06-17-2015
|
#7 |
~ أمة الرحمن( اشراف اكاديمية الكتاب والسنة دروس واجازات علمية ) بيانات اضافيه [
+
] | رقم العضوية : 727 | تاريخ التسجيل : Dec 2014 | أخر زيارة : 01-23-2022 (12:30 AM) | المشاركات : 707 [
+
] | التقييم : 204 | الدولهـ | | لوني المفضل : Brown | |
رد: صلاة المرأة في المسجد شروطها وآدابها | | | | من آداب حضور المساجد أولاً ـ تسوية الصفوف وإتمامها: من آداب حضور المساجد تسوية الصفوف إذا أقيمت الصلاة، ولقد أولى الإسلام صفوف المصلين عناية كبيرة، حيث أمر بتسوية الصفوف، وبين كيفية التسوية، وأظهر فضيلة تسويتها، والاهتمام بها. فعن أنس بن مالك – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "سووا صفوفكم؛ فإن تسوية الصفوف من تمام الصلاة"، وفي رواية: "من إقامة الصلاة". وعن أبي مسعود البدري – رضي الله عنه – قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح مناكبنا في الصلاة، ويقول: "استووا، ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم . . ". وعن النعمان بن بشير – رضي الله عنه – قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لتسوُّن صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم". فهذه نصوص واضحة في وجوب تسوية الصفوف، قال البخاري – رحمه الله تعالى – في صحيحه: (باب إثم من لا يتم الصفوف)، وأورد فيه بسنده عن بشير بن يسار الأنصاري عن أنس بن مالك: أنه قدم المدينة، فقيل له: ما أنكرت منا منذ يوم عهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: (ما أنكرت شيئاً إلا أنكم لا تقيمون الصفوف). وعن أنس – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أتموا الصف المقدم ثم الذي يليه، فما كان من نقص فليكن في الصف المؤخر". ومن مجموع النصوص يتضح أن تسوية الصف تتحقق بما يلي: 1) إتمام الصف الأول فالأول، وسدّ الفرج بالتراص. 2) استقامة الصف وتعديله بالمحاذاة بين الأعناق والمناكب والركب والأكعب، بحيث لا يتقدم عنق على عنق، ولا منكب على منكب ولا صدر على صدر. 3) ألا يوسع المصلي بين قدميه؛ لأن ذلك يمنع التصاق منكب صاحبه بمنكبه. وليس من تسوية الصف ما يفعله بعض الناس من ملاحقة من على يمينه ومن على يساره؛ ليلصق كعبه بكعب جاره، يفعل ذلك في القيام والركوع وبعد الرفع من الركوع. وهذا الفعل لا أصل له في تسوية الصفوف، وفيه أخطاء عديدة: الأول: أن فيه اشتغالاً؛ فيه اشتغال بما لم يشرع، وإكثار من الحركة، واهتمام بعد القيام لملأ الفراغ، وفيه إشعال للجار بملاحقة قدمه. الثاني: فيه توسيع للفرج بين المتصافين، ويظهر ذلك إذا هوى المأموم للسجود. وهذا يؤدي إلى عدم التصاق منكبه بمنكب صاحبه، وركبته بركبته، وكعبه بكعبه، فانظر كيف ضيّع هذا المصلي سنة من أجل فعل لا أصل له. الثالث: فيه اقتطاع لمحل قدم غيره بغير حق، فإن جاره يفر منه وهو يلاحقه في مكانه الذي سبق إليه. الرابع: فيه تفويت لتوجيه رؤوس القدمين إلى القبلة؛ لأن أكثر هؤلاء يلوي قدمه، ليلزقها بقدم جاره. وليحذر المصلي أن يقف في صف متأخر مع وجود أمكنة خالية في الصفوف الأول، كما يفعله بعض الناس عندما يقيمون صفاً أو صفوفاً وبينهم وبين الإمام صفوف شاغرة، فإن هذا مخالف لقوله صلى الله عليه وسلم: "أتموا الصف المقدم ثم الذي يليه . . ."الحديث، ، ولقوله صلى الله عليه وسلم: "تقدموا فائتموا بي، وليأتكم بكم من بعدكم، لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله". يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (ولا يصف في الطرقات والحوانيت مع خلو المسجد، ومن فعل ذلك استحق التأديب، ولمن جاء بعده تخطيه، ويدخل لتكميل الصفوف المتقدمة، فإن هذا لا حرمة له). ثانيًا ـ الدخول مع الإمام على أي حال: إذا دخل المصلي والإمام في الصلاة دخل معه على أي حال كان؛ في القيام أو الركوع أو السجود أو بين السجدتين؛ وذلك