04-27-2015
|
|
تفسير سور مريم الدرس الأول
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ومن سيئاتأعمالنا من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلا هادى له واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون ، اللهم صلى على محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد (صلى الله عليه وسلم ) وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار سورة مريم مكية كالسورة التي قبلها باجماع من غير خلاف. وقال مقاتل : إلاّ آية السجدة فهي مدنية نزلت بعد مهاجرة المؤمنين إلى الحبشة وقال هبة الله المفسر هي مكية غير آيتين منها قوله فخلف من بعدهم خلف والتي تليها . مريم 60 وهنا بعض أوجه الترابط بين سورتي مريم والكهف : 1- القصص العجيبة وما فيها من عبر وفوائد ودروس نافعة التي احتوتها السورتين فسورة الكهف فيها قصص عجيبة مثل قصة أصحاب الكهف وقصة سيدنا موسى والخضر وقصة ذي القرنين فيها الفوائد والعبر الكثير.
وجاءت بعدها سورة مريم وهي أيضاً لا تخلو من القصص العجيبة بل أعجب من قصص سورة الكهف . فجاء فيها قصص مثل ميلاد يحيي عليه السلام بين شيخ فانٍ وعجوز عاقر ، كيف أن حكمة الله اقتضت أن يرزق المرأة العجوز والرجل الشيخ الكبير طفلاً بعد هذا العمر الطويل ، والأعجب ميلاد عيسى عليه السلام من غير أب كيف رزق الله مريم العذراء بالولد دون أن يمسها أحد بحلال أوحرام ، فطرف من قصة إبراهيم مع أبيه . ثم تعقبها إشارات إلى النبيين: إسحاق ويعقوب , وموسى وهرون , وإسماعيل , وإدريس . وآدم ونوح. 2- ركزت السورتين على التوحيد وهو دعوة جميع الرسل بإفراد الله في العبودية , وفي سورة مريم بعد ذكر قصة يحيي عليه السلام وعيسى عليه السلام تطرق الله عز وجل الى أهوال اليوم الآخر وكيف ينجي الله المؤمنين ويدخلهم جنته وكيف يلاقي الكافرين عذابهم في النار وخُتمت بتنزيه الله عن اتخاذ الولد. 3- في خواتيم الكهف قال (قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا (109) . كلمات ربي يعني علمه وقدرته سبحانه قدرته لا تنتهي. وما فعله مع زكريا عندما طلب زكريا من ربه أن يهب له غلاماً (ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2) إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا (3) قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (4) .... أليس هذا من كلمات ربي؟ ما فعله مع مريم (إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ (45) آل عمران) سمى عيسى كلمة (إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ (47) آل عمران) هذه من كلمات الله. 4- في بداية مريم (ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2) رحمة عبد من عباد الله , وسورة الكهف كلها في الرحمات رحم الفتية أصحاب الكهف عندما حفظهم , ورحم المساكين أصحاب السفينة بأن أنجاهم, ورحم الأبوين المؤمنين بإبدالهما خير من ابنهما , ورحم الغلامين بحفظ الكنز, ورحم القوم الضعفاء من يأجوج ومأجوج . الموضوع الأساسي الذي تعالجه السورةيدور على محور التوحيد , ونفي الولد والشريك , ويلم بقضية البعث القائمة على قضية التوحيد. هدف السورة: أهمية توريث الدين للأبناء تبدأ هذه السورة المكية بالحديث عن وراثة الدين التي تمثلت في دعوة سيدنا زكريا (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا* يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا) آية 5 و 6 إلى (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا) آية 12 نتيجة الدعاء. والسبب الذي من أجله طلب زكريا الولد هو ليرث الرسالة والكتاب، كما هي الحال في آل عمران فزوجة عمران وهبت ما في بطنها لله , وزكريا يريد ابناً يرث الدين من بعده , ومريم وعيسى ثم ابراهيم واسحق ويعقوب ثم اسماعيل وأولاده فكل هؤلاء آباء تورث أبناءهم هذا الدين. الأمر واضح صدق سيدنا زكريا ربه بدعائه وعلم الهدف حقا فاستجاب له تعالى بأن وهبه سيدنا يحيى الذي آتاه الحكم صبيا. ابتدأت سورة مريم" كهيعص "وهي حروف متقطعة والكثير من السور في القرآن ابتدأت بذلك أيضاً ،وافتتاحها بالحروف المتقطعة سر اختلف فيه الكثير من العلماء ورجح شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بأن سر افتتاح السور بالحروف المتقطعة أن الله أراد أن يرد على المشركين الذين زعموا أن القرآن هو أساطير الأوليين قال تعالى :"وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا"5 سزرة الفرقان، فاستفتح الله بهذه الحروف ليوضح للمشركين بأن كلام الله الذي جاء به محمد (صلى الله عليه وسلم )مؤلف ومكون من الحروف الأبجدية الذي يتكون منها كلام العرب أنفسهم ، ويوضح لهم بقدر ما كانت فصاحتهم وبلاغتهم عجزوا أن يأتوا مجتمعين بسورة بل بآية من القرآن الكريم ، وأوضح لهم أن النبي r بشر مثلهم ، فهو واحد منهم فكما عجزوا يعجز هو ، كما في قوله تعالى:"وَإن كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أن كُنْتُمْ صَادِقِينَ" 23 سورة البقرة وقال تعالى : " فَإن لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ "24 سورة البقرة ، فالتحدي والإعجاز باقي وقائم إلى يوم القيامة فالله جل وعلى يتحداهم بأن يأتوا بآية مثل آيات القرآن فإن لم تفعلوا في الحاضر ولن تفعلوا في المستقبل فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة , فاتقوا الله بالإيمان بأن هذا القرآن الكريم جاء من رب العالمين نزل به الروح الأمين على سيد الخلق محمد r بلغة العرب أنفسهم ولن يأتوا بمثله إلى يوم القيامةقال تعالى :"﴿وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ(195)﴾. [سورة الشعراء]. آخر تعديل دلال إبراهيم يوم
04-27-2015 في 01:55 PM. |