من عيوب النفس الشح والبخل ومن عيوبها الشح والبخل وهما نتائج حب الدنيا
ومداواتها أن يعلم أن الدنيا قليلة وانها فانية وأن حلالها حساب وحرامها عذاب كما روى عن النبي {صلى الله عليه وسلم} انه قال ( حب الدنيا رأس كل خطيئة ) وأن الله تعالى اخبر عنها أنها متاع الغرور فلا يبخل بها ولا يشح ويجتهد في بذلها ولا يمسك منها إلا مقدار ما يدافع به وقته فإنه {صلى الله عليه وسلم} قال لبلال ( ولا تخش من ذي العرش بعد إقلالا )
ومن عيوبها بعد أملها
ومداواتها تقريب الأجل ويعلم أن بعض السلف قال أحسب الله لا يؤمن على حال فأخذ الأحوال كلها
ومن عيوبها الاغترار بالمدائح الباطلة
ومداواتها أن لا يغره كلام الناس مع ما يعرفه بنفسه فإن حقيقة الأمر يخلص إليه دونهم وان ثناءهم عليه دون ما يعرفه الله منه ويعرفه هو من نفسه لا ينجيه فلم يخبره به
من عيوب النفس الحرص والحسد
ومن عيوبها الحرص
ومداواتها أن يعلم أنه لا يستجلب بحرصه زيادة ما قدر الله من رزقه كما روى ابن مسعود عن النبي {صلى الله عليه وسلم} أن الله تعالى يقول للملك ( اكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أم سعيد ) والله تعالى يقول ) ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد (
ومن عيوبها الحسد
ومداواتها أن يعلم الحسد عدو نعمة الله وأن النبي {صلى الله عليه وسلم} قال ( لا تحاسدوا ) ونتيجة الحسد من قلة الشفقة على المسلمين
الإصرار على الذنب
ومن عيوبها الإصرار على الذنب مع تمني الرحمة ورجاء المغفرة
ومداواتها أن يعلم أن الله أوجب مغفرته لمن لا يصر على الذنب حيث قال ) ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون ( وقال أبو الضعض الإصرار على الذنب من التهاون بقدر الله ويعلم أن الله تعالى أوجب الرحمة للمحسنين وأوجب المغفرة للتائبين حيث قال ) استغفروا ربكم ثم توبوا إليه ( ) وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى (
ومن عيوبها لا تجيب إلى طاعة الله طوعا
ومداواتها بالجوع والعطش والتقطع في الأسفار والحمل على المكاره ولذلك سمعت منصور بن عبد الله يقول سمعت عمي البسطامي يقول سمعت أبي يقول قال رجل لأبي يزيد البسطامي ما أشد ما لقيت في سبيل الله فقال لا يمكن وصفه ما أهون ما لقيت منك نفسك في سبيل الله فقال أما فنعم دعوتها إلى شيء من الطاعات فلم تجبني طوعا فمنعتها سنه كاملة
ومن عيوبها حرصها على الجمع والمنع
ومداواتها أن يعلم انبهام عمره وقرب أجله فيجمع على قدر نفسه ويمنع بقدر حياته فمن لا يأمن على حصول التباعة على نفسه جهل مع ما روي عن النبي {صلى الله عليه وسلم} أنه قال ( أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله فقالوا ليس منا أحد إلا وماله أحب إليه من مال وارثه فقال مالك ما قدمت ومال وارثك ما أخرت )
ومن عيوبها صحبتها مع المخالفين والمعارضين عن الحق
ومداواتها الرجوع إلى صحبة الموافقين والمقبولين عند الله تعالى فإن
النبي {صلى الله عليه وسلم} قال ( من تشبه بقوم فهو منهم ) وقال بعض السلف صحبة الأشرار تورث سوء الظن بالأخيار وقال بعضهم القلوب إذا بعدت عن الله مقتت القائمين بحق الله
من عيوب النفس الغفلة ومن عيوبها الغفلة
ومداواتها أن يعلم أنه ليس بمغفول عنه وأن الله تعالى يقول ) وما ربك بغافل عما تعملون ( ويعلم أنه محاسب على الخطرة والهمة ومن تحقق هذا فراقب أوقاته وراعى أحواله فيزول عنه بذلك عيب الغفلة