لما ورد عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فكبروا، ولا تعدوها شيئاً، ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة". وعن أبي قتادة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أتيتم الصلاة فعليكم بالسكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا". قال الحافظ ابن حجر: (استدلّ به على استحباب الدخول مع الإمام في أي حال وجد عليها). وعن معاذ – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أتى أحدكم والإمام على حال فليصنع كما يصنع الإمام". هذه هي السنة في حق الداخل والإمام في الصلاة؛ بدلالة ما ذكر من النصوص. ومن الناس من إذا دخل والإمام ساجد أو بين السجدتين لم يدخل معه حتى يقوم إلى الركعة التالية، أو يعلم أنه في التشهد فيجلس معه، وهذا قد حرم نفسه فضل السجود، مع أنه مخالف لما تضمنته الأدلة المتقدمة. قال بعض العلماء في فضل السجود مع الإمام إذا أدركه ساجداً: (لعله أن لا يرفع رأسه من السجدة حتى يغفر له). ولصلاة المسبوق أحكام يضيق الحديث عنها الآن فيجب الرجوع إليها لمعرفة كيفية تدارك ما فات من الصلاة على كل حال. ثالثًا ـ في الذكر بعد الصلاة: للذكر بعد الصلاة شأن عظيم، حث عليه النبي صلى الله عليه وسلم، ورغب فيه قولاً وفعلاً، وقد دل على ذلك مجمل قوله تعالى: ]وأدبار السجود[ قال ابن عباس – رضي الله عنهما – (أمره أن يسبح في أدبار الصلوات كلها). ولذا قال الإمام النووي – رحمه الله -: (أجمع العلماء على استحباب الذكر بعد الصلاة، وجاء فيه أحاديث كثيرة صحيحة في أنواع منه متعددة). والذكر بعد الصلاة من المواضع التي يتأكد فيها الذكر.فينبغي للمسلم أن يتعلم هذه الأذكار، وأن يحرص على الإتيان بها في مواضعها، وألا تأخذه العجلة، فيتركها، فيفوته خير كثير، كما عليه كثير من الناس اليوم. وسأذكر شيئاً من هذه الأذكار بسياق أحاديثها؛ ليكون المسلم على بصيرة من ذلك إن شاء الله تعالى، وليحرص على التقيد بالألفاظ الواردة عنه صلى الله عليه وسلم؛ لأن ذلك أكمل في التعبد. روى ثوبان – رضي الله عنه – قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثاً، وقال: "اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت ذا الجلال والإكرام"، وفي رواية لحديث عائشة – رضي الله عنها -: "يا ذا الجلال والإكرام"، قيل للأوذاعي – وهو أحد رواة حديث ثوبان -: كيف الاستغفار؟ قال: تقول: استغفر الله، استغفر الله. وأما زيادة لفظ (وتعاليت) بعد لفظ تباركت فهي وإن كانت من ألفاظ الثناء على الله تعالى ووردت في أحاديث أخرى، إلا أنه لا أصل لها في هذا الموضع. والله أعلم. وعن المغيرة بن شعبة – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في دبر كل صلاة مكتوبة: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد". وفي رواية سندها صحيح: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير"، ثلاث مرات.وعن أبي الزبير قال: كان ابن الزبير – رضي الله عنه – يقول في دبر كل صلاة حين يسلم: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله،ولا نعبد إلا إياه، له النعمة، وله الفضل، وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون". وقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهلل بهن دبر كل صلاة. فإن كان بعد صلاة المغرب أو الفجر هلّل عشر مرات، لحديث أبي ذر – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قال دبر صلاة الفجر، وهو ثاني رجليه قبل أن يتكلم: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، بيده الخير وهو على كل شيء قدير، عشر مرات، كتب له عشر حسنات، ومحيت عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات، وكان يومه ذلك في حرز من كل مكروه وحرس من الشيطان، ولم ينبغ لذنب أن يدركه في ذلك اليوم إلا الشرك بالله". وعن معاذ بن جبل – رضي الله عنه -: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيده وقال: "يا معاذ والله إني لأحبك". فقال يا معاذ لا تدعنّ في دبر كل صلاة تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك". وعن سعد بن أبي وقاص أنه كان يعلم بنيه هؤلاء الكلمات كما يعلم المعلم الغلمان الكتابة، ويقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ بهن دبر الصلاة. "اللهم إن أعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من عذاب القبر". وقد ورد في "الصحيحين" وغيرهما أدعية أخرى . ثم يبدأ المصلي بالتسبيح، وقد ورد في السنة صفات متعددة ومن ذلك: الصفة الأولى: أن يسبح ثلاثاً وثلاثين، ويحمد ثلاثاً وثلاثين، ويكبر ثلاثاً وثلاثين، ويقول تمام المائة: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير". ودليل ذلك حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من سبح الله في دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين، وحمد الله ثلاثاً وثلاثين، وكبر الله ثلاثاً وثلاثين فتلك تسعة وتسعون، وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير؛ غفرت له خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر". الصفة الثانية: ما ورد في حديث كعب بن عجرة – رضي الله عنه – عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "معقبات لا يخيب قائلهن أو فاعلهن دبر كل صلاة مكتوبة: ثلاث وثلاثون تسبيحة، وثلاث وثلاثون تحميدة، وأربع وثلاثون تكبيرة" ومعنى "معقبات": أي: تفعل مرة بعد أخرى في أعقاب الصلاة. الصفة الثالثة: ما ورد في حديث عبد الله بن عمرو – رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم -: "خلتان لا يحصيهما رجل مسلم إلا دخل الجنة، ألا وهما يسير، ومن يعمل بهما قليل: يسبح الله دبر كل صلاة عشراً، ويحمده عشراً، ويكبره عشراً"، قال: فأنا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقدها بيده قال: "فتلك خمسون ومائة باللسان وألف وخمس مائة في الميزان . . ." الحديث. الصفة الرابعة: أن يسبح خمساً وعشرين، ويحمد خمساً وعشرين، ويهلل خمساً وعشرين، ودليل ذلك حديث زيد بن ثابت – رضي الله عنه – قال: أمروا أن يسبحوا دبر كلّ صلاة ثلاثاً وثلاثين، ويحمدوا ثلاثاً وثلاثين، ويكبروا أربعاً وثلاثين، فأتي رجل من الأنصار في منامه، فقيل له: أمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تسبحوا دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين، وتحمدوا ثلاثاً وثلاثين، وتكبروا أربعاً وثلاثين؟ قال: نعم. قال: فاجعلوا خمساً وعشرين، واجعلوا فيها التهليل، فلما أصبح أتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال: "اجعلوها كذلك". والأفضل أن يأتي المصلي بهذه الصفة تارة، وبهذه تارة أخرى، لما تقدم في العبادات والواردة على صفات متعددة. والأفضل أن يكون عد التسبيح بالأنامل – وهي الأصابع – لدلالة السنة على ذلك – كما سيأتي إن شاء الله – وقد درج على ذلك الصحابة – رضي الله عنهم – ومن تبعهم بإحسان إلى يومنا هذا – ولله الحمد – وهو أولى من استعمال السبحة ونحوها، فإنه أقرب إلى الإخلاص، وأبعد عن الرياء، وأدعى إلى حضور القلب. وللمصلي أن يعقد التسبيح بكلتا يديه؛ لما تقدم في حديث عبد الله بن عمرو – رضي الله عنهما – قال: (فأنا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقدها بيده) ولفظ "اليد" للجنس، فيراد به: اليدان، وفي بعض ألفاظ الحديث: (ولقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقدها هكذا) وعدّ بأصابعه. وعن يسيرة – وكانت من المهاجرات – قالت: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا نساء المسلمات، عليكن بالتهليل والتسبيح والتقديس، ولا تغفلن فتنسين الرحمة، واعقدن بالأنامل؛ فإنهن مسؤولات مستنطقات". وبعد الذكر يقرأ آية الكرسي ]الله لا