12-15-2019
|
#5 |
بيانات اضافيه [
+
] | رقم العضوية : 6 | تاريخ التسجيل : May 2013 | العمر : 40 | أخر زيارة : منذ 13 دقيقة (01:38 AM) | المشاركات : 16,402 [
+
] | التقييم : 43872 | الدولهـ | MMS ~ | SMS ~ | | لوني المفضل : Darkviolet | |
رد: مذاهب الناس في صفة المحبة لله عز وجل فإن قيل: المحبة والرضا يقتضيان ملاءمة ومناسبة بين المُحِب والمحبوب، ويوجب للمُحِب بدَرَك محبوبه فرحاً ولذةً وسروراً …
والملاءمة والمنافرة تقتضي الحاجة، إذ ما لا يحتاج الحي إليه لا يحبه، وما لا يضره كيف يبغضه، والله غني لا تجوز عليه الحاجة، إذ لو جازت عليه للزم حدوثه وإمكانه وهو غني عن العالمين، وقد قال تعالى – في الحديث القدسي –: ((يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني )) ، فلهذا فسرت المحبة والرضا بالإرادة إذ يفعل النفع والضر.
فنقول: جمهور أهل السنة على أن (المحبة والرضا والغضب والسخط ليس هو مجرد الإرادة) . ويجاب على قولكم من وجهين:
أحدهما: الإلزام وهو أن نقول: الإرادة لا تكون إلا للمناسبة بين المريد والمراد، وملاءمته في ذلك تقتضي الحاجة، وإلا فما لا يحتاج إليه الحي لا ينتفع به ولا يريده، ولذلك إذا أراد به العقوبة والإضرار لا يكون إلا لنفرة وبغض، وإلا فما لم يتألم به الحي أصلاً لا يكرهه، ولا يدفعه، وكذلك نفس نفع الغير وضرره هو في الحي متنافر من الحاجة، فإن الواحد منا إنما يحسن إلى غيره لجلب منفعة، أو دفع مضرة، وإنما يضر غيره لجلب منفعة، أو دفع مضرة.
فإذا كان الذي يثبت صفة وينفي أخرى يلزمه فيما أثبته نظير ما يلزمه فيما نفاه، لم يكن إثبات إحداهما ونفي الأخرى أولى من العكس، ولو عكس عاكس فنفى ما أثبته من الإرادة، وأثبت ما نفاه من المحبة لما ذكره لم يكن بينهما فرق، وحينئذ فالواجب إما نفي الجميع، ولا سبيل إليه للعلم الضروري، بوجود نفع الخلق والإحسان إليهم، وأن ذلك يستلزم الإرادة وإما إثبات الجميع كما جاءت به النصوص، وحينئذ فمن توهم أنه يلزم من ذلك محذور، فأحد الأمرين لازم، إما أن ذلك المحذور لا يلزم أو أنه لزم فليس بمحذور.
الجواب الثاني: أن الذي يعلم قطعاً هو أن الله قديم واجب الوجود كامل، وأنه لا يجوز عليه الحدوث ولا الإمكان ولا النقص، لكن كون هذه الأمور التي جاءت بها النصوص مستلزمة للحدوث والإمكان أو النقص هو موضع النظر، فإن الله غني واجب بنفسه وقد عرف أن قيام الصفات به لا يلزم حدوثه ولا إمكانه ولا حاجته، وأن قول القائل بلزوم افتقاره إلى صفاته اللازمة، بمنزلة قوله مفتقر إلى ذاته ومعلوم أنه غني بنفسه، وأنه واجب الوجود بنفسه، وأنه موجود بنفسه، فتوهم حاجة نفسه إلى نفسه، إن عنى به أن ذاته لا تقوم إلا بذاته فهذا حق، فإن الله غني عن العالمين وعن خلقه، وهو غني بنفسه .
وأيضاً يقال لهم:(إن من تأول النصوص على معنى من المعاني التي يثبتها، فإنهم إذا صرفوا النص عن المعنى الذي هو مقتضاه إلى معنى آخر، لزمهم في المعنى المصروف إليه ما كان يلزمهم في المعنى المصروف عنه.
