الموضوع
:
أدبيات اللغة العربية
عرض مشاركة واحدة
07-01-2021
#
30
إدارة قناة اليوتوب
بيانات اضافيه [
+
]
رقم العضوية :
426
تاريخ التسجيل :
Mar 2014
أخر زيارة :
منذ 13 ساعات (08:48 PM)
المشاركات :
16,181 [
+
]
التقييم :
9330
MMS ~
لوني المفضل :
Darkturquoise
رد: أدبيات اللغة العربية
(١١٣) وقال إبراهيم بن المهدي يرثي ابنه وكان مات بالبصرة
نأَى آخِرَ الأيَّام عنك حَبِيبُ
فَلِلعَينِ سَحٌّ دائِمٌ وغُروبُ
دَعَتْهُ نَوًى لا يُرْتَجَى أوْبَةٌ لها
فَقَلْبُك مَسْلُوبٌ وأنتَ كئيبُ
يَؤُوبُ إلى أوْطانِهِ كُلُّ غائبٍ
وأَحْمَدُ فِي الغُيَّابِ لَيْسَ يَؤُوبُ
تَبَدَّلَ دارًا غَيْرَ دارِي وَجِيرةً
سِوايَ وَأَحْداثُ الزَّمانِ تَنُوبُ
أَقامَ بِها مُسْتَوْطِنًا غَيْرَ أَنَّهُ
عَلَى طُولِ أَيَّامِ المُقَامِ غَرِيبُ
كَأَنْ لَمْ يَكُنْ كالغُصْنِ فِي مَيْعَةِ الضُّحَى
سَقَاهُ النَّدى فَاهْتَزَّ وَهْوَ رَطيبُ
كَأَنْ لَمْ يَكُنْ كالدُّرِّ يَلْمَعُ نُورُه
بأصْدافه لَمَّا تَشِنْه ثُقُوب
كَأَنْ لَمْ يَكُنْ زَيْن الفِناء ومَعْقِل النـِّ
ـساء إذا يومٌ يكونُ عَصِيبُ
ورَيْحان صَدْرِي كانَ حِينَ أَشُمُّهُ
ومُؤْنِس قَصْرِي كانَ حِينَ أَغيبُ
وَكَانَتْ يَدِي مَلْأَى بِهِ ثُمَّ أَصْبَحَتْ
بِحَمْدِ إِلَهِي وَهْيَ مِنْهُ سَلِيبُ
قَلِيلًا مِنَ الأَيَّامِ لَمْ يُرْوَ نَاظِرِي
بِها مِنْهُ حَتَّى أعْلَقَتْهُ شَعُوبُ
كَظِلِّ سَحَابٍ لَمْ يُقِمْ غَيْرَ سَاعَةٍ
إلى أَنْ أَطَاحَتْهُ فَطَاحَ جَنُوبُ
أَو الشَّمْس لمَّا مِنْ غَمَامٍ تَحَسَّرَتْ
مَسَاءً وَقَدْ وَلَّتْ وحَانَ غُرُوبُ
سَأَبْكِيكَ مَا أَبْقَتْ دُمُوعِي والْبُكَا
بِعَيْنَيَّ مَاءً يَا بُنيَّ يُجِيبُ
وَمَا غَارَ نَجْمٌ أو تَغَنَّتْ حَمَامَةٌ
أو اخْضَرَّ فِي فَرْعِ الْأَرَاكِ قَضِيبُ
حَيَاتِيَ مَا دَامَتْ حَيَاتِي فإنْ أَمُتْ
ثَوَيْتُ وفي قَلْبِي عَلَيْكَ نُدُوبُ
وأُضْمِرُ إنْ أَنْفَدْتُ دَمْعِيَ لَوْعَةً
عَلَيْكَ لَها تَحْتَ الضُّلُوعِ وَجِيبُ
دَعَوْتُ أَطِبَّاءَ العِراق فَلَمْ يُصِبْ
دَواءَكَ مِنْهُمْ في البِلادِ طَبِيبُ
وَلَمْ يَمْلِكِ الْآسُونَ دَفْعًا لِمُهْجَةٍ
عَلَيْها لأَشراكِ المَنُونِ رَقِيبُ
قَصَمْتَ جَنَاحِي بَعْدَمَا هَدَّ مَنْكِبي
أَخُوكَ فَرَأْسِي قد عَلاه مَشيبُ
فَأَصْبَحْتُ في الهُلَّاكِ إلَّا حُشَاشَةً
تُذَابُ بِنَارِ الحُزْنِ فَهْيَ تَذُوبُ
تَوَلَّيْتُما في حِقْبَةٍ فَتَرَكْتُمَا
صَدًى يَتَوَلَّى تَارَةً وَيَثُوبُ
فَلَا مَيْتَ إلَّا دونَ رُزْئِكَ رُزْؤُهُ
وَلَوْ فُتِّتَتْ حُزْنًا عَلَيه قُلُوبُ
وَإنِّي وَإنْ قَدَّمْتَ قَبْلِي لَعَالِمٌ
بِأَنِّي وَإنْ أَبْطَأْتُ مِنْكَ قَرِيبُ
وَإنَّ صَبَاحًا نَلْتَقِي فِي مَسَائِهِ
صَبَاحٌ إلى قَلْبِي الغَدَاةَ حَبيبُ
(١١٤) المأمون وراثي البرامكة