ومن عيوبها ترك الكسب والقعود عنه إظهارا للخلق أنه قعد متوكلا ثم يتشرف للإرفاق ويتسخط إذا لم يأته الإرفاق
ومداواتها أن يلزم الكسب كما روى عن النبي {صلى الله عليه وسلم} أنه قال أطيب ما أكل الرجل من كسبه ) ظاهرا وتوكل باطنا ليكون مكتسبا مع الخلق في الظاهر ومتوكلا على الله في الباطن
ومن عيوبها الفرار بما يوجبه عليه ظاهر العلم إلى الدعاوى والأحوال
ومداواتها ملازمة العلم فإن الله تعالى يقول ) فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول (
وقال ) وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول ( وقال النبي {صلى الله عليه وسلم} ( طلب العلم فريضة على كل مسلم )
ومن عيوبها استعظام ما تعطي وما تبذل والافتتان به على من يأخذ
ومداواتها أن يعلم أنه يوصل إليهم أرزاقهم وأن الرازق والمعطي في الحقيقة هو الله وأنه واسطة ولا يتعاظم في إيصال حق إلى مستحق
رؤية فضله على إخوانه
ومن عيوبها إظهار الفقر مع الكفاية ومداواتها إظهار الكفاية مع القلة سمعت جدي رحمه الله تعالى يقول كان الناس يدخلون في التصوف أغنياء ويفتقرون ويظهرون الغني في هذا الوقت يدخلون في التصوف فقراء ويستغنون ثم يظهرون للناس الفقر
ومن عيوبها رؤية فضله على إخوانه وأقرانه
ومداواتها العلم بنفسه ولا أعلم به منه وحسن الظن بأقرانه ليحمله ذلك
على احتقار نفسه ورؤية فضل إخوانه وأقرانه ولا يصح له ذلك إلا بعد أن ينظر إلى الخلق أجمعين أجمع بعين الزيادة وينظر إلى نفسه بعين النقصان كذلك سمعت جدي يقول سمعت أبا عبد الله السجزي يقول لك فضل ما لم تر فضلك فإذا رأيت فضلك فلا فضل لك
ومن عيوبها حمل النفس ما يستجلب لها الفرح
ومداواتها أن الله يبغض الفرحين لقوله تعالى ) إن الله لا يحب الفرحين ( وفي صفة النبي {صلى الله عليه وسلم} أنه كان دائم الأحزان متواصل الفكر وقال النبي {صلى الله عليه وسلم} ( إن الله يحب كل قلب حزين ) وقال مالك بن دينار إن القلب إذا لم يكن فيه حزن خرب كما أن البيت إذا لم يسكن خرب
ومن عيوبها أن يكون في محل الشكر وهو يظن انه في مقام الصبر
ومداواتها رؤية نعم الله في جميع الأحوال سمعت سعيد بن عبد الله يقول سمعت عمي يقول سمعت أبا عثمان يقول الخلق كلهم مع الله تعالى في مقام الشكر ويظنون أنهم معه في مقام الصبر
تناول الرخيص بالشبهات
ومن عيوبها تناول الرخيص بالشبهات
ومداواتها اجتناب الشبهات وأنها تؤدي إلى فعل الحرام ألا ترى أن النبي {صلى الله عليه وسلم} يقول ( الحلال بين والحرام بين وبينهما مشتبهات فمن اجتنبهن فهو أسلم لدينه وعرضه ومن واقعهن وقع في الحرام كالراعي حول الحمى يوشك أن يخالط الحما ألا وإن لكل ملك حما وإن حما الله محارمه
ومن عيوبها الإفضاء على نفسه في عثرة تقع به أو زلة وأمثالها كذلك سمعت عبد الله بن محمد الرازي يقول سمعت أبا عثمان يقول عامة المريدين من إفضائهم مع كثرة تقع لهم أو هفوة وترك مداواتها في الوقت بدواية حتى تعتاد النفس ذلك فتسقط من درجة الإزادة
الاغترار بالكرامات
ومن عيوبها الاغترار بالكرامات
ومداواتها أن يعلم أن أكثرها اغترارات واستدراج والله تعالى يقول ) سنستدرجهم من حيث لا يعلمون ( وقد قال بعض السلف
ألطف ما يخادع به الأولياء الكرامات والمعونات
ومن عيوبها محبة مجالسة الأغنياء وميله إليهم وإقباله عليهم وكرامة لهم
