(
لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ
إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا )
مما لا شك فيه أن كل بني آدم خطاء، ولا يسلم
أحد من الذنوب ..
والإنسان قد يقع في المعاصي والسيئات، ولكن شتان بين المعصية الفردية التي يرتكبها صاحبها مستترًا، يتوارى من
المجاهرة بها افتخارًا، وقد يرتكبها وهو معتقد
أنها حرام، وأنه ينتهك بارتكابها شرع الله، فيتوارى بفعلته تلك عن الأنظار ويصدُّه الحياء عن
المجاهرة بذلك، وإذا ما لاحقه شؤم فعله فافتضح فإنه يذهب يلتمس المعاذير التي يعتذر بها عادة المقصرون، وقد يتوب إلى الله فيتوب الله عليه، ويردف السيئة بالحسنات؛ فينسى الناس ما كان بدر منه، ويتوب الله عليه ..
قال تعالى(
ومَن تَابَ وعَمِلَ صَالِحاً فَإنَّهُ يَتُوبُ
إلَى اللَّهِ مَتَاباً )
إن هذا النوع من المعاصي خطْبه سهل –ولا نقلل من شأن معصية الله ومخالفة حدوده - مقارنةً بالمجاهرة والإعلان بالمعاصي، وهذا شؤمه وعواقبه الوخيمة لا تقتصر على مرتكبه، ودائرته الضيقة التي يتحرك فيها، وإنما تشمل عددًا كبيرًا من المسلمين ..
إذ يجترئ الناس على العصيان، ويسهل عليهم اقتراف
المعصية، وهكذا يؤذي المجاهر المجتمع كله.
إن أثر فشو المعصية الجماعية والإعلان بها مدمر ومخيف لاتساع المساحة التي يظهر فيها شؤم هذا الأثر، فهي تعرض المجتمع الذي فشت فيه بأسره لغضب الله وانتقامه، وتجعله فاقد المناعة، يهوي ويندثر
عند تعرضه لأدنى هزة.
وصدق الرسول -صل الله عليه وسلم- في قوله:
"لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها
إلاّ فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت
في أسلافهم الذين مضوا"
(سنن أبي داود وصححه الألباني)
وانظر إلى هلع البشرية من فيروس كورونا، وفيروس نقص المناعة, والأمراض السرطانية والأوبئة،
ما ظهرت بهذه الأرقام المخيفة إلا بعد:
أن أعلن الناس العصيان وجاهروا بالفسق، وصار للإباحية مواقع على الإنترنت، وأفلام تصور، وتنقل وكم ضاع دين شباب المسلمين في التنقل بين هذه المواقع وتلك الصور، نسأل الله السلامة والعافية.
ولهذا وغيره دعا الإسلام إلى الإسرار بالمعصية إن كان ولا بد من اقترافها, فقال -صل الله عليه وسلم:
"كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من
المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً
ثم يصبح وقد ستره الله، فيقول:
يا فلان، عملت البارحة كذا وكذا وقد بات
يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه"
(صحيح البخاري)
إذا علمنا قبح
المجاهرة بالعصيان، فلهذه
المجاهرة أنواع وصور، من أبرزها ما يلي:
1- المجاهرة بالمعاصي لمن ستره ربُّه: