09-04-2014
|
#15 |
بيانات اضافيه [
+
] | رقم العضوية : 1 | تاريخ التسجيل : May 2006 | العمر : 52 | أخر زيارة : منذ يوم مضى (04:18 PM) | المشاركات : 14,443 [
+
] | التقييم : 59465 | الدولهـ | MMS ~ | SMS ~ | | لوني المفضل : Crimson | |
رد: تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (11) الشيخ عبدالله بن حمود الفريح الفائدة الثانية:
يُقال في الجبْرية: إنهم شابَهوا بقولهم قول المشركين، وإنهم مَجْبُورون على عبادة الأوثان؛ فقالوا: {لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ}[43]، وكذا هي حُجَّةُ إبليس؛ حيث قال: {قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ}[44]، ووَجْه الشاهد قوله: {فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي}، فكأنه مَجْبورٌ على الغَواية، وهو بهذه الحجة يُخاصم الله - تعالى - ولن تنفعه لبُطْلانها.
قال ابن القَيِّم: "سمعْتُ الشيخ تقيَّ الدين يقول: القدَرية المذمومون في السُّنَّة وعلى لسان السلَف: هم هؤلاء الفِرَق الثلاثة نُفَاتُه وهم: القدَرية المجوسيَّة، والمعارضون به للشريعة، الذين قالوا: {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا}[45]، وهم القدَرية المشركيَّة، والمخاصمون به للرب، وهم أعداءُ الله وخصومه، وهم القدَرية الإبليسية، وشيخهم إبليس، وهو أول مَن احتج بالقدَر؛ فقال: {فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي}، ولَم يعترفْ بالذنب ويبوء به كما اعترف به آدم، فمَن أَقَرَّ بالذنب، وبَاءَ به، ونَزَّهَ ربه، فقد أشبه أباه، ومَن أشبه أباه فما ظَلَم، ومَن برَّأ نفسه، واحتج على ربِّه بالقدَر، فقد أشبه إبليس"[46]. الفائدة الثالثة:
ظهر وَفْقَ الخلاف في القدر وقول المبتدعة فيه مسألة، كثيرًا يُخاض فيها، وهي: هل الإنسان مخيَّر أو مُسيَّر؟
والجواب: أنَّ مَن تأمَّل مذهب الجبرية والرد عليهم، عرف أن يجيب على هذا السؤال، والجبرية هم الذين يقولون: إنَّ العبدَ مسيَّر فليس له اختيارٌ، والقدَرية والمعتزلة هم الذين يقولون: إن العبد هو الذي يختار أفعالَ نفسه، وليس لله - تعالى - قدرة ولا خلق في أفعال العبد، وبهذا يتبيَّن لك القول الصحيح، وهو أن العبد مُسيَّر ومخيَّر، ويمكن إيجاز الجواب عن هذا السؤال بهذه النقاط التالية: أولاً: هذا السؤال لَم يَرِد عن الصحابة - رضي الله عنهم - ولا عن السلَف الصالح - رحمهم الله - لأنَّ عُقُولَهم وقلوبهم اطمأنَّتْ بالمعتقد الصحيح، وإنما يرد هذا السؤال في كُتُب مَن تعمَّق في قضايا عميقة دقيقة، ليست من الشرع؛ كَكُتُب الفلسفة. ثانيًا: أنَّ على المسلم مَعْرفة مُجْمَل اعتقاد أهلِ السنة والجماعة في مسألة القدَر بالأدلَّة، ويجتنب الخَوْض في دقائقه؛ لأنه إذا سار على غَيْر بصيرة وقَع في الضلال، واشتبه عليه الأمر؛ لأنَّ مَن ضلَّ في مسألة القدَر كان ضلالُه بسبب خوضه في أفعال الله - تعالى - وتعليلها، فعلى المسلم أن يسيرَ على ما دلَّتْ عليه النصوص؛ ولذا قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة في تائيته القدَرية، التي ردَّ بها على اليهودي الذي شكَّك في قدَر الله وأفعالِه: وَأَصْلُ ضَلالِ الْخَلْقِ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ هُوَ الْخَوْضُ فِي فِعْلِ الْإِلَهِ بِعِلَّةِ
فَإِنَّهُمُ لَمْ يَفْهَمُوا حِكْمَةً لَهُ فَصَارُوا عَلَى نَوْعٍ مِنَ الجَاهِلِيَّةِ وبالمناسبة، فقصةُ هذه التائية عجيبة؛ فقد نظمها شيخ الإسلام ردًّا على نظم اليهودي، الذي قال أبياتًا يُشكِّك في قدَر الله - تعالى - وجعل شيخ الإسلام يكتب، وهم يظنُّون أنه يكْتُب نثرًا؛ فإذا هو يكتب تائية منظومة، مرتجلاً بها، ردًّا عليه، زادتْ على مائة وثلاثين بيتًا ابتدأها بقوله: سُؤَالُكَ يَا هَذَا سُؤَالُ مُعَانِدٍ مُخَاصِمِ رَبِّ الْعَرْشِ بَارِي الْبَرِيَّةِ[47] ثالثًا: أن القول بأنَّ العبد مسيَّر - أي: مَجْبُور - على الإطلاق - خطأ، والقَوْل بأنه مُخيَّرٌ على الإطلاق خطأٌ، وتبيَّن لك مَنْ ضلَّ في هذا من المبتدعة مع الرد عليهم، وبيان المعتقد الصحيح الذي عليه نصوص الكتاب والسنة، وهو: أن للإنسان إرادة ومشيئة، وأنه فاعل حقيقة؛ لكن ذلك كله لا يخرج عن علم الله وإرادته ومشيئته؛ ويدل على ذلك قوله - تعالى -: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}[48]، وغير ذلك من النُّصوص التي تقَدَّم بيانُها.
قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة: "وكذلك لفظ الجبر، إذا قال: هل العبد مَجْبور، أو غير مجبور؟ قيل: إن أراد بالجبر أنه ليس له مشيئة، أو ليس له قدرة، أو ليس له فعل - فهذا باطلٌ؛ فإنَّ العبدَ فاعل لأفعاله الاختيارية، وهو يفعلها بقدرته ومشيئته، وإن أراد بالجبْر أنه خالق مشيئته وقدرته وفعله، فإنَّ الله - تعالى - خالق ذلك كله"[49].
وسُئِلَ شيخُنا ابن عثيمين: هل الإنسان مخيَّرٌ أو مسيَّرٌ؟
فأجاب بقوله: "على السائل أن يسأل نفسه: هل أجبره أحد على أن يسأل هذا السؤال؟ وهل هو يختار نوع السيارة التي يقتنيها؟ إلى أمثال ذلك من الأسئلة؛ وسيَتَبيَّن له الجواب هل هو مسيَّر أو مخيَّر.
ثم يسأل نفسه: هل يصيبه الحادث باختياره؟ هل يصيبه المرض باختياره؟ هل يموت باختياره؟ إلى أمثال ذلك من الأسئلة؛ وسيتبيَّن له الجواب هل هو مسيَّر أو مخيَّر.
والجواب: أنَّ الأمور التي يفعلها الإنسان العاقل يفعلها باختياره بلا ريب، واسمع إلى قول الله - تعالى -: {فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً}[50]، وإلى قوله: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآَخِرَة}[51]، وإلى قوله: {وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا}[52]، وإلى قوله: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}[53]؛ حيثُ خيَّر الفادي فيما يفدي به.
ولكن العبدَ إذا أراد شيئًا وفعله، علِمْنا أن الله - تعالى - قد أراده؛ لقوله - تعالى -: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}[54]، فلِكَمال ربُوبيته؛ لا يقع شيءٌ في السموات والأرض إلا بمشيئته، وأمَّا الأمور التي تقع على العبد أو منه بغير اختياره؛ كالمرض، والموت، والحوادث، فهي بمَحْض القدَر، وليس للعبد فيها اختيارٌ ولا إرادة، والله الموفِّق". اهـ[55]. الفائدة الرابعة:
من خلال ما تقدَّم من بيان اعتقاد الجبْرية في القدَر والرد عليهم، نعرف كيف نرد على مَن يحتجُّ بالقدَر على فِعْل المعاصي، وبيَّن المصنِّف - رحمه الله - أنه لا يحتج بقضاء الله وقَدَرِه في فعل المعاصي؛ من ترْك أوامر، أو فِعْل نواهٍ؛ كمَن يُقال له: لماذا تركتَ الصلاة؟ أو لماذا سرقت؟ فيقول: قضاء وقدَرٌ، هذا شيء مكتوبٌ عليَّ، ولا شك أنَّ هذه حُجَّة باطلة، والرد عليه من عدة وجوه: 1- أن الله - عز وجل - بعث الرُّسُل إلى أقوامهم؛ لئلا يكون للناس حجةٌ؛ فقطع بهم أي حُجَّة، ولو كان الاحتجاجُ بالقدَر صحيحًا، لكان مخالفًا لهذه الآية، في قوله: {رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ}[56]. 2- أن الله - عز وجل - جعل للعبد عملاً يجازى به يوم القيامة ثوابًا وعقابًا؛ فقال - تعالى -: {الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ}[57]، فأضاف الكسْبَ من العمل إلى العبد، وهذا يدل على أن له اختيارًا يُجازى به، فلا حُجَّة بالقدر حينئذٍ؛ لأنَّ هذا اختياره. 3- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ما منكم من أحد إلا وقد كُتِبَ مقعده من النار أو من الجنة))، فقال رجل: ألا نتَّكل يا رسول الله؟ قال - صلى الله عليه وسلم -: ((لا، اعملوا؛ فكلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ له))[58]. ووجه الدلالة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بالعمل، ونهى عن الاتِّكال على القدَر، وهذا يدل على أنه لا حجة فيه على عمل المعصية. 4- أن نقول لهذا الذي يحتجُّ بالقدَر على فِعْل المعاصي: ما رأيك لو أنَّ إنسانًا سرَق من بيتك أو سيارتك شيئًا، واحتج بالقدَر، فهل ستعذره بحجته؟ وكذلك لو أنه ضربك أو قتل آخر، واحتج بالقدَر، فهل حجته قوية، أو أنها باطلة؟
