الموضوع
:
تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد
عرض مشاركة واحدة
09-04-2014
#
19
بيانات اضافيه [
+
]
رقم العضوية :
1
تاريخ التسجيل :
May 2006
العمر :
52
أخر زيارة :
منذ يوم مضى (04:18 PM)
المشاركات :
14,443 [
+
]
التقييم :
59465
الدولهـ
MMS ~
SMS ~
يرحل الجميع ويبقى شعاع المحبة
لوني المفضل :
Crimson
رد: تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد
تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (13)
الشيخ عبدالله بن حمود الفريح
فصلٌ
في الإخبار بكلِّ ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم
- قال المصنِّف - رحمه الله -:
"ويجبُ الإيمانُ بكلِّ مَا أَخبَرَ به النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وصَحَّ به النَّقلُ عَنْه فيما شَاهَدْناه، أو غابَ عَنَّا نَعْلَمُ أنَّه حَقٌّ وصِدقٌ، وسواءٌ في ذلك ما عقلناه وجَهِلناهُ، ولم نَطَّلِعْ على حقيقةِ معناه، مِثْل: حديث الإسْراء والمعراج، وكان يَقَظَةً لا مَنامًا، فإنَّ قُريْشًا أنْكَرَته وأَكْبَرَته، ولم تُنْكِر المنامات".
الشرْح
هذا الفصْل ذكرَهُ المصنف؛ لأنه يتعلق بمسألة عظيمة من مسائل الإيمان، وهي التَّسليم والإيمان بكل ما أخبر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سواءٌ شاهدها العبد، أو كانت من الأمور الغيبية، وسواء أدركتْها عقولُنا، أو قصرت عقولنا عنها، فعلى العبد الإيمانُ والتسليم دون الدخول في تأويل أو تحريف؛ لأن الدخول في التأويل والتحريف مما خاض فيه المبتدِعة؛ كالفلاسفة، والعقلانيين، والقرآنيين، والحديث على هذا الفصل تحت المباحث الآتية:
المبحث الأول: عقيدة أهل السنة والجماعة في أخبار النبي - صلى الله عليه وسلم - وشرط ذلك:
أهل السنة والجماعة يؤمنون بكلِّ ما أخبر به النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - سواء كان ذلك مما يشاهده العبد، أو كان من الأمور الغيبية، وسواء أدركتْها عقولُنا وحواسنا، أو قصرت عن ذلك، إنما هو التصديق والتسليم دون الدخول في تأويل أو تحْريف.
وذكر المصنِّف في هذه الأخبار شرطَيْن؛ فقال: "ويجب الإيمان بكلِّ ما أخْبَرَ به النبي - صلى الله عليه وسلم - وصحَّ به النقل"؛ إذًا لا بد من شرطَيْن في هذه الأخبار:
الأول: أن تأتي هذه الأخبار بالغيبيات من جهة الشرع، وهذا يؤخَذ من قوله: "بكل ما أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم"، وهذا عامٌّ، سواء ما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم - من جهة القرآن، أو جهة السنة، أو ما جاء به الصحابة منَ الأخبار الغيبية التي لا مجال للرأي فيها، وأما غيرها من الأشياء غير المدركة، ولَم تأتِ مِن جهة الشرع - كأن تأتي عن طريق الظن - فلا يجب الإيمان بها.
الثاني: أن يكونَ هذا الخبرُ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - صحيحًا، فيشترط أن يكونَ الحديث أو الأثر صحيحًا، وهذا يؤخَذ من قول المصنف: "وصَحَّ النَّقلُ به"، أما الضعيف فلا يكون مقبولاً، أما الحديث الصحيح - ولو كان مِن قبيل الآحاد - فإنه مقبولٌ عند السلَف - رحمهم الله - بخلاف المبتدعة فلا يقبلون إلا الأحاديث المتواترة، ويردُّون الآحاد، وهناك من المتبدعة مَن لا يقبل الاحتجاج بالسنة مطلقًا، ويرد كل ما جاء بها، ويكتفون بالقرآن فقط، وهؤلاء يسمون بالقرآنيين، حجتهم في ذلك: أنَّ السنة فيها الصحيح والضعيف؛ فنتركها لأجْل ذلك، وهم بذلك تركوا القرآن والسنة؛ إذ إنَّ كثيرًا من نُصُوص القرآن تفسرها السُّنَّة.
