الموضوع
:
أدبيات اللغة العربية
عرض مشاركة واحدة
07-01-2021
#
2
إدارة قناة اليوتوب
بيانات اضافيه [
+
]
رقم العضوية :
426
تاريخ التسجيل :
Mar 2014
أخر زيارة :
منذ 4 يوم (11:14 PM)
المشاركات :
16,207 [
+
]
التقييم :
9330
MMS ~
لوني المفضل :
Darkturquoise
رد: أدبيات اللغة العربية
(٣) أسواق العرب في الجاهلية واهتداؤهم إلى تهذيب لغتهم وتوحيدها وعنايتهم بذلك
كان للعرب أسواق يقيمونها في أوقات معينة وينتقلون من بعضها إلى بعض للبيع والشراء، وكان يحضرها العرب بما عندهم من المآثر والمفاخر ويتناشدون الأشعار ويلقون الخطب، وكانوا يتحاكمون إلى قضاة نصَّبوا أنفسهم لنقد الشعر وبيان غَثِّه من سمينه وتفضيل شاعر على آخر، فكانوا يُفَضِّلون من سَهُلت عِبَارَته وكان لها النصيب الأوفر من الفصاحة وحسن البيان مع التحرز من العيب والابتعاد عن النقص، ويتخيرون من لغات العرب ما حلا في الذوق وخف على السمع. فكانت هذه الأسواق أندية علمية ومجتمعات لغوية أدبية، اهتدى بها العرب إلى تهذيب لغتهم لفظًا وأسلوبًا وجَعْل لغة الشِّعر والخَطَابة لغة واحدة بين جميع القبائل باذلين في ذلك جهد المستطيع، منها مَجَنَّة وذو المَجَاز وعُكَاظ.
وأشهر هذه الأسواق سوق عُكَاظ مِنْ عَكَظَه يَعْكِظه عَكْظًا: عَرَكَه، وهي موسم للعرب من أعظم مواسمهم، وعكاظ نخل في وادٍ بين نخلة والطائف من بلاد الحجاز وبينه وبين الطائف عشرة أميال، وكانوا يتبايعون في هذه السوق ويتعاكظون ويتفاخرون ويَتَحَاجُّون وينشد الشعراء ما تجدَّد لهم، وقد كثر ذلك في أشعارهم
كقول حسان:
سَأَنْشُرُ إنْ حَيِيتُ لَهُمْ كَلَامًh
يُنَشَّرُ في المَجَنَّة مَعْ عُكَاظ
وفيها كان يخطب كل خطيب مِصْقَع. وكان كل شريف إنما يحضر سوق بلده إلا سوق عكاظ فإنهم كانوا يتواتَوْن بها من كل جهة، ومن كان له أسير سَعَى في فِدائه، ومن كانت له حكومة ارتفع إلى الذي يقوم بأمر الحكومة.
وكانت تقوم هذه السوق من أول ذي القَعْدة إلى العشرين منه على المشهور، واتُّخِذت عكاظ سُوقًا بعد عَامِ الفِيل بخمس عشرة سنة، وتُركت بعد أن نهبها الخوارج سنة تسع وعشرين ومئة.
ولعكاظ فضل على اللغة العربية في العصر الجاهلي، إذ لولاها لأصبحت لغة العرب لغات لا يتفاهم أصحابها وانفصلت كل منها عن الأخرى وقتًا ما؛ ذلك لأن لغات القبائل العربية كان بينها تفاوت في اللهجة والأسلوب واللفظ، وكان هذا التفاوت يقل ويكثر تبعًا لضعف وقوَّة العلاقات التي ترتبط بها قبيلتان أو عدَّة قبائل، وتبعًا لاختلاف عوامل المكان والزمان والاجتماع التي يؤثر اختلافها أعظم تأثير في اللغة. فلما عَظُم شأن عكاظ وأمَّها الشعراء والخطباء من كل مكان، كان معظم همهم انتقاء الألفاظ الفصيحة المشهورة عند أكثر القبائل لا سيما قريش؛
طمعًا في أن تنتشر أقوالهم بين العرب كافة.
قال قتادة: كانت قُرَيش تَجْتَبي — أي تختار — أفضلَ لغات العرب حتى صار أفضل لغاتها لغتها فنزل القرآن الكريم بها، ولو اتبع كل شاعر أو خطيب لهجة قومه ولغة قبيلته وحدها لم يجد من يستحسنها غيرهم ووقفت عن الشهرة ولم تروها القبائل الأخرى فيفوته الافتخار بها.
وبذلك كان الشعراء والخطباء يبثون وحدة اللغة في أشعارهم وخطبهم فيما بين القبائل
المختلفة متبعين في ذلك لغة قريش غالبًا، وإنما اختاروا هذه اللغة على غيرها لما كان لها من السيادة على لغات قبائل الحجاز ونجد، ولما كان لقريش من رفيع القدر وعلو المنزلة بين
جميع العرب.
