عرض مشاركة واحدة
[/TABLE1]


قديم 07-05-2014   #3
مركز تحميل الصور


الصورة الرمزية امي فضيلة
امي فضيلة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 69
 تاريخ التسجيل :  May 2013
 العمر : 76
 أخر زيارة : منذ أسبوع واحد (12:30 PM)
 المشاركات : 8,131 [ + ]
 التقييم :  9284
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: حقوق الإنسان لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي




حرية الاعتقاد:
حرية الاعتقاد مصونة في الدين، لكن وأنت في مجتمع مسلم اعتقد ما شئت لكن لن تستطيع أن تفعل شيئاً خلاف منهج الله، يوجد نقطة دقيقة جداً، الحرية يفهمها الآخرون في الطرف الآخر في مجتمع الغرب أن تفعل ما تشاء، ولو أدت هذه الحرية إلى إفساد المجتمع، لكنه في الإسلام هناك تشريع من عند خالق الكون، هذا التشريع مصون، يعني هذه المرأة التي تمشي في الطريق تظهر كل مفاتنها وتفسد شباب المسلمين عملها هذا ليس حريةً، هذا ممنوع، هي حرة أن تفعل في بيتها ما تشاء أما ليست حرة في الطريق.
سمعت عن امرأة في مركبة عامة في سفر، سائق المركبة وضع شريطاً من الأغاني الساقطة التي قلما توضع، وقفت امرأة ملتزمة وقالت للسائق أوقف هذه المسجلة، لأن هذه المركبة ملك كل الراكبين، هذا الشريط تسمعه في بيتك فقط، هذه المركبة فيها شابات وشباب، هذا الغناء تسمعه وأنت في بيتك.
الإنسان في الإسلام حر لكن هذه الحرية تنتهي حينما تبدأ حرية الآخرين. أنا لا أستطيع أن أفسد المجتمع باسم الحرية، أفتح نادياً ليلياً باسم الحرية، أجعل المرأة تمشي وكأنها عارية باسم الحرية، لا، هذا فهم خاطئ للحرية، هذا فهم مشوه، الشيء الذي شرعه الله عز وجل فوق الجميع، نحن نتحرك وفق منهج الله عز وجل.

التفكير من لوازم حرية الاعتقاد:
التفكير من لوازم حرية الاعتقاد، حرية الاعتقاد مصونة لقوله تعالى:
﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ(256)﴾
( سورة البقرة )
والتفكير الحر من لوازم حرية الاعتقاد، قال تعالى:
﴿قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآَيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ (101)﴾
( سورة يونس )
﴿وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آَخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (117)﴾
( سورة المؤمنون )
فهل عندك برهان على شريك، الإسلام حينما قال: لا إكراه في الدين صان حرية الاعتقاد، وحينما دعانا إلى التفكير أعطانا لوازم حرية الاعتقاد، ولحكمة بالغة بالغة أن أحداً في الأرض لا يستطيع أن يطلع على ما في رأسك، وهذه أعظم حرية، قولك قد يكون مراقباً، أما تفكيرك غير مراقب، اعتقادك غير مراقب، لك أن تعتقد ما تشاء، فإذا إنسان أكره وقلبه مطمئن في الإيمان فهو عند الله مؤمن.
دعوة الله الإنسان إلى التفكير و البرهان:
تصور أنك في المجتمع لو اعتقدت بخلاف ما يعتقد هؤلاء لقتلوك فرضاً، فهل يستطيع هؤلاء أن يطلعوا على اعتقادك ؟ لا. أبداً، كفل الله لك حرية الاعتقاد، ودعاك إلى التفكير والبرهان قال تعالى:
﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً (36)﴾
( سورة الإسراء )
أعطاك سمعاً وبصراً، نوافذ للعالم الخارجي، أعطاك قوة إدراكية، قوة محاكمة، اتخذْ قراراً واعتقدْ ولا تعبأ بأحد، بل إن التعبير عن الرأي مصون في الإسلام، الدعوة إلى الله قال تعالى:
﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104)﴾
( سورة آل عمران )
هذه اللام لام الأمر، ولتكن منكم أمة، معنى هذا أن الإسلام صان حرية الاعتقاد، ودعا إلى التفكير الحر، وأمر بالتعبير الحر.
