تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد (18) الشيخ عبدالله بن حمود الفريح من فضائله: وردت أحاديث في فضائله، منها: • حديث أنس - رضي الله عنه - الذي تقدم، وفيه: ((اثبت أحد؛ فإنما عليك نبي، وصديق، وشهيدان)). •حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - وفيه تخلُّف عثمان عن بيعة الرضوان؛ لأن النبي- صلى الله عليه وسلم - بعثه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم. • بيده اليمنى: ((هذه يد عثمان))، فضرب بها على يده[17]. • قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((مَنْ يحفِر بئر رُومَة وله الجنة؟))، فحفرها عثمان[18]، وعند النسائي موصولاً: ((مَنْ ابتاع بئر رُومَة، غفر الله له))[19]. • قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((مَنْ جهَّز جيشَ العسرة، فله الجنة))[20]، وعند أحمد والنسائي موصولاً: أن النبي - صلى الله عليه وسلم. • نظر في وجوهِ القوم يوم جيش العسرة، فقال: ((مَنْ يجهِّز هؤلاء، غَفَرَ الله له))، فجهزهم عثمان بن عفان - رضي الله عنه - وعند الترمذي من حديث عبدالرحمن بن سَمُرة: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ما ضَرَّ عثمانَ ما عمل بعد اليوم)). • حديث عائشة وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في عثمان - رضي الله عنه -: ((ألا أستحي من رجلٍ تستحي منه الملائكة؟!))[21]. رابعًا: علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وزوجُ ابنته فاطمة - رضي الله عنها - وأبو سيِّدَيْ شباب أهل الجنة: الحسن، والحسين. من فضائله: وردت أحاديث تبيِّن فضائله، منها: • حديث سهل بن سعد - رضي الله عنه - وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم خيبر: ((لأعطينَّ الرايةَ غدًا رجلاً يحبُّ اللهَ ورسوله، ويحبُّه اللهُ ورسوله، يفتح الله على يديه))، فدعا عليًّا فأعطاه الراية[22]. • حديث سعد - رضي الله عنه - قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعليٍّ: ((أمَا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟!))[23]. والأظهر أن المصنِّف قال: (علي المرتضى)؛ لهذا الحديث، من التَّرَضِّي. • حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: "والذي فَلَق الحبَّة وبرأَ النسمة، إنه لعهد النبي الأمِّيِّ إليَّ: "ألاّ يحبني إلا مؤمنٌ، ولا يبغضني إلا منافق"[24]. هذه بعض فضائل الخلفاء الراشدين - رضي الله عنهم - الذين بشَّرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بالجنة كما في حديث أبي موسى - رضي الله عنه - عند البخاري وغيره، والحديث عن فضائلهم يطول به المقام، وما تقدَّم نزرٌ من بحر، وغَيْضٌ من فَيْض، وإلا ففضلُهم أُلِّفت فيه مجلدات، وابن كثير أحدهم، كما ذكر هو أنه كتب كتابًا بلغ ثلاثة مجلدات في فضل الشيخين أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - والمصنفات كثيرة في فضلهم - رضي الله عنهم. • • • 74- قال المصنف - رحمه الله -: "وَهُو أَحَقُّ خَلْقِ اللهِ بالخِلافَةِ بعْدَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لفَضْلِهِ وسَابِقَتِه، وتَقْدِيمِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - له في الصَّلاةِ على جميع الصَّحابةِ - رضي الله عنهم - وإجماعِ الصَّحابة على تقْديمِه ومُبايَعَتِه، ولم يكنِ اللهُ ليَجْمَعَهم على ضَلالةٍ. 75- ثم مِنْ بعده عمرُ - رضي الله عنه - لفضْلِه وعَهْدِ أَبي بكرٍ إليه. 76- ثم عثمانُ - رضي الله عنه - لتقْديم أهلِ الشُّورى له. 77- ثم عليٌّ - رضي الله عنه - لفَضلِه، وإجماعِ أهلِ عصْرِه عليه. 78- وهؤلاءِ الخلفاءُ الرَّاشدون المهديُّون الذين قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيهم: ((عَلَيْكُم بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ المَهْدِيِّينَ مِن بَعْدِي، عضُّوا عَلَيْها بِالنَّوَاجِذ)). 79- وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((الخِلاَفَةُ مِن بَعْدِي ثَلاَثُونَ سَنَةً))، فكان آخرُها خلافةَ عليٍّ - رضي الله عنه". المبحث الثاني: أحقية الخلافة بعد النبي - صلى الله عليه وسلم". الشرح الأحق بالخلافة أبو بكر الصديق - رضي الله عنه -: فأبو بكر الصديق أحقُّ الأمة بالخلافة عند أهل السنة والجماعة، يدل على ذلك: 1- حديث عائشة وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في مرضه الذي مات فيه: ((مُرُوا أبا بكر فليصلِّ بالناس))[25]. 2- حديث جبير بن مُطْعِم قال: أتت امرأةٌ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فأمَرَها أن ترجع إليه، فقالتْ: أرأيتَ إن جئتُ فلم أَجِدْك؟ كأنها تريد الموت، قال: ((إن لم تجديني، فأتي أبا بكر))[26]. 3- حديث عائشة وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لها: ((ادعي لي أباك وأخاك؛ حتى أكتب لأبي بكر كتابًا))، ثم قال: ((يأبى الله والمسلمون إلا أبا بكر))[27]. 4- حديث حذيفة - رضي الله عنه - قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((اقتَدُوا باللَّذَيْنِ من بعدي: أبي بكر، وعمر))[28]. 5- والإجماع: فقد أجمع الصحابة - رضي الله عنهم - على مبايعته - رضي الله عنه - في سَقِيفَة بني ساعدة، حين اجتمعوا فيها، كما جاء في "صحيح البخاري" من حديث عائشة. واختلف أهل العلم، هل كانت خلافة أبي بكر وأحقيَّتُه بالخلافة ثابتة بالنص أو الإجماع؟ القول الأول: أنها ثابتة بالنص، واستدلوا بالأحاديث السابقة. القول الثاني: أنها بالإجماع، واستدلوا بالإجماع السابق. والأظهر - والله أعلم - القول الثاني، وأنها ثابتة بالإجماع تصريحًا، ولكن النصوص السابقة دالَّة على أحقيته بها، ولكن الاستخلاف إنما ثَبَتَ بالإجماع. ويدل على ذلك: حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: "حضرتُ أبي حين أُصِيبَ، فأثْنَوا عليه، وقالوا: جزاك الله خيرًا، فقال: راغبٌ وراهبٌ، قالوا: اسْتَخْلِف، فقال: أتحمَّل أمرَكم حيًّا وميتًا؟! لوددتُ أنَّ حظِّي منها الكفاف، لا عليَّ ولا لي، فإن أستَخْلِف فقد اسْتَخلَف مَنْ هو خيرٌ مِنِّي - يعني: أبا بكر - وإن أتركُكم فقد تركَكُم من هو خيرٌ مني؛ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ابنُ عمر: فعرفتُ أنه حين ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غير مستخلِف"[29]. فهذا الحديث يؤخذ منه ما يلي: أولاً: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يستخلف؛ لقول عمر - رضي الله عنه -: "وإن أترككم، فقد ترككم مَنْ هو خير مِنِّي؛ رسول الله - صلى الله عليه وسلم"، فهذا نصٌّ في أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تُوُفِّي ولم يستخلف أحدًا، فدلَّ ذلك على أن ثبوت خلافة أبي بكر وأحقيَّته بها كان بإجماع الصحابة، الذين فَهِمُوا أحقيته بالخلافة من النصوص الكثيرة الدالة على فضله وأحقيَّتِه. ثانيًا: أن أحقية عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بالخلافة بعد أبي بكر كانت بالنَّص، حيث استخلفه أبو بكر - رضي الله عنه - يدلُّ على ذلك قول عمر - رضي الله عنه -: "فإن أستخلِف، فقد استخلَف مَنْ هو خيرٌ مني - يعني: أبا بكر"، وهذا يدل على أن أبا بكر استخلف عمرَ بعده على الخلافة، وأيضًا أجمع الصحابة على عمر - رضي الله عنه. ثالثًا: أن أحقيَّةَ عثمان بالخلافة بعد عمر كانت بإجماع الصحابة - رضي الله عنهم - لا سيَّما أهل الشورى منهم، دَلَّ على ذلك الحديثُ السابق، حيث لم يستخلِف عمرُ، حتى قال ابن عمر - رضي الله عنهما -: "فعرفتُ أنه حين ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غير مستخلِف"، فأحقيَّة عثمان بالخلافة ثبتتْ بإجماع الصحابة ابتداءً من أهل الشورى؛ لِمَا رواه البخاري من حديث