وهناك طائفة أعظم ضلالاً وإلحادًا، وهم الفلاسفة والعقلانيون، الذين يُنكرون الخلْق والخالق، ويَرُدُّون كلَّ شيء للطبيعة، وأنها هكذا وجدتْ، ورد عليهم حافظ حكمي في منظومته قائلاً:
وَلا نُصِيخُ لِعَصْرِيٍّ يَفُوهُ بِمَا يُنَاقِضُ الشَّرْعَ أَوْ إِيَّاهُ يَعْتَقِدُ
يَرَى الطَبِيعَةَ فِي الْأَشْيَاءِ مُؤْثِرَةً أَيْنَ الطَبِيعَةُ يَا مَخْذُولُ إِذْ وُجِدُوا؟!
وهؤلاء يُسَمَّونَ الفلاسفة الطبيعيون، وهناك قسم آخر من الفلاسفة ويُسَمَّون: الفلاسفة الإلهيين، أو فلاسفة إسلاميين؛ أي: ينتسبون للإسلام، وهؤلاء يُقِرُّون بأن هناك إلهًا، ولكنهم لا يؤمنون بالغيب، ولا شك أنَّ مَن كذَّب بآية من كتاب الله، فقد كفَر باتِّفاق العلماء، هذا باختصارٍ مَنْ خالف أهل السنة والجماعة في هذه العقيدة.
المبحث الثاني: الأمور الغيبية التي ذكرها المصنِّف:
المصنِّف ذَكَر جُملةً منَ الأُمُور الغيبية التي لا بدَّ للعبد أن يؤمنَ بها؛ لأنه صَحَّ نقلُ الشرع بها، وهي:
أولاً: الإسراء والمعراج:
والكلام على الإسراء والمعراج من عِدَّة وجوه:
معنى الإسراء والمعراج:
الإسراء لغة: السير بالشخص ليلاً.
وشرعًا: سير جبريل بالنبي - صلى الله عليه وسلم - من مكة إلى بيت المقدس ليلاً.
ويدل على ذلك: قوله - تعالى -: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}[1].
والمعراج لغة: الآلة التي يُعرج بها، وهي المصعد.
وشرعًا: عُرُوج النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأرض إلى السماء، والله أعلم بكيفية الآلة التي عرجت به.
ويدل على ذلك: قوله - تعالى - من أول سورة النجم: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى}[2]، إلى قوله: {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى}[3].
الإسراء والمعراج ثابتٌ بالكتاب والسنة والإجماع:
فمن الكتاب: قوله - تعالى -: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}[4]، والأقصى يعني: الأبعد، سمي بذلك؛ قيل: لبُعْده عنْ مكَّة.
ومن السُّنَّة: الأحاديث كثيرة؛ منها: حديث مالك بن صعصعة في الصحيحَيْن، وأيضًا حديث أنس، وحديث أبي ذر، وحديث ابن عباس - رضي الله عنهم - وكلها في الصحيحَيْن، وورد في أحاديث أخرى في غير الصحيحَيْن، حتى ذَكَرَ القاسمي أن حادثة الإسراء والمعراج رواها عشرون صحابيًّا.
وأجمع السلَف - رحمهم الله - على أنه - صلى الله عليه وسلم - أُسْرِيَ وعُرِجَ به.