صون الإسلام لحرية الاعتقاد و دعوته إلى التفكير الحر:
أنت حر فكر تفكيراً حراً وعبّر تعبيراً حراً، قال تعالى:
﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ(125)﴾
( سورة النحل )
رجل واعظ دخل على ملك قال له: سأعظك و أغلظ عليك، قال له: و لِمَ الغلظة يا أخي ؟ لقد أرسل الله مَن هو خير منك إلى من هو شر مني ؛ أرسل موسى إلى فرعون، لا أنت موسى ولا أنا فرعون، قال تعالى:
﴿فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44)﴾
( سورة طه )
حرية الاعتقاد مصونة في الإسلام لا إكراه في الدين، والدعوة إلى التفكير قال تعالى:
﴿قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآَيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ (101)﴾
( سورة يونس )
حرية التعبير مصونة في الإسلام بشرط إدراك فقه الأولويات:
حرية التعبير وقول ما فيه الخير مصونة في الإسلام قال تعالى:
﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104)﴾
( سورة آل عمران )
ولكن:
﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ(125)﴾
( سورة النحل )
هناك دعاة إلى الله ليسوا على إدراك عميق بفقه الأولويات، كأن يدخل شخص إلى بيت، لعل أهل هذا البيت لا يصلون، لعل أهل هذا البيت لا يلتزمون بالحجاب، نساؤهم لسن محجبات، لعل دخلَ صاحب البيت دخلٌ حرام، مع كل هذه السلبيات رأى عصفوراً حبيساً فقال: هذا حرام، قبل هذا العصفور هناك أشياء كثيرة، هناك أشياء كثيرة جداً فلا بد أن تبدأ بالأولويات، كنت أضرب مثلاً وأكرره: تصوروا طبيباً جراحَ قلبٍ، جاءه مريض يعاني من أزمة قلبية حادة وهو بحاجة ماسة إلى فتح قلبه فوراً، نظر هذا الطبيب إلى أظافره فإذا هي طويلة فترك قلبه وقص أظافره، هل هذا الطبيب يفهم حكمة الأولويات ؟ إن دعوت إلى الله فقبل أن تأتي على تفاصيل الشريعة انظر إلى عقيدة هذا الإنسان لعله لم يؤمن بعد بالله، لعله لم يؤمن بالآخرة، كيف تحاسبه على صورة في بيته، أو على عصفور، أو على شيء من فروع الشريعة لا من أصولها.
4 ـ حق العمل:
وبعد أن ذكرت حرية الاعتقاد، أذكر: حق العمـل، إخواننا الكرام قبل قليل ذكرت نصاً لسيدنا عمر، هل تعتقدون أن هناك نصاً أوضح من هذا النص ؟
سيدنا عمر قال لأحد ولاته: ماذا تفعل إذا جاءك الناس بسارق أو ناهب ؟ قال: أقطع يده، فقال عمر: إذاً إذا جاءني من رعيتك من هو جائع أو عاطل فسأقطع يدك، معنى هذا أن أكبر مرض اجتماعي هو البطالة، وفي زماننا هناك بيانات الانتخابات في أمريكا وأوربا وأول موضوع يعالجه المرشح للفوز بالانتخابات موضوع البطالة، يقول لك: في بريطانيا أربعة ملايين إنسان عاطل، في أمريكا عشرة ملايين، شيء مخيف إنسان بلا عمل يصبح كتلة شر.
مرة أخ من إخواننا سألني فقال: عندي معمل ولا يوجد ربح أبداً وعندي ثمانون عاملاً، وأنا مكتفٍ والحمد لله يمكن أن أنفق مهما امتد بي العمر وعندي ما يكفيني، يفكر هذا الأخ بإغلاق هذا المعمل، فكان جوابي له: هل تظن أن الربح الوفير ما يفيض لديك آخر العام ؟ أنت إذا أمنت لهؤلاء العمال الثمانين رزقهم ورزق أسرهم فهذا أكبر ربح، أنت مهيئ ثمانين فرصة عمل، بالاقتصاد يقولون المشروع الفلاني يهيئ ألف فرصة عمل مثلاً، فبقدر ما يهيئ من فرص عمل يكون نفعه.
تأمين فرص عمل للشباب شيء عظيم في الإسلام:
الشاب عندما يكون له عمل مهما كان دخله قليلاً صار له أمل في أن يتزوج، وقد يشتري أرضاً خارج دمشق في بستان ويعمر بها غرفة، عنده دخل، يستأجر بيتاً سياحياً يدفع ثلاثة آلاف ويبقى معه ثلاثة، صار له أمل، هذا شاب في أول حياته والطرق كلها مغلقة مشكلة بل جحيم، لا تتصور إذا كان شخص معه مبلغ من المال ووضعه في البنك وأخذ فائدته أهو مرتاح ؟ لا، ضميره متعب، بينما إنسان أسس مشروعاً يحتاج إلى عشرة موظفين، هذا أَمَّنَ عشرة فرص عمل، هذا عمل صالح، أنت أمنت عشرة فرص عمل، عشرة أسر يعيشون من هذا العمل، صار ربحك ليس الربح المادي الذي تتأمله ربحك تأمين فرص عمل للناس.