إله إلا هو الحي القيوم[ . . . إلى: ]وهو العلي العظيم[ لحديث أبي أمامة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة، لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت"، ثم يقرأ سورة الإخلاص ]قل هو الله أحد[ والمعوذتين ]أعوذ برب الفق[ و ]قل أعوذ برب الناس[، لما ورد عن عقب بن عامر – رضي الله عنه – قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ بالمعوّذات دبر كل صلاة. رابعًا ـ في الفصل بين الفريضة والنافلة: دلت نصوص الشريعة على أنه ينبغي لمن صلى الفريضة أن يتحول عن مكانه لصلاة النفل إذا كانت النافلة في المسجد، فإن حصل بينهما بكلام كفى، والمراد به: التحدث مع الآخرين؛ لأنه أبلغ في الفصل، وأبعد عن جنس الصلاة. والحال الأول أكمل، وذلك ليحصل تمييز بين الفريضة والنافلة، وهذا مقاصد الشريعة في مشروعية هذا الحكم. ولا فرق في ذلك بين الإمام والمأموم،ولا بين الرجل والمرأة، لعموم الأدلة. وقد دل على ذلك ما ورد عن عمر بن عطاء أن نافع بن جبير أرسله إلى السائب ابن أخت نمر يسأل عن شيء رآه منه معاوية في الصلاة، فقال: نعم، صليت معه الجمعة في المقصورة، فلما سلم الإمام قمت من مقامي، فصليت، فلما دخل أرسل إليّ، فقال: لا تعد لما فعلت؛ إذا صليت الجمعة فلا تصلها بصلاة حتى تكلم أو تخرج؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا بذلك؛ أن لا نوصل صلاة بصلاة حتى نتكلم أو نخرج. قال النووي: (فيه دليل لما قاله أصحابنا: إن النافلة الراتبة وغيرها يستحب أن يتحول لها من موضع الفريضة إلى موضع آخر، وأفضله التحول إلى بيته، وإلا فموضع آخر من المسجد أو غيره، ليكثر مواضع سجوده، ولتنفصل صورة النافلة عن صورة الفريضة، وقوله: "حتى نتكلم" دليل على أن الفصل بينهما يحصل بالكلام – أيضاً – ولكن بالانتقال أفضل؛ لما ذكرناه، والله أعلم). اختلاف نية الإمام والمأموم من أحكام دخول المسجد التي ينبغي العلم بها أنه لا يشترط اتحاد نية الإمام والمأموم، وأن اختلاف نية الإمام عن المأموم لا يمنع صحة الاقتداء، فالمفترض يأتم بالمتنفل، والمتنفل يأتم بالمفترض، والمفترض يقتدي بمفترض آخر خامسًا ـ لا يحجز مكاناً في المسجد: اعتاد بعض الناس حجز مكان في بعض المساجد، خلف الإمام، إما بفرش سجادة معينة، أو وضع عصا، ونحو ذلك، وصاحب المكان إما في منـزله أو عمله، وهذه الظاهرة تكثر في المسجد الحرام ولا سيما في رمضان، حيث اعتاد أناس فرش سجاجيد في المسجد الحرام، ولا سيما عند الأعمدة يلازمون الصلاة فيها، ولا يكتفون بأماكن أنفسهم، بل يحجزون لأولادهم وأقربائهم وأصدقائهم، ويبذلون دريهمات لفئة من الناس يقومون بفرشها قبل مجيئهم، وطرد الناس عنها. وهذا العمل مخالف لنصوص الشريعة وما عليه سلف هذه الأمة من وجوه: الأول: أن المصلي مأمور بالتقدم إلى المسجد والقرب من الإمام بنفسه، لا بعصاه ولا بسجادته، وغالب من يصنع ذلك حريص على الصف الأول، لكن هذا الحرص أدى إلى مخالفة السنة. الثاني: أن فيه مخالفة لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بإتمام الصف الأول – كما تقدم – وإتمامه مطلوب حتى قبل الإقامة، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: "لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا". ومن فهم أنه يدرك فضل الصف الأول وفضيلة التقدم بتقديم عصاه، وأنه يحصل على ذلك ولو جاء متأخراً فقد أخطأ في الفهم، وأساء التصرف، فإن الفضل لا يحصل بتقدم السجادة، ولا العصا، بل الإنسان نفسه، ولا يبعد أن هذا الشخص يفوته من الأجر ويحصل له من الإثم بقدر تأخره؛ لأنه منع غيره، وخالف أمر الشرع، وكيف يكون مأجوراً بفعل ما نهى عنه الشرع؟ ولا يبعد أن تكون صلاة المتحجر ناقصة؛ لأن المعاصي إذا لم تبطل الأعمال فإنها تنقصها. الثالث: أن الناس في بيوت الله سواء، لا أحقية إلا للمتقدم، والسبق إلى المساجد يكون بالبدن لا بالعصا، فمن وضع عصاه أو نحوها وتأخر فقد غصب طائفة من المسجد، ومنع السابقين إلى المسجد أن يصلوا فيها، وأن يتموا الصف الأول فالأول، ولا ريب أن السابق يستحق هذا المكان بسبقه، ولكن هذا المتحجر ظلمه حقه فهو عاص بذلك. ومن تقدم ووجد الصف الأول قد تحجره أحد فصلى في الصفوف المتأخرة كان أفضل وأعظم أجراً؛ لأنه ما تقدم بنفسه إلا وهو يريد فضيلة السبق وأجر الصف الأول، فمنع ذلك بغير حق، فحصل على الفضل بنيته وقصده، وفات المتحجر الأجر بسبب فعله. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -: (ليس لأحد أن يتحجر من المسجد شيئاً، لا سجادة يفرشها قبل حضوره، ولا بساطاً، ولا غير ذلك، وليس لغيره أن يصلي عليها بغير إذنه، لكن يرفعها ويصلي مكانها في أصح قولي العلماء، والله أعلم). الرابع: أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى أن يوطن الرجل المكان في المسجد كما يوطن البعير، قال ابن الأثير: (معناه أن يألف الرجل مكاناً معلوماً من المسجد مخصوصاً به، يصلي فيه، كالبعير لا يأوي من عطن إلا إلى مبرك دمث قد أوطنه واتخذه مناخاً). إن ملازمة الإنسان لمكان خاص في المسجد قد يفقده لذة العبادة؛ لكثرة إلفه له وحرصه عليه، كما أنه قد يؤدي إلى الشهرة والرياء والسمعة، وفيه الحرمان من تكثير مواضع العبادة التي تشهد له يوم القيامة.وبعض الملازمين لمكان خاص يحقد على غيره إذا رآه في مكانه، وربما دعاه ذلك إلى إزاحة من سبقه إليه، أو التضجر منه، ورحم الله إمام السنة أبا عبد الله أحمد بن حنبل الذي قال عنه المروزي: (كان أبو عبد الله يقوم خلف الإمام، فجاء يوماً وقد تجافى الناس أن يصلي أحد في ذلك الموضع، فاعتزل وقام في طرف الصف، وقال: نهي أن يتخذ الرجل مصلاه مثل مربض البعير). الخامس: أن تقديم المفارش أو العصي يجعل صاحبها يتأخر عن الحضور اتكالاً على ذلك، وهذا مشاهد، فإذا حضر تخطى رقاب الناس وآذاهم فجمع بين التخطي والتأخر. السادس: أن في التحجير ترفعاً على الآخرين، وإحساساً بالفارق الذي قد يفضي بصاحبه إلى الغرور والكبر، دون أن يشعر به صاحبه، وإنك لترى شيئاً من ذلك بادياً على وجوه كثير من المتحجرين في المسجد الحرام، وكيف يتخطون رقاب الناس على أماكنهم بلا مبالاة، ويمرون بينهم وبين سترتهم وهم يتنفلون، وهذا من الشهرة والرياء. السابع: أن هذا التحجر يحدث النـزاع ويسبب العداوة والشحناء في أفضل البقاع، وهي المساجد التي لم تبن إلا لذكر الله تعالى وعبادته، وكم رأينا وسمعنا نزاعاً يقع في بيت الله الحرام حول هذه الأماكن المحجوزة، ولا سيما مع من يقومون بذود الناس عنها! الثامن: أن هؤلاء المتحجرين – ولا سيما في المسجد الحرام – إذا كان في الصف الذي أمامهم فرجة محاذية لأحدهم لم يتقدم لسدها خوفاً على مكانه، بل منهم من لا يرص الصف، بل يطلب من غيره أن يقترب؛ لئلا يزول عن مكانه. وهذا مخالف لنصوص الشريعة القاضية بسد الفرج والتراص في الصفوف. أما من كان في المسجد ووضع عصاه أو سجادته في مقدم الصف وصلى أو قرأ في مكان آخر؛ ليستند إلى عمود، أو ليراجع حفظه، ونحو هذا فلا حرج عليه، بشرط ألا يتخطى رقاب الناس، ولا يؤذيهم إذا جاء إلى مكانه، وإن كان الأولى عدم مثل ذلك متى وجد عنه مندوحة. ومن تقدم إلى المسجد وفي نيته انتظار الصلاة ثم عرض له عارض من وضوء ونحوه فقام لا حرج عليه في وضع عصا ونحوه حتى يرجع، وإذا رجع فهو أحق بمكانه؛ لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قام أحدكم من مجلسه ثم رجع إليه فهو أحق به". قال النووي: (قال أصحابنا: هذا في حق من جلس في موضع من المسجد أو غيره لصلاة مثلاً، ثم فارقه ليعود إليه، كإرادة الوضوء، أو لشغل يسير ثم يعود، لا يبطل اختصاصه به، وله أن يقيم من خالفه وقعد فيه، وعلى القاعد أن يطيعه، واختلف: هل يجب عليه؟ على وجهين: أصحهما الوجوب)، قال: (ولا فرق بين أن يقوم منه ويترك له فيه سجادة ونحوها أم لا. والله اعلم). ومن سبق إلى مكان في المسجد فهو أحق به، فلا يجوز إقامته من موضعه الذي سبق له سواء كان شريفاً أو وضيعاً، صغيراً أو كبيراً، إلا إذا حصل منه أذى، كآكل الثوم وشارب الدخان، فإنه يخرج من المسجد. سادسًا ـ في إيذاء المصلين والتشويش عليهم: المصلي يناجي ربه ويلهج بذكره ودعائه ويستحضر عظمته وهيبته وجلاله، ولا يليق بمسلم أن يقطع هذه المناجاة على أخيه بالأذية أو التشويش، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا إن كلكم مناج ربه، فلا يؤذين بعضكم بعضاً .." ويأتي بتمامه إن شاء الله، وقد شددّ الإسلام في موضوع الأذية، واعتبرها من موجبات اللعن، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "من آذى المسلمين في طرقهم وجبت عليه لعنتهم". ولا ريب أن الأذية في المساجد والتشويش على المصلين والذاكرين أعظم من الأذية في الطرق، وذلك منكر عظيم، ينبئ عن تساهل في احترام المساجد، ومراعاة المتعبدين، والمطلوب من المسلم الذي قصد بيتاً من بيوت الله أن يكون متحلياً بمكارم الأخلاق من السماحة والهدوء والمرحمة، ولا يليق به أن يهدم من جانب ويبني من جانب آخر. والتشويش على المصلين يكون بأمور عدة وصور شتى أذكر منها الآتي: 1) تخطي الرقاب: من التشويش على المصلين وأذيتهم قبل إقامة الصلاة: تخطي رقابهم ورفع الأرجل فوق رؤوسهم، مع استكمال الصفوف وخلوها من الفرج، ولا سيما في المساجد التي يكثر فيها المصلون في. وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تخطي الرقاب، فقال للذي رآه يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة: "اجلس فقد آذيت". وهذا الحديث من أقوى ما ورد في الزجر عن التخطي، كما قاله الحافظ في الفتح. وقد وقع التصريح في حبوط ثواب الجمعة للمتخطي في حديث ابن عمرو – رضي قال النووي: (ينهي الداخل إلى المسجد يوم الجمعة وغيره عن تخطي رقاب الناس من غير ضرورة). وجاء في الاختيارات لشيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله -: (ليس لأحد أن يتخطى رقاب الناس ليدخل في الصف، إذا لم يكن بين يديه فرجة لا يوم الجمعة ولا غيره؛ لأن هذا من الظلم والتعدي لحدود الله تعالى). 2) مضايقة المصلين: ومن الأذية: مضايقة المصلين المتقدمين ومزاحمتهم في أماكنهم بحيث يفقدون الراحة في صلاتهم وقراءتهم، وهذا يكثر فيمن يأتون متأخرين، فيجمعون بين التخطي والمضايقة والتأخر. وتكثر المضايقة في الحرمين الشريفين، حتى أن بعض الداخلين المتأخرين يجلس أمامك ويمنع بدنك راحته، ومنهم من يدخل الصف قسراً، بحيث لا يستطيع المصلي وضع يديه على صدره، ولا أداء صلاته براحة، وهذا من الجفاء، وعدم احترام المصلين المتقدمين، وهو من قلة الفقه في الدين. إن المطلوب من المتقدمين أن يتفسحوا ويتوسعوا للداخل إن أمكن ذلك؛ امتثالاً لقوله صلى الله عليه وسلم: "ولكن توسعوا" وتقدم بتمامه. وهذا دليل التواضع المقتضي للمحبة، والنفوس جلبت على حب من أحسن إليها. وليس من خلق المسلم أن يكون جشعاً فيأخذ من الأمكنة ما يزيد عن حاجته، ويأنف أن يفسح لغيره، ويجمع بين سوء القول وقبح الفعل. والمطلوب من المتأخرين أن يحبوا لأخوانهم ما يحبون لأنفسهم. وليفرض كل واحد منهم أن يكون هو المتقدم وزاحمه غيره. إن الإسلام لا يريد المضايقة حيث لا يمكن التفسح، ومن تعاليم هذا الدين الحنيف لأبنائه أن يجلسوا حيث ينتهي بهم المجلس، وذلك فيما رواه جابر بن سمرة – رضي الله عنه – قال: كنا إذا أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم جلسنا حيث ننتهي. 