قال خادم المأمون: طلبني أمير المؤمنين ليلةً وقد مضى من الليل ثلثه فقال لي: خذ معك فلانًا وفلانًا — وسمَّاهما لي، أحدهما علي بن محمد، والآخر دينار الخادم — واذهب مسرعًا لما أقول لك؛ فإنه بلغني أن شيخًا يحضر ليلًا إلى آثار دُور البرامكة وينشد شعرًا ويذكرهم ذكرًا كثيرًا ويندُبهم ويبكي عليهم ثم ينصرف. فامض أنت وعليٌّ ودينارٌ حتى تردوا تلك الخَرِبات فاستتروا خلف بعض الجُدُر، فإذا رأيتم الشيخ قد جاء وبكى وندب وأنشد أبياتًا فَأْتوني به. قال: فأخذتهما ومضينا حتى أتينا الخربات، فإذا نحن بغلام قد أتى ومعه بساطٌ وكرسي حديدٌ، وإذا شيخٌ قد جاء وله جَمَالٌ وعليه مهابةٌ ولُطْفٌ، فجلس على الكرسي وجعل يبكي وينتحب، ويقول هذه الأبيات:
ولَمَّا رَأَيْتُ السَّيْفَ جَنْدَلَ جَعْفَرًا
ونَادَى مُنَادٍ للْخَلِيفَةِ في يَحْيَى
بَكَيْتُ عَلَى الدُّنْيَا وزَادَ تَأَسُّفِي
عَلَيْهِمْ وقُلْتُ الآنَ لَا تَنْفَعُ الدُّنْيَا
مع أبياتٍ أطالها. فلما فرغ قبضنا عليه، وقلنا له: أجب أمير المؤمنين، ففزع فزعًا شديدًا، وقال: دعوني حتى أوصي بوصية فإني لا أوقن بعدها بحياةٍ. ثم تقدم إلى بعض الدكاكين واستفتح وأخذ ورقةً وكتب فيها وصية وسلَّمها إلى غلامه، ثم سرنا به فلما مَثَل بين يدي أمير المؤمنين قال حين رآه: من أنت؟ وبمَ اسْتَوْجَبَتْ منك البرامكة ما تفعله في خرائب دورهم؟ قال الشيخ: يا أمير المؤمنين، إن للبرامكة أيادي خضِرةً عندي، أفتأذن لي أن أحدثك بحالي معهم؟ قال: قل، فقال: يا أمير المؤمنين، أنا المنذر بن المغيرة من أولاد الملوك، وقد زالت عني نعمتي كما تزول عن الرجال، فلما ركبني الدَّيْن واحتجت إلى بيع ما على رأسي ورءوس أهلي وبيتي الذي وُلِدت فيه، أشاروا عليَّ بالخروج إلى البرامكة، فخرجت من دِمَشْق ومعي نَيِّفٌ وثلاثون رجلًا من أهْلي ووَلَدي وليس معنا ما يُبَاع ولا ما يُوهَب، حتى دَخَلنا بغداد ونَزَلْنا في بعض المساجد، فَدَعوت ببعض ثيابٍ كنت أعددتُها لأسْتتر بها، فَلَبِستُها وخَرَجتُ، وتَركتُهم جِياعًا لا شيء عندهم، ودخلت شوارع بغداد سائلًا عن البرامكة، فإذا أنا بمسجدٍ مزخرفٍ وفي جانبه شيخٌ بأحسن زيٍّ وزينةٍ، وعلى الباب خادمان وفي الجامع جماعةٌ جلوسٌ، فطمعت في القوم ودخلت المسجد وجلست بين أيديهم، وأنا أقدم رِجلًا وأؤخر أخرى، والعرق يسيل مني لأنها لم تكن صناعتي، وإذا الخادم قد أقبل ودعا القوم فقاموا وأنا معهم، فدخلوا دار يحيى بن خالد فدخلت معهم، وإذا يحيى جالسٌ على دكة له وسط بستان فسلَّمْنا وهو يعدُّنا مئة وواحدًا، وبين يده عشرةٌ من ولده، وإذا بمئة واثني عشر خادمًا قد أقبلوا، ومع كل خادم صينيةٌ من فضةٍ على كل صينيةٍ ألف دينار، فوضعوا بين يدي كل رجلٍ منا صينيةً، فرأيت القاضي والمشايخ يضعون الدنانير في أكمامهم ويجعلون الصينيات تحت آباطهم ويقوم الأول فالأول، حتى بقِيتُ وحدي لا أجسر على أخذ الصينية، فغمزني الخادم فجسرت وأخذتها، وجعلت الذهب في كمي والصينية في يدي وقمت، وجعلت أتلفَّت إلى ورائي مخافة أن أُمْنَع من الذهاب، فوصلت وأنا كذلك إلى صحن الدار ويحيى يلاحظني فقال للخادم: ائتني بهذا الرجل، فأتاني فقال: ما لي أراك تتلفت يمينًا وشمالًا؟ فقصصت عليه قصتي، فقال للخادم: ائتني بولدي موسى، فأتاه به، فقال له: يا بني، هذا رجلٌ غريبٌ فخذه إليك واحفظه بنفسك ونعمتك، فقبض موسى ولده على يدي وأدخلني إلى دار من دوره فأكرمني غاية الإكرام، وأقمت عنده يومي وليلتي في ألذِّ عيشٍ وأتمِّ سرورٍ،
