الأمثال الصريحة فى سورة الحج
26- حُنَفَاء لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ (الحج-الآية31) 27- يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (الحج-الآية73) المثل السادس والعشرون 26- حُنَفَاء لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ (الحج-الآية31) التفســير ضرب الله سبحانه وتعالى للمشرك مثلا في ضلاله وهلاكه
وبعده عن الهدى فقال :
( ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء ) أي : سقط منها ،
( فتخطفه الطير ) ، أي : تقطعه الطيور في الهواء ،
( أو تهوي به الريح في مكان سحيق ) أي : بعيد مهلك لمن هوى فيه
ولهذا جاء في حديث البراء :
" إن الكافر إذا توفته ملائكة الموت ، وصعدوا بروحه إلى السماء ،
فلا تفتح له أبواب السماء ، بل تطرح روحه طرحا من هناك " .
ثم قرأ هذه الآية
وقد ضرب [ الله ] تعالى للمشرك مثلا آخر في سورة " الأنعام " ،
وهو قوله :
( قل أندعو من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا ونرد على أعقابنا
بعد إذ هدانا الله كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران له
أصحاب يدعونه إلى الهدى ائتنا قل إن هدى الله هو الهدى
وأمرنا لنسلم لرب العالمين ) [ الأنعام : 71 ] .
فمن أشرك باللّه فقد أهلك نفسه إهلاكا ليس بعده نهاية،
فقد صور حاله بصورة حال من خرّ من السماء فاختطفته الطير،
فتفرق مزعا في حواصلها،
أو عصفت به الريح حتى هوت به في بعض المطاوح البعيدة.
فقد شبه الإيمان في علوه بالسماء،
والذي ترك الإيمان وأشرك باللّه بالساقط من السماء،
والأهواء التي تتوزع أفكاره بالطير المختطفة،
والشيطان الذي يطوّح به في وادى الضلالة بالريح
التي تهوى بما عصفت به في بعض المهاوى المتلفة.
يقول الشيخ الشعراوى
ويعطينا الحق سبحانه صورة توضيحية لعاقبة الشرك:
{وَمَن يُشْرِكْ بالله فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السمآء فَتَخْطَفُهُ الطير
أَوْ تَهْوِي بِهِ الريح فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ..} [الحج: 31].
خرَّ: يعني سقط من السماء لا يُمسكه شيء،
ومنه قوله تعالى:
{فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السقف مِن فَوْقِهِمْ..} [النحل: 26].
وفي الإنسان جمادية؛ لأن قانون الجاذبية يتحكم فيه،
فإنْ صَعِد إلى أعلى لابد أنْ يعود إلى الأرض بفعل هذه الجاذبية،
لا يملك أنْ يُمسِك نفسه مُعلَّقاً في الهواء،
فهذا أمر لا يملكه وخارج عن استطاعته،
وفي الإنسان نباتية تتمثل في النمو،
وفيه حيوانية تتمثل في الغرائز،
وفيه إنسانية تتمثل في العقل والتفكير والاختيار بين البدائل،
وبهذه كُرِّم عن سائر الأجناس.
وتلحظ أن(خرَّ) ترتبط بارتفاع بعيد
{خَرَّ مِنَ السمآء..} [الحج: 31]
بحيث لا تستطيع قوة أنْ تحميه، أو تمنعه لا بذاته ولا بغيره،
وقبل أنْ يصل إلى الأرض تتخطفه الطير،
فإنْ لم تتخطفه تهوي به الريح في مكان بعيد وتتلاعب به،
فهو هالك هالك لا محالةَ،
ولو كانت واحدة من هذه الثلاث لكانت كافية.
وعلى العاقل أنْ يتأمل مغزى هذا التصوير القرآني
فيحذر هذا المصير، فهذه حال مَنْ أشرك بالله،
فإنْ أخذتَ الصورة على أنها تشبيه حالة بحالة،
فها هي الصورة أمامك واضحة،
وإنْ أردتَ تفسيراً آخر يُوضِّح أجزاءها:
فالسماء هي الإسلام، والطير هي الشهوات،
والريح هي ريح الشيطان، يتلاعب به هنا وهناك.
فأيُّ ضياع بعد هذا؟ ومَنْ ذا الذي ينقذه من هذا المصير؟
ويوضح الدكتور محمد راتب النابلسى
أن الشرك نوعان:
شرك جلي و شرك خفي،
الشرك الجلي قلما نجده في العالم الإسلامي
لأن الله سبحانه وتعالى بعد أن أنزل الكتاب على عبده
وانتشر الهدى يئس الشيطان أن يُعبد غير الله في بلاد المسلمين،
أن يكون هناك إلها كاللات و العزى تُعبد من دون الله تعالى
بعد بعثة المصطفى هذا مستحيل،
عَنْ جَابِرٍ قَالَ
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(( إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ يَئِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ
وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهم ))
[رواه الترمذي]
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ:
(( خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ
الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ فَقَالَ أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا هُوَ أَخْوَفُ عَلَيْكُمْ عِنْدِي مِنَ
الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ قَالَ قُلْنَا بَلَى فَقَالَ الشِّرْكُ الْخَفِيُّ أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ
يُصَلِّي فَيُزَيِّنُ صَلَاتَهُ لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ رَجُلٍ ))
[رواه ابن ماجه]
فضعف الإخلاص من ضعف التوحيد
و ضعف المحبة لله من ضعف التوحيد،
والنفاق من ضعف التوحيد و التملق من ضعف التوحيد
و الخوف من ضعف التوحيد،
فأمراض النفس الوبيلة واحدة واحدة لو حلّلتها
لوجدتها من ضعف التوحيد.