الموضوع
:
قصص الانبياء بدايه من سيدنا ادم ابو البشر الى خاتم الانبياء سيدنا محمد عليه السلام
عرض مشاركة واحدة
08-21-2015
#
6
بيانات اضافيه [
+
]
رقم العضوية :
387
تاريخ التسجيل :
Jan 2014
أخر زيارة :
12-13-2019 (02:13 PM)
المشاركات :
5,222 [
+
]
التقييم :
1910
الدولهـ
MMS ~
لوني المفضل :
Blue
رد: قصص الانبياء بدايه من سيدنا ادم ابو البشر الى خاتم الانبياء سيدنا محمد عليه السلام
سادس حلقاتنا
[postback=massy/images/backgrounds/7.gif]
سيدنا ابراهيم الخليل عليه السلام
هو خليل الله
اصطفاه الله برسالته وفضله على كثير من خلقه
كان ابراهيم يعيش فى قوم يعبدون الكواكب
فلم يكن يرضيه ذلك
واحس بفطرته ان هناك الها اعظم حتى هداه الله واصطفاه برسالته
واخذ ابراهيم يدعو قومه لوحدانيه الله وعبادته ولكنهم كذبوه وحاولوا احراقه فانجاه الله من بين ايديهم
جعل الله الانبياء من نسل ابراهيم فولد له اسماعيل واسحاق
قام ابراهيم ببناء الكعبه مع اسماعيل
منزله ابراهيم عليه السلام:
هو احد اولى العزم الخمسه الكبار الذين اخذ الله منهم ميثاقا غليظا
وهم:
نوح وابراهيم وموسى وعيسى ومحمد
بترتيب بعثهم
وهو النبى الذى ابتلاه الله ببلاء مبين
بلاء فوق قدره البشر وطاقه الاعصاب
ورغم حده الشده
وعنت البلاء
كان ابراهيم هو العبد الذى وفى
وزاد على الوفاء بالاحسان
وقد كرم الله تبارك وتعالى ابراهيم تكريما خاصا
فجعل ملته هى التوحيد الخالص النقى من الشوائب
وجعل العقل فى جانب الذين يتبعون دينه
وكان من فضل الله على ابراهيم ان جعله الله اماما للناس
وجعل فى ذريته النبوه والكتاب
فكل الانبياء من بعد ابراهيم هم من نسله فهم اولاده واحفاده
حتى اذا جاء اخر الانبياء محمد صلى الله عليه وسلم
جاء تحقيقا واستجابه لدعوه ابراهيم التى دعا الله فىها ان يبعث فى الاميين رسولا منهم
ولو مضينا نبحث فى فضل ابراهيم وتكريم الله له فسوف نمتلئ بالدهشه
نحن امام بشر جاء ربه بقلب سليم
انسان لم يكد الله يقول له اسلم حتى قال اسلمت لرب العالمين
نبى هو اول من سمانا المسلمين
نبى كان جدا وابا لكل انبياء الله الذين جاءوا بعده
نبى هادئ متسامح حليم اواه منيب
يذكر لنا ربنا ذو الجلال والاكرام امرا اخر افضل من كل ما سبق
فىقول الله عز وجل فى محكم اياته:
{
وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً
}
النساء
:
(
125
)
لم يرد فى كتاب الله ذكر لنبى
اتخذه الله خليلا غير ابراهيم
قال العلماء:
الخُلَّه هى شده المحبه
وبذلك تعنى الايه:
واتخذ الله ابراهيم حبيبا
فوق هذه القمه الشامخه يجلس ابراهيم عليه الصلاه والسلام
ان منتهى امل السالكين
وغايه هدف المحققين والعارفىن بالله
ان يحبوا الله عز وجل
اما ان يحلم احدهم ان يحبه الله
ان يفرده بالحب ان يختصه بالخُلَّه وهى شده المحبه
فذلك شئ وراء افاق التصور كان ابراهيم هو هذا العبد الربانى الذى استحق ان يتخذه الله خليلا
حال المشركين قبل بعثه ابراهيم:
لا يتحدث القران عن ميلاده او طفولته
ولا يتوقف عند عصره صراحه
ولكنه يرسم صوره لجو الحياه فى ايامه
فتدب الحياه فى عصره
وترى الناس قد انقسموا ثلاث فئات:
فئه تعبد الاصنام والتماثيل الخشبيه والحجريه
وفئه تعبد الكواكب والنجوم والشمس والقمر
وفئه تعبد الملوك والحكام
نشاه ابراهيم عليه السلام:
وفى هذا الجو ولد ابراهيم
ولد فى اسره من اسر ذلك الزمان البعيد
لم يكن رب الاسره كافرا عاديا من عبده الاصنام
كان كافرا متميزا يصنع بيديه تماثيل الالهه
وقيل ان اباه مات قبل ولادته فرباه عمه
وكان له بمثابه الاب
وكان ابراهيم يدعوه بلفظ الابوه
وقيل ان اباه لم يمت وكان ازر هو والده حقا
وقيل ان ازر اسم صنم اشتهر ابوه بصناعته
ومهما يكن من امر فقد ولد ابراهيم فى هذه الاسره
رب الاسره اعظم نحات يصنع تماثيل الالهه
ومهنه الاب تضفى عليه قداسه خاصه فى قومه
وتجعل لاسرته كلها مكانا ممتازا فى المجتمع
هى اسره مرموقه
اسره من الصفوه الحاكمه
من هذه الاسره المقدسه
ولد طفل قدر له ان يقف ضد اسرته وضد نظام مجتمعه وضد اوهام قومه وضد ظنون الكهنه وضد العروش القائمه وضد عبده النجوم والكواكب وضد كل انواع الشرك باختصار
مرت الايام
وكبر ابراهيم
كان قلبه يمتلا من طفولته بكراهيه صادقه لهذه التماثيل التى يصنعها والده
لم يكن يفهم كيف يمكن لانسان عاقل ان يصنع بيديه تمثالا
ثم يسجد بعد ذلك لما صنع بيديه