3) رفع الصوت بالقراءة: ومن التشويش على المصلين قبل الإقامة: رفع الصوت بقراءة القرآن بحيث يتأذى بجهره القارئ والمصلي، وقد نهى النبي رضي الله عنه عن ذلك، فعن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – قال: اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة، وهو في قبة له، فكشف الستر، وقال: "ألا إن كلكم مناج ربه فلا يؤذين بعضكم بعضاً، ولا يرفعن بعضكم على بعض بالقراءة" أو قال: "في الصلاة". وعن البياضي (فروة بن عمرو) رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على الناس وهم يصلون وقد علت أصواتهم بالقراءة، فقال: "إن المصلي يناجي ربه، فلينظر بما يناجيه به، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن". فهذان الحديثان فيهما نهي القارئ والمصلي عن رفع الصوت بالقراءة، لما في ذلك من أذية الآخرين من قارئ أو مصلّ أو ذاكر. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله: (ليس لأحد أن يجهر بالقراءة لا في الصلاة ولا في غير الصلاة إذا كان في المسجد وهو يؤذيهم بجهره). وقال في جواب له: (ومن فعل ما يشوش به على أهل المسجد أو فعل ما يفضي إلى ذلك منع من ذلك، والله أعلم ). أما إذا كان القارئ لا يتأذى بجهره أحد فقد جاءت الأحاديث بجواز الجهر؛ لا سيما إذا كان القارئ يأمن على نفسه من الرياء وطلب الشهرة، ويتأكد الجهر إذا كان على سبيل التعليم. ولا ريب أن الجهر أحياناً فيه إيقاظ القلب وتجديد النشاط وانصراف السمع إلى القراءة وتعدى نفعها إلى السامعين. ويجوز رفع الصوت بالقرآن في الليل، بل ذلك مستحسن إذا لم يؤذ أحداً، وأمن من الرياء، وعن عائشة – رضي الله عنها – أن النبي صلى الله عليه وسلم: سمع رجلاً يقرأ في سورة بالليل، فقال: "يرحمه الله، لقد أذكرني آية كذا وكذا، كنت أنسيتها من سورة كذا وكذا". 4) المرور بين يدي المصلي: إن المرور بين يدي المصلي وسترته حرام؛ لأنه تشويش عليه وإشغال لباله وهو يناجي ربه، وقد عبّر بعض العلماء بالكراهة، والمراد التحريم، فإنه قد ثبت فيه النهي الأكيد، والوعيد الشديد؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيراً له من أن يمر بين يديه"، قال أبو النّضر: لا أدري أقال: أربعين يوماً أو شهراً أو سنة؟. والمراد بما بين يدي المصلي: أن المصلي إن كان له سترة فما بينه وبين سترته محرم، لا يحل لأحد أن يمر منه، وإن لم يكن له سترة؛ فإن كان للمصلي سجادة يصلي عليها فإن هذه السجادة محترمة لا يحل لأحد أن يمر بين يدي المصلي فيها، وإن لم يكن له مصلى فإن المحرم ما بين قدمه وموضع سجوده فلا يمر بينه وبين هذا الموضع. ويشرع للمصلي رد المار بين يديه سواء صلى إلى سترة أم لا، على الأظهر من قولي أهل العلم؛ لحديث أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه، فإن أبى فليقاتله، فإنما هو شيطان". وعن ابن عمر – رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحداً يمر بين يديه، فإن أبى فليقاتله؛ فإن معه القرين"، ففي حديث أبي سعيد تقييد دفع المار فلم يقيد بوضع السترة، وفي حديث ابن عمر أطلق دفع المار فلم يقيد بوضع المصلي سترة وكذا وورد في حديث أبي سعيد عند البخاري في رواية له، لأن التقييد بوضع السترة قيد أغلبي، ولا تعارض بين المطلق والمقيد، فالمقيد يبقى على تقييده، فيدفع إن اتخذ سترة، ويبقى المطلق على إطلاقه، فيرد ولو لم يتخذ سترة، لأن المصلي مأمور بالصلاة إلى سترة، ومأمور بدفع المار سواء امتثل فوضع سترة أم لا. والمراد بالمقاتلة: الدفع بعنف وقهر، لا جواز القتل؛ لأن هذا اللفظ خرج مخرج التغليظ، والمبالغة في كراهة المرور. 5) رفع الصوت بالكلام: ومن التشويش بعد الإقامة ما يقوم به بعض الناس، ولا سيما النساء، في بعض المساجد من تبادل الأحاديث ورفع الصوت بذلك، فتفوتهن تكبيرة الإحرام مع الإمام، وكذلك قراءة الفاتحة فإذا ركع الإمام أسرعن وآذين المصلين بأصواتهن وحركتاهن، وهذا التصرف ينبئ عن تساهل بالصلاة من جانب، وعدم رعاية المصلين من جانب آخر، وإذا كان من يصلي نافلة مأموراً بقطعها – على أحد الأقوال كما تقدم – لأجل أن يدرك الفريضة من أولها، مع أنه في عبادة، فكيف حال من يتأخر عن أول الفريضة من أولها، مع أنه في عبادة، فكيف