شروط الحجاب الشرعي :
الحجاب الشرعي الذي أمر الله به المسلمات المؤمنات فيه ضوابط وشروط لابد من تحقيقها حتى يصدق على المرأة المسلمة بأنها محجبة حجابا شرعيا حقيقا يبتغى منه مرضاة الله تعالى، أما مجرد إعمال بعض الشروط وترك وإهمال أخرى فهذا فيه تناقض وازدواجية واضحة ويوقع المرأة في الإثم ومخالفة أمر الله تبارك وتعالى .
فهنالك ثمانية شروط وضعها أهل العلم استنباطا من أدلة الكتاب والسنة الصحيحة يتوقف كون الحجاب شرعي عليها وعلى تطبيقها، فعلى المرأة المسلمة التي تطلب مرضاة الله عز وجل وتبتغي الأجر والثواب في هذه العبادة أن تلتزم بتلك الشروط كما هي، إذ الحجاب طهارة وحياء وسكينة ورفعة ووقار للمرأة، والشروط هي :
1- أن يكون ساترا لجميع العورة: وهذا أمر مجمع عليه بين علماء المسلمين، فلا يجوز للمرأة البالغ أن يظهر منها شيئا من عورتها، وهنالك خلاف بخصوص الوجه والكفين فلن نخوض فيه، لكن ما دون ذلك فيجب على المرأة أن لا يظهر منه شيئا إلا للضرورة.
2- ألا يكون زينة في نفسه أو مبهرجا: فلا يجوز أن يكون الحجاب بألوان تجذب الانتباه وتلفت الأنظار لقوله تعالى ( ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ) أي من غير عمد أو قصد، وعلى المرأة المحجبة لبس الثياب ذات الألوان الداكنة والغامقة كالأسود والنيلي وغيرها والتي لا يكون فيها زينة أو جذب للأنظار، وكذلك ينبغي أن لا يكون مزخرفا أو مزركشا ، فالمرأة التي حققت الشرط الأول بستر جميع عورتها ولم تحقق هذا الشرط فإنها قد أصابت محذورا شرعيا ولم تلبس الحجاب الشرعي ، وللأسف فكثير من النساء لا يبالين بألوان الثياب وهن بذلك وقعن بمخالفات شرعية شعرن أو لم يشعرن بذلك.
3- أن يكون سميكا لا يشف ما تحته من الجسم: لأن غاية الحجاب هو الستر، والثياب الخفيفة الشفافة لا تستر فلا تسمى حجابا، وقد بين النبي عليه الصلاة والسلام فيما رواه مسلم حيث قال ( صنفان من أهل النار لم أرهما بعد : نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا ... ) فهذا تحذير شديد من هذا الأمر الذي يكاد يكون منتشر في أيامنا فكم من امرأة تجدها كاسية في الظاهر إلا أنها عارية في الحقيقة لأنهن يلبسن ملابس لا تستر الجسد ولا تخفي العورة، فمن عملت بالشرط الأول والثاني وخالفت في هذا فلا يسمى حجابها شرعيا .
4- أن يكون فضفاضا غير ضيق ولا يجسم العورة ولا يظهر أماكن الفتنة في الجسم: إذ يجب أن يكون الثوب واسعا فضفاضا غير ملتصق بالجسد، حتى لا يُفصِّل مفاتن ومحاسن المرأة للرجال، وللأسف فإن هذا الشرط قلة من يهتمون به، فكثير من النساء يرتدين ملابس ضيقة بحجة أنها تستر جميع البدن والعورة فلا بأس!! لكن هذا غير صحيح فلابد من كون الثياب واسعة غير ضيقة فضفاضة غير ملتصقة، حتى لا يفصل أو يجسم الثوب أي من مفاتن أو جسد المرأة .
وما نريد التنبيه عليه في هذا الشرط ما يقع فيه العديد من النساء من لبس البنطال الضيق من غير أي ساتر، وفي بعض الأحيان يكون فوقه ثياب لا تستر الجميع كأن تكون الجبة أو العباءة إلى منتصف الساق، بحيث يظهر ما تبقى من البنطال وهذا لا يجوز ولا يتحقق فيه هذا الشرط، وعليه يجب أن تنتبه النساء وأولياء الأمور لهذه العادة السيئة التي تشتبه على الكثير ظنا منهم أن هذا جائز .
5- ألا يكون الثوب معطرا لأن فيه إثارة للرجال: إذ يقول النبي عليه الصلاة والسلام كما في الحديث الصحيح ( و المرأة إذا استعطرت فمرت بالمجلس فهي كذا و كذا يعني زانية ) وهذا الأمر مما تهاون به الكثير من النساء، فلا يبالين بالتعطر حتى عند خروجهن خارج المنزل، فلابد من الانتباه بأن هذا الأمر من مفسدات الحجاب الشرعي.
6- ألا يكون فيه تشبه بالرجال أو مما يلبسه الرجال: حيث لعن النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يلبس لبسة المرأة، و المرأة تلبس لبسة الرجل، وقال عليه الصلاة والسلام ( لعن الله المخنثين من الرجال، و المترجلات من النساء ) وهذا للأسف الشديد تقع فيه الكثير من النساء، فيلبسن البنطال الذي هو في الغالب من زي الرجال في زماننا هذا والله المستعان .
7- ألا يشبه لباس الكافرات والفاجرات: إن الإسلام نهانا عن التشبه بالكفار وأمرنا بمخالفتهم في الزي والهيئة، وما نراه للأسف الشديد من لباس العديد من النساء اللواتي كن يلبسن الحجاب الشرعي في العراق، إلا أن الأمر تغير بمجرد انتقالهن إلى سوريا والتأثر بما يرونه من لباس غير شرعي، وهنالك أيضا حالات عديدة حتى أصبحت أشبه بظاهرة وهي لبس البنطال والتشبه بلباس أهل الكفر والفجور، بدعوى التحرر ومواكبة العصر ونساء هذا الزمان، وإرضاء لما يستجد من موديلات وموضات فاضحة والنبي عليه الصلاة والسلام يقول ( من أرضى الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس ومن أسخط الناس برضا الله كفاه الله مؤنة الناس ) فبدلا من أن يشكر النسوة وأولياء الأمور ما أنعم الله عليهم بالخلاص من القتل والاستهداف في العراق، ويقوموا بشكر الله بطاعته والتزام أوامره، نرى عكس ذلك ولا حول ولا قوة إلا بالله، وبالشكر تدوم النعم .
8- ألا يكون ثوب شهرة: لقول النبي عليه الصلاة والسلام ( من لبس ثوب شهرة في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة ) وثوب الشهرة هو الثوب الذي يقصد بلبسه الاشتهار بين الناس، كالثوب غالي الثمن الذي يلبس للتفاخر والتظاهر، وهذا يشمل الرجال والنساء .
الشروط الثلاثة الأخيرة يجب أن تتقيد بها المرأة المسلمة في البيت وخارجه وأمام المحارم والأجانب عنها، فالواجب على المرأة المسلمة تحقيق كل هذه الشروط في حجابها حتى يكون فعلا شرعيا وحقيقيا، وعلى أولياء الأمور أيضا أن يحققوا هذه الشروط فيمن تحت ولايتهم من الزوجات والبنات والأخوات لأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته )