مراسيل المواعظ المروية عنه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لأبي الدرداء رضي الله عنه مواعظ جليلة، ووصايا قيّمة، وحكم بديعة، وأقوال سائرة، لكن أكثر ما يُروى عنه مراسيل، كمراسيل سالم بن أبي الجعد الأشجعي، وعبد الله بن مرة الهمداني، وخالد بن معدان الكلاعي، وأبي قلابة الجرمي، والحسن البصري، ورجاء بن حيوة الكندي، وشريح بن عبيد الحضرمي، وراشد بن سعد الحبراني، ومعاوية بن قرّة المزني، وعون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي، ولقمان بن عامر الوصابي،
وبلال بن سعد السكوني، وميمون بن مهران الجزري، وقتادة بن دعامة السدوسي، وعبد الرحمن بن جبير بن نفير الحضرمي، وربيعة بن يزيد القصير، وشرحبيل بن مسلم الخولاني، وأبو حبيب الحارث بن مخمر الظهراني، وأبو الزاهرية حدير بن كريب الحضرمي، وضمرة بن حبيب الزُّبَيدي، وموسى بن عقبة المدني، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وغيرهم كثير.
وهؤلاء عامتهم من الأئمة الكبار، ويروون عن أبي الدرداء
بواسطة أمّ الدرداء، أو بلال بن أبي الدرداء، أو إسماعيل بن عبيد الله مولى أبي الدرداء، ومنهم من يروي عن غيرهم؛ فإذا كان الإسناد إليهم صحيحاً، والمتن ليس فيه نكارة؛ فالحكمة ضالّة المؤمن، وربّ كلمة لو قالها رجل من أفناد الناس لكانت حكمة بليغة، ومثلاً سائراً؛ فما يكون من رواية هؤلاء الأئمة عن أبي الدرداء أولى بالاعتبار والحفظ، وإن كان لا يحتجّ بها في الأحكام لانقطاع إسنادها، لكن يستفاد منها في الوعظ والتذكير، والتنبيه على ما قد يُغفل عنه؛ ولذلك رأيت من التفريط تركها؛ فانتخبت منها مراسيل جياد، ورتّبتها على ترتيب رواتها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
مراسيل سالم بن أبي الجعد الأشجعي(ت:98هـ تقريباً )
- قال مسعر بن كدام، عن عمرو بن مرة، عن سالم بن أبي الجعد، عن أبي الدرداء قال: «تعلموا قبل أن يرفع العلم،
فإن ذهاب العلم ذهاب العالم، وإن العالم والمتعلم في الأجر سواء.
. رواه وكيع في الزهد.
- وقال الفضيل بن عياض، عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد قال: قال أبو الدرداء: (ما لي أرى علماءكم يذهبون،
وأرى جهّالكم
لا يتعلمون، تعلّموا فإنَّ العالم والمتعلم في الأجر سواء، ولا خير
في سائر الناس، ما لي أراكم تحرصون على ما كُفل لكم به، وتَباطَؤون عما أمرتم به. رواه ابن عساكر.
- وقال النضر بن شميل: أنبأنا شعبة، عن حصين،
عن سالم بن أبي الجعد قال: قال أبو الدرداء:
ما لي أرى علماءكم يذهبون،
وأرى جهالكم لا يتعلمون، ما لي أراكم تحرصون على ما تكفل لكم، وتدعون ما أمرتم به، تعلموا قبل أن يرفع العلم،
ورفع العلم ذهاب العلماء؛ فأنا أعلم بشراركم من البيطار بالفرس، هم الذين لا يأتون الصلاة إلا دبرا،
ولا يقرءون القرآن إلا هجرا، ولا يعتق محررهم
. رواه البيهقي في المدخل إلى السنن، وابن عساكر في تاريخ دمشق.
- وقال حصين بن عبد الرحمن الأسدي، عن سالم بن أبي الجعد،
عن أبي الدرداء أنه قال: مالي أرى علماءكم يذهبون،
وأرى جهالكم لا يتعلمون، تعلّموا قبل أن يرفع العلم، فإن رفع العلم ذهاب العلماء، مالي أراكم تحرصون على ما قد تُكُفّل لكم به، وتضيعون ما وكلتم به، لأنا أعلم بشراركم من البيطار بالخيل، هم الذين لا يأتون الصلاة إلا دبراً، ولا يسمعون القرآن إلا هجرا، ولا يعتق محررهم
. رواه أحمد في الزهد، وابن أبي شيبة في مصنفه،
والبيهقي في شعب الإيمان، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله.