(٤) تاريخ الكتابة والخط عند العرب
كان الغالب على العرب في بعض عصر الجاهلية الأمِّيَّة، والذين يعرفون الكتابة والقراءة منهم نفر قليل جدًّا. والزمن الذي ابتدئ فيه باستعمال الخط العربي قديم غير معيَّن. وأوَّل من كتب بالعربية على أشهر الأقوال أهل اليمن قوم هود — عليه السلام — وكانوا يسمون خَطَّهم ﺑ «المُسْنَد» وهو الخَطُّ الحِمْيَري، وكانوا يكتبونه حروفًا منفصلة ويمنعون العامَّة من تعلمه، حتى تعلمه ثلاثة نفر من طيئ فتصرفوا فيه وسموْه ﺑ «خط الجزم»؛ لأنه اقتُطع من خط حِمْيَر، ثم علَّموه أهل الأَنْبار ومن الأنبار انتشرت الكتابة العربية، فأخذها عنهم أهل الحِيرة وتداولوها، ولما قدم الحيرة حَرْب بن أمَيَّة القُرشِي جدُّ معاوية بن أبي سفيان نقل هذه الكتابة من الحيرة إلى الحجاز بعد أن عاد إلى مكة.
والصحيح أن أهل الحجاز إنما لُقِّنُوا الكتابة من الحيرة ولُقِّنها أهل الحيرة من التبابعة وحِمْيَر كما ذكره ابن خلدون، قال: وقد كان الخط العربي بالغًا مَبَالغه من الإتقان والإحكام والجودة في دولة التبابعة؛ لِمَا بلغت من الحضارة والتَّرَف، وانتقل منها إلى الحِيرة لِمَا كان بها من دولة آل المنذر نُسَبَاء التبابعة والمجدِّدين لملك العرب بأرض العراق.
(٥) العلوم والمعارف عند العرب في عصر الجاهلية
العرب غير البائدة يرجعون إلى أصلين، وهما: قحطان، وعدنان. أما قحطان — وهم عرب اليمن — فقد كانوا على جانب عظيم من المدنية والحضارة، والغالب منهم سكن البلاد المعمورة، وبنوا القصور، وشيدوا الحصون، وكانت لهم مدن عظيمة قد شرح حالها أهل الأخبار شرحًا وافيًا، وكان لهم ملوك وأَقْيَال دوَّخوا البلاد وأوغلوا في الأرض واستولوا على كثير من أقطارها شرقًا وغربًا. كل ذلك يدل على وقوفهم على العلوم التي لا بد منها في حفظ النظام وعليها مدار المعاش وسياسة المدن وتدبير المنازل والجيوش وتأسيس الأمصار وإجراء المياه، مما لا يمكن وجوده مع الجهل وعدم المعرفة.
وأما بنو عدنان ومن جاورهم من عرب اليمن بعد أن فرقتهم حادثةُ سيل العَرِم، فقد كانوا على شريعة موروثة وعلم منزَّل، وهو ما جاء به إبراهيم وإسماعيل — عليهما السلام — إلى أن اختل أمرهم وتغير حالهم فاشتغلوا بما سمحت به قرائحهم من الشعر والخطب أو ما حفظوه من أنسابهم وأيامهم أو ما احتاجوا إليه في دنياهم من الأنْوَاء والنجوم أو من الحروب ونحو ذلك. وكان لهم حظ وافر من معرفة الطب المبني في غالب الأمر على التجربة، وكذلك التاريخ فقد تضمن شعرهم شيئًا كثيرًا منه. غير أن تدوين شيء من ذلك في عصر الجاهلين لم يكن؛ لغلبة الأمِّية والاعتماد على الذاكرة، وقد نُقل ما نُقل منه بالرواية والسَّماع، وكان يقال لهم «الأمَّة الأمِّية»، قال تعالى هُوَ الذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ. ا.ﻫ. بتصرف من كتاب «بلوغ الأرب في أحوال العرب».
وقال ابن خلدون وياقوت:
ما كان في القديم لأحد من الأُمَم في الخليقة ما كان للعرب من المُلْك، ودُوَلُ عادٍ وثمود والعَمَالِقة وحِمْيَر والتَّبَابعة شاهدةٌ بذلك، وقد ملكوا مصر والروم، واستعملوا عليها أحد القياصرة، وتوغلوا في الهند والصين وبلاد الفرس والترك والتُّبَّت، وأخذوا الأتَاوَى من القسطنطينية، وذكروا ذلك في أشعارهم، وغير ذلك مما لا نطيل به، ثم دولة مضر في الإسلام بني أمية وبني العباس.
فترة الأقامة :
3729 يوم
معدل التقييم :
زيارات الملف الشخصي :
506
إحصائية مشاركات »
المواضيـع
الــــــردود
[
+
]
[
+
]
بمـــعــدل :
4.35 يوميا
عطر الجنة
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى عطر الجنة
البحث عن كل مشاركات عطر الجنة