لاحظ ابراهيم ان هذه التماثيل لا تشرب ولا تاكل ولا تتكلم ولا تستطيع ان تعتدل لو قلبها احد على جنبها
كيف يتصور الناس ان هذه التماثيل تضر وتنفع؟
مواجهه عبده الكواكب والنجوم:
قرر ابراهيم عليه السلام مواجهه عبده النجوم من قومه
فاعلن عندما راى احد الكواكب فى الليل
ان هذا الكوكب ربه
ويبدو ان قومه اطمانوا له
وحسبوا انه يرفض عباده التماثيل ويهوى عباده الكواكب
وكانت الملاحه حره بين الوثنيات الثلاث:
عباده التماثيل والنجوم والملوك
غير ان ابراهيم كان يدخر لقومه مفاجاه مذهله فى الصباح
لقد افل الكوكب الذى التحق بديانته بالامس
وابراهيم لا يحب الافلين
فعاد ابراهيم فى الليله الثانيه يعلن لقومه ان القمر ربه
لم يكن قومه على درجه كافىه من الذكاء ليدركوا انه يسخر منهم برفق ولطف وحب
كيف يعبدون ربا يختفى ثم يظهر
يافل ثم يشرق
لم يفهم قومه هذا فى المره الاولى فكرره مع القمر
لكن القمر كالزهره كاي كوكب اخر
يظهر ويختفى
فقال ابراهيم عندما افل القمر
{
لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّى لاكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ
}
الانعام
:
(
77
)
نلاحظ هنا انه عندما يحدث قومه عن رفضه لالوهيه القمر
فانه يمزق العقيده القمريه بهدوء ولطف. كيف يعبد الناس ربا يختفى ويافل
{
لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّى
}
يفهمهم ان له ربا غير كل ما يعبدون
غير ان اللفته لا تصل اليهم
ويعاود ابراهيم محاولته فى اقامه الحجه على الفئه الاولى من قومه
عبده الكواكب والنجوم
فىعلن ان الشمس ربه
لانها اكبر من القمر
وما ان غابت الشمس حتى اعلن براءته من عباده النجوم والكواكب
فكلها مغلوقات تافل
وانهى جولته الاولى بتوجيهه وجهه للذى فطر السماوات والارض حنيفا
ليس مشركا مثلهم.
استطاعت حجه ابراهيم ان تظهر الحق
وبدا صراع قومه معه
لم يسكت عنه عبده النجوم والكواكب
بدءوا جدالهم وتخويفهم له وتهديده
ورد ابراهيم عليهم قال:
{
وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّى فى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلاَ أَخَافُ مَا
تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَن يَشَاء رَبِّى شَيْئًا وَسِعَ رَبِّى كُلَّ شَئ عِلْمًا أَفَلاَ
تَتَذَكَّرُونَ وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللَّهِ
مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ
تَعْلَمُونَ
}
الانعام
:
(
80-81
)
لا نعرف رهبه الهجوم عليه
ولا حده الصراع ضده
ولا اسلوب قومه الذى اتبعه معه لتخويفه
تجاوز القران هذا كله الى رده هو
كان جدالهم باطلا فاسقطه القران من القصه
وذكر رد ابراهيم المنطقى العاقل
كيف يخوفونه ولا يخافون هم؟
اى الفريقين احق بالامن؟
بعد ان بين ابراهيم عليه السلام حجته لفئه عبده النجوم والكواكب
استعد لتبيين حجته لعبده الاصنام
اتاه الله الحجه فى المره الاولى كما سيؤتيه الحجه فى كل مره
سبحانه
كان يؤيد ابراهيم ويريه ملكوت السماوات والارض
لم يكن معه غير اسلامه حين بدا صراعه مع عبده الاصنام
هذه المره ياخذ الصراع شكلا اعظم حده
ابوه فى الموضوع
هذه مهنه الاب وسر مكانته وموضع تصديق القوم
وهى العباده التى تتبعها الاغلبيه
مواجهه عبده الاصنام:
خرج ابراهيم على قومه بدعوته
قال بحسم غاضب وغيره على الحق:
{
إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِى أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ قَالُوا
وَجَدْنَا ابَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَابَاؤُكُمْ فى ضَلالٍ
مُّبِينٍ قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنتَ مِنَ اللاَّعِبِينَ قَالَ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ
}
الانبياء
:
(
52-56
)
انتهى الامر وبدا الصراع بين ابراهيم وقومه
كان اشدهم ذهولا وغضبا هو اباه او عمه الذى رباه كاب
واشتبك الاب والابن فى الصراع
فصلت بينهما المبادئ فاختلفا
الابن يقف مع الله
والاب يقف مع الباطل
قال الاب لابنه:
مصيبتى فىك كبيره يا ابراهيم
لقد خذلتنى واسات الى
قال ابراهيم:
{
إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِى
عَنكَ شَيْئًا يَا أَبَتِ إِنِّى قَدْ جَائنى مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِى
أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا يَا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ
لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا يَا أَبَتِ إِنِّى أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن
فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا
}
مريم
:
(
42-45
)
انتفض الاب واقفا وهو يرتعش من الغضب
قال لابراهيم وهو ثائر اذا لم تتوقف عن دعوتك هذه فسوف ارجمك
ساقتلك ضربا بالحجاره
هذا جزاء من يقف ضد الالهه
اخرج من بيتى لا اريد ان اراك
اخرج
انتهى الامر واسفر الصراع عن طرد ابراهيم من بيته
كما اسفر عن تهديده بالقتل رميا بالحجاره رغم ذلك تصرف ابراهيم كابن بار ونبى كريم
خاطب اباه بادب الانبياء قال لابيه ردا على الاهانات والتجريح والطرد والتهديد بالقتل:
{
قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّى إِنَّهُ كَانَ بِى حَفِيًّا وَأَعْتَزِلُكُمْ
وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّى عَسَى أَلاَّ أَكُونَ بِدُعَاء رَبِّى
شَقِيًّا
}
مريم
:
(
47-48
)
وخرج ابراهيم من بيت ابيه
هجر قومه وما يعبدون من دون الله
وقرر فى نفسه امرا
كان يعرف ان هناك احتفالا عظيما يقام على الضفه الاخرى من النهر
وينصرف الناس جميعا اليه
وانتظر حتى جاء الاحتفال وخلت المدينه التي يعيش فىها من الناس
وخرج ابراهيم حذرا وهو يقصد بخطاه المعبد
كانت الشوارع المؤديه الى المعبد خاليه
وكان المعبد نفسه مهجورا
انتقل كل الناس الى الاحتفال
دخل ابراهيم المعبد ومعه فاس حاده
نظر الى تماثيل الالهه المنحوته من الصخر والخشب
نظر الى الطعام الذى وضعه الناس امامها كنذور وهدايا
اقترب ابراهيم من التماثيل وسالهم:
{
أَلَا تَأْكُلُونَ
}
كان يسخر منهم ويعرف انهم لا ياكلون
وعاد يسال التماثيل:
{
مَا لَكُمْ لَا تَنطِقُونَ
}
ثم هوى بفاسه على الالهه
وتحولت الالهه المعبوده الى قطع صغيره من الحجاره والاخشاب المهشمه
الا كبير الاصنام فقد تركه ابراهيم
{
لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ
}
فىسالونه كيف وقعت الواقعه وهو حاضر فلم يدفع عن صغار الالهه
ولعلهم حينئذ يراجعون القضيه كلها
فىرجعون الى صوابهم
الا ان قوم ابراهيم الذين عطّلت الخرافه عقولهم عن التفكير
وغلّ التقليد افكارهم عن التامل والتدبر
لم يسالوا انفسهم:
ان كانت هذه الهه فكيف وقع لها ما وقع دون ان تدفع عن انفسها شيئا؟
وهذا كبيرها كيف لم يدفع عنها؟
وبدلا من ذلك
{
قَالُوا مَن فَعَلَ هَذَا بِالِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ
}
عندئذ تذكر الذين سمعوا ابراهيم ينكر على ابيه ومن معه عباده التماثيل
ويتوعدهم ان يكيد لالهتهم بعد انصرافهم عنها
فاحضروا ابراهيم عليه السلام
وتجمّع الناس
وسالوه
{
أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِالِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ
}
فاجابهم ابراهيم
{بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ}
والتهكم واضح فى هذا الجواب الساخر فلا داعى لتسميه هذه كذبه من ابراهيم
عليه السلام
والبحث عن تعليلها بشتى العلل التى اختلف عليها المفسرون
فالامر ايسر من هذا بكثير
انما اراد ان يقول لهم:
ان هذه التماثيل لا تدرى من حطمها ان كنت انا ام هذا الصنم الكبير الذى لا يملك مثلها حراكا
فهى جماد لا ادراك له اصلا
وانتم كذلك مثلها مسلوبو الادراك لا تميزون بين الجائز والمستحيل
فلا تعرفون ان كنت انا الذى حطمتها ام ان هذا التمثال هو الذى حطمها
ويبدو ان هذا التهكم الساخر قد هزهم هزا
وردهم الى شئ من التدبر التفكر:
{
فَرَجَعُوا إِلَى أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ
}
(
الانبياء:64
)
وكانت بادره خير ان يستشعروا ما فى موقفهم من سخف
وما فى عبادتهم لهذه التماثيل من ظلم
وان تتفتح بصيرتهم لاول مره فىتدبروا ذلك السخف الذى ياخذون به انفسهم
وذلك الظلم الذى هم فىه سادرون
ولكنها لم تكن الا ومضه واحده اعقبها الظلام
والا خفقه واحده عادت بعدها قلوبهم الى الخمود:
{
ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُؤُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلاء يَنطِقُونَ
}
(
الانبياء : 65
)
وحقا كانت الاولى رجعه الى النفوس
وكانت الثانيه نكسه على الرؤوس
كما يقول التعبير القرانى المصور العجيب
كانت الاولى حركه فى النفس للنظر والتدبر
اما الثانيه فكانت انقلابا على الراس فلا عقل ولا تفكير
والا فان قولهم هذا الاخير هو الحجه عليهم
وايه حجه لابراهيم اقوى من ان هؤلاء لا ينطقون؟
ومن ثم يجيبهم بعنف وضيق على غير عادته وهو الصبور الحليم
لان السخف هنا يجاوز صبر الحليم:
{
قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنفَعُكُمْ شَيْئًا وَلا يَضُرُّكُمْ أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ
}
(
الانبياء:66-67
)
وهى قوله يظهر فىها ضيق الصدر
وغيظ النفس
والعجب من السخف الذى يتجاوز كل مالوف
عند ذلك اخذتهم العزه بالاثم كما تاخذ الطغاه دائما حين يفقدون الحجه ويعوزهم الدليل
فىلجاون الى القوه الغاشمه والعذاب الغليظ
{
قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا الِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ
}
(
الانبياء:68
)
نجاه ابراهيم عليه السلام من النار:
وفعلا
بدا الاستعداد لاحراق ابراهيم
انتشر النبا فى المملكه كلها
وجاء الناس من القرى والجبال والمدن ليشهدوا عقاب الذى تجرا على الالهه وحطمها واعترف بذلك وسخر من الكهنه
وحفروا حفره عظيمه ملئوها بالحطب والخشب والاشجار
واشعلوا فىها النار
واحضروا المنجنيق وهو اله جباره ليقذفوا ابراهيم فىها فىسقط فى حفره النار
ووضعوا ابراهيم بعد ان قيدوا يديه وقدميه فى المنجنيق
واشتعلت النار فى الحفره وتصاعد اللهب الى السماء
وكان الناس يقفون بعيدا عن الحفره من فرط الحراره اللاهبه
واصدر كبير الكهنه امره باطلاق ابراهيم فى النار
جاء جبريل عليه السلام ووقف عند راس ابراهيم وساله:
يا ابراهيم
الك حاجه؟
قال ابراهيم:
اما اليك فلا
انطلق المنجنيق ملقيا ابراهيم فى حفره النار
كانت النار موجوده فى مكانها
ولكنها لم تكن تمارس وظيفتها فى الاحراق
فقد اصدر الله جل جلاله الى النار امره بان تكون
{
بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ
}
احرقت النار قيوده فقط
وجلس ابراهيم وسطها كانه يجلس وسط حديقه
كان يسبّح بحمد ربه ويمجّده
لم يكن فى قلبه مكان خال يمكن ان يمتلئ بالخوف او الرهبه او الجزع
كان القلب مليئا بالحب وحده
ومات الخوف
وتلاشت الرهبه
واستحالت النار الى سلام بارد يلطف عنه حراره الجو
جلس الكهنه والناس يرقبون النار من بعيد
كانت حرارتها تصل اليهم على الرغم من بعدهم عنها
وظلت النار تشتعل فتره طويله حتى ظن الكافرون انها لن تنطفئ ابدا
فلما انطفات فوجئوا بابراهيم يخرج من الحفره سليما كما دخل
ووجهه يتلالا بالنور والجلال
وثيابه كما هى لم تحترق
وليس عليه اى اثر للدخان او الحريق
خرج ابراهيم من النار كما لو كان يخرج من حديقه
وتصاعدت صيحات الدهشه الكافره
خسروا جولتهم خساره مريره وساخره
{
وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ
}
(
الانبياء:70
)
لا يحدثنا القران الكريم عن عمر ابراهيم حين حطم اصنام قومه
لا يحدثنا عن السن التى كلف فىها بالدعوه الى الله
ويبدو من استقراء النصوص القديمه ان ابراهيم كان شابا صغيرا حين فعل ذلك
بدليل قول قومه عنه:
{
سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ
}
وكلمه الفتى تطلق على السن التى تسبق العشرين
مواجهه عبده الملوك:
ان زمن اصطفاء الله تعالى لابراهيم غير محدد فى القران وبالتالى فنحن لا نستطيع ان نقطع فىه بجواب نهائ
كل ما نستطيع ان نقطع فىه برائ
ان ابراهيم اقام الحجه على عبده التماثيل بشكل قاطع
كما اقامها على عبده النجوم والكواكب من قبل بشكل حاسم
ولم يبق الا ان تقام الحجه على الملوك المتالهين وعبادهم
وبذلك تقوم الحجه على جميع الكافرين
فذهب ابراهيم عليه السلام لملك متالّه كان فى زمانه
وتجاوز القران اسم الملك لانعدام اهميته
لكن روى ان الملك المعاصر لابراهيم كان يلقب (
بالنمرود
) وهو ملك الاراميين بالعراق
كما تجاوز حقيقه مشاعره
كما تجاوز الحوار الطويل الذى دار بين ابراهيم وبينه
لكن الله تعالى فى كتابه الحكيم اخبرنا الحجه الاولى التى اقامها ابراهيم عليه السلام على الملك الطاغيه
فقال ابراهيم بهدوء:
{
رَبِّى الَّذِى يُحْيِـى وَيُمِيتُ
}
قال الملك:
{
أَنَا أُحْيِـى وَأُمِيتُ
}
استطيع ان احضر رجلا يسير فى الشارع واقتله
واستطيع ان اعفو عن محكوم عليه بالاعدام وانجيه من الموت
وبذلك اكون قادرا على الحياه والموت
لم يجادل ابراهيم الملك لسذاجه ما يقول
غير انه اراد ان يثبت للملك انه يتوهم فى نفسه القدره وهو فى الحقيقه ليس قادرا
فقال ابراهيم:
{
فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِى بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ
}
استمع الملك الى تحدى ابراهيم صامتا
فلما انتهى كلام النبى بهت الملك
احس بالعجز ولم يستطع ان يجيب
لقد اثبت له ابراهيم انه كاذب
قال له ان الله ياتى بالشمس من المشرق
فهل يستطيع هو ان ياتى بها من المغرب
ان للكون نظما وقوانين يمشى طبقا لها
قوانين خلقها الله ولا يستطيع اى مخلوق ان يتحكم فيها
ولو كان الملك صادقا فى ادعائه الالوهيه فليغير نظام الكون وقوانينه
ساعتها احس الملك بالعجز
واخرسه التحدى
ولم يعرف ماذا يقول ولا كيف يتصرف انصرف ابراهيم من قصر الملك
بعد ان بهت الذى كفر
هجره ابراهيم عليه السلام:
انطلقت شهره ابراهيم فى المملكه كلها
تحدث الناس عن معجزته ونجاته من النار
وتحدث الناس عن موقفه مع الملك وكيف اخرس الملك فلم يعرف ماذا يقول
واستمر ابراهيم فى دعوته لله تعالى
بذل جهده ليهدى قومه
حاول اقناعهم بكل الوسائل
ورغم حبه لهم وحرصه عليهم فقد غضب قومه وهجروه
ولم يؤمن معه من قومه سوى امراه ورجل واحد
امراه تسمى ساره
وقد صارت فىما بعد زوجته
ورجل هو لوط، وقد صار نبيا فىما بعد
وحين ادرك ابراهيم ان احدا لن يؤمن بدعوته
قرر الهجره
قبل ان يهاجر
دعا والده للايمان
ثم تبين لابراهيم ان والده عدو لله
وانه لا ينوى الايمانفتبرا منه وقطع علاقته به
للمره الثانيه فى قصص الانبياء نصادف هذه المفاجاه
فى قصه نوح كان الاب نبيا والابن كافرا
وفى قصه ابراهيم كان الاب كافرا والابن نبيا
وفى القصتين نرى المؤمن يعلن براءته من عدو الله رغم كونه ابنه او والده
وكان الله يفهمنا من خلال القصه ان العلاقه الوحيده التي ينبغى ان تقوم عليها الروابط بين الناس
هى علاقه الايمان لا علاقه الميلاد والدم
خرج ابراهيم عليه السلام من بلده وبدا هجرته
سافر الى مدينه تدعى اور
ومدينه تسمى حاران
ثم رحل الى فلسطين ومعه زوجته
المراه الوحيده التى امنت به
وصحب معه لوطا
الرجل الوحيد الذى امن به
بعد فلسطين ذهب ابراهيم الى مصر
وطوال هذا الوقت وخلال هذه الرحلات كلها
كان يدعو الناس الى عباده الله
ويحارب فى سبيله
ويخدم الضعفاء والفقراء
ويعدل بين الناس
ويهديهم الى الحقيقه والحق
وتاتى بعض الروايات لتبين قصه ابراهيم عليه السلام وزوجته ساره وموقفهما مع ملك مصر
فتقول:
وصلت الاخبار لملك مصر بوصول رجل لمصر معه امراه هى اجمل نساء الارض
فطمع بها
وارسل جنوده لياتونه بهذه المراه
وامرهم بان يسالوا عن الرجل الذى معها
فان كان زوجها فليقتلوه
فجاء الوحى لابراهيم عليه السلام بذلك
فقال ابراهيم
عليه السلام
لساره ان سالوك عنى فانت اختى
اى اخته فى الله
وقال لها ما على هذه الارض مؤمن غيرى وغيرك
فكل اهل مصر كفره
ليس فىها موحد لله عز وجل
فجاء الجنود وسالوا ابراهيم:
ما تكون هذه منك؟
قال:
اختى
لنقف هنا قليلا
قال ابراهيم حينما قال لقومه (
انى سقيم
)
و
{
بل فعله كبيرهم هذا فاسالوه
}
و
(
هى اختى
)
كلها كلمات تحتمل التاويل
لكن مع هذا كان ابراهيم عليه السلام خائفا جدا من حسابه على هذه الكلمات يوم القايمه
فعندما يذهب البشر له يوقم القيامه ليدعوا الله ان يبدا الحساب يقول لهم لا انى كذب على ربى ثلاث مرات
ونجد ان البشر الان يكذبون امام الناس من غير استحياء ولا خوف من خالقهم
لما عرفت ساره ان ملك مصر فاجر ويريدها له اخذت تدعوا الله قائله:
اللهم ان كنت تعلم انى امنت بك وبرسولك واحصنت فرجى الا على زوجى فلا تسلط على الكافر
فلما ادخلوها عليه
مد يده اليها ليلمسها فشلّ وتجمدت يده فى مكانها
فبدا بالصراخ لانه لم يعد يستطيع تحريكها
وجاء اعوانه لمساعدته لكنهم لم يستطيعوا فعل شئ
فخافت ساره على نفسها ان يقتلوها بسبب ما فعلته بالملك
فقالت:
يارب اتركه لا يقتلونى به
فاستجاب الله لدعائها
لكن الملك لم يتب وظن ان ما حدث كان امرا عابرا وذهب
فهجم عليها مره اخرى
فشلّ مره ثانيه
فقال:
فكينى
فدعت الله تعالى فَفَكّه
فمد يده ثالثه فشلّ
فقال:
فكينى واطلقك واكرمك
فدعت الله سبحانه وتعالى فَفُك
فصرخ الملك باعوانه:
ابعدوها عنى فانكم لم تاتونى بانسان بل اتيتمونى بشيطان
فاطلقها واعطاها شيئا من الذهب
كما اعطاها امَةً اسمها
(
هاجر
)
هذه الروايه مشهوره عن دخول ابراهيم
عليه السلام
لمصر
وكانت زوجته ساره لا تلد
وكان ملك مصر قد اهداها سيده مصريه لتكون فى خدمتها
وكان ابراهيم قد صار شيخا
وابيض شعره من خلال عمر ابيض انفقه فى الدعوه الى الله
وفكرت ساره انها وابراهيم وحيدان
وهى لا تنجب اولادا
ماذا لو قدمت له السيده المصريه لتكون زوجه لزوجها؟