إخواننا الكرام: موضوع تأمين فرص عمل للناس شيء جليل وعظيم، لماذا حرم الله الربا ؟ لأن الربا أساسه المال يلد المال، أما الأعمال التجارية والصناعية فأساسها الأعمال تلد المال، الأعمال تحتاج إلى أيدٍ عاملة، العمل الصناعي يحتاج إلى عمال، العمل التجاري يحتاج إلى موظفين، أحياناً يستخدم الإنسان مئة شخص أو مئتي شخص بشكل غير مباشر، لا بد من نقل البضاعة ولها هناك مكاتب نقل، ولا بد من المراسلات وهناك بائعون للقرطاسية، الحسابات هناك محاسبون، ترى مؤسسة تجارية متواضعة جداً مئة شخص يعملون من خلالها، الأعمال عندما تلد المال فالناس جميعاً ينتعشون فمن كان صاحب معمل أو مؤسسة وعنده موظفون فهذا عمل عظيم ربح أم لم يربح، ربحك الحقيقي أنك قد أمنت فرص عمل للناس ويعيشون بكرامة.
حق العمل حق أساسي لكل إنسان:
من عامل الناس وصبر على أذاهم خير ممن لم يعاملهم، فإذا جاءه ملك الموت يقول: ماذا فعلت ؟ ستموت قرير العين لذلك قال تعالى:
﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (15)﴾
( سورة الملك )
حق العمل حق أساسي، لذلك وصف الله سبحانه الأنبياء بأنهم يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق حياتهم ليست ذاتية بل هي متوقفة على تناولهم الطعام، وتأمين طعامهم متوقف على بذلهم للجهد، يعمل فيكسب فيأكل، إذاً بشر.
الإسلام لا يُعرف من واقع المسلمين يعرف من مصادره الأصيلة:
إخواننا الكرام:
" من هوي الكفرة حشر معهم ولا ينفعه عمله شيئاً "
يؤلمني أشد الألم، أن مسلماً يجهل دينه ويعتز بأفكار مستوردة، ويزهو بها ويتباهى بها، وهذا الموضوع خير شاهد، يعتز بعض المسلمين أن حقوق الإنسان إنجاز حضاري، دينك قبل ألف وأربعمئة عام جاء بحقوق للإنسان ما وصل إليها العالم بأجمعه.
لكن لا تفهم حقيقة الإنسان المسلم من واقع المسلمين، هذا خطأ كبير، الحقيقة أن قلة قليلة من المتنورين يستطيعون أن يفهموا الدين من مصادره وينابيعه الأصيلة، العوام يفهمون الدين من ممارسات المسلمين وهذا غلط كبير، أكثر الناس يحكم على المسلمين من أعمالهم، فلان أعماله سيئة، الإسلام لا يُعرف من واقع المسلمين يعرف من مصادره الأصيلة المؤصلة من الكتاب والسنة، ومهمتنا أن نرقى بالواقع إلى مستوى الإسلام الصحيح هناك أخطاء كبيرة جداً، هناك من يحاول أن يقرب الإسلام من الواقع، بعض الأخطاء في كسب المال، في إنفاق المال، في الاختلاط، في تقاليد الأجانب، نحاول أن نبحث عن نصوص تبين صحة ما نفعل هذا سلوك مضحك، تريد أن تنزل بالإسلام من صفائه ومن نقائه ومن سموه إلى وحل الواقع العكس هو الصحيح أن ترقى بالواقع إلى مستوى الإسلام، الآن حالياً ظهر تفكير انتهى إلى أن الاختلاط مباح، الربا مباح، المرأة لها أن تظهر أمام أبيها كما خلقها الله، قراءات معاصرة، شيء مضحك نريد أن نجعل من الواقع المتفلت الإباحي ديناً، هذه عملية ضالة: تفجير الدين من داخله أجل يحاولون تفجير الدين من داخله، ذلك هو الضلال البعيد.
على المسلم أن يعتز بدينه و ألا يكون عالة عليه:
الأصح أن نسمو بالواقع إلى مستوى الإسلام الصحيح، والأصح من هذا وهذا ألا نفهم الإسلام من واقع المسلمين، أن نفهمه من مصادره المؤصلة، هذا هو الإسلام، هذه حقوق الإنسان في الإسلام، أما أن تكون مطبقة أو غير مطبقة فهذا موضوع آخر، نرجو أن تصير مطبقة ونسعى إلى تطبيقها تطبيقاً كاملاً، ونفعل كل شيء من أجل تطبيقها، أما أن نتهم المجتمعات الإسلامية بأن الإسلام لا يرعى حقوق الإنسان فهذا كلام غير صحيح، الإسلام رعى حقوق الإنسان إلى أعلى درجة.