ومداواتها مجالسة الفقراء والعلم بأنه لا يصل إليه مما في أيديهم إلا مقدار ما قدره الله له فيقطع الطمع منهم فيسقط ذلك محبتهم والميل إليهم ويعلم أن الله عاتب نبيه {صلى الله عليه وسلم} في مجالسة الفقراء فقال ) أما من استغنى فأنت له تصدى وما عليك ألا يزكى وأما من جاءك يسعى وهو يخشى فأنت عنه تلهى (
فقال النبي {صلى الله عليه وسلم} بعد ذلك ( المحيا محياكم والممات مماتكم ) وقال للفقراء ( أمرت أن أصبر نفسي معكم ) وقال عليه السلام ( اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا واحشرني في زمرة المساكين ) وان النبي {صلى الله عليه وسلم} قال لعلى وغيره ( عليك بحب المساكين والدنو منهم )
ألطف ما يخادع به الأولياء الكرامات والمعونات
ومن عيوبها محبة مجالسة الأغنياء وميله إليهم وإقباله عليهم وكرامة لهم
ومداواتها مجالسة الفقراء والعلم بأنه لا يصل إليه مما في أيديهم إلا مقدار ما قدره الله له فيقطع الطمع منهم فيسقط ذلك محبتهم والميل إليهم ويعلم أن الله عاتب نبيه {صلى الله عليه وسلم} في مجالسة الفقراء فقال ) أما من استغنى فأنت له تصدى وما عليك ألا يزكى وأما من جاءك يسعى وهو يخشى فأنت عنه تلهى (
فقال النبي {صلى الله عليه وسلم} بعد ذلك ( المحيا محياكم والممات مماتكم ) وقال للفقراء ( أمرت أن أصبر نفسي معكم ) وقال عليه السلام ( اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا واحشرني في زمرة المساكين ) وان النبي {صلى الله عليه وسلم} قال لعلى وغيره ( عليك بحب المساكين والدنو منهم )
الخاتمة وقد بينت في هذه الفصول بعض معايب النفس يستدل العاقل بذلك على ما وراءها ويخرج منها من يؤيده الله بتوفيق وتسديد مع إقراري بأنه لا يمكن استيفائى معايبها وكيف يمكن ذلك والنفس معيوبة بجميع أوصافها ولا تخلو من عيب وكيف يمكن إحصاء عيب ما كلها عيب وقد وصفها الله تعالى بأنها الأمارة بالسوء إلا أنه ربما يصلح العبد من عيوبها شيئا ببعض هذه المداواة فيسقط منه من عيوبها والله تعالى يوفقنا لمتابعة الرسل ويزيل عنا موارد الغفلة والشهوات ويجعلنا في كنفه وحبا ملته وعصمته ورعايته فإنه القادر على ذلك والوهاب له إنه أرحم الراحمين
انتهت فصول عيوب النفس للشيخ السلمي رحمه الله ورضى عنه آمين آمين آمين تم هذا بحمد الله
وصية الشيخ أبي عبد الرحمن السلمي هذه وصية الشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمى رحمة الله تعالى عليه آمين آمين
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
أوصيكم يا أخي أحسن الله توفيقكم ونفسي تقوى الله كفاك كل هم وإن اتقيت الناس لن يغنوا عنك من الله شيئا قال تعالى ) ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ( وقال تعالى ) ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا (
وأوصيك بإيثار طاعة الله تعالى واجتناب مخالفته والإقبال بالكلية عليه والرجوع في كل هم ونائبة إليه وترك الركون إلى الخلق والاعتماد عليهم وإياك والرجوع إليهم في كل شيء من أسبابك بل يكون رجوعك إلى الله اعتمادك وتوكلك عليه فإن الله تعالى يقول ) ومن يتوكل على الله فهو حسبه ( واعلم أن الخلق كلهم عاجزون ومدبرون ومن عجز عن نفع نفسه كيف يقدر على نفع غيره ولذلك قال بعض السلف استغاثة المخلوق بالمخلوق كاستغاثة المسجون بالمسجون
وانظر ألا يشغلك عن الله تعالى أهل ولا مال ولا ولد فتخسر عمرك قال الله تعالى ) يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون (
ويقربك إلى الله تعالى ذكره بقراءة كتابه والتدبر والتفكر والتفهم فيما
