08-16-2018
|
#3 |
بيانات اضافيه [
+
] | رقم العضوية : 141 | تاريخ التسجيل : Jul 2013 | أخر زيارة : 12-22-2022 (04:24 PM) | المشاركات : 4,061 [
+
] | التقييم : 22951 | الدولهـ | MMS ~ | SMS ~ | | لوني المفضل : Darkgreen | |
Re: وليالٍ عشر.. ✳ الَّليلةُ الخَامِسة
{ ربّي إنّي أسكنتُ من ذُريتي بِوادٍ غَير ذي زَرعٍ عِندَ بَيتِكَ المُحرّم ربّنا لِيقيموا الصلّاة } ..
كـَانَ السّاكنُ ولداً واحداً ..
و كَـانَ الدُّعاء ؛ لِيقيموا " بواو " الجَماعة .. فكيفَ يتَّسِق ذلك ؟!
كيفَ يَصِحّ أن يودِعَ إبراهيمُ طِفلاً ؛ ثُمَّ يَنوي بِه فِعلَ الجماعة ؟!
الحقيقة ُ..
أَّنهُ لم يَكن لإبراهيم ساحِلَ في ُطموحه .. إذ رأى في الرّضيع ؛ فِعلَ أُمّة !
{ لِيقيموا الصلّاة } ..
تُرى هل كانت تُؤرِقُكَ إقامةُ الصّلاة يـا إبراهيم ؛ في هذا الفراغ الهائل من الصّحراء الصامتة ؟
بِمن سيُقيمُ إسماعيلُ الصّلاةَ ؟
و على أيِّ قِبلةٍ سيتّجه ؟!
كان إبراهيمُ في دُعائِه ؛ يَنسَكبُ أنهاراً من الفَهم ..
كان يُخبّىءُ مكنونَ أُمنية ؛ أن يصّطَفي اللهُ إسماعيلَ لِبناءِ البَيت !
و يُحّيي به مَواتَ الحَياة ..
فتولدُ بِميلادِه خَيـرَ أُمـّة !
ما أبدعَ القُرآن ..
إذ تصّطَفُ الحَقائق فيه ؛ لِتُنهي عصراً كانت الأُمنياتُ فيه ضَئيلة !
إنّهُ يقولُ لك ..
ما أوهنَ الذُّريّة ؛ وما أسرع ذُبولها يومَ تكونُ { زينَةُ الحَياة الدُّنيا } !
و للزّينة مَواسم ..
و المواسمُ لا تَدوم !
ها هو يَقلِبُ التّاريخ ؛ و يصنع زمناً جديداً .. زمناً فيه معنى : { إنّي نَذَرتُ لَكَ ما في بَطني مُحرراً } ..
و مهمّة جَليلة : { ليُقيمـوا الصّـلاة } !
و مَقاماً في الحَياةِ رَفيعاً : { و إذ يرفعُ إبراهيمُ القَواعدَ مِن البَيتِ وإسماعيلُ } !
{ وإذ يرفعُ } ..
بِيَدٍ تَخّتَزِنُ دُعاء الأبِ الصّالح ، و تتّسع لِقدرٍ إختارها اللهُ لهُ ..
" وبياءِ " المُضارع ؛ حتّى كأنَّ الفِعلَ لا زالَ حيَّاً !
سُبحان الله ..
أيّ حياةٍ هذه التي لا تَمـوت !
حتّى كأنَّ دُعاءَ إبراهيم { رَبِّ اجعلني مُقيمَ الصّلاة و من ذُريتي } ؛ حَفرَ في مَسامِعِ السّماء .. فَلَم يبقَ الا أن تَنهمرُ لهُ السّماء إجابةً و عَطاء !
من يَقدِرُ ؛ أن يَنوي في الطِّفل القادم غَير فَرح نَفسه ؟!
من يَقدِرُ ذلك ؛ يَجمعَ اللهُ له في الطّفل مَدائنَ الأَفـراح !
مالِحة هي النِيّات ؛ إن لَم تَكُن للغاياتِ الجَليلة ..
نَتَجرّعها ؛ و لا نكادُ نُسيغُها !
و ربّما نَقطِفها ؛ مَثل عُمرِ الوَردِ القَصير ..
ربّما لم يَلمس إبراهيم يَدَ الصّغير ؛ و لم يُناغِيها ..
لكنَّ اللهَ خَبَّأها لهُ ؛ ساعداً شَديداً ترفًعُ مَعَهُ أَعمِدةَ البَيت !
و يا للمُفارقةِ في التَّعبيرِ القُرآنيّ .. اذ يَصِفُ اللهُ سَريرةَ إبراهيم في إسماعيل بِقولهِ { ليِقيموا الصّلاة } ..
و في الإقامةِ ؛ مَعنى رفع البِنيانِ حتّى يكتمل !
ثُمَّ يَصفُ فِعلَ إسماعيلُ : إذ كَبّر بِقوله { يرفعُ } ، {القَواعدَ} ..
فَيظـَلُّ بِذلك { عنـدَ رَبـِّهِ مَـرضيّاً } !
لَكَأنَّ إبراهيمُ أرادَ من رَبّه طِفلاً لِكلّ العُصور ؛ و كلّ الدّهور ..
طفلاً يَكبرُ ؛ فَتكّبُرُ مَعَهُ سَنابلُ القَّمحِ ، و يعرِفُ كيفَ يَنشُر العَبير !
يَـا إبراهيم ..
في سَريرتِكَ كُنتَ تصّنعُ لَنا إيقاعاً جَديداً ؛ لا نَعرِفُ عَزفَه ..
و كنتَ تُعلّمنا ؛ أنَّ البُطولةَ أنْ تتفَرِدَ في إيقاعِك !
قيلَ يومـاً :
{ عُلوًّ في الحَياةِ و عُلوًّ في المَمَات } ..
وانا أقـولُ :
إنَّ عُلوَّ النِّياتِ ؛ يَنفي عـن صاحِبِها المَمَات !
ألا تَسمعُ صَوت زَمزم كَيفَ ظـَلُّ يفـور !
ألَا تَرى البَيتَ ؛ و هُوَ يَكّتَظُّ بِالحَجيج !
أَلا تُبصِرُ نَسلَ إسماعيل ؛ يَنساحُونَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَميق !
مَن أرادَ صَهيلَ الخُلود في الملأ الأعلى ؛ فَليركب خَيلَ { كـانَ أُمَّـةً }
د.كــِفاح أبو هَنّـود
|
| |