انتشرت قصة عن هاشم بن عتبة وقتله الأسد ،
فهل هي صحيحة ؟
القصة هي : " بينما جيش المسلمين وجيش الفرس يستعدان للمعركة ، إذ يتفاجأ المسلمين بأن الفرس قد جلبوا معهم أسدا مدربا على القتال ، وبدون سابق إنذار يركض الأسد نحو جيش المسلمين ، وهو يزأر ويكشر عن ظ²نيابه ، فيخرج من جيش المسلمين رجل بقلب ظ²سد ، ويركض الرجل المسلم الشجاع البطل نحو الأسد في مشهد رهيب لا يمكن تصوره ، فكيف لرجل أن يركض نحو أسد ؟! " ؟
وظ²عتقد ظ²نها لم تحدث في التاريخ ظ²ن رجلا يركض نحو ظ²سد مفترس !! ، الجيشان ينظران ويتعجبان ، فكيف لرجل مهما بلغت قوته ظ²ن يواجه ظ²سدا ! ، انطلق بطلنا كالريح نحو الأسد لا يهابه ! ، وبصدره عزة وإيمان وشجاعة المسلم الذي لايهاب شيئاً إلا الله ، بل كان يعتقد ظ²ن الأسد هو الذي يجب أن يهابه ، ثم قفز عليه كالليث على فريسته ، وطعنه عدة طعنات حتى قتله ! ، فتملَّك الرعب من قلوب الفرس كيف سيقاتلون رجالا لا تهاب الظ²سود ؟ ! فدحرهم المسلمون عن بكرة ظ²بيـــــهم ،
ثم ذهب سعد بن ظ²بي وقَّاص رضي الله عنه إلى بطلنا وقبل رأسه تكريما له ، فانكب بطلنا بتواضع الفرسان على قدم سعد رضي الله عنه فقبلها وقال : ما لمثلك أن يُقبِّل رأسي ، ظ²تدرون من هو الأسد ؟
هاشم بن عتبة بن ظ²بي وقَّاص " .
......................
هذه القصة المذكورة رواها الطبري في "تاريخه" (3/ 622)، فقال :
كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عَنْ شعيب، عن سيف، عن محمد وطلحة والمهلب وَعَمْرٍو وَسَعِيدٍ وَالنَّضْرِ، عَنِ ابْنِ الرُّفَيْلِ، قَالُوا: ثُمَّ إِنَّ سَعْدًا قَدِمَ زَهْرَةَ
إِلَى بَهُرَسِيرَ، فَمَضَى زَهْرَةُ مِنْ كُوثَى فِي الْمُقَدِّمَاتِ حَتَّى ينزل بهرسير، وقد تلقاه شيرزاد بِسَابَاطَ بِالصُّلْحِ وَتَأْدِيَةِ الْجَزَاءِ، فَأَمْضَاهُ إِلَى سَعْدٍ، فَأَقْبَلَ مَعَهُ وَتَبِعَتْهِ الْمُجَنِّبَاتُ، وَخَرَجَ هَاشِمٌ، وَخَرَجَ سَعْدٌ فِي أَثَرِهِ، وَقَدْ فَلَّ زَهْرَةُ كَتِيبَةَ كِسْرَى بُورَانَ حَوْلَ الْمُظْلِمِ، وَانْتَهَى هَاشِمٌ إِلَى مُظْلِمِ سَابَاطَ، وَوَقَفَ لِسَعْدٍ حَتَّى لَحِقَ بِهِ، فَوَافَقَ ذَلِكَ رُجُوعَ الْمُقَرَّطِ، أَسَدٍ
كَانَ لِكِسْرَى قَدْ أَلِفَهُ وَتَخَيَّرَهُ مِنْ أُسُودِ الْمُظْلِمِ، وَكَانَتْ بِهِ كَتَائِبُ كِسْرَى الَّتِي تُدْعَى بُورَانَ، وَكَانُوا يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ كُلَّ يَوْمٍ: لا يَزُولُ مُلْكُ فَارِسَ مَا عِشْنَا-، فَبَادَرَ الْمُقَرَّطُ النَّاسَ حِينَ انْتَهَى إِلَيْهِمْ سَعْدٌ، فَنَزَلَ إِلَيْهِ هَاشِمٌ فَقَتَلَهُ، وَسَمَّيَ سَيْفَهُ الْمَتْنَ، فَقَبَّلَ سَعْدٌ رَأْسَ هَاشِمٍ، وَقَبَّلَ هَاشِمٌ قَدَمَ سَعْدٍ"
وقد ذكر هذه القصة ابن كثير في "تاريخه" (7/ 61) فقال :
" قَالُوا: ثُمَّ قَدَّمَ سَعْدٌ زُهْرَةَ بَيْنَ يَدَيْهِ من كوثى إلى نهر شير فَمَضَى إِلَى الْمُقَدِّمَةِ، وَقَدْ تَلَقَّاهُ شِيرْزَاذُ إِلَى سَابَاطَ بِالصُّلْحِ وَالْجِزْيَةِ، فَبَعَثَهُ إِلَى سَعْدٍ فَأَمْضَاهُ، وَوَصَلَ سَعْدٌ بِالْجُنُودِ إِلَى مَكَانٍ يُقَالُ لَهُ مظلم ساباط، فوجدوا لك كَتَائِبَ كَثِيرَةً لِكِسْرَى يُسَمُّونَهَا بُورَانَ، وَهُمْ يُقْسِمُونَ كُلَّ يَوْمٍ لَا يَزُولُ مُلْكُ فَارِسَ مَا عِشْنَا، وَمَعَهُمْ أَسَدٌ كَبِيرٌ لِكِسْرَى يُقَالُ لَهُ الْمُقَرَّطُ، قَدْ أَرْصَدُوهُ فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ ابْنُ أَخِي سَعْدٍ، وَهُوَ هَاشِمُ بْنُ عُتْبَةَ، فَقَتَلَ الْأَسَدَ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ، وَسُمِّيَ يَوْمَئِذٍ سَيْفُهُ الْمَتِينَ وَقَبَّلَ سَعْدٌ يَوْمَئِذٍ رَأَسَ هَاشِمٍ، وَقَبَّلَ هَاشِمٌ قَدَمَ سَعْدٍ " .
وإسناد هذه القصة واه :
أولا : سيف ، وهو ابن عمر التميمي ، متروك متهم ، قال ابن حبان : اتهم بالزندقة ، يروى الموضوعات عن الأثبات . وقال الحاكم : اتهم بالزندقة وهو في الرواية ساقط . وقال أبو حاتم والدارقطني: متروك الحديث . وقال أبو داود: ليس بشيء.
"المجروحين" (1 /345) ، "تهذيب التهذيب" (4/260)
ثانيا : شعيب ، وهو ابن إبراهيم الكوفي ، قال الذهبي :
" راوية كتب سيف عنه، فيه جهالة " .
"ميزان الاعتدال" (2/ 275)
والله أعلم .