## انتبه للثقوب!
والقبطان الماهر هو وحده الذي لا يكتفي بالإبحار الآمن،
ولكنه يعود لخرائطه؛ أي أهدافه الحقيقية من الإبحار من آن لآخر؛ ليتأكد أنه يسير في الطريق الصحيح، وأنه لم ينجرف إلى طريق خاطئ بدعوى البحث عن الأمان، أو للابتعاد عن بعض الصعاب.
وهذا ما يحدث كثيرا مع الأسف البالغ، حيث نؤذي أنفسنا (بتزيين) التراجع عن أحلامنا وطموحاتنا والسماح بتزييفها، فليس من الذكاء مواصلة الإبحار دون التأكد من أنه يقودنا إلى أهدافنا الحقيقية التي أبحرنا من أجلها.
والمؤلم أن معظم الناس يتجاهلون هذه الحقيقة البسيطة،
ويسمحون لتفاصيل الحياة اليومية بافتراسهم، بل وتغيير مساراتهم في الإبحار، ويتحولون إلى أدوات لتحقيق رغبات غيرهم،
ويخدعون أنفسهم بمحاولة تبرير ذلك بأن الواقع كان أكبر من إصرارهم، وأن الظروف دفعتهم إلى تغيير مساراتهم،
ويقومون بدفن المرارة التي اكتسحت أحلامهم بالاستغراق إما في التهام الطعام أو أية متع دنيوية عابرة،
ولا يعلمون أنهم يسرقون أنفسهم. وأن القبطان الذكي وحده
هو الذي يتنبه إلى أية ثقوب في سفينته مبكرا، ويسارع بثقة وبمثابرة إلى إغلاق هذه الثقوب؛ للانتصار واكتشاف الأسباب التي أدت إليها؛ حتى لا تتكرر في أماكن أخرى، فيهدر الطاقة والجهد والوقت في إصلاحها ويتأخر في إبحاره،
وقد تتكاثر عليه الثقوب فييأس من إصلاحها ويتغافل عن الغرق المؤكد بالانهماك في التفاصيل اليومية للحياة على السفينة. القبطان الماهر يفرح بصدق لنجاح الآخرين، فيضاعف من حيويته وحماسه للوصول إلى شاطئه الخاص، ويلفظ الانغماس في الغيرة والحسد، ومحاولة النيل من أي نجاح، وإلصاق التهم به مما يسرق وقوده الداخلي بعد بعثرته عليهم. والأذكى ادخار كل طاقاته لتحسين نفسه على كل المستويات، وذلك ينجو من الغرق المحتم، وهو المصير المؤكد لمن يراقب نجاح غيره بحسرة بدلا من التعلم منه، وأن يقول لنفسه: “كلما وصل بحار إلى شاطئ النجاة تضاعفت فرصي أنا أيضا فرزق ربي واسع للغاية،
ويهنأ بذلك ويواصل انطلاقاته نحو النجاح بخطى أكثر ثباتا.
____ ___ _____