الموضوع
:
القدس عبر التاريخ
عرض مشاركة واحدة
05-29-2021
#
7
إدارة قناة اليوتوب
بيانات اضافيه [
+
]
رقم العضوية :
426
تاريخ التسجيل :
Mar 2014
أخر زيارة :
منذ يوم مضى (04:00 PM)
المشاركات :
16,180 [
+
]
التقييم :
9330
MMS ~
لوني المفضل :
Darkturquoise
رد: القدس عبر التاريخ
المماليك
في وسط الغمام الذي مر بالأمة الإسلامية، ظهر "عماد الدين زنكي"، فوحد قوى المسلمين في العراق والشام، ولكنه لم يعمر طويلاً، إذ قتل على يد أحد صبيانه عام 1146م. وظهر بعد ذلك ولده البكر "نور الدين محمود" الذي حمل رسالة أبيه في حرصه على مصالح المسلمين، وعمل على تنظيم صفوف المسلمين، واستولى على دمشق؛ الأمر الذي ساعد على توحيد البلاد، ثم امتد نفوذ نور الدين إلى مصر، وولى صلاح الدين الوزارة الفاطمية وهو في الحادية والثلاثين من عمره.
كان لنجاح "نور الدين" في ضم مصر (حاضنة الدولة الإسلامية) أثره في قلق الصليبيين، فأصبحت قواتهم في بيت المقدس محاطة من الشمال الشرقي والجنوب الغربي. حتى أن "عموري الأول" ملك بيت المقدس أرسل سفارة إلى أوروبا يطلب النجدة، وكذلك إلى الدولة البيزنطية.
وعندما قامت الدولة الأيوبية في مصر على أنقاض الضعف والتحلل الذي أصاب الخلافة الفاطمية، دبت الحياة والقوة في الجهة الغربية من جبهات المعركة، وكان لالتحام الجبهات وتوحدها شرطاً ضرورياً، حتى يتم محاصرة الكيان الصليبي الغريب، الذي زرع في الجسد العربي الواحد، وكانت هذه هي المهمة التي قام بها وقاد معاركها البطل المسلم صلاح الدين الأيوبي.
وفي العام التالي لقيام الدولة الأيوبية، بدأ صلاح الدين الزحف على جنوب فلسطين، وكان حصن "الكرك" الصليبي بجنوب فلسطين، يحكمه "رينالد" وهو من أقوى وأشرس أمراء الصليبيين، وتعرض هذا الحصن المنيع لهجمات صلاح الدين أربع مرات، وأثناء الاستيلاء على القلعة في المعركة، كان الأسطول المصري قد حقق انتصاراً بحرياً ضد الأسطول الصليبي في البحر الأحمر سنة 1182م، الذي أجهض محاولة الصليبيين لتدمير الأماكن الإسلامية المقدسة في أرض الحجاز.
وعندما نقض الصليبيون المسيطرون على حصن الكرك الهدنة المعقودة بينهم وبين صلاح الدين، وأغاروا على القوافل العربية، وجاهروا بالاستعداد للزحف على مقدسات المسلمين في الحجاز، كانت تلك اللحظات بمثابة الفرصة السانحة والمنظورة لاجتثاث الصليبيين من القدس، فشرع صلاح الدين في السير نحو المعركة الفاصلة والهامة عبر التاريخ، وهي معركة "حطين" معركة تحرير القدس. وكانت القوة الصليبية قد لبثت حيناً من الزمن، وهي تحجم عن لقاء صلاح الدين في معركة فاصلة، ولما أيقنوا بأن صلاح الدين لن يترك القدس في أيديهم، بدأوا في توحيد صفوفهم وتجميع فرقتهم.
قال "ريموند " أمير طرابلس: "أن الخروج خارج القدس للقاء صلاح الدين خطأ كبير، بل يجب التمركز داخل الأسوار للدفاع عن المدينة، ولكن رأى الأغلبية منهم أن الهجوم خير وسيلة للدفاع ". وخرجوا إلى طبريا.