حال من يتأخر عن أول الفريضة وشغله القيل والقال بل وأذية الآخرين؟! وما تقدم من النهي عن الكلام في المسجد لا يعني أن الكلام يحرم فيه بل هو مباح – على الراجح من قولي أهل العلم – إذا خلا من المحاذير السابقة، وهي التشويش على المصلين أو الإعراض عن الصلاة والتشاغل عنها، لكن لا بد من ملاحظة أن المساجد لم تبن إلا لذكر الله تعالى والصلاة، وما يتبع ذلك من تدريس العلم، وموعظة الناس، وقد ورد عن سماك بن حرب قال: قلت لجابر ابن سمرة: أكنت تجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، كثيراً كان لا يقوم من مصلاه، الذي يصلي فيه الصبح أو الغداة حتى تطلع الشمس، فإذا طلعت الشمس قام، وكانوا يتحدثون،فيأخذون في أمر الجاهلية، فيضحكون، ويبتسم.قال القرطبي: (هذا الفعل منه صلى الله عليه وسلم يدل على استحباب لزوم موضع صلاة الصبح، للذكر والدعاء إلى طلوع الشمس؛ لأن ذلك الوقت وقت لا يصلّى فيه، وهو بعد صلاة مشهودة، وأشغال اليوم بعد لم تأت، فيقع الذكر والدعاء على فراغ قلب وحضور فهم، فيرتجى فيه قبول الدعاء، وسماع الأذكار . .). سابعًا ـ في المسألة في المسجد: المساجد بيوت الله تعالى، بنيت لذكره ودعائه وعبادته، لا للتكسب وجمع حطام الدنيا، ولذا منع البيع والشراء، ونشد الضالة، وسار الصناعات في المساجد؛ لهذا المعنى. وبناء على ذلك فالمساجد لا تصلح مكاناً للسؤال، وجمع المال، مع ما في ذلك من إيذاء المصلين والذاكرين والتشويش عليهم. وقد وردت النصوص بجواز إعطاء الفقير من غير مسألة، وذلك بأن يعرف فقره وحاجته، فيعطى زكاة أو صدقة ونحو ذلك، أو تقسم أموال في المسجد، فيعطى مع الناس، فله أن يأخذ ما يأتيه. ثامنًا ـ في الأكل في المسجد: يباح الأكل والشرب في المسجد، إلا ما كان له رائحة كريهة كالثوم والبصل والكراث والفجل؛ لأن آكل هذه البقول منهي عن إتيان المسجد. والأكل في المسجد إما أن يكون معتكفاً أو غير معتكف . . . فإن كان معتكفاً فإنه يأكل ويشرب في المسجد، وليس له أن يخرج من أجل الأكل؛ لأن خروجه ينافي الاعتكاف، قال الإمام مالك – رحمه الله -: (أكره للمعتكف أن يخرج من المسجد فيأكل بين يدي الباب،، ولكن ليأكل في المسجد،فإن ذلك له واسع ) ، وقال:(لايأكل المعتكف ولا يشرب إلا في المسجد، ولا يخرج من المسجد إلا لحاجة الإنسان لغائط أو بول). وأما غير المعتكف فكذلك يجوز له الأكل في المسجد، ولا داعي لتقييد ذلك بالغريب دون غيره، فإن الأدلة عامة، ومن ذلك: ما ورد عن عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي – قال: أكلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم شواء في المسجد، فأقيمت الصلاة، فأدخلنا أيدينا في الحصى، ثم قمنا نصلي، ولم نتوضأ . وعنه – أيضاً – رضي الله عنه قال: كنا نأكل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد الخبـز واللحم.ويشهد لذلك أن أهل الصفة كانوا يسكنون في المسجد، وهذا يدل ضمناً على أن الأكل فيه جائز. وكذا قصة ربط ثمامة بن أثال – رضي الله عنه – في المسجد وكذا قصة سعد بن معاذ – رضي الله عنه – عندما وضع له النبي صلى الله عليه وسلم خيمة في المسجد يعوده من قريب بعد ما أصيب في غزوة الخندق. فهذا كله يدل على جواز الأكل في المسجد، إذ لم يشتهر عند الصحابة – رضي الله عنهم – منع الأكل في المسجد، والأصل أنه مباح، فكيف إذا تأيد هذا الأصل بأدلة قوية؟!. وينبغي للآكل في المسجد أن يضع سفرة ونحوها تقع عليها فضلات الأكل، لئلا تلوث المسجد، أو يتناثر شيء من الطعام فتتجمع عليه الهوام. والله أعلم.
بهذا القدر نكون قد وصلنا لنهاية الحديث عن موضوع صلاة المراة في المسجد شروطها وآدابها. فبارك الله في كل من قرأ وعمل .
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما اللهم بلغنا رمضان وأعنا على صيامه وقيامه إيمانا واحتاسبا
واجعلنا من المقيمي الصلاة ومن ذرياتنا | | | | | |
| |