والإسراء والمعراج باختصار:
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أُتِيَ بدابة يُقال لها: البُراق، وصفها النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنها دون البغل وفوق الحمار، فأسري به من مكة إلى بيت المقدس، ثم ربط دابته هناك بالحلقة التي يربط بها الأنبياء، ثم دخل المسجد فصلى فيه ركعتين ثم خرج، فجاءه جبريل - عليه السلام - ثم بدأت رحلةُ المعراج، فعرج به إلى السماء، فوجد في السماء الأولى آدم - عليه السلام - وفي السماء الثانية عيسى ويحيى - عليهما السلام - وفي السماء الثالثة يوسف - عليه السلام - وفي السماء الرابعة إدريس - عليه السلام - وفي السماء الخامسة هارون - عليه السلام - وفي السماء السادسة موسى - عليه السلام - وفي السماء السابعة إبراهيم - عليه السلام - مُسْنِدًا ظهره إلى البيت المعمور، كل نبي من الأنبياء يسلم عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يُرَحِّبُ بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ثم رفع للنبي البيت المعمور، وسأل جبريل عنه فأخبره جبريل: أن البيت المعمور يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك إذا خرجوا لم يعودوا مرة أخرى، ورفعت له سِدْرَةُ المنتهى، ووصفها النبي - صلى الله عليه وسلم - وما فيها من أنهار، وعُرِضَ على النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاثةُ أقداح، قَدَحٌ فيه لبن، وقَدَحٌ فيه عسل، وقَدَحٌ فيه خمرٌ، فأخذ الذي فيه اللبن فشرب؛ فقيل له: أصبت الفطرة، ودنا الجبارُ - جل وعلا - ففَرَض عليه وعلى أمته خمسين صلاة، ثم نزل إلى موسى، وأمَرَه موسى أن يرجعَ ويسأل الله - جل وعلا – التخفيف، فسأل الله ذلك؛ فجعلها الله أربعين، فجعل النبي- صلى الله عليه وسلم - يتردَّد بين موسى وبين الله - جل وعلا - وفي كل مرة يأمره موسى أن يسأله التخفيف؛ فجعلها الله أربعين، ثم ثلاثين، ثم عشرين، ثم عشرًا، ثم خمسًا، فقال الله - عز وجل -: "إني أَمْضَيْتُ فريضتي، وخَفَّفْتُ عن عبادي، وأَجْزِي الحسنة عشرًا"؛ أي: إن خمس صلوات بخمسين صلاة، وهذا من فضله - جل وعلا - ثم أُهْبِطَ - صلى الله عليه وسلم - ورَجَع من ليلته إلى المسجد الحرام، وكل ما تقدَّم ذكره هو في الصحيحَيْن.
مكان الإسراء والمعراج ووقته:
مكانه: بالاتِّفاق أن الإسراء كان من مكة إلى بيت المقدس، وبالاتفاق أن المعراج كان من بيت المقدس.
ويدل على ذلك: قوله - تعالى -: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى}[5]، وحديث مالك بن صعصعة، وأيضًا أنس بن مالك في الصحيحَيْن: يدُلاّن على أن المعراج كان من بيت المقدس.
وأما وقته: لَم يثبت دليلٌ صريحٌ صحيحٌ في تحديد تاريخ الإسراء والمعراج، والذي يُعْرَف من كتب السيرة أنَّ الإسراء والمعراج كانت بعد عام الحزن، الذي تُوُفِّي فيه عَمُّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أبو طالب، وزوجة النبي - صلى الله عليه وسلم - خديجة، وفيه طُرِدَ النبي - صلى الله عليه وسلم - من الطائف، وليس في معرفة تاريخ الإسراء والمعراج كبيرُ فائدة؛ لأنه لا يَتَرَتَّب عليه حكمٌ شرعي، والأقوال في تحديدها كثيرةٌ، وليس هناك نصٌّ صحيح صريحٌ؛ فقيل: قبل البعثة، وقيل: بعد الهجرة، وقيل: قبل الهجرة بخمس، وقيل: بست، وقيل: بسنة وشهرين، حتى بلغتْ أكثر من عشرة أقوال[6].