وكان اسم المصريه
(
هاجر
)
وهكذا زوجت ساره سيدنا ابراهيم من هاجر
وولدت هاجر ابنها الاول فاطلق والده عليه اسم
(
اسماعيل
)
كان ابراهيم شيخا حين ولدت له هاجر اول ابنائه اسماعيل
ولسنا نعرف ابعاد المسافات التي قطعها ابراهيم فى رحلته الى الله
كان دائما هو المسافر الى الله
سواء استقر به المقام فى بيته او حملته خطواته سائحا فى الارض
مسافر الى الله يعلم انها ايام على الارض وبعدها يجئ الموت ثم ينفخ فى الصور وتقوم قيامه الاموات ويقع البعث
احياء الموتى:
ملا اليوم الاخر قلب ابراهيم بالسلام والحب واليقين
واراد ان يرى يوما كيف يحيى الله عز وجل الموتى
حكى الله هذا الموقف فى سوره
(
البقره
)
قال تعالى:
{
وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِى كَيْفَ تُحْيِـى الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِى
}
لا تكون هذه الرغبه فى طمانينه القلب مع الايمان الا درجه من درجات الحب لله
{
قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
}
فعل ابراهيم ما امره به الله
ذبح اربعه من الطير وفرق اجزاءها على الجبال
ودعاها باسم الله فنهض الريش يلحق بجناحه
وبحثت الصدور عن رؤوسها
وتطايرت اجزاء الطير مندفعه نحو الالتحام
والتقت الضلوع بالقلوب
وسارعت الاجزاء الذبيحه للالتئام
ودبت الحياه فى الطير
وجاءت طائره مسرعه ترمى بنفسها فى احضان ابراهيم
اعتقد بعض المفسرين ان هذه التجربه كانت حب استطلاع من ابراهيم
واعتقد بعضهم انه اراد ان يرى يد ذى الجلال الخالق وهي تعمل
فلم ير الاسلوب وان راى النتيجه
واعتقد بعض المفسرين انه اكتفى بما قاله له الله ولم يذبح الطير
ونعتقد ان هذه التجربه كانت درجه من درجات الحب قطعها المسافر الى الله
ابراهيم.
رحله ابراهيم مع هاجر واسماعيل لوادى مكه:
استيقظ ابراهيم يوما فامر زوجته هاجر ان تحمل ابنها وتستعد لرحله طويله
وبعد ايام بدات رحله ابراهيم مع زوجته هاجر ومعهما ابنهما اسماعيل
وكان الطفل رضيعا لم يفطم بعد
وظل ابراهيم يسير وسط ارض مزروعه تاتى بعدها صحراء تجئ بعدها جبال
حتى دخل الى صحراء الجزيره العربيه
وقصد ابراهيم واديا ليس فيه زرع ولا ثمر ولا شجر ولا طعام ولا مياه ولا شراب
كان الوادى يخلو تماما من علامات الحياه
وصل ابراهيم الى الوادى
وهبط من فوق ظهر دابته
وانزل زوجته وابنه وتركهما هناك
ترك معهما جرابا فىه بعض الطعام
وقليلا من الماء
ثم استدار وتركهما وسار
اسرعت خلفه زوجته وهى تقول له:
يا ابراهيم اين تذهب وتتركنا بهذا الوادى الذى ليس فيه شئ؟
لم يرد عليها سيدنا ابراهيم
ظل يسير
عادت تقول له ما قالته وهو صامت
اخيرا فهمت انه لا يتصرف هكذا من نفسه
ادركت ان الله امره بذلك وسالته:
هل الله امرك بهذا؟
قال ابراهيم عليه السلام:
نعم
قالت زوجته المؤمنه العظيمه:
لن نضيع ما دام الله معنا وهو الذى امرك بهذا
وسار ابراهيم حتى اذا اخفاه جبل عنهما وقف ورفع يديه الكريمتين الى السماء وراح يدعو الله:
{
رَّبَّنَا إِنِّى أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِى بِوَادٍ غَيْرِ ذِى زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ
}
لم يكن بيت الله قد اعيد بناؤه بعد
لم تكن الكعبه قد بنيت
وكانت هناك حكمه عليا فى هذه التصرفات الغامضه
فقد كان اسماعيل الطفل الذى ترك مع امه فى هذا المكان
كان هذا الطفل هو الذى سيصير مسئولا مع والده عن بناء الكعبه فىما بعد
وكانت حكمه الله تقضى ان يمتد العمران الى هذا الوادى
وان يقام فيه بيت الله الذى نتجه جميعا اليه اثناء الصلاه بوجوهنا
ترك ابراهيم زوجته وابنه الرضيع فى الصحراء وعاد راجعا الى كفاحه فى دعوه الله
ارضعت ام اسماعيل ابنها واحست بالعطش
كانت الشمس ملتهبه وساخنه وتثير الاحساس بالعطش
بعد يومين انتهى الماء تماما
وجف لبن الام
واحست هاجر واسماعيل بالعطش
كان الطعام قد انتهى هو الاخر
وبدا الموقف صعبا وحرجا للغايه
ماء زمزم:
بدا اسماعيل يبكى من العطش
وتركته امه وانطلقت تبحث عن ماء
راحت تمشى مسرعه حتى وصلت الى جبل اسمه
(
الصفا
)
فصعدت اليه وراحت تبحث بهما عن بئر او انسان او قافله
لم يكن هناك شئ
ونزلت مسرعه من الصفا حتى اذا وصلت الى الوادى راحت تسعى سعى الانسان المجهد حتى جاوزت الوادى ووصلت الى جبل
(
المروه
)
فصعدت اليه ونظرت لترى احدا لكنها لم تر احدا
وعادت الام الى طفلها فوجدته يبكى وقد اشتد عطشه
واسرعت الى الصفا فوقفت عليه