- وقال محمد بن فضيل، عن [حصين] بن عبد الرحمن،
عن سالم بن أبي الجعد، عن أبي الدرداء، قال:
يا أهل حمص! مالي أرى علماءكم يذهبون، وأرى جهالكم
لا يتعلمون، وأراكم قد أقبلتم على ما تكفّل لكم به،
وضيعتم ما وكلتم به؟
اعلموا قبل أن يرفع العلم، فإنَّ رفع العلم ذهاب العلماء، لولا ثلاث صلح الناس: شح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه.
من يكثر قرع الباب يفتح له، ومن يكثر الدعاء في الرخاء يستجاب له عند الكرب، ومن رزق قلباً شاكراً،
ولساناً ذاكراً، وزوجةً مؤمنةً، فنعم الخيرات له،
لم يترك من الخيرات شيئاً رواه أبو داوود في الزهد.
- وقال محمد بن فضيل الضبّي: حدثنا أبو نصر [الضبي]،
عن سالم بن أبي الجعد، عن أبي الدرداء قال:
من يكثر الدعاء في الرخاء يستجاب له عند البلاء، ومن يكثر
قرع الباب يفتح له رواه البيهقي في شعب الإيمان.
- وقال جرير بن عبد الحميد، عن منصور بن المعتمر، عن سالم بن أبي الجعد قال: قال أبو الدرداء:
ما لي أراكم تجتهدون فيما قد توكل لكم به وتبطؤون عما أمرتم به
. رواه ابن عساكر.
- وقال منصور بن المعتمر السلمي، عن سالم بن أبي الجعد الأشجعي قال: صعد رجل إلى أبي الدرداء وهو جالس فوق بيت يلتقط حباً، قال: فكأن الرجل استحيا منه فرجع،
فقال أبو الدرداء: \تعال! فإنَّ من فقهك رفقك في معيشتك
. رواه وكيع في الزهد، وابن أبي شيبة في مصنفه، وهناد بن السري في الزهد، وابن أبي الدنيا
في "إصلاح المال"، والبيهقي في شعب الإيمان،
وابن عساكر في تاريخ دمشق.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مراسيل عبد الله بن مرة الهمداني(ت:100هـ)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
- قال الأعمش، عن عبد الله بن مرّة قال: قال أبو الدرداء: (اعبدوا الله كأنكم ترونه، وعدّوا أنفسكم في الموتى، واعلموا أنَّ قليلاً يكفيكم خير من كثير يلهيكم، واعلموا أنَّ البرَّ لا يَبْلى، وأنَّ الإثم لا يُنسى). رواه وكيع في الزهد، وابن أبي شيبة في مصنفه، وأحمد في الزهد، وهناد بن السري في الزهد، والبيهقي في شعب الإيمان، وابن عساكر في تاريخ دمشق.
ورواه أبو داوود في الزهد من طريق جرير بن عبد الحميد،
عن منصور بن المعتمر، عن عبد الله بن مرة الهمداني به.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مراسيل عبد الله بن جُليد الحجري(ت:100هـ)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- قال سعيد بن أبي أيوب: حدثني عبد الله بن الوليد [التجيبي]،
عن عباس بن جُليد الحجري عن أبي الدرداء قال:
تمام التقوى أن يتقي اللهَ العبدُ حتى يتقيه في مثقال ذرة،
حتى يترك بعض ما يرى أنه حلال خشية أن يكون حراماً،
يكون حاجزاً بينه وبين الحرام، فإن الله قد بين للعباد الذي يصيرهم إليه قال الله
{فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره}
فلا تحقرنّ شيئا من الشر أن تتقيه، ولا شيئا من الخير أن تفعله
. رواه ابن المبارك في الزهد، والبيهقي في الزهد الكبير
دون قوله )فإن الله قد بيّن للعباد ... إلخ..
ورواه ابن بشران في أماليه، وأبو نعيم في الحلية و وابن عساكر في تاريخ دمشق من طريق أبي عبد الرحمن المقرئ عن سعيد بن أبي أيوب به، وزاد في أوّله:
لولا ثلاث خلال لأحببت أن لا أبقى في الدنيا».
فقلت: وما هن؟
فقال: «لولا وضوع وجهي للسجود لخالقي في اختلاف الليل والنهار يكون تقدمه لحياتي، وظمأ الهواجر، ومقاعدة أقوام ينتقون الكلام كما تنتقى الفاكهة.