والإسراءُ والمعراج كان برُوحه - صلَّى الله عليه وسلم - وبدنه، وكان يقظةً مَرَّة واحدةً لا منامًا.
وهذا قولُ جُمهور العلماء: أنه كان بروحه وجسده يقظةً لا منامًا مرة واحدة.
ويدل عليه: أن لفظ (عبد) يصدق على الجسد والروح، والله - عز وجل - يقول: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى}[7]، وأيضًا لو كان بروحه فقط، لم يستبعده كفارُ قريش ويُنْكِروه ويستهزئوا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - لأنه يكون كالرُّؤَى المنامية، ولكنها معجزة جعلَها الله لنبيِّه.
وقيل: الإسراءُ كان منامًا، وقيل: كان بروحه دون جسده، وقيل: كان الإسراءُ مرارًا: مرة بروحه، ومرة بجسده، ومرة يقظة، ومرة منامًا، والصواب كما تقدَّم، وهو قولُ الجُمْهُور - والله أعلم.
قال ابن حجر: "وإلى هذا – يعني: الإسراء والمعراج بالروح والجسد - ذَهَب جمهورُ الأمة من العلماء؛ المحدِّثين، والفقهاء، والمتكلِّمين، وتَوَارَدت عليه الأخبار الصحيحة، ولا ينبغي العدول عن ذلك"[8].
وإلى هذا ذَهَب ابنُ القيِّم في "زاد المعاد"، ونصر القولَ بأنه عُرِج به بجسده وروحه[9].
والاحتفال بليلة الإسراء والمعراج بدعة:
وذلك فعل بعض الجُهَّال حيث يتعبَّدون بالاحتفال بليلة سبع وعشرين من شهر رجب؛ زاعمين أنها هي ليلة الإسراء، والاحتفال بتلك الليلة لَمْ يفْعَلْه النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا الصحابة ولا التابعون، فضلاً على أنه لا يُعْرَف تَحْديد هذه الليلة؛ إذ لَم يأتِ دليلٌ صريحٌ صحيحٌ في تحديدها كما تقدَّم بيانُه، وهؤلاء يحتفلون بهذه الليلة، فيجتمعون في المساجد، ويأتي القارئ فيقرأ: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى}[10]، وكذلك الإذاعات وبعض القنوات تستفتح ذلك اليوم بسورة الإسراء، والمذهب الحقُّ وسط بين هؤلاء الذين أفرطوا وغالوا فاحتفلوا في تلك الليلة، ومنهم مَن يجعلها سُنَّة أو عيدًا؛ فابتدع، وبين كفار قريش الذين فرَّطوا وكذبوا بالإسراء والمعراج، وعلى المؤمن كما ذكر المصنف أنْ يقول: آمنَّا وصدَّقْنا بما جاء به نبيُّنا - صلى الله عليه وسلم - وثبت في صحيح الأخبار، ومنها حادثة الإسراء والمعراج.
Ÿ Ÿ Ÿ
56- قال المصنِّف - رحمه الله -:
"ومِنْ ذلك أنَّ ملَكَ الموْتِ لمَّا جاءَ إلى موسى - عليه السلام - ليَقْبِضَ روحَهُ لَطَمَهُ فَفَقَأَ عَيْنَهُ، فَرَجَعَ إلى ربِّهِ فَرَدَّ عَلَيْهِ عَيْنَهُ".
الشرح
ثانيًا: مَجيء ملك الموت لِمُوسى - عليه السلام - فلَطَمَه موسى - عليه السلام - وفَقَأ عينه.
