##فنون المواجهة##
والقبطان الماهر هو الذي يواجه الشدائد بالمسارعة إلى التهدئة الداخلية، والتشبث بالاستعانة بالرحمن ويتذكر أنه “عابر سبيل”
في الحياة، وبأن أمره موكول إلى الرحمن وحده وبأن أي خسائر دنيوية قد يتعرض لها يمكن تعويضها بمشيئة الخالق ولو بعد بذل مجهود مضاعف ومضي بعض الوقت طال أو قصر. أما الخسائر الدينية فقد يصعب عليه تعويضها أو لا يدرك حدوثها وسط انهماكه في الشئون الدنيوية وتفاصيلها المتنوعة.
يناضل القبطان الذكي لزيادة مكاسبه الدينية بدلا من أن يخسر بعضها ويبدد عمره في محاولة تعويضها،
وما كان أغناه عن ذلك لو تذكر أهمية الثبات في وجه الشدائد، فالقبطان الماهر لا يسمح للجزع بأن يفترسه ويلقى به إلى تصرفات متسرعة تجعل سفينته تتحطم على الصخور أو تغرق في البحار الهائجة.
بل يسارع بطمأنة نفسه بأن أمر المؤمن كله خير، ثم يبتسم ويهدئ نفسه، وسبحان الرحمن الذي جعل الابتسامة تفرز هرمونات تهدئ الإنسان، وقد أثبت العلم أنه حتى تصنع الإنسان للابتسام يحدث نفس المفعول. وعندما نتأمل في حياتنا اليومية نجد الكثيرين ممن يظلمون أنفسهم بالاستسلام للمخاوف عند حدوث ما يكرهون، وتنمية الشعور بالرثاء للنفس والعيش في سجن الضحية، ويتنفسون المرارات المتتالية، ويسمحون باختلال قيادة سفنهم الخاصة وتسربها من أيديهم.
عندما يتنازل القبطان عن قيادة سفينته؛ فإنه لا يفقد فقط هيبته ومكانته وأحيانا وظيفته، ولكنه يفقد أيضا ثقته بنفسه،
ويتحول إلى فريسة يسهل على أصغر كائن النيل منها.
وإن من الذكاء الإكثار من الحمد الحقيقي للتمتع بالنهوض من الأزمة وتنفس الفرح الناعم به وطرد الألم بعد الاستفادة من خبراته ولفظ أوجاعه.
وبذلك يتحول الألم إلى مصدر للخبرة وهو ما يعده؛ ليكون منبعا للمتعة المستقبلية، سواء استفدنا نحن من هذه التجربة المؤلمة ولم نكررها،
أو قمنا بإهدائها لمن نحب وساهمنا في تقليل مساحة الألم في الإبحار الدنيوي، وبذا تتضاعف متعتنا في الحياة.
___ ____ ____