عجَبِي للدُّعاة حين أراهم ... يجحدون الفصحى ولا يخجلونا
لم يصِحْ صائحٌ بأرض بني العُجْمِ: دعُونا من لهجة اليَعرُبينا
البخاريُّ لم يكن قرشيًّا ... حين يروي لسيد المرسلينا
وابنُ يعقوبَ لم يكن عربيًّا ... حين أدنى القاموسَ للباحثِينا
وسَّعت أُفقَها لفكر ابن بَيْرُونَ ومدَّت رحابها لابنِ سينا
عرفوا فضْلَها على الناس لمَّا ... درسوها بلاغةً ومتونا
لغة الضاد تلك وَحْدَتُنا الكبرى فأكرِمْ بوَحدَةِ الصفِّ فينا
نَشَرتْ ظِلَّها على الناس شرقًا ... ثم مدَّت في الغرب ظِلًّا حنونا
أسَفِي للدعاة حين أراهم ... قد أساءوا فهمًا وساءوا الظنونا
أيها الملحدون باللغة الغرَّاء عفوًا يا أيها الملحدونا
هي أقوى من كل ما تدعونا ... وهي أغنى من كل ما تحشدونا
كم لغاتٍ على الزمان تلاشت ... وهي أبقى على الزمان خدينا
لم يعُدْ من يقول ضاقت صدورًا ... بالجديد الغريب عنَّا فنونا
فِريَةٌ طالما رواها ضلالا ... الدعاةُ البُغاةُ والحاقدونا
هي تستوعب المعارف من عهد (أرسطو)* حتى عهودٍ تلينا
قد أساغتْ آدابَ فارسَ قِدمًا ... وأحاطت بفلسفاتِ أثينا
حارِبُوها تحارِبُوا الجبَلَ الشامِخَ أعيا شُموخَه الناطحينا
حارِبُوها تحارِبُوا النُّورَ في العَيْنِ وتحَيَوْا من بعدِه تائهينا
حارِبُوها تحارِبُوا كَلِمَ اللهِ وتُرْضُوا بحَرْبِكم إسرَئِينا
عرِّضوا مجدَكم لأقسى ضياع ... حين تُمسُونَ باللُّغى ساخرينا
قلَّدتْكم مفاخِرَ المجد حَلْيًا ... وَهَدَتْكم للحقِّ دُنْيا ودِينا
فانبِذُوها لتنبذوا كلَّ مجْدٍ ... رفعَتْه إلى النُّجوم مكينا
وانبِذُوها لتلبسوا رُقَعَ الأغرابِ عنكم رطانة الطامعينا
وانصروهم فلن يعيشَ ضعيفٌ ... خذَلَتْه دِعَايَة الهادمينا
يا بُناةَ الأجيال لا تسمعوها ... تلك دعوى يَهْزَا بها البانونا
لغةُ المَرءِ عِرْضُه وحرامٌ ... أن يباح الحَرَامُ للهاتكينا
حافِظُوا حافِظُوا على العِرْض واحموا ... شَرَفَ العُربِ أن يروحَ مَهِينا
ما معاني قوميةِ النَّاسِ ما لم ... تكُ نُطقًا وفِكرَةً أو دِينا ؟
حسن كامل الصيرفي