فإن صحّت هذه الزيادة فيكون حديث عبد الله بن جليد
عن أبي الدرداء متصلاً غير مرسل على أنّ بين وفاتيهما نحو 68 سنة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مراسيل خالد بن معدان الكلاعي(ت:103هـ)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
- قال ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن أبي الدرداء رحمه الله قال: الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما أدى إلى ذكر الله، والعالم والمتعلم في الأجر سواء، وسائر الناس همج لا خير فيهم
. رواه ابن المبارك في الزهد، وأحمد في الزهد، ويعقوب بن سفيان
في المعرفة والتاريخ، وابن أبي الدنيا في كتاب "ذم الدنيا"،
والبيهقي في شعب الإيمان.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مراسيل أبي قلابة الجرمي (ت: 104هـ)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
- قال النضر بن معبد، عن أبي قلابة الجرمي عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه قال: نزل القرآن على ست آيات: آية مبشرة، وآية منذرة، وآية فريضة، وآية تأمرك، وآية تنهاك، وآية قصص وأخبار.
. رواه يحيى بن سلام البصري في تفسيره.
- وقال إسماعيل ابن علية، عن أيوب السختياني، عن أبي قلابة الجرمي أنَّ رجلاً قال لأبي الدرداء:
إن إخوانك من أهل الكوفة، من أهل الذكر، يقرئونك السلام. فقال: «وعليهم السلام، ومرهم فليعطوا القرآن بخزائمهم فإنه يحملهم على القصد والسهولة، ويجنّبهم الجور والحزونة
. رواه عبد الرزاق في مصنفه، وأبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن، وابن أبي شيبة في مصنفه، والدارمي في سننه، ورواه عبد الرزاق من طريق معمر عن أيوب به.
- وقال عبد الرزاق: أنبأنا معمر، عن أيوب، عن أبي قلابة قال:
قال أبو الدرداء: البرّ لا يبلى، والإثم لا ينسى، والديّان لا ينام،
فكن كما شئت، كما تدين تدان
. رواه أحمد في الزهد.
- وقال عبد الرزاق: أنبأنا معمر، عن أيوب، عن أبي قلابة،
عن أبي الدرداء رضي الله عنه، قال:
لا تفقه كل الفقه حتى تمقت الناس في ذات الله،
ثم تقبل على نفسك فتكون لها أشد مقتا منك للناس
. رواه البيهقي في الأسماء والصفات.
وروى نحوه ابن أبي الدنيا في كتاب "محاسبة النفس"
من طريق محمد بن عبد الرحمن الطفاوي عن أيوب السختياني به.
- وقال عبد الرحمن بن مهدي: حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي الدرداء رحمه الله قال:
ادع الله يوم سرائك لعله يستجيب لك يوم ضرائك
. رواه أحمد في الزهد.
- وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عن أيوب، عن أبي قلابة، قال:
قال أبو الدرداء:
ادع الله في يوم سرائك لعله يستجيب لك في يوم ضرائك.
رواه البيهقي في شعب الإيمان.
- وقال إسماعيل ابن علية، عن أيوب، عن أبي قلابة، قال:
قال أبو الدرداء: إن من فقه المرء ممشاه ومدخله ومجلسه.
ثم قال أبو قلابة: " قاتل الله الشاعر: لا تسأل عن المرء وانظر قرينه
. رواه ابن أبي الدنيا في كتاب الإخوان.
قلت: البيت لعديّ بن زيد، وروايته المشهورة:
عن المرء لا تسأل وأبصر قرينه ... فإن القرين بالمقارن يقتدي.
- وقال حماد بن زيد: حدثنا أيوب، عن أبي قلابة،
أنه قال: مُرَّ على أبي الدرداء برجل يقاد في حدٍّ أصابه قال:
فنال القوم منه.
فقال: لا تسبوا أخاكم، واحمدوا الله الذي عافاكم.
قال: أرأيتم لو رأيتموه في قليب أكنتم مستخرجيه؟
قالوا: نعم.
قال: فلا تسبوا أخاكم، واحمدوا الله على الذي عافاكم.
فقيل: له أتبغضه؟
فقال: إني لا أبغضه، ولكن أبغض عمله، فإذا تركه كان أخي
. رواه أبو داوود في الزهد، ورواه البيهقي في شعب الإيمان من طريق عبد الرزاق عن معمر عن أيوب بنحوه.
- وقال معمر، عن أيوب السختياني، عن أبي قلابة، عن أبي الدرداء، قال: إنك لن تفقه كل الفقه حتى ترى للقرآن
وجوهاً كثيرة، وحتى تمقت الناس في جنب الله، ثم ترجع إلى نفسك فتكون لها أشد مقتا منك للناس.
. رواه معمر في جامعه، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله.
ورواه أحمد في الزهد من طريق إسماعيل بن علية عن أيوب به.
ورواه أبو داوود في الزهد من طريق وهيب بن خالد عن أيوب به.
ورواه ابن عساكر في تاريخ دمشق من طريق روح بن عبادة عن حماد بن زيد عن أيوب به.