وهرولت الى المروه فنظرت من فوقه
وراحت تذهب وتجئ سبع مرات بين الجبلين الصغيرين
سبع مرات وهى تذهب وتعود
ولهذا يذهب الحجاج سبع مرات ويعودون بين الصفا والمروه احياء لذكريات امهم الاولى ونبيهم العظيم اسماعيل
عادت هاجر بعد المره السابعه وهى مجهده متعبه تلهث
وجلست بجوار ابنها الذى كان صوته قد بح من البكاء والعطش
وفى هذه اللحظه اليائسه ادركتها رحمه الله
وضرب اسماعيل بقدمه الارض وهو يبكى فانفجرت تحت قدمه بئر زمزم
وفار الماء من البئر
انقذت حياتا الطفل والام
راحت الام تغرف بيدها وهى تشكر الله
وشربت وسقت طفلها وبدات الحياه تدب فى المنطقه
صدق ظنها حين قالت:
لن نضيع ما دام الله معنا
وبدات بعض القوافل تستقر فى المنطقه
وجذب الماء الذى انفجر من بئر زمزم عديدا من الناس
وبدا العمران يبسط اجنحته على المكان
الامر بذبح اسماعيل عليه السلام:
كبر اسماعيل
وتعلق به قلب ابراهيم
جاءه العقب على كبر فاحبه
وابتلى الله تعالى ابراهيم بلاء عظيما بسبب هذا الحب
فقد راى ابراهيم عليه السلام فى المنام انه يذبح ابنه الوحيد اسماعيل
وابراهيم يعمل ان رؤيا الانبياء وحى
انظر كيف يختبر الله عباده
تامل اى نوع من انواع الاختبار
نحن امام نبى قلبه ارحم قلب فى الارض
اتسع قلبه لحب الله وحب من خلق
جاءه ابن على كبر
وقد طعن هو فى السن ولا امل هناك فى ان ينجب
ثم ها هو ذا يستسلم للنوم فيرى فى المنام انه يذبح ابنه وبكره ووحيده الذى ليس له غيره
اى نوع من الصراع نشب فى نفسه
يخطئ من يظن ان صراعا لم ينشا قط لا يكون بلاء مبينا هذا الموقف الذى يخلو من الصراع
نشب الصراع فى نفس ابراهيم
صراع اثارته عاطفه الابوه الحانيه
لكن ابراهيم لم يسال عن السبب وراء ذبح ابنه
فليس ابراهيم من يسال ربه عن اوامره
فكر ابراهيم فى ولده
ماذا يقول عنه اذا ارقده على الارض ليذبحه
الافضل ان يقول لولده ليكون ذلك اطيب لقلبه واهون عليه من ان ياخذه قهرا ويذبحه قهرا
هذا افضل
انتهى الامر وذهب الى ولده
{قَالَ يَا بُنَى إِنِّى أَرَى فى الْمَنَامِ أَنِّى أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى}
انظر الى تلطفه فى ابلاغ ولده
وترك الامر لينظر فىه الابن بالطاعه
ان الامر مقضى فى نظر ابراهيم لانه وحى من ربه
فماذا يرى الابن الكريم فى ذلك؟
اجاب اسماعيل:
هذا امر يا ابى فبادر بتنفىذه
{
يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِى إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ
}
تامل رد الابن
انسان يعرف انه سيذبح فىمتثل للامر الالهى ويقدم المشيئه ويطمئن والده انه سيجده
{
إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ
}
هو الصبر على اى حال وعلى كل حال
وربما استعذب الابن ان يموت ذبحا بامر من الله
ها هو ذا ابراهيم يكتشف ان ابنه ينافسه فى حب الله
لا نعرف اى مشاعر جاشت فى نفس ابراهيم بعد استسلام ابنه الصابر
ينقلنا الحق نقله خاطفه فاذا اسماعيل راقد على الارض
وجهه فى الارض رحمه به كيلا يرى نفسه وهو يذبح
واذا ابراهيم يرفع يده بالسكين
واذا امر الله مطاع
{
فَلَمَّا أَسْلَمَا
}
استخدم القران هذا التعبير
{
فَلَمَّا أَسْلَمَا
}
هذا هو الاسلام الحقيقى
تعطى كل شئ
فلا يتبقى منك شئ
عندئذ فقط
وفى اللحظه التى كان السكين فىها يتهيا لامضاء امره
نادى الله ابراهيم
انتهى اختباره
وفدى الله اسماعيل بذبح عظيم
وصار اليوم عيدا لقوم لم يولدوا بعد
هم المسلمون
صارت هذه اللحظات عيدا للمسلمين
عيدا يذكرهم بمعنى الاسلام الحقيقى الذى كان عليه ابراهيم واسماعيل
ومضت قصه ابراهيم
ترك ولده اسماعيل وعاد يضرب فى ارض الله داعيا اليه
خليلا له وحده
ومرت الايام
كان ابراهيم قد هاجر من ارض الكلدانيين مسقط راسه فى العراق وعبر الاردن وسكن فى ارض كنعان فى الباديه
ولم يكن ابراهيم ينسى خلال دعوته الى الله ان يسال عن اخبار لوط مع قومه
وكان لوط اول من امن به
وقد اثابه الله بان بعثه نبيا الى قوم من الفاجرين العصاه
البشرى باسحاق:
كان ابراهيم جالس لوحده
فى هذه اللحظه
هبطت على الارض اقدام ثلاثه من الملائكه:
جبريل واسرافىل وميكائيل
يتشكلون فى صور بشريه من الجمال الخارق
ساروا صامتين
مهمتهم مزودجه
المرور على ابراهيم وتبشيره
ثم زياره قوم لوط ووضع حد لجرائمهم
سار الملائكه الثلاثه قليلا
القى احدهم حصاه امام ابراهيم
رفع ابراهيم راسه
تامل وجوههم
لا يعرف احدا فيهم
بادروه بالتحيه
قالوا:
سلاما
قال:
سلام.