لا شك أنه سيقول: إنَّ هذه الحجة باطلة؛ بل منَ السَّفَه الاحتجاج بها، وكذلك في سائر أمور الدنيا لا يحتج بالقدر، فلو قيل له: لا تذهب لوظيفتك، واجْلِس في بيتك، وإذا سألك مُديرُك عن غيابك، فقل: قضاء وقدَرٌ، لا شك أنه لن يقول ذلك، وسَيَرَى أنه من السفَه الاحتجاج بذلك؛ فيقال له: لماذا تحتَجُّ بالقدر في أمور دينك، ولا تحتج به في أمور دنياك، ففرَّقتَ بين هذا وهذا؟! فكما أن لك مشيئة في أمور دنياك في فعلك وتركك، تُجَازَى عليها، فكذلك الحال في أمور دينك - والله أعلم. وتقدَّم قول ابن القيم في ميميته: وَعِنْدَ مُرَادِ اللهِ تَفْنَى كَمَيِّتٍ وَعِنْدَ مُرَادِ النَّفْسِ تُسْدَى وَتُلْحَمُ
وَعِنْدَ خِلافِ الْأَمْرِ تَحْتَجُّ بِالْقَضَا ظَهِيرًا عَلَى الرَّحْمَنِ لِلْجَبْرِ تَزْعُمُ الفائدة الخامسة: شبهة في حديثَيْن، والرد عليها: الحديث الأول: حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((احتجَّ آدمُ وموسى، فقال له موسى: يا آدم، أنت أبونا، خيَّبتنا وأخرَجْتنا من الجنة، قال له آدم: يا موسى، اصطفاك الله بكلامه، وخطَّ لك بيده، أتلومني على أمرٍ قدَّره الله عليَّ قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟! فحجَّ آدمُ موسى، فحجَّ آدمُ موسى))[59].
وموطن الشبْهة: أنَّ آدم - عليه السلام - احتج بالقدَر على فِعْله، فأثبَتَ له النبي - صلى الله عليه وسلم - صحَّة الاحتجاج، وقال: ((فحَجَّ آدمُ موسى))، وهذا يدلُّ على جواز الاحتجاج بالقدَر على فِعْل المعاصي.
والجواب عن هذه الشبهة أن يُقال: آدم - عليه السلام - لَم يحتج بالقدَر على المعصية؛ لأن الله قد غفر له أَكْلَه من الشجرة، وإنما احتجَّ بالقدَر على المصيبة، وهي الإنزال من الأرض، فموسى - عليه السلام - لم يَقُل لآدم - عليه السلام -: لِمَ تَعْصي ربك؟ ولا يُتَصَوَّر أن موسى يَسْأل ذلك، فضلاً على أن آدم - عليه السلام - قد غفر الله - تعالى - له ذنبه، والإنزال إلى الأرض مصيبةٌ كَتَبَها الله على آدم - عليه السلام - ولذا جاء في رواية الشعبي: "أَلَم تقرأ في التوراة: أنَّ الله - تعالى - كتب أنه سوف ينزلني إلى الأرض، وأنه سيجعلني خليفة في الأرض؟!"؛ وأصل الحديث في البخاري؛ ولذا استدل آدم بالمكتوب المقدَّر على هذه المصيبة، ومن هذا الحديث أَخَذ مذهبُ أهل السنة والجماعة قاعدةً عقدية، وهي: "أنه يحتج بالقدَر على المصائب، ولا يحتج بالقدر على المعايب"، التي هي المعاصي والذنوب؛ ويدل على الاحتجاج بالقدَر على المصائب قوله - تعالى -: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ}[60]، وأَمَر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بأن نقول: "قل: قدَّر الله، وما شاء فعل"[61]. الحديث الثاني:
حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ما من نفس منفوسة إلا وكتب الله مقعدها منَ الجنة أو النار))، قالوا: يا رسول الله، أفلا نتَّكل على الكتاب، وندع العمل؟ قال: ((لا، بل اعملوا؛ فكلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِق له))[62]، وفي روايةٍ لمسلم ثم قرأ: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى}[63].