وعندما وصل جيش الصليبيين طبريا وعددهم 63 ألفاً من الفرسان، وقفوا أمام جيش صلاح الدين، فرتب الصليبيون جيشهم في ثلاثة خطوط متراصة خلف بعضها، وفي مقدمتها أمير طرابلس، ومن خلفه جمهور عظيم يحيط بالصليب الخشبي؛ لكي يثير حماسهم، ومن خلف هذا الصف يقف ملك أورشليم ومعه فرسان المعبد وجمهور من المتطوعين الذين جاءوا من أوروبا.
وفي المقابل كان معسكر "صلاح الدين" الذي شهد تنقلات القائد الذي لم يغف له جفن، وقضى ليله ونهاره يطمئن على المؤن والتسليح، وكذلك على جدول الماء الذي أصبح في حوزة العرب، والذي حرم الصليبيون من الاستفادة منه، كما بات يذكر الجنود بالمدينة الأسيرة ويثير فيهم الحماس.
وفي يوم 1 تموز سنة 1187م في ليلة الجمعة، التحم الجيشان ودارت رحى المعركة، وكان لجيش صلاح الدين قوة و إرادة وعناد واستبسال في القتال لم يعهد من قبل، وبالمقابل أصاب العطش جيوش الصليبيين، كما أصابتهم حرارة شمس تموز، وحرارة النيران التي أشعلها العرب في الغابات.
وفي يوم السبت 3/تموز، ثالث أيام المعركة، بدا جلياً أن الحرب تحسم لصالح جيش المسلمين، حيث انسحبت جموع الصليبيين إلى جبل "حطين" لتتخذ منه ظهرا في الدفاع والهجوم، ولكن جيش المسلمين كان في أثرهم، حتى نزل" صلاح الدين" من فوق حصانه ساجداً لله مقبلاً للأرض "شكراً لله على هذا النصر"، وكان ذلك إيذاناً بحسم المعركة لصالح المسلمين، وقتل من الصليبيين 30 ألفاً، وأسر ما يقارب الثلاثين ألفاً أيضاً من أصل 63 ألفاً.
وفي اليوم التالي: الأحد 4 تموز استولى العرب على طبريا، ومن ثم فتحوا عكا، وجابوا كافة المدن والقرى الفلسطينية، وصولاً لأسوار المدينة المقدسة يوم الأحد 20/أيلول 1187م، وأحاط جيش صلاح الدين بالجانب الغربي من أسوارها، وعسكر في نفس المكان الذي فتحها منه الصليبيون عام 1099م، ومكث عدة أيام في دراسة أحوال المدينة من النواحي العسكرية، تخللتها بعض المناوشات المتبادلة بين الطرفين، فقرر الانتقال إلى جانب المدينة الشمالي.
وفي يوم الجمعة 25 أيلول بعد خمسة أيام من بدء الحصار، بعث "صلاح الدين" إلى الصليبين رسولاً يقول لهم على لسانه: "إنني مثلكم أقدس هذه المدينة، وأعرف أنها بيت الله، وأنا لم آت إلى هنا كي أدنس قداستها بسفك الدماء، فإذا سلمتموها لي فإنني أخصص لكم قسماً من خزائني أمنحكم من الأرض بمقدار ما تستطيعون القيام به من أعمال". وانتظر الرد، ولكن الصليبيين كانوا قد جمعوا ستين ألفاً من الفرسان وعقدوا اجتماع مشورتهم. وجاء ردهم إلى "صلاح الدين" بالتالي: "إننا لا نقدر أن نسلمك مدينة قد مات فيها إلهنا بالجسد، وبأكثر من ذلك نحن لا نقدر أن نبيعها".
بعد هذا الرد، لم يكن أمام صلاح الدين سوى القتال، وأمر بنصب المنجنيقات على المرتفعات وأعد العدة للحرب.
واختار الصليبيون لقيادتهم في هذه المعركة الفاصلة القائــد "باليان ده ايبالين"، أحد القلائل الذين تمكنوا من الهرب في معركة حطين، وأخذوا بجمع سبائك الذهب والفضة، ونزع زينة الكنائس وضرب عملة لتعينهم على أمور القتال.
