07-18-2014
|
|
الامر ليس صعبا
ليس صَعْبًا (":
بعد أن أنهينا الصَّلاةَ ، توجَّهَت إليَّ قائلةً :
حاولتُ أن أجلِسَ مِثلَكِ ، فلم أستطِع .
( تقصِدُ "جلسة التَّوَرُّك" في التَّشهُّدِ الأخير )
قُلتُ لها : حاولي .. وبدأتُ أُعلِّمُها كيف تجلِسُها .
قالت : قدمي تُتعِبُني .
قُلتُ : قد كُنتُ مِثلَكِ في بدايةِ تعلُّمي لها ، ولم أكُن أُتقِنُها ،
لكنِّي حاولتُ حتى صار الأمرُ سهلًا . فقط انوي تطبيقَ السُّنَّةَ
في ذلك ، وستجدينَ الأمرَ سهلًا بإذن الله ، وتعتادينه
مع مرور الأيَّام .
وبعد عِدَّة أيَّام أخبرتني بأنَّها حاولَت أن تجلِسَ جلسة التَّورُّكِ
وتدرَّبَت عليها حتى أتقنتها ، وجلستها أمامي ، وقالت :
هِيَ سهلة ، وكُنتُ أظُنُّها صعبةً .
الامتثالُ أمرٌ يَحتاجُ لنيَّةٍ جازمةٍ ، وعَزيمةٍ صادقةٍ .
أيَصعُبُ عليكَ أن تستيقِظَ لصلاةِ الفَجرِ كُلَّ يومٍ ؟!
ماذا لو كان عندكَ مَوعِدٌ مع مسئولٍ في الساعةِ الرَّابعةِ صباحًا ؟!
هل ستنامُ عن المَوعِدِ وتقولُ : لم أستطِع الاستيقاظَ ؟!
رُبَّما لم تَنَم لَيلَتَكَ لتُدركَ المَوعِدَ ، وإن نِمتَ ، فقد تضبِطُ كُلَّ مُنبِّهاتِ البيتِ ،
وتطلُبُ من الجميع أن يُوقِظوكَ قبل المَوعِد .
وللهِ المَثَلُ الأعلى .
ألَا تستطيعُ أن تتحمَّلَ دقائِقَ تقومُ فيها لتُصلِّيَ الفجرَ ،
ثُمَّ تعودُ بعدَها للنَّومِ إن شِئتَ ؟!
مُثُولُكَ بين يَدَي رَبِّكَ سُبحانه ، وامتثالُكَ لأمره ، يَجلِبُ لَكَ أُجورًا .
تخيَّل أنَّكَ تفعلُ شيئًا في صالِحِكَ ، ومع ذلك تُؤجَرُ عليه ،
هل تزهَدُ في هذا الأجر ؟! وهل تضمنُ ألَّا تُحاسَبُ على تلك الصَّلاةِ
التي تُضيِّعُها كُلَّ يومٍ ؟!
توقَّف قليلًا ، وقارِن بين امتثالِكَ لأوامِرِ اللهِ سُبحانه ، الذي خَلَقَكَ
ورَزَقَكَ ، ويَملِكُ أمرَكَ ويَملِكُ الكَونَ بأكملِهِ ، وبين امتثالِكَ لأوامِرِ البَشَر ،
الذين لا يَملكونَ لَكَ ضَرًّا ولا نَفعًا .
لأيِّهما تمتثِلُ وتستجيبُ ، وتُسرِعُ بالتَّنفيذِ ؟!
أيَصعُبُ عليكَ أن تجلِسَ عِدَّةَ دقائِق بعد كُلِّ صلاةٍ ؛ لتقولَ الأذكارَ ،
وأن تُحافِظَ على أذكار الصَّباحِ والمَساءِ ، فيَحفظكَ اللهُ يَومَكَ وليلتَكَ ؟!
أيَصعُبُ عليكَ أن تستغفِرَ اللهَ أو تُصلِّيَ على النبيِّ - صلَّى اللهُ عليه
وسلَّم - أثناء قِيامِكَ بأيِّ عَملٍ ، فتُنجِزُ عَملَكَ ، ويَزيدُ أجرُكَ بإذن اللهِ ؟!
أيَصعُبُ عليكَ أن تَصِلَ رَحِمَكَ ، ولو بزيارةٍ كُلَّ شهرٍ ،
أو حتَّى باتِّصالٍ هاتفيٍّ كُلَّ فترةٍ ؟!
أيَصعُبُ عليكَ أن تبتسِمَ في وجوه مَن تراهم مِن إخوانِكَ المُسلمين ؟!
قد تقولُ : أبتسِمُ أحيانًا ، لكنِّي أكونُ مُتضايقًا في أوقاتٍ كثيرةٍ ، أو غاضبًا ،
أو حَزينًا ، فلا أستطيعُ أن أبتسِمَ في وَجهِ أحد ، بل لا أُطيقُ نفسي حينها .
فأقولُ لَكَ : الابتسامةُ لن تُكلِّفُكَ شيئًا ، وعُبُوسُكَ لن يُذهِبَ ضيقَكَ أو غَضَبكَ
أو حُزنَكَ . واعلَم أنَّكَ تُؤجَرُ على هذا العَمل اليسير إذا احتسبتَ أجرَه عند اللهِ .
أيَصعُبُ عليكَ أن تُمسِكَ لِسانَكَ عن النُّطقِ بكُلِّ شَرٍّ ؛ مِن غِيبةٍ
ونميمةٍ وكذبٍ ونحوه ، وأن تكونَ كلماتُكَ التي تنطِقُ بها طيِّبةً حَسَنةً ؟!
وفي الحَديثِ : ( مَن كان يُؤمِنُ باللهِ واليَومِ الآخِر ، فليَقُل خيرًا أو ليَصْمُت )
مُتفقٌ عليه .
أيَصعُبُ عليكَ أن تُقابِلَ الإساءةَ بالحسنةِ ، فتكون الأفضلَ ،
ويكونُ أجرُكَ أكبرَ بإذن الله ؟!
أيَصعُبُ عليكَ أن تحفَظَ آيةً مِن القُرآن الكريم كُلَّ يومٍ ؟!
أن تقرأ جُزءًا مِن القُرآن يوميًّا ، أو على الأقلِّ صَفحةً ؟!
أيَصعُبُ عليكَ أن تُعلِّمَ مَن حولَكَ مِن أهلِكَ وجيرانِكَ وزُملائِكَ عِلمًا
تعلَّمتَه ، فيَثبُت عِلمُكَ ، ويَقْوَى فَهْمُكَ ، ويَكتُبُ اللهُ تعالى أجرَكَ ؟!
أيَصعُبُ عليكَ أن تحمَد اللهَ تعالى على نعمةٍ رَزَقَكها ، فيُبارِك لَكَ فيها ؟!
طاعاتٌ كثيرةٌ نزهَدُ فيها ، ونقولُ : صعبةٌ ، أو : لا نستطيعُ أن نفعلَها .
والحقيقةُ أنَّنا نُصعِّبُ أمورًا كثيرةً على أنفُسِنا رغم سُهولتِها .
ماذا لو جَرَّبناها ، وحاولنا تطبيقَها ، وقبل ذلك أخلصنا نيَّتَنا ،
ونوينا الامتثالَ والفَوزَ برِضا اللهِ سُبحانه وتحصيلَ الأجرَ الأُخرويَّ ،
وإن صَعُبَ الأمرُ علينا بعد مُحاولاتٍ وجُهدٍ ، قُلنا : لا نستطيع ؟!
kkhj |