الذي غاب عنك ..أنَّ الانبهار الزائد بالشخوص، يحوي نهاية أمره مقلبًا أو خدعةً موقوتة، كساحرٍ خدع إبصارك لحظةً بأرنبٍ يخرج من قالب قبعة، وهو قابعٌ بالأصل فيها.. جيدٌ أن تعجب بفلان، جيدٌ أن تُحلّل فكره، تقُصَّ أثره، وتبدأ باتّباعِ مساره وتَبَنّي رؤيته، وتُعلن عن محبّتك سرًا وجهرًا، لكن!!
لا يغيبُ عن ذهنك لحظةً أنه بشر، وأن التعلُّق إن زادَ ضَر، الحُبّ يُعمي عن ناظريك عيوبه، ويقرّب لك صورته الملائكية، ويُلهمك تبريرًا في كل مرة يخطئ فيها -و طبيعيٌ خطؤه- حتّى ترتاح نفسك.
التساقط الذي حولك مُفجع، وسهولة صعود البعض على منابر الكلمات خدّاعة، وسرعة وصول هؤلاء لعقلك مخيفة، خفف حمل قلبك بقليل تعلُّق، واربط نفسك بتخّلُق، خفف حمل عقلك بتدريبه على التّبصير، أن يرى معنى كل شيء بعد تحليله، وعلى عيان الأمر بإطالة النّظر حتى يخرج الفهم، لا تخجل لحظةً من دراسة دينك، أن تعبدَ الله بحثًا وحُبًا وقُربًا
شُدَّ أزرًا واهدم وِزرًا واشدُد على قلب أخيك، لا تدَع رياحَ التّيه تأخذه، خبّئ جلالَ ما بينكما، و اهمس له أنّنا للدرب وله خُلقنا، و اشدُد لا ترخي يدك، لعلّك وصلت، لعلّها ومضة السّكون وراحة العيون وجلالُ نفسٍ توّاقة، كُن مع الذين صَدَقوا. {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا}
أعلم أنك تُسائل نفسك مَن الذين صَدَقوا؟ مرّةً تعلّمت أن الذي يسعى لله بصدق، وتجرَّد من حظّ نفسه بإخلاص، يُريه الله أهله ودربه والمسار، يحنُّ عليه بألطافه ويضُمّ قلبه، والرزق أن يؤتيك الله البصيرة حينما يكتفي من حولك بالبصر، أن يجعل من دواخلك امتلاء.. والإمتلاء="تغذية الأواني بالمعاني" أواني قلبك وسرّك والعمل.. {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}
جُلّ مرادي وهذا القول لي، أن اصدُق الطّلب، وأحسِن السَّعي، و ثغرات الميدان هي ميدان نفسك أولًا ومعها ميدان دربك والعالمين.. "إذًا لا يُضيعنا الله" أي والله.. رَبِحَ البيعُ قلبك إن صَدَق، وإن استقام حتّى اغترف.
اللهم دُلَّ
قلبي إن ضَلَّ عنك.