عاد في غير موعده
فماذا وجد؟
محمد رشيد العويد
حدثني أحد الأزواج بما جرى بينه وبين زوجته فقال :
عدت يوماً إلى بيتي قبل موعد عودتي المعتاد كل يوم . ولما دخلت البيت لم أجد زوجتي في الصالة ، ولا في المطبخ ، ولا في غرفة نومنا .
اتجهت إلى غرفة الأولاد وفتحت الباب فوجدت زوجتي وقد اضطربت حين رأتني فصارت تجمع أوراقاً بدا لي أنها رسائل .
اقتربت من زوجتي ومددت يدي إلى الأوراق محاولاً تناول أحداها فمنعتني ، فأثارت بمنعها لي شكوكي فيها ، فأصررت على أخذ أحداها لأقرأ ما فيها ، فصاحت متوسلة أرجوك أُتركها .. ستمزق الرسائل بجذبك لها وأنا ممسكة بها . فصرختُ فيها : تعترفين إذن بأنها رسائل ! ردت علي : أجل ، إنها رسائل ، ومن أحب إنسان إليَّ .
هنا بلغ الغضب بي مبلغه ، فدفعت زوجتي بعيداً عني وانتزعت إحدى الرسائل وصرت أقرأ ما فيها بعينين يتطاير منهما الشرر ، وما إن أنهيت قراءة الرسالة حتى تناولت أخرى وصرت أقرأ ما فيها وأنا لا أصدق .
وتناولت رسالة ثالثة ولم أُنْهِ قراءة ما فيها حتى صارت دموعي تسيل على خدّي . ثم وجدت نفسي أقعد على سرير أحد الأولاد وأنا لا أصدق .
سألته : هل عرفت ممن كانت الرسائل ؟
أجابني : نعم ، كانت مني .
قلت : أنت من بعث إليها هذه الرسائل ؟
قال : أجل ، قبل اثنتين وعشرين سنة ، في سنة زواجنا الأولى ، كنت أكتب لها رسائل حب ومودة .
قلت : وظلتْ زوجتك محتفظة بها طوال هذه السنوات الطويلة .
قال : وعرفتُ منها أنها كانت تخرجها لتقرأها كلما صدرت مني نحوها قسوةٌ في الكلام أو غلطةٌ في الفعل .
قلت : إنها تريد أن تخفف من آثار قسوة كلماتك وغلظة أفعالك حتى لا يذهب ما في قلبها من حب نحوك ؟
قال : لا يمكن أن أنسى عبارتها عن الرسائل : ( إنها من أحب إنسان إلي ) ، لقد كانت تقصدني أنا ، وشيطاني كان يثير شكي فيها .
ووقفاتي عند هذه الحكاية الصغيرة هي :
* علينا أن نحذر سوء الظن ، والتعجل بالشك ، سواء شك الرجل في زوجته أو شكت المرأة في زوجها .
* رغم مرور أكثر من عشرين سنة على تلك الرسائل التي كان يكتبها هذا الرجل لزوجته فإنها مازالت تحتفظ بها ، وهذا يشير إلى التأثير الكبير لمشاعر الود والحب في المرأة وعدم نسيانها لها . وهذا يوجهنا – نحن الأزواج – إلى ضرورة عدم إهمال ذاك التعبير عن المشاعر الإيجابية وعدم التوقف عنه مهما مر الزمان وكبر الإنسان .
* التقيت هذين الزوجين ، وتحدثت إليهما ، وسمعت منهما ، طوال ساعة ونصف الساعة ، فقد زاراني يستشيراني في حياتهما الزوجية التي تقلقلت وما عادت مستقرة ، ولقد وفق الله في الإصلاح بينهما ، وإرشادهما إلى ما ينبغي أن يفعلاه ، وما ينبغي أن يبتعدا عنه ويهجراه .