الفصل الثاني في دراسة الكتاب المبحث الأول في عرض مقدمة الآجرومي بدأ المصنف رحمه الله تعالى بالكلام كعادة المصنفين في هذا العلم ، عرفه ثم قسمه إلى ثلاثة أقسام ، ثم ذكر علامات كل قسم.
ثم عقد بابا للإعراب ، عرفه وذكر ألقابه وما للاسم منها وما للفعل .
ثم عقد بابا لعلاماته ، ذكرها حركات وحروفا وحذفا لهما .
ثم عقد فصلا قسم فيه المعربات إلى قسمين ، قسم يعرب بالحركات وآخر يعرب بالحروف ، ثم فصل القول في ذلك على ضوء ما ذكره في باب معرفة علامات الإعراب .
وبعدها عقد بابا للأفعال ، ذكر فيه أقسام الفعل وعلامات كل قسم ، ثم ذكر نواصبه وجوازمه .
ثم عقد بابا لمرفوعات الأسماء ، ذكرها فيه مجملة ثم فصل القول فيها على نحو ما رتبها ، وكان ذكر في المرفوعات التوابعَ ؛ وهي النعت والعطف والتوكيد والبدل ، فأتى عليها تفصيلا حتى لا يعود إليها في منصوبات الأسماء ومجروراتها حيثُ سيذكرها بعد .
وبعد ذلك عقد بابا لمنصوبات الأسماء ، ذكرها فيه مجملة ثم فصل القول فيها على نحو ما رتبها ، ولم يَعُدْ إلى ما ذكره استطرادا في المرفوعات ، نحو خبر كان وأخواتها واسم إن وأخواتها .
ثم عقد بابا لمخفوضات الأسماء ختم فيه مقدمته ، قسمها إلى ثلاثة أقسام وفصل القول فيها .
وبعد أن منّ الله تعالى عليّ بقراءة هذه المقدمة أكثر من مرة ، ظهر لي أن المصنف رحمه الله تعالى التزم أمرين أساسيين فيها ، الأول الاختصار ، والثاني كونها للمبتدئين ، ولا ريب أنه وفى بهما كما لا يخفى ذلك على الناظر في مقدمته ، فإنه اختصر حتى أخل !! وبَسَّطَ حتى أوجر المعاني في العقول ، ومقدمته وإن كثرت عليها الملاحظات ، وتوالت عليها الاعتراضات ، وعظم في ذلك الخطب ، كما ستراه في موضعه ، إلا أنه يهون الأمر عند النظر إلى بشرية المصنف الإمام رحمه الله تعالى ، وكم يعجبني قول أحدهم ـ وقد غاب اسمه عن ذاكرة هذا الضعيف ـ (( إنك كلما قرأت كتابا وجدت في أوله نعتذر عن الخطأ والزلل ، إلا كتاب الله فإنه قال في أوله : ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ )) .
المبحث الثاني في مذهبه النحوي من خلال مقدمته قال السيوطي رحمه الله تعالى في بغية الوعاة بعد أن ذكر كلاما عن المصنِّف رحمه الله :
« وهنا شيء آخر ، وهو أنا استفدنا من مقدمته أنه كان على مذهب الكوفيين في النحو ، لأنه عبَّر بالخفض وهو عبارتهم ، وقال : الأمر مجزوم . وهو ظاهر في أنه معرب وهو رأيهم ، وذكر في الجوازم كيفما والجزم بها رأيهم وأنكره البصريون ، فتفطن » اهـ (144) .
وقد ظهر لي بحمد الله تبارك وتعالى خطأ من نسبه إلى الكوفية ـ كما ستعرفه ـ ، غير أنا لا نستطيع الجزم بنسبته إلى أحد الفريقين إلا بالإطلاع على آرائه في مسائل كثيرة لم يتعرض لها في هذا المختصر ، ولا يُعرف للمصنف تواليف أخرى مطولة في هذا الفن يمكن الاستفادة منها في بيان مذهبه .
والمختار عند العبد الضعيف ـ أقال الله عثرته يوم القيامة ـ أن المصنف له اختيار وترجيح في المسائل ـ وسترى في بيان ذلك ما تقرُّ به عينك إن شاء الله تعالى ـ ، يبدو ذلك جليا من خلال موافقته أهل البلدين في مسائل انفردوا فيها ، بل ومخالفته لهم جميعا في بعض المسائل كما ستعرفه والله تعالى أعلم .
وسأعرض الآن ما وقفت عليه من مسائل وافق فيها المصنف أهل الكوفة أو خالفهم ، وسأذكر ـ إن شاء الله تعالى ـ مطلبين ، الأول في وفاقهم ، والثاني في خلافهم ، فأقول مستعينا بالله :
يتبع إن شاء الله ........