عمرو بن ميمون - وهو حديثٌ طويل - وفيه: "فقالوا لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: أَوْصِ يا أمير المؤمنين، استخلف، قال: ما أجد أحق بهذا الأمر من هؤلاء النَّفَر الذين تُوُفِّي رسولُ الله وهو عنهم راضٍِِ، فسمَّى: عليًّا، وعثمان، والزبير، وطلحة، وسعدًا، وعبدالرحمن، وقال: يَشْهَدُكُم عبدالله بن عمر، وليس له من الأمر شيء..." الحديث، وفيه مبايعةُ النَّفَر الذين عدَّهم عمرُ لعثمان، والنصُّ على مبايعة عليٍّ لعثمان - رضي الله عن الجميع - ومن ثَمَّ بَايَعَ الناسُ عثمانَ بعد مبايعة أهل الشورى له. وبعد وفاة عثمان، أجمع الصحابة على مبايعة علي - رضي الله عنه - بالخلافة؛ فكان أحقَّ بها بعد عثمان - رضي الله عنه. فترتيب الخلفاء الراشدين بالأحقيَّة في الخلافة: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي - رضي الله عنهم أجمعين - هذا هو مذهب أهل السنة والجماعة، وإجماعهم على ذلك، ولم يخالف في ذلك إلا المبتدعة. رابعًا: في حديث ابن عمر - رضي الله عنه - السابق ردٌّ على الرافضة، الذين يَرَوْنَ أن أحقية الخلافة بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - لعليٍّ - رضي الله عنه - والردُّ عليهم من وجوه عِدَّةٍ، منها: 1- ما تقدَّم من إجماع الصحابة على أبي بكرٍ، وكان مع مَنْ أجمع على ذلك عليٌّ - رضي الله عنه - أفلا يَسَعُهم ما وَسِعَ عليًّا - رضي الله عنه - الذي هو صاحب الشأن فيما يَرَوْنه، وعليٌّ - رضي الله عنه - دخل في إجماع الصحابة في استخلاف أبي بكر، ثم عمر، ثم عثمان قبله؟! 2- قول ابن عمر - رضي الله عنهما -: "كُنَّا نخيِّر بين الناس في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - فنخيِّر أبا بكر، ثم عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفان"[30]، وفي رواية أبي داود: "أفضل أمة النبي - صلى الله عليه وسلم - بعده أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان"، زاد الطبراني: "فيسمع رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك فلا ينكره". 3- أن عليًّا - رضي الله عنه، وهو صاحب الشأن في الخلافة على حدِّ زعمهم - خَطَب الناس على المنبر في الكوفة فقال: "أفضل هذه الأمة بعد نبيِّها أبو بكر، ثم عمرُ، ولو شئتُ لسميت الثالث"[31]. 4- حديث محمد بن الحنفية السابق، حيث قال لعلي: "أيُّ الناس خيرٌ بعد رسول الله؟ قال: أبو بكر، قلتُ: ثم مَنْ؟ قال: ثم عمر، وخَشِيتُ أن يقول: عثمان، قلت: ثم أنت؟ قال: ما أنا إلا رجلٌ من المسلمين"[32]. وهذه بعض الوجوه في الرد على من أعمى الله بصيرتَه من المبتدعة الرافضة، وهناك وجوه أخرى نكتفي بما سبق، ولم يخالف أحدٌ من أهل السنة والجماعة في أن أحقَّ الناسِ بالخلافة أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي - رضي الله عنهم أجمعين. • فأبو بكر - رضي الله عنه - كانت خلافتة سنتين وثلاثة أشهر، وكانت وفاته وعمره (63) عامًا، سنة (13) من الهجرة النبوية. • وعمر - رضي الله عنه - كانت خلافته عشر سنوات وستة أشهر، وكانت وفاته وعمره (63) عامًا، سنة (23) من الهجرة النبوية. • وعثمان - رضي الله عنه - كانت خلافتة ثِنْتَيْ عشرة سنة، وكانت وفاتُه وقد تجاوز عمره (82) عامًا، سنة (35) من الهجرة النبوية. • وعلي - رضي الله عنه - كانت خلافته أربع سنوات وتسعة أشهر، وكانت وفاتة وعمره (63) عامًا، سنة (40) من الهجرة النبوية. ومجموع خلافتهم - رضي الله عنهم - تسعٌ وعشرون سنة وستة أشهر، ثم بُويِع بعد ذلك للحسن بن علي بعد موت أبيه علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ستة أشهر، فتمَّت ثلاثون سنة، وهذا مِصْدَاقُ ما قاله النبي - صلى الله عليه وسلم - وذكره المصنف، وهو حديث سفينة أبي عبدالرحمن مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((الخلافة من بعدي ثلاثون سنة))[33]. يتبع