إن هذه العافية التي تمرح في سعتها وتستمتع
بحريَّـتها ليست شيئاً قليلاً، إن كثيراً من الناس قد
ابتلوا بفقدِها وليس يعلم إلاّ الله مدى ما يحسُّونه من ألم ؟
فمنهم من حُبِس في جلدهِ ، فما يستطيع حركة .
ومنهم مَن يستجدي الهواء الواسع نَفَساً يحيي به
صدرهُ العليل فما يعطيه الهواء إلا زفرة وتخرج مليئة بالدم !
ومنهم مَن عاش منقوص الأطراف ، مجروح المشاعر !!
ومنهم مَن يتلوّى من أكل لقمة ؛ لأن أجهزته الهاضمة معطوبة .
ومنهم .... ومنهم ...
إن كنت معافاً من هذا كلّه فاعلم أن الله قد زوَّدك
بثروة عظيمة ، ومنحك ما سوف يسألك عنه .
أخي الشاب : قدّم ما استطعت نظير ما أنعم الله
عليك مِن نِعَم تتألَّق بين رأسك وقدميك وتتأنَّق بها
في الحياة كيف تشاء ، فقدِّم لو كلمةً أو نصيحةً أو
شريطاً أو مطوية ولا تحقر من المعروف شيئاً .
واحذر يا أخي كل الحذر من أن تسن سُنَّة سيئة أو
تجرّها على مسلم . فتكون ممن قال الله فيهم :
{ لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ
الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ } [ النحل : 25] .
وأخيراً يا أخي ويا اختي :
* خذْ ما استطعتَ من الدنيا وأهليها *** لكنْ تعلم قليلاً كيف تعطيها
* كنْ وردةً طيبها حتى لسارقها *** لا دمنةً خبثها حتى لساقيها
* انظرْ إلى الماءِ إن البذلَ شيمتهُ *** يأتي الحقول فيرويها ويسقيها
* فما تعكر إلا وهو منحبسٌ *** والنفسُ كالماءِ تحكيهِ ويحكيها
الرسالة الرابعة إليك أيتها الفتاة ) :
أنتِ دُرَّة غالية ، وعُمْلَة نادرة ، وجوهرة وأيُّ جوهرة ،
إن طُهْركِ وعفافكِ وحيائكِ أنفس ما تملكين ، فلا
تُريقي حيائك في جنبات الطريق ، ولا تنفقي عفافك
في الحرام ، ولا تبذلي جمالك للمتسولين ...
صوني جمالكِ عنّا إننا بشرٌ *** من الترابِ وهذا الحُسنُ ******
أو فبتغي فلكاً تأوينه ملكاً *** لم يتخذ دَرَكاً في العالم الفاني
احذري ( يا أخيتي ) من الموضات والصيحات
والصرعات القادمة من أعداء الدين ، لتهين كرامتك
بعدما أعلاها الإسلام ، وتكونين فريسة للذئاب بعدما صانك الإيمان ..
وأذَكِّركِ بالحديث الذي رواه أبو داود عن أبي موسى
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال( إذا استعطرت
المرأة فمرَّت على القوم ليجدوا ريحها فهي كذا وكذا )) يعني زانية .
فكيف بمن تخرج كاسية عارية ، متبرجة سافرة لا ترقب في مؤمن إِلاًّ ولا ذِمَّة.
صانكِ الله ( يا أُخيتي ) من ذلك ، ورفع قدرك وأعلا همَّتك وزودك التقوى .
الخاتمة :
وأخيراً .. فالصيف آمال وآلام .. الصيف أمل الطالب
والمعلم .. أمل للخريج .. أمل للعريس .. أمل
للمسافر .. آمال وآمال ، لكن كم يحمل في طيَّاته من
آلام قد امتلأت بالأخبار والأسفار التي مُسِخَ فيها
الحياء ، وذُبِحَت الغيرة ، وانتحر العفاف ....
جعل الله أيامنا وأيامكم آمال وأفراح ، وجنَّبنا الآلام
والأتراح ، إنه وليُّ ذلك والقادر عليه .
كتبته هذا الموضوع بتاريخ 9 \ 5 \ 2005
لا تنسونا من دعواتكم الطيبة