والمقصود من إيراد المصنِّف لهذا الخبر: أنه خبرٌ منَ الأخبار الغيبيَّة، التي أخبر بها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وصحَّ بها النقْل؛ فعلى العبد أن يؤمنَ بما جاء بهذا الخبر، ولا يقول: كيف يَلْطِم موسى مَلَكَ الموت، وكيف يفقأ عينه؟ وهل عرفه؟ وإلى غير ذلك من الأسئلة التي أرادوا بها الإنكار والتكذيب، بل على المؤمن التسليمُ والتصديقُ، وما دام أنه صحَّ الخبرُ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا بُدَّ من الإيمان به، ولا يشابه المبتدعة من العقلانيين والفلاسفة وغيرهم من المعتزلة الذين أنْكَرُوا هذا الحديث، وحكَّموا عُقُولَهم؛ لأنهم يُنكرون الأمور الغيبية.
ويدل على هذا الخبر: حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "أُرْسِلَ ملكُ الموت إلى موسى - عليه السلام - فلما جاءه صكَّه، ففقأ عينه، فرجع إلى ربه، فقال: أرسلتني إلى عبدٍ لا يريد الموت، قال: فردَّ الله عليه عينه، وقال: ارجع إليه، فقُلْ له: يضع يده على مَتْنِ ثَوْرٍ، فله بما غطَّت يدُه بكل شعرة سنة، قال: أي رب، ثم مَهْ؟ قال: ثم الموت، قال: فالآن، فسأل الله أن يدنيه من الأرض المقدسة رميةً بحجر"[11].
Ÿ قال ابن حجر: "قال ابن خُزيمة: أنكر بعضُ المبتدِعة هذا الحديث، وقالوا: إن كان موسى عرفه، فقد استخفَّ به، وإن كان لَم يعرفه، فكيف لَم يقتص له من فقْءِ عينه؟
والجواب: أن الله لَم يبعث ملكَ الموت لموسى، وهو يريد قبض روحه حينئذٍ، وإنما بعثه إليه اختبارًا، وإنما لطم موسى مَلَكَ الموت؛ لأنه رأى آدميًّا دخل داره بغير إذنه، ولم يعلم أنه ملك الموت، وقد أباح الشارع فقْء عين الناظر في دار المسلم بغير إذْنٍ، وقد جاءت الملائكة إلى إبراهيم وإلى لوطٍ في صورة آدميِّين، فلم يعرفاهم ابتداءً، ولو عَرَفَهم إبراهيم، لَمَا قدَّم لهم المأكول، ولو عرفهم لوط لما خاف عليهم من قومه"[12].
Ÿ Ÿ Ÿ
58- قال المصَنِّف - رحمه الله -:
"وعذابُ القبْرِ ونعيمُه حقٌّ، وقد استعاذَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْهُ، وأَمَرَ بِهِ في كلِّ صلاةٍ.
59- وفِتْنَةُ القَبْرِ حقٌّ، وسُؤالُ مُنْكَر ونَكيرٍ حقٌّ".
الشرح
رابعًا: القبْر: فتنته، عذابُه، ونعيمُه:
فتنة القبْر هي سؤالُ المَلَكَيْن للميت عن: ربِّه، ونبيه، ودينه، وهي فتنةٌ ثابتة بالكتاب والسُّنَّة والإجماع:
فمن الكتاب: قول الله - عز وجل -: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة}[13].
ومن السُّنَّة: حديث البَراء بن عازب - رضي الله عنه -: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((المسلمُ إذا سُئِلَ في القبر يشهد أن لا إله لا الله وأن محمدًا رسول الله))، فذلك قوله - تعالى -: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة}[14].
وحديث أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - في حديث صلاة الكُسُوف - وفيه قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((وإنه قد أُوحِيَ إليَّ أنَّكم تُفتنون في القُبُور))[15].
وحديث عائشة: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: ((اللهم إنِّي أَعُوذُ بك منَ الكَسَل والهرَم، والمأْثَم والمَغْرم، ومِن فتنة القبْر وعذاب القبر))[16]، والأحاديث في هذا كثيرةٌ، وأجمع السلَفُ على إثبات فتنة القبْر.