خاطبك به من أوامره ونواهيه فتمتثل لأوامره وتنزجر عن نواهيه
صحبة الأخيار وترك الأشرار
واتبع سنة النبي {صلى الله عليه وسلم} في كل أفعالك وأقوالك وجميع أسبابك وأحوالك وإياك ومخالفة السنة فيما دق وجل فإن الله تعالى يقول ) فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ( وقال تعالى ) وإن تطيعوه تهتدوا (
واقتدوا بسير السلف الصالح من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وابدأ في ذلك بنفسك فإن الله يقول مخبرا عن شعيب عليه السلام ) وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه ( وأوحى الله تعالى إلى عيسى عليه السلام ( يا عيسى عظ نفسك فإن اتعظت وإلا فاستحى مني )
عود نفسك صحبة الأخيار والتباعد عن صحبة الأشرار فإنه روى عن النبي {صلى الله عليه وسلم} أنه قال من تشبه بقوم فهو منهم ) وقال ( من أحب قوما فهو منهم ) وقال ( المرء مع من احب ) وقال ( لا تصاحب إلا مؤمنا
ولا يأكل طعامك إلا تقي ) وقال أبو تراب النخشبيى صحبة الأشرار تورث سوء الظن بالأخيار
عدم الدخول على السلاطين
وإياك والدخول على السلاطين ووطء بساطهم ومحلهم والتقرب إليهم فإن النبي {صلى الله عليه وسلم} قال
( إياك والدخول عليهم فمن صدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه ولم يرد على الحوض ومن يدخل عليهم ولم يصدقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فهو مني وأنا منه وسيرد على الحوض )
وإن اضطررت إلى ذلك فلا تحرمهم النصيحة وأمرهم بالمعروف وانهاهم عن المنكر فإنه روى عن النبي {صلى الله عليه وسلم} أنه قال
( أفضل الشهداء حمزة بن عبد المطلب ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه
عدم ازدراء نعم الله وأقلل من الدخول على المترفهين أبناء الدنيا فإن الدخول عليهم والنظر في زينتهم يصغر في عينك عظيم نعم الله عليك فإن الله تعالى يقول لنبيه عليه السلام
) ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى (
وقال النبي {صلى الله عليه وسلم} ( انظر إلى من هو دونك ولا تنظر إلى من هو فوقك فإنه أجدر ألا تزدرى نعم الله عليك )
ولا تهتم بشيء من الدنيا فإنه عن يحيى بن معاذ أنه قال الدنيا عدم لا تساوي غم ساعة فكيف بغم طول عمرك فيها مع قليل نصيب منها
طالب نفسك بما هو أولى
وطالب نفسك في كل وقت بما هو أولى بك في ذلك الوقت فإن سهل ابن عبد الله قال وقتك أعز الأشياء عليك فاشغله بأعز الأشياء
وقال بعضهم وأعز شيء لك قلبك ووقتك منيعتهما جميعا
واترك مالا يعنيك من الأفعال والأقوال والحركات والسعي فإن النبي {صلى الله عليه وسلم} قال ( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه
عليك بالإخلاص والزم الإخلاص في جميع أفعالك وطاعتك وتصرفاتك لأن الله تعالى يقول
) وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين (
وروى عن النبي {صلى الله عليه وسلم} أنه قال ( أخلص العمل يكفيك القليل منه )
وطالب نفسك بالصدق في إخلاصك وفي جميع تصرفاتك فإن كل حال خلا من الصدق فهو هباء قال الله تعالى ) من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه (
وقال النبي {صلى الله عليه وسلم} ( الصدق يهدي إلى البر
أكثر من الاستغفار
وداوم التفكر فيما سبق منك من المخالفات فإن النبي {صلى الله عليه وسلم} كان دائم التفكر متواصل الأحزان
