..........................................
دخلها سادات العرب قبل الإسلام
...............................................
ولم تنته غزة، من ضم أسماء ملوك وأعلام كبار إلى دفتي كتاب تاريخها، فتسمى غزة هاشم، نسبة إلى هاشم جد الرسول الكريم محمد عليه الصلاة والسلام، حيث لقي هاشم، ربه فيها، ودفن هناك.
وأقام الخليفة العادل عمر بن الخطاب، ردحا من الزمن فيها، كما يقول عارف العارف الذي أضاف، بأن عبد الله، والد النبي محمد "ص" قد دخل غزة وأقام فيها، فترة قصيرة، ولهذا يعتبر المؤرخون أن فتح المسلمين لغزة، لم يكن إلا استكمالاً لـ"فتح عربي" سبقه، بحركة التجار والعبور والسفر، ما جعلها مدينة عربية خالصة، على مر الدهور.
وغزة هي المدينة التي ولد فيها، الإمام الشافعي، عام 150-204 للهجرة.
...................................
غزة هاشم.. مهد التاريخ
وحاضرة الأديان وعرين المقاومة
.......................................
منذ مبتدأ التاريخ ومفتتح الأيام ومنطلق السير البشري نحو الحضارة كانت غزة خبر عِزة وعنوان مجد، وقد التقطت هذه المدينة -المطلة على البحر الأبيض المتوسط- أنفاس الحياة عذبة طرية هادئة كالنسيم تارة، أو هادرة كأمواج المحيط، فتعددت أسماؤها وتقاربت بين هازاتو، وغازاتو، وغزة هاشم.
وقد ارتبط اسمها أخيرا باسم هاشم بن عبد مناف الذي توفي فيها حوالي سنة 524 م، وهو عائد منها بصنوف التجارة، قادما نحو مكة، ولم تمهله الأيام، فكانت غزة محط رحاله ومأوى ضريحه، ولم يغب عن أهل غزة تقدير ذلك الشرف والرابطة بينهم وبين مكة وقريش، حيث تأوي مدينتهم ضريح سيد البطحاء والجد الثاني للرسول الأكرم محمد صل الله عليه وسلم.
.................................................. ...
أرض الحضارة عبر التاريخ
.................................................. ..
أخذت غزة من هاشم بن عبد مناف كثيرا من ملامحها، فهي فارعة القامة في أعمدة التاريخ مثل قامته الفارعة كجبال مكة،
وهي أمّ منجاب للسادة والأبطال مثلما أنجب هو سيد البطحاء عبد المطلب، ومن عبد المطلب تسلسل الأبناء العشرة، ثم أشرق نور النبوة عبر سيد الكونين محمد بن عبد الله بن عبد المطلب عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم، وفي غزة مواسم دائمة ودائبة للكرم والتضامن، وتقاسم الزاد القليل، والاستعلاء على الأنانية، وحمل الكل والعون على نوائب الدهر.
هشمت غزة الثريد لأبنائها وجيرانها كما فعل هاشم بن عبد مناف، وتحول اسمه بذلك من عمرو إلى هاشم حتى قيل فيه:
عمرو الذي هشم الثريد لقومه
قـوم بمكة مسنتين عجاف
سُنت إليه الرحلتان كلاهما
سفر الشتاء ورحلة الأصياف
لكن غزة زادت بهشم رؤوس الغزاة، فانتثرت مقابرهم على ضفافها أو أرصفتها منذ أزل التاريخ إلى اليوم. ولممانعتها الدائمة واستعصائها على الغزو، شكلت مصدر إزعاج وإيلام للاحتلال الإسرائيلي حتى اضطر للانسحاب منها تحت ضربات المقاومة.
ومع الحكم العثماني تعاقب باشوات الآستانة، على حكم المدينة الشاطئية، وتواصلت سيطرة الباب العالي عليها، ودخلتها لأكثر من مرة وحدات مختلفة من الجيوش الإنكشارية، قبل قيام ما عرف بالثورة العربية الكبرى في المنطقة بدعم من الاحتلال البريطاني، بهدف تفتيت الكتلة الإسلامية الكبرى ودحر وتمزيق الإمبراطورية العثمانية.
....................................
صرعوها أو صرعتهم
......................................
ومن الجدير بالذكر، فإن غزة كثيرة الحضور في نصوص العهد القديم، ويشار إليها بالاسم، مرات كثيرة، نظرا لمكانتها ودورها وتأثيرها ورغبة أمم وملوك العالم بإخضاعها والسيطرة عليها،
وهي المكان الذي كتبت فيه، نهاية قصة شمشون الجبار، بتحايل من امرأة تدعى دليلة التي يشار إليها بدليلة الغزّية، أو دليلة الفلسطينية، إلا أن المصادر الكنسية، ومنها مؤلفات القمص تادرس يعقوب، تؤكد أن دليلة الواردة في العهد القديم، نشأت
في ما يعرف بوادي سورق، ويدعى حاليا باسم وادي الصرار، وهو على بعد 13 ميلا إلى الغرب من أورشليم وصولا إلى البحر الأبيض المتوسط.
ولهذا يعتبر المؤرخون، أن غزة، هي ابنة تاريخ متواصل وابنة أجيال منصرمة، من أقدم الأقوام والديانات الوثنية، إلى الديانة اليهودية ثم المسيحية والإسلامية، وما رافق ذلك كله، من دخول مختلف الامبراطوريات والممالك إليها، إلى الدرجة التي
قال فيها مؤرخون كالعارف المشار إليه، إنه لم يبق فاتح ولا غازٍ، إلا ونازلتْه، غزة، فإمّا يكون قد صرعها، أو تكون هي قد صرعتْه.
## ثم جاءت محطة الاحتلال الإسرائيلي التي بدأت بواكيرها الأولى منذ وعد “بلفور” سنة 1917، لتدخل غزة حقبة جديدة
من التاريخ الأشد عدوانية ووحشية في تاريخها الممتد على ضفاف آلاف السنين، وطوال نحو سبعة عقود من عمر الاحتلال الإسرائيلي، عاشت غزة أحلك أيامها وأشد سنواتها المكللة بالدم والدموع واللهب، فقد كانت ضفاف الجراح تمتد مع طول شواطئها، وتكتب في كل بيت قصة ألم لا نهاية له.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