وموطن الشُّبهة: أنَّ منَ الناس مَن يحتج بالقدَر على ترْك العمل، فيقول: ما دام أنه كُتِب في اللوح المحفوظ أهل الجنة من أهل النار، فلماذا نعمل؟
والجواب عن هذه الشبهة أن يقال: أولاً: لا غرابة في هذا السؤال؛ حيث ورد عن الصحابة - كما في الحديث السابق - فقالوا: "يا رسول الله، أفلا نتَّكل على الكتاب وندع العمل؟ وكذلك في حديث جابر عند مسلم؛ حيث قالوا: ففيم العمل؟ ثانيًا: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أجاب عن هذه الشبهة، فقال لهم: ((اعملوا))، ولَم يجعل ما قالوه حجة تستوقف الإنسان عن العمل، بل أرْشَدَهُم إلى العمل، وهكذا نقول للمسلم، وتَقَدَّم أن العبد لا يُوغل في مسائل القدر؛ حتى لا يدعَ للشيطان مجالاً فيشكِّكه في عقيدته؛ ليدع العمل، فهو إما أن يفسدَ عمل العبد بالشهوات، أو يجعله لا يعمل بإلقاء الشبهات، فعلى العبد أن يؤمن ويعمل وَفْقَ ما جاء من نصوص الكتاب والسنة، فالعبدُ لا يدري ما الذي كُتِب له في اللوح المحفوظ؛ قال الله - تعالى -: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ}[64]، ولكن جاءت النصوص الكثيرة التي تحثُّ على العمل، وأن الإنسان سيُجَازَى بعمله؛ فعليه الاجتهاد. ثالثًا: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر أن الإنسان يُيَسَّر لِمَا خُلِق له بعمله، فيوفِّقه الله لعمل أهل الجنة إن كان من أهلها، ويوفقه لعمل أهل النار إن كان من أهلها، إلا أنه - سبحانه وتعالى - لا يظلم أحدًا، فمَن سعى لعمل أهل الجنة وفَّقَه الله لعملها، ومَن أعرض واستكبر سهَّل الله له طريقًا إلى النار - والعياذ بالله - ولذا في رواية مسلم قرأ قوله - تعالى -: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى}[65]. المبحث السادس: التقدير الكتابي على أقسام:
والمقصود: أنَّ تقدير الله - تعالى - للأشياء وكتابة ذلك في اللوح المحفوظ هو الأصل في هذه الأقسام، وما يأتي بعده من أقسام إنما هو كالتفصيل له: أولاً: التقدير العام الشامل لكل شيء (التقدير الأصلي):
وهو المكتوب في اللوح المحفوظ من مقادير كل شيء إلى قيام الساعة. ويدل عليه: حديث عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: سمعتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلقَ السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشُه على الماء))[66].
فما كتب في اللوح المحفوظ هو الأصل، وما سيأتي من تقسيمٍ إنما هو بمثابة التفصيل لما كُتِب في اللوح المحفوظ. يتبع |
|
أموت ويبقى ما كتبته ** فيا ليت من قرا دعاليا
عسى الإله أن يعفو عني ** ويغفر لي سوء فعاليا قال ابن عون:
"ذكر الناس داء،وذكر الله دواء"
قال الإمام الذهبي:"إي والله،فالعجب منَّا ومن جهلنا كيف ندع الدواء ونقتحم الداءقال تعالى :
(الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب)
ولكن لا يتهيأ ذلك إلا بتوفيق الله ومن أدمن الدعاءولازم قَرْع الباب فتح له"
السير6 /369 قال العلامة السعدي:"وليحذرمن الاشتغال بالناس والتفتيش عن أحوالهم والعيب لهم
فإن ذلك إثم حاضر والمعصية من أهل العلم أعظم منها من غيرهم
ولأن غيرهم يقتدي بهم. ولأن الاشتغال بالناس يضيع المصالح النافعة
والوقت النفيس ويذهب بهجة العلم ونوره"
الفتاوى السعدية 461 |