وتفكر في تفكيرك ما ارتكبته من المخالفات والذنوب فجدد لك وخذ بالتذكر ندما وتوبة واستغفارا فإن النبي {صلى الله عليه وسلم} قال ( الندم توبة ) وقال عليه السلام ( من اكثر الاستغفار جعل الله له من كل غم فرجا ومن
كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب )
وقال عليه السلام ( التائب من الذنب كمن لا ذنب له
إياك وحب الدنيا وأقلل من مخالطة أبناء الدنيا فإنهم يحملوك على طلبها والكثر منها والاشتغال بها عن الله تعالى والله تعالى قد نهاك عنها وعرفك حالها بقوله تعالى ) اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد ( الأية وعليك بصحبة الزهاد في الدنيا ومخالطة الصالحين والراغبين في الآخرة والتاركين حظوظهم عن هذه الدنيا الفانية طلبا بذلك رضي الله عنه والدار الآخرة فإن الله تعالى أخبر عن الفريقين فقال
) من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا (
جعل عاقبة طالبي الدنيا من أي وجه كأن المحبين لها والراغبين فيها نار جهنم خالدين فيها وجعل عاقبة طالبي الآخرة والساعين لها سعيا مشكورا والسعي هو حسن الإقبال على الله والقيام بين يديه والرغبة فيما عنده فشكر الله لهم سعيهم وبلغهم أفضل مطالبهم ومرادهم وهو مجاورته والنظر إليه قال تعالى
) إن المتقين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر (
وقال تعالى ) وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة (
وقلل من الدنيا ما أمكنك إلا مقدار الكفاية منها فإنها تشغلك عن طاعة ربك قال النبي {صلى الله عليه وسلم} ( يكفيك منها ما سد جوعتك ووارى عورتك وإن كان بيتا يواريك كفاك فلق الخبز وماء الجر وما فوق الإزار حساب عليك
عليك بطاعة الوالدين وصلة الأرحام )
وأطع والديك فإن الله تعالى قرن حقهما بحقه فقال تعالى ) أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير (
وسئل النبي {صلى الله عليه وسلم} ( من أبر قال أمك قيل ثم من قال أمك قيل ثم من قال أمك قيل ثم من قال أباك ثم الأقرب فالأقرب )
وصل رحمك فان صلة الرحم تزيد في العمر وقطيعة الرحم من الكبائر
فإن النبي {صلى الله عليه وسلم} يقول ( الرحم شجنة من الرحمن يقول الله من وصلك وصلته ومن قطعك قطعته )
واحسن خلقك لإخوانك وأصحابك وخدامك ومن ولاك الله أمره فإن النبي {صلى الله عليه وسلم} قال لمعاذ بن جبل لما بعثه إلى اليمن ( أحسن خلقك للناس يا معاذ ابن جبل )
وقال عليه السلام ( أثقل ما يوضع في الميزان خلق حسن
فضل إحسان الجوار
وأكرم جيرانك وأحسن إليهم فإن النبي {صلى الله عليه وسلم} قال ( أحسن جوار من جاورك تكن مسلما )
وقال ( ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه )
وأعن من يستعين بك فإن النبي {صلى الله عليه وسلم} قال ( فإن الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه المسلم )
واقبل عذر من اعتذر إليك صادقا كان أو كاذبا فإن الله تعالى مدح
نبيه يوسف عليه السلام بقبول عذر إخوته بقوله
) لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم ( وروى عن النبي {صلى الله عليه وسلم} أنه قال ( من اعتذر إليه أخوه المسلم فلم يقبل عذره كان عليه مثل ذنب صاحب مكس
تعلم كيف تعامل الكبير والصغير
ولا تهتك عن مسلم سترا فإن النبي {صلى الله عليه وسلم} قال ( من ستر عورة أخيه المسلم ستر الله عورته في الدنيا والآخرة )
وقابل القطيعة بالصلة والإساءة بالإحسان والظلم بالصبر والغفران فإن النبي {صلى الله عليه وسلم} قال ( صل من قطعك واعف عمن ظلمك وأحسن إلى من أساء إليك )