Ÿ ما اسم المَلَكَيْن اللذين يَسْألان المَيِّت؟
روى التِّرمذي في "سُنَنه" حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا قُبِرَ الميت - أو قال: أحدكم - أتاه مَلَكان أسودان أزرقان، يُقال لأحدهما: المُنْكَر، والآخر: النكير، فيقولان: ما كنتَ تقول في هذا الرجل؟ فيقول ما كان يقول: هو عبدالله ورسوله، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله، فيقولان: قد كُنَّا نعلم أنك تقول هذا، ثم يُفْسَح له في قبْره سبعون ذراعًا في سبعين، ثم ينوَّر له فيه، ثم يُقال له: نَمْ، فيقول: أرجع إلى أهلي فأخبرهم؟ فيقولان: نَمْ كنومة العروس الذي لا يُوقظه إلا أحب أهله إليه حتى يبعثه الله مِنْ مَضْجعه ذلك.
وإن كان منافقًا؛ قال: سمعتُ الناس يقولون فقلْتُ مثله، لا أدري، فيقولان: قد كُنَّا نعلم أنك تقول ذلك، فيُقَال للأرض: الْتَئِمِي عليه، فتختلف فيها أضلاعه، فلا يزال فيها مُعَذَّبًا حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك))[17].
Ÿ وجاء في حديثٍ: أنَّ اسم الملكين: مبشِّر، وبَشِير، وفي حديث: أنَّ عددهم أربعة، وأن اسم الثالث والرابع: ناكور، ورمان، وكلها أحاديث ضعيفة.
ومن أهل العلم مَن أنكر تسميتهما بـ(مُنكَر، ونكير)؛ لأنهما اسمان لا يليقان بالملائكة الذين وصفهم الله - عز وجل - بأوصاف الثناء؛ فضعَّفوا الحديث السابق، ورُدَّ هذا القول بأن تسميتهما بذلك ليس لأنهما منكران من حيث ذواتهما، وإنما من حيث إنَّ الميت لا يعرفهما فينكرهما، كما قال إبراهيم - عليه السلام - لأضيافه الملائكة: {قَوْمٌ مُنْكَرُونَ}[18]؛ لأنه لا يعرفهم.
يتبع
أموت ويبقى ما كتبته ** فيا ليت من قرا دعاليا
عسى الإله أن يعفو عني ** ويغفر لي سوء فعاليا
قال ابن عون:
"ذكر الناس داء،وذكر الله دواء"
قال الإمام الذهبي:"إي والله،فالعجب منَّا ومن جهلنا كيف ندع الدواء ونقتحم الداءقال تعالى :
(الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب)
ولكن لا يتهيأ ذلك إلا بتوفيق الله ومن أدمن الدعاءولازم قَرْع الباب فتح له"
السير6 /369
قال العلامة السعدي:"
وليحذرمن الاشتغال بالناس والتفتيش عن أحوالهم والعيب لهم
فإن ذلك إثم حاضر والمعصية من أهل العلم أعظم منها من غيرهم
ولأن غيرهم يقتدي بهم. ولأن الاشتغال بالناس يضيع المصالح النافعة
والوقت النفيس ويذهب بهجة العلم ونوره"
الفتاوى السعدية 461
فترة الأقامة :
6583 يوم
الإقامة :
ارض الحرمين
معدل التقييم :
زيارات الملف الشخصي :
3467
مواضيعي ~
•
ركني الهادي
•
شعاع الترحيب والضيافة
•
شعاع الإعلانات الإدارية
إحصائية مشاركات »
المواضيـع
الــــــردود
[
+
]
[
+
]
بمـــعــدل :
2.19 يوميا
هوازن الشريف
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى هوازن الشريف
زيارة موقع هوازن الشريف المفضل
البحث عن كل مشاركات هوازن الشريف