فمثله كمثل صفوان" وهو جمع صفوانة،
فمنهم من يقول الصفوان يستعمل مفردا.
أيضا وهو الصفا وهو الصخر الأملس ،
"عليه تراب فأصابه وابل" هو المطر الشديد،
"فتركه صلدا" أي فترك الوابل ذلك الصفوان صلدا
أي أملس يابسا أي لا شيء عليه من ذلك التراب بل قد ذهب كله،
أي وكذلك أعمال المرائين تذهب وتضمحل عند الله
وإن ظهر لهم أعمال فيما يرى الناس كالتراب.
المثل السابع
{ وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ
وَتَثْبِيتًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ
فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ
وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }
(الآية 265)
التفسير:
وهذا مثل المؤمنين المنفقين أموالهم ابتغاء
مرضات الله عنهم في ذلك "وتثبيتا من أنفسهم"
أي وهم متحققون ومتثبتون أن الله سيجزيهم على ذلك
أوفر الجزاء،
ونظير هذا في المعنى قوله عليه السلام
في الحديث الصحيح المتفق على صحته
من صام رمضان إيمانا واحتسابا
أي يؤمن أن الله شرعه ويحتسب عند الله ثوابه
قال الشعبي: "وتثبيتا من أنفسهم" أي تصديقا ويقينا ،
وكذا قال قتادة وأبو صالح وابن زيد واختاره ابن جرير
وقال مجاهد والحسن أي يتثبتون أين يضعون صدقاتهم .
وقوله "كمثل جنة بربوة" أي كمثل بستان بربوة
وهو عند الجمهور المكان المرتفع من الأرض،
وزاد ابن عباس والضحاك وتجري فيه الأنهار ،
قال ابن جرير رحمه الله: وفي الربوة ثلاث لغات
هن ثلاث قراءات
بضم الراء وبما قرأ عامة أهل المدينة والحجاز والعراق
وفتحها وهي قراءة بعض أهل الشام والكوفة ويقال إنها لغة تميم
وكسر الراء ويذكر أنها قراءة ابن عباس.
وقوله "أصابها وابل" وهو المطر الشديد كما تقدم،
فآتت "أكلها" أي ثمرتها "ضعفين" أي بالنسبة إلى غيرها من الجنان
"فإن لم يصبها وابل فطل" قال الضحاك هو الرذاذ
وهو اللين من المطر، أي هذه الجنة بهذه الربوة لا تمحل أبدا
لأنها إن لم يصبها وابل فطل وأيا ما كان فهو كفايتها،
وكذلك عمل المؤمن لا يبور أبدا بل يتقبله الله
ويكثره وينميه كل عامل بحسبه ،
ولهذا قال "والله بما تعملون بصير"
أي لا يخفى عليه من أعمال عباده شيء.