وبدأت المناوشات بين الجانبين، فأوشك المسلمون على اقتحام أسوار المدينة، واكتسحوا الخنادق والتحصينات، وعم الفزع بين السكان اللاتين؛ فألقوا الأسلحة، وتم التضرع والبكاء، وعقد الصليبيون مجلس شورى، وقرروا طلب الأمان من صلاح الدين نظير التسليم، فرد صلاح الدين ذلك العرض، وقال لهم: "كما أخذتم هذه المدينة بالسيف، فلا بد أن أستردها بالسيف، وسوف أبيد الرجال وأستولي على الأموال". ولكنهم ألحوا ثانية في طلب الأمان، وإزاء رفض صلاح الدين لذلك، كشفوا عن مخطط كانوا قد اتفقوا عليه، فقال "باليان" المبعوث الصليبي للسلطان صلاح الدين: "إننا إذ يئسنا من النجاة من سيوف جندك، فإننا سنهدم المعبد والقصر المملوكي، وننقض حجارتها حتى الأساسات وسنحرق الأمتعة والكنوز والأموال في خزائن المدينة، كما سنهدم جامع عمر وقبة الصخرة، اللذين هما موضوع ديانتك، وسنقتل ما لدينا من أسرى في سجون المدينة، منذ سنوات وعددهم خمسة آلاف رجل، وسنذبح نسائنا وأولادنا بأيدينا حتى لا يقعوا في أسركم".
وبعد أن تصبح المدينة رديما ومدفنا واسعاً، سنخرج للقتال، قتال اليأس من الحياة، ونحن ستون ألف مقاتل لن يفنى أحد منا حتى يقتل واحداً من جنودك … فامنحنا الأمان نسلمك المدينة دون أن يمسها أحد من الطرفين بسوء ؟!
شهدت خيمة "صلاح الدين" مجالسا للمشورة ضمت الأمراء والقادة. ومنعاً لسفك الدماء التي تحرك المزيد من الأحقاد، تم الاتفاق على أن تسلم المدينة مقابل أن يرحل منها كل اللاتين غير العرب الذين استوطنوها بعد الغزو الصليبي، وأن يكون رحيلهم في غضون أربعة أيام، وان يكون لهم جميع ما يملكون من نفائس وأموال، وذلك في نظير فدية قدرها عشرة دنانير للرجل وخمسة للمرأة ودينار واحد لكل طفل.
وفي يوم الجمعة 3/ تشرين أول سنة 1187م، الذي يوافق ذكرى الإسراء والمعراج، تم التوقيع على نسختي المعاهدة بالتسليم، ودخل العرب المسلمون المدينة المقدسة.
فانشغل اللاتين والصليبيون بجمع المال والمتاع استعداداً للرحيل، وفي يوم الاثنين 5/ تشرين أول، أغلقت جميع أبواب المدينة، وأقيم لصلاح الدين عرش عند هذا الباب كي تمر من بين يديه جموع الخارجين.
وبهذا بدأ حكم صلاح الدين وأحفاده للقدس جيلاً وراء جيل، حتى جاء المماليك المسلمون، وحكموا القدس في 1489م. وفي هذه الفترة انتشر الطاعون في القدس، وبقى أربعة شهور، حتى كان يموت بسببه حوالي مائة شخص يومياً، وقد أتى هذا المرض على القلة القليلة من اليهود التي كانت موجودة في القدس.
وكانت هذه هي نهاية مرحلة عظيمة من المتاعب والأحداث الهامة في القدس إلى ما بعد انتهاء الحكم العثماني.
فترة الأقامة :
3715 يوم
معدل التقييم :
زيارات الملف الشخصي :
506
إحصائية مشاركات »
المواضيـع
الــــــردود
[
+
]
[
+
]
بمـــعــدل :
4.36 يوميا
عطر الجنة
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى عطر الجنة
البحث عن كل مشاركات عطر الجنة