والحاصل أن الصحابة فَضُلوا على من بعدهم بعشر خصال:
1. اختيار الله لهم لصحبة نبيه . 2. رؤيتهم للنبي وصحبتهم له. 3. حب النبي لهم. 4. أنهم خير الناس قاطبة.
5. ذِكرُ فضلهم وخيريتهم في التوراة والإنجيل والقرآن، وثناؤها عليهم.
6. سابِقتهم في الإسلام.
7. ما قدَّموا لله وللدين وللنبي من النفس والمال والولد، وشَدِّهم من عزم الرسول وتثبيته، وتحمُّلِهم الأذى في سبيل قيام دين الإسلام. 8. ما اتصفوا به من الصفات الحميدة، التي تلقوها وتربوا عليها من مشكاة النبوة مباشرة.
9. حفظهم للقرآن والسنة وتبليغهما للناس، وانتشارهما بسببهم في الآفاق إلى قيام الساعة.
10. أنهم أعلم الخلق بدين الله بعد النبي ، وما أجمعوا عليه لا يسع أحداً خلافه. فهذه عشر خصال ارتفع بها صحابة النبي على من قبلهم ومن بعدهم، رضي الله عنهم أجمعين. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه، إنه كان للتوابين غفورا.
الخطبة الثانية
الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، أما بعد، فيا أيها المسلمون، والصحابة متفاوتون في مراتبهم وفضائلهم، فأهل السنة والجماعة يؤمنون بأن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي، ويُقدمون المهاجرين على الأنصار، لأن المهاجرين لهم السابقة في الإسلام، ثم جاء الأنصار فآووا النبي r ونصروه، وأهل السنة يُفضلون من أنفق قبل الفتح[1] وقاتل، على من أنفق من بعده وقاتل، ويؤمنون بأن الله تعالى قال لأهل بدر – وكانوا ثلاثمائة وبضعة عشر – (اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم)[2]، وبأنه لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة، وكانوا أكثر من ألف وأربعمائة، ويشهدون بالجنة لمن شهد له رسول الله r بالجنة، كالعشرة وغيرهم من الصحابة.
أيها المؤمنون، وللصحابة علينا حقوقا أربعة:
الأول: محبتهم والترضي عنهم، كما أمر الله المؤمنين في قوله ﴿والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم﴾.
الثاني: الإيمان بأنهم أفقه الأمة بأمر دينها، لأنهم تربوا على عين النبي r وعاينوا التنزيل، وقد أخبر النبي r بأن للأربعة المقدمين منهم – وهم الخلفاء الراشدون – سنة متبعة، ينبغي على من أتى بعدهم أن يتبعها، قال رسول الله r: أوصيكم بتقوى الله ، والسمع والطاعة وإن عبدا حبشيا مُجدَّعا[3] ، فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا ، فعليكـم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ، فتمسكوا بها وعضُّوا عليها بالنواجذ[4]، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة.[5]
الثالث: الكف عما شجر بينهم.
الرابع: الذب عنهم مما قاله بعض المبتدعة فيهم، كالروافض ومن سلك مسلكهم.
ثم اعلموا رحمكم الله أن الله سبحانه وتعالى أمركم بأمر عظيم فقال (إن اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تسليما)، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد، وارض عن أصحابه الخلفاء، وارض عن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
عباد الله، إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.
أعد الخطبة: ماجد بن سليمان الرسي، في الثاني عشر من شهر ربيع الثاني لعام 1442، في مدينة الجبيل، في المملكة العربية السعودية
[1] أي فتح الحديبية.
[2] رواه البخاري (3007) ومسلم (2494) عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
[3] أي مقطع الأطراف.
[4] النواجذ آخر الاضراس، ولكل إنسان أربع نواجذ.
[5] رواه ابن حبان (1/179) واللفظ له، وأبو داود (4607) ، وابن ماجه (42) ، والترمذي (2676) ، وأحمد (4/126 – 127)، وغيرهم ، والحديث صححه الألباني رحمه الله.