فلما أصبح دعا بأخيه العباس، وقال له: الوزير أمرني بالعطف على هذا الفتى، وقد علمتَ اشتغالي في بيت أمير المؤمنين فاقبضه إليك وأكرمه، ففعل ذلك وأكرمني غاية الإكرام، ثم لما كان من الغد تسلَّمني أخوه أحمد. ثم لم أزل في أيدي القوم يتداولونني مدة عشرة أيام لا أعرف خبر عيالي وصبياني أفي الأموات هم أم في الأحياء.
فلما كان اليوم الحادي عشر جاءني خادمٌ ومعه جماعةٌ من الخدم، فقالوا: قم فاخرج إلى عيالك بسلام، فقلت: وَاوَيْلاه! سُلِبْت الدنانير والصينية وأُخرَج على هذه الحالة! إنا لله وإنَّا إليه راجعون! فرُفِع السِّتر الأول ثم الثاني ثم الثالث ثم الرابع، فلما رفع الخادم الستر الأخير قال لي: مهما كان لك من الحوائج فارفعها إليَّ فإني مأمورٌ بقضاء جميع ما تأمرني به. فلما رُفِع الستر الأخير رأيت حجرةً كالشمس حسنًا ونورًا، واستقبلني منها رائحة النَّدِّ والعود ونفحات المسك، وإذا بصبياني وعيالي يتقلَّبون في الحرير والديباج، وحُمِل إليَّ مئة ألف درهم وعشرة آلاف دينار، ومنشورٌ بضَيْعتين وتلك الصينية التي كنت أخذتها بما فيها من الدنانير والبنادق. وأقمت يا أمير المؤمنين مع البرامكة في دورهم ثلاث عشرة سنةً، لا يعلم الناس أمن البرامكة أنا أم رجلٌ غريبٌ، فلما جاءتهم البليَّة ونزل بهم يا أمير المؤمنين من الرشيد ما نزل، أجْحَفني عمرو بن مَسْعدة، وألزمني في هاتين الضيعتين من الخراج ما لا يفي دخلُهما به، فلما تحامل عليَّ الدهر، كنت في آخر الليل أقصد خَرِبات دُورهم فأَنْدُبهم وأذكر حسن صُنعهم إليَّ وأبكي على إحسانهم. فقال المأمون: عليَّ بعمرو بن مسعدة، فلما أُتِي به قال له: تعرف هذا الرجل؟ قال: يا أمير المؤمنين، هو بعض صنائع البرامكة، قال: كم ألزمته في ضَيْعتيه؟ قال: كذا وكذا، فقال له: رُدَّ إليه كل ما أخذتَه منه في مدته وأفرغهما له ليكونا له ولعَقِبه من بعده.
قال: فعلا نحيب الرجل، فلما رأى المأمون كثرةَ بكائه قال له: يا هذا، قد أحسنَّا إليك فما يبكيك؟! قال: يا أمير المؤمنين، وهذا أيضًا من صنيع البرامكة، لو لم آت خرباتهم فأبكيهم وأندبهم حتى اتَّصل خبري إلى أمير المؤمنين ففعل بي ما فعل، من أين كنت أصل إلى أمير المؤمنين؟ قال إبراهيم بن ميمون: فرأيت المأمون وقد دمعت عيناه وظهر عليه حزنه، وقال: لَعَمْري، هذا من صنائع البرامكة، فعليهم فَابْكِ، وإيَّاهم فاشكر، ولهم فأَوْفِ، ولإحسانهم فاذكر.
فترة الأقامة :
3718 يوم
معدل التقييم :
زيارات الملف الشخصي :
506
إحصائية مشاركات »
المواضيـع
الــــــردود
[
+
]
[
+
]
بمـــعــدل :
4.35 يوميا
عطر الجنة
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى عطر الجنة
البحث عن كل مشاركات عطر الجنة