أرجو الله سبحانه وتعالى أن يتنور المسلمون، وأن يكونوا في المستوى الذي أرادهم الله فيه، وأن يعتزوا بدينهم وألا يكونوا عالة على ثقافات تأتينا من الغرب، رجل اسمه ديل كارينجي، ألف كتاباً: كيف تؤثر في الناس وتكسب الأصدقاء فأول طبعة كانت خمسة ملايين نسخة، وهو كتاب مشهور جداً، جاء عالم من مصر وأخذ قواعد هذا الكتاب وجاء بقواعد من الكتاب والسنة أبلغ مما في ذلك الكتاب، نحن لافتقارنا للعلم نعتقد أنه كتاب رائع جداً، كيف تؤثر في الناس وتكسب الأصدقاء.
العاقل من يُذَكِّر الآخرين بحسناتهم و إيجابياتهم ثم يبين لهم خطأهم:
أضرب لكم مثلاً صغيراً، الذين يعملون في مراكز قيادية، مدير معمل، مدير مستشفى مثلاً، مدير مدرسة، رب أسرة، صاحب متجر، يستخدم موظفين فإذا الموظف أخطأ ماذا عليه أن يفعل ؟ قال عليه أن يذكره بإيجابياته وحسناته أولاً ثم يبين له خطأه، حينما ذكر له ميزاته وإيجابياته اطمأن هذا الموظف إلى أن رب العمل منصف يعرف قيمة أمانتي وإخلاصي وخبرتي، لكن هناك تأخر يومي، فقال له أنا أعلم بأنك أمين ومخلص ومتفوق لكن هذا التأخر مزعج أريد أن أعالجه أنا وإياك، هذا أكمل سلوك في إدارة الموظفين، أن تبين لهم ميزاتهم أولاً ثم تذكرهم بأخطائهم، مؤلف الكتاب الذي ردّ على كتاب ديل كارينجي قال: دخل أحد أصحاب رسول الله المسجد وقد بدأ النبي بالصلاة فلحرصه على أداء الصلاة مع رسول الله وعلى ألا تفوته ركعة مع رسول الله، أحدث في المسجد جلبةً وضجيجاً ليتمكن من تدارك الركعة مع النبي، فلما انتهى النبي من صلاته قال له عليه الصلاة والسلام برقة بالغة:
((... زَادَكَ اللَّهُ حِرْصًا وَلا تَعُدْ ))
[ أخرجه البخاري عن أبي بكرة ]
عَدَّ هذه الجلبة والضجيج من حرصه على أداء الصلاة مع رسول الله، هذه هي الميزة، ثم نهاه عن أن يعود إليها فقال: ولا تعد، فالكتاب الذي ألفه بعض علماء مصر رد على كتاب كارينجي أعلى رد، يعني كل قاعدة جئت بها هي في كتابنا وفي سنة نبينا، قواعد، أنت أمام دين عظيم منهج كامل، منهج يدخل إلى التفاصيل.
الإسلام دين علينا الاعتزاز به لأنه من عند خالق الأكوان:
إنسان يسافر أحياناً ثم يطرق أهله عائداً من سفره ليلاً الزوجة في عمل المنزل طيلة النهار ومتعبة، ولا يُعجبه وضعها، ما جاء النبي من سفر إلا وأقام بظاهر المدينة يوماً حتى يعلم كل النساء أن أزواجهن عادوا من سفرهم، فتستعد تنظف أولادها وتعتني بنفسها، وتتزين لتبدو لزوجها في أحسن مظهر، فإذا دخل الزوج من سفر ينبغي أن يرى شيئاً حسناً، من ينتبه إلى هذه القضايا ؟ يوجد أشياء تفصيلية حتى في العلاقات الزوجية لا تصدق من منهج رسول الله، فنحن نقلد الأجانب ونستورد عادات وتقاليد ما أنزل الله بها من سلطان تتناقض مع تقاليدنا وإسلامنا، ونزهو بها، ونتباهى بها، وننسى أن لنا ديناً عظيماً.
أردت من هذا الدرس، هذا المحور، وألا تنخدع بكل ذي بريق فتحسبه ذهباً، بل اعتز بإسلامك، فأنت تدين بدين من عند خالق الكون، كماله مطلق قال تعالى:
﴿الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (3)﴾
( سورة المائدة )
والحمد لله رب العالمين
 

رد مع اقتباس