فإن قال قائل: تأويل محبته ورضاه وغضبه وسخطه هو إرادته للثواب والعقاب، كان ما يلزمه في الإرادة نظير ما يلزمه في الحب والمقت والرضا والسخط، ولو فسر ذلك بمفعولاته – وهو ما يخلقه من الثواب والعقاب –فإنه يلزمه في ذلك نظير ما فر منه، فإن الفعل المعقول لا بد أن يقوم أولاً بالفاعل، والثواب والعقاب المفعول إنما يكون على فعل ما يحبه ويرضاه، ويسخطه ويبغضه المثيب المعاقب، فهم إن أثبتوا الفعل على مثل الوجه المعقول المشاهد للعبد مثلوا، وإن أثبتوه خلاف ذلك، فكذلك سائر الصفات) .
( فإن قيل: إنما نفينا الرحمة والمحبة والرضا والغضب ونحو ذلك من الصفات لأنه لا يعقل لها حقيقة تليق بالخالق إلا الإرادة، فالمحبة والرضا إرادة الإحسان، والغضب إرادة العقاب منه، فالفرق بينهما بحسب تعلقاتها لأن هذه في نفسها ليست عده.قيل هذا باطل فإن نصوص الكتاب والسنة والإجماع مع الأدلة العقلية تبين الفرق، فإن الله سبحانه وتعالى يقول: {إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم} [الزمر:7]، وقال تعالى: {إذ يبيتون ما لا يرضى من القول}[النساء: 108]، فبين أنه لا يرضى هذه المحرمات، مع أن كل شيء كائن بسبه، وقال تعالى: {والله لا يحب الفساد}[البقرة:205].
وقد علم بالاضطرار من دين الإسلام وبإجماع سلف الأمة قبل حدوث أقوال النفاة من الجهمية ونحوهم، أن الله يحب الإيمان والعمل الصالح، ولا يحب الكفر والفسوق والعصيان، وأنه يرضى هذا ولا يرضى هذا، والجميع بمشيئته وقدرته ) .
ويقال لهم أيضًا: (إن محبة المُتقرِب إلى المُتقرَب إليه تابع لمحبته وفرع عليه، فمن لا يُحِب الشيء لا يمكن أن يُحِب التقرب إليه، إذ التقرب وسيلة، ومحبة الوسيلة تبع لمحبة المقصود، فيمتنع أن تكون الوسيلة إلى الشيء المحبوب هي المحبوب دون الشيء المقصود بالوسيلة.
وكذلك العبادة والطاعة إذ قيل في المطاع المعبود: أن هذا يُحِب طاعته وعبادته، فإن محبته ذلك تبع لمحبته، وإلا فمن فَمن لَا يُحِبهُ لا يُحِب طاعته وعبادته، ومن كان لا يعمل لغيره إلا لعوض يناله منه أو لدفع عقوبة فإنه يكون معاوضاً له أو مفتدياً منه لا يكون محباً له، ولا يقال أن هذا يحبه ويفسر ذلك بمحبة طاعته وعبادته، فإن محبة المقصود وإن استلزمت محبة الوسيلة أو غير محبة الوسيلة، فإن ذلك يقتضي أن يعبر بلفظين محبة العوض والسلامة عن محبة العمل، أما محبة الله فلا تعلق لها بمجرد محبة العوض، ألا ترى أن من استأجر أجيراً بعوض لا يقال أن الأجير يحبه بمجرد ذلك، بل قد يستأجر الرجل من لا يحبه بحال بل من يبغضه، وكذلك من افتدى نفسه بعمل من عذاب معذب، لا يقال أنه يحبه، بل يكون مبغضاً له. فعلم أن ما وصف الله به عباده المؤمنين، من أنهم يحبونه يمتنع أن لا يكون معناه إلا مجرد محبة العمل الذي ينالون به بعض الأغراض المخلوقة، من غير أن يكون ربهم محبوباً أصلاً .
ويقال لهم أيضاً: إن الله عز وجل قد فرق بين محبته ومحبة العمل له في قوله تعالى: {أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله}[التوبة:24 ]، كما فرق بين محبته ومحبة رسوله في قوله تعالى: {أحب إليكم من الله ورسوله}، فلو كان المراد بمحبته ليس إلا محبة العمل لكان هذا تكريراً، أو من باب عطف الخاص على العام، وكلاهما على خلاف ظاهر الكلام، الذي لا يجوز المصير إليه إلا بدلالة تبين المراد، وكما أن محبته لا يجوز أن تفسر بمجرد محبة رسوله، فكذلك لا يجوز تفسيرها بمجرد محبة العمل له، وإن كانت محبته تستلزم محبة رسوله، ومحبة العمل له. |
|
التعديل الأخير تم بواسطة إسمهان الجادوي ; 12-15-2019 الساعة 09:32 PM |