الموضوع
:
العرب أمة تحكمها فكرة العصبية
عرض مشاركة واحدة
#
1
06-28-2021
إدارة قناة اليوتوب
قـائـمـة الأوسـمـة
لوني المفضل
Darkturquoise
رقم العضوية :
426
تاريخ التسجيل :
Mar 2014
فترة الأقامة :
3719 يوم
أخر زيارة :
منذ ساعة واحدة (02:43 PM)
المشاركات :
16,181 [
+
]
التقييم :
9330
معدل التقييم :
بيانات اضافيه [
+
]
العرب أمة تحكمها فكرة العصبية
العرب أمة تحكمها فكرة العصبية
مقدمة
يحيا العربي فوق صحرائه في نظم من القواعد والأصول التي تقيم اجتماعه، وهي الأسس والقوانين المجردة، والتي من دونها لا يمكن لأي جماعة بشرية أن تحدد أهداف حياتها وأنماط سلوكها وطرائق عيشها المشترك وأنظمة حكمها.
العرب أمة
تحكمها
فكرة
العصبية
1،
وهي تعني في أحد معانيها أقارب الشخص الذين يلازمونه، وهذه الملازمة يتولد منها الدفاع والحماية والتآزر.
كما أنها شبكة من الأمان الاجتماعي والسياسي تحمي الفرد العربي من التطاول والاعتداء عليه من الآخرين؛ إذ لا حكومة قوية رادعة ولا هيئة حاكمة تمنع الصعاليك والخلعاء هضم الحقوق، وبذلك صارت
العصبية
ضرورة من ضرورات الحياة العربية
2،
وهي العصب وهي العصابة والجماعة، وابن خلدون يعبّرعنها بـ«النعرة على ذوي القربى وأهل الأرحام أن ينالهم ضيم أو تصيبهم هلكة»
3.
لذلك تبدو
العصبية
في المجتمع العربي قيمة عليا، تنتظم خلالها مجموعة من القيم والفضائل مثل: الكرم، والفخر، والشجاعة، والبذل، والنجدة؛ وهي الخصال الناجمة عنها والمقوية لها، تتساند جميعها لتحقق للنموذج العصبوي حضورًا وفاعلية. وهو نموذج عجيب؛ فالعصبية بالنسبة إليه توازن بين الحرية الفردية والتضحية بالنفس والمال، وهي
فكرة
جامعة بين الفردية والفدائية.
والحقيقة:
إن ظهور
العصبية
بتلك الفضائل الفرعية في «المجتمع الجاهلي قبل الإسلام كان يلبي حاجة كامنة في نفس العربي، ويروي ظمأه إلى التعلق بمثَلٍ أعلى يعيش من أجله ويعكس توقه إلى عقيدة يبذل دمه في سبيلها، فكانت
العصبية
في هذا التوقيت صدًى ومجسدًا لها»
4.
وابن خلدون أول من لفت النظر إلى العلاقة بين العصبوي والديني5، وأنهما معًا يمكن أن يحققا النقلة التي فشلت فيها
العصبية
وحدَها، وقد يفشل كذلك الدين وحدَه في تحقيقها.
فالعصبية
دلالة انقسام ونزاع، والدين دلالة وحدة واجتماع. ويرى أن
العصبية
وحدَها كقيمة عليا لا تصلح لبناء جماعة سياسية وقيام دولة؛ لأن
العصبية
تقوم على الروح العشائرية واللُّحمة الدموية الضيقة لا اللُّحمة السياسية. قوة الدم هي مركز الثقل القبلي الموجِّه لكل نشاطاتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية؛
ولذلك يرى أنه حتى تروّض
العصبية
لا غنى عن «الصبغة الدينية» التي « تذهب بالتنافس والتحاسد الذي في أهل
العصبية
وتفرد الوجهة إلى الحق»
6.
ويشير إلى دور النبوة أو الولاية التأثيري باعتبارهما السبب في أنْ «ذهب خلُق الكبر والمنافسة على الرئاسة فسهُل انقيادهم واجتماعهم»
7.
ويؤكد أن العلاقة بين
العصبية
والدين تبادلية التأثير؛ فالدعوات النبوية تحتاج إلى قوة
العصبية
«فالعصبية ضرورية للملة، وبوجودها يتم أمر الله منها، وفي الصحيح، ما بعثَ الله نبيًّا إلا في منعةٍ من قومه»
8،
لكن ابن خلدون يؤخر
العصبية
عن موضع الغاية ليضعها في موضع «المطية» بتعبيره أو الوسيلة، كخادم للقيم الدينية العليا وإقامة الحق، وبهذا تكتسب المشروعية وهي «العصبية في الحق وإقامة شرع الله»
9،
«وهي ضرورية في الملة، وإلا لما تمّ أمر الله بها»
10.
بمعنى أوضح،
نقل الإسلام مركز القيم عند
العرب
من
العصبية
إلى التقوى، وتأخرت
العصبية
لتكون في صف الخادم والأداة التي تخدم تلك القيمة. ليست
العصبية
فقط التي تمت إزاحتها، بل قيمها وفضائلها الفرعية مثل الكرم والشجاعة والنجدة .. إلخ، حيث أضحت التقوى هي الغاية الهادية، والقيمة المركز أو الفضيلة الأم، بالتعبير الأخّاذ للشيخ درا
ز11،
التي تتكاثف فيها كل الوصايا، وحضور قيمة التقوى هو الذي يمنح قيم الكرم والبذل والشجاعة والنجدة رضا الله والأجر الأخروي؛ فمن دونها تصبح القيم الفرعية ذات معنى دنيوي بحت
12.
ومن خلال حاكمية التقوى على العصبية، تحولت قوى التآزر الدموي الجاهلي إلى نمطٍ أرقى من التآخي وأعلى من قيمة الدم، وهو أخوّة العقيدة والقرابة الرمزية؛ فانتقلت من الهتاف ببكرٍ أو تميم إلى «أبي الإسلامُ لا أبَ لي سواه»
13.
وأدى هذا إلى تذويب القبيلة في نسبٍ أوسع وهو عصبية التقوى أو جماعة المؤمنين؛ حيث يتعصّب المسلم لإخوانه ويقاتل عنهم في سبيل الله، حتى ضدّ أخوّة النسب
14.
ومِن ثَمّ تُصبح قيمًا عربية، مثل الشرف والرياسة والمجد والسؤدد، لا تطلق على «أعصبكم» أو أقواكم، بل على «أتقاكم»، وقد سمح ذلك بإنتاج رتب تفاضُلية اجتماعية وسياسية جديدة على أساس التقوى لا العصبية، فرأينا تسمياتٍ مثل: السابقين والبدريين والمهاجرين والأنصار والمبشَّرين بالجنة وأصحاب الشجرة، وباتت تسبق المناقب العربية التقليدية من سيادةٍ وشرفٍ وسؤدد، المؤسسةَ على
العصبية
وحدَها.
وقد قال أبو سفيان في هذا المعنى في خلافة عمر:
«إن هؤلاء الرهط من المهاجرين سبقوا وتأخّرنا، فرفعَهم سبقُهم وقصر بنا تخلُّفنا، وصاروا قادةً وصِرنا أتباعًا»
15.
المصدر:
منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد
آخر تعديل عطر الجنة يوم 06-28-2021 في
02:26 AM
.
زيارات الملف الشخصي :
506
إحصائية مشاركات »
المواضيـع
الــــــردود
[
+
]
[
+
]
بمـــعــدل : 4.35 يوميا
MMS ~
عطر الجنة
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى عطر الجنة
البحث عن كل مشاركات عطر الجنة