11-22-2023
|
|
حتى لا تفترسنا الحياة
حتى لا تفترسنا الحياة
هذا هو ما تفعله بنا الحياة... فكثيرا ما تفترسنا قبل أن تجهز علينا وإن بقينا على قيد الحياة،
والافتراس يحدث عادة من كائن متوحش يتسلل بمهارة فائقة ليتمكن من الفريسة الغافلة.
وإذا وقفنا مع أنفسنا بأمانة تامة لتأكدنا أننا جميعا نتعرض للافتراس من الحياة من آن لآخر، وأن القلة القليلة منا هي التي تتنبه لهذا الافتراس، وتناضل بحزم متنام وإرادة حقيقية لتطرد عن نفسها صفات الفريسة، ولتزرع مكانها الجدارة بأنها إنسان كرمه الرحمن عز وجل، لا يليق به أن يسمح لأحد، أو لتفاصيل الحياة وإغراءاتها المتنوعة وانتهاكاتها المتواصلة أن تفترسه لتلتهم عقله وروحه ثم تلقي بالباقي في عرض الطريق.
#أدوات القبطان الماهر#
وحتى لا تفترسنا الحياة، نقول إن حياة كل واحد منا أشبه بالسفينة التي تبحر في البحار والمحيطات،
ولا بد أن يكون لدى القبطان الخرائط الكافية ليبحر بكفاءة
ليس في أوقات الأمان فقط، فهي لا تبرز مهارة القبطان، فالأمور تسير على ما يرام وربما أغرته الطمأنينة الزائدة إلى الاستهانة بالاستعداد للأخطار التي لا ينجو منها أي بحار، مما يفقده وسائله الدفاعية ويجعله يضعف نفسه بأيديه. والواقع يؤكد لنا أن ما لا يزيد ينقص،
وأننا إذا لم ننتبه دائما لزيادة قوانا الدفاعية ومراقبة حصوننا النفسية والذهنية فإننا نباغت بهجوم يلقينا أرضًا،
ويفقدنا ميزة الثبات عند مواجهة الأزمات وهو أمر لا غنى عنه للانتصار في كل المعارك.
** تعلمنا أن الحياة سلسلة من المعارك المتصلة تتخللها استراحات للمحاربين، ينعمون فيها بالاحتفال بثمار انتصاراتهم بتعقل وحكمة، ولا يسمحون للغرور بالتسلل إليهم ولا يبالغون في الحياة الناعمة؛ لأنها تغري المحارب بإلقاء أسلحته متوهما أن المعارك انتهت، وأن عليه مواصلة الاحتفالات ليلا ونهارا بما أنجزه.
ومن يفكر بهذا الأسلوب يهزم نفسه ويتعذب وحده ولا يحق له لوم غيره، كما يظلم نفسه من يواصل المعارك ليلا ونهارًا ويشيع حالة الاستنفار القصوى، مما يبدد طاقاته بدون جدوى ويعرضه للإنهاك مما يلقي به إلى الهزائم التي لا يدرك أنه تسبب فيها بحرمان نفسه من استراحة المحارب الذكية بلا إفراط ولا تفريط. والمحارب الذكي عندما يقود سفينته يستعد نفسيا لإمكانية تعرضه للمخاطر، فالمؤكد أن الإنسان المفاجأ نصف مهزوم.
وهذا لا يعني بالطبع انتظار وقوع المحن؛ لأن الاستغراق في انتظار الأزمات يسلب من القبطان الذكي الفرح، والاستمتاع بالإبحار وبجمال ومتعة التدفق الجميل لسفينته، وبالتأمل الواعي والعذب لدوره في قيادة السفينة ونجاحه في ذلك –بعد الاستعانة بالرحمن بالطبع- مما يضاعف بصورة رائعة من إمكاناته البشرية المحدودة.
والقبطان الذكي هو الذي يكون شعاره في الإبحار الحديث الشريف: "استعن بالله ولا تعجز"، ويثق تماما بالقول الرائع أن استعانة المخلوق بالمخلوق أشبه باستعانة المسجون بالمسجون، وهذا لا يتعارض إطلاقا مع الأخذ بالأسباب؛ أي أن يسعى الإنسان بمثابرة (مطمئنة) إلى امتلاك أفضل المهارات في مجاله، ولا بأس من استشارة ذوي الخبرة، والاستفادة من تجارب غيره،
ثم يتنبه إلى أهمية ألا يتوكل إلا على الخالق، فكما قيل عن حق: ترك الأخذ بالأسباب معصية والاعتماد عليها شرك.
_____ يتب__ م/ق ___ع ________ آخر تعديل عطر الجنة يوم
11-22-2023 في 12:35 AM. |