نهض ابراهيم ورحب بهم
ادخلهم بيته وهو يظن انهم ضيوف وغرباء
اجلسهم واطمان انهم قد اطمانوا
ثم استاذن وخرج
راغ الى اهله
نهضت زوجته ساره حين دخل عليها
كانت عجوزا قد ابيض شعرها ولم يعد يتوهج بالشباب فىها غير وميض الايمان الذى يطل من عينيها
قال ابراهيم لزوجته:
زارنا ثلاثه غرباء
سالته:
من يكونون؟
قال:
لا اعرف احدا فيهم
وجوه غريبه على المكان
لاريب انهم من مكان بعيد
غير ان ملابسهم لا تشى بالسفر الطويل
اى طعام جاهز لدينا؟
قالت:
نصف شاه.
قال وهو يهم بالانصراف:
نصف شاه
اذبحى لهم عجلا سمينا
هم ضيوف وغرباء
ليست معهم دواب او احمال او طعام
ربما كانوا جوعى وربما كانوا فقراء
اختار ابراهيم عجلا سمينا وامر بذبحه
فذكروا عليه اسم الله وذبحوه
وبدا شواء العجل على الحجاره الساخنه
واعدت المائده
ودعا ابراهيم ضيوفه الى الطعام
اشار ابراهيم بيده ان يتفضلوا باسم الله
وبدا هو ياكل ليشجعهم
كان ابراهيم كريما يعرف ان الله لا يتخلى عن الكرماء وربما لم يكن فى بيته غير هذا العجل
وضيوفه ثلاثه ونصف شاه يكفيهم ويزيد
غير انه كان سيدا عظيم الكرم
راح ابراهيم ياكل ثم استرق النظر الى ضيوفه ليطمئن انهم ياكلون
لاحظ ان احدا لا يمد يده الى الطعام
قرب اليهم الطعام وقال:
الا تاكلون؟
عاد الى طعامه ثم اختلس اليهم نظره فوجدهم لا ياكلون
راى ايديهم لا تصل الى الطعام
عندئذ
{
أَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَه
}
فى تقاليد الباديه التى عاش فيها ابراهيم
كان معنى امتناع الضيوف عن الاكل انهم يقصدون شرا بصاحب البيت
ولاحظ ابراهيم بينه وبين نفسه اكثر من ملاحظه تؤيد غرابه ضيوفه
لاحظ انهم دخلوا عليه فجاه
لم يرهم الا وهم عند راسه
لم يكن معهم دواب تحملهم
لم تكن معهم احمال
وجوههم غريبه تماما عليه
كانوا مسافرين وليس عليهم اثر لتراب السفر
ثم ها هو ذا يدعوهم الى طعامه فيجلسون الى المائده ولا ياكلون
ازداد خوف ابراهيم
كان الملائكه يقرءون افكاره التى تدور فى نفسه
دون ان يشى بها وجهه
قال له احد الملائكه:
{
لاَ تَخَفْ
}
رفع ابراهيم راسه وقال بصدق عظيم وبراءه:
اعترف اننى خائف
لقد دعوتكم الى الطعام ورحبت بكم
ولكنكم لا تمدون ايديكم اليه
هل تنوون بى شرا؟
ابتسم احد الملائكه وقال:
نحن لا ناكل يا ابراهيم
نحن ملائكه الله
وقد
{
أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ
}
ضحكت زوجه ابراهيم
كانت قائمه تتابع الحوار بين زوجها وبينهم
فضحكت
التفت اليها احد الملائكه وبشرها باسحاق
صكت العجوز وجهها تعجبا:
{
قَالَت يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَـذَا بَعْلِى شَيْخًا إِنَّ هَـذَا لَشَئ عَجِيبٌ
}
(
هود:72
)
عاد احد الملائكه يقول لها:
{
وَمِن وَرَاء إِسْحَقَ يَعْقُوبَ
}
جاشت المشاعر فى قلب ابراهيم وزوجته
شف جو الحجره وانسحب خوف ابراهيم واحتل قلبه نوع من انواع الفرح الغريب المختلط. كانت زوجته العاقر تقف هى الاخرى وهى ترتجف
ان بشاره الملائكه تهز روحها هزا عميقا
انها عجوز عقيم وزوجها شيخ كبير
كيف؟
كيف يمكن؟
وسط هذا الجو الندى المضطرب تساءل ابراهيم:
{
أَبَشَّرْتُمُونِى عَلَى أَن مَّسَّنِى الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ
}
(
الحجر:54
)
اكان يريد ان يسمع البشاره مره اخرى؟
اكان يريد ان يطمئن قلبه ويسمع للمره الثانيه منه الله عليه؟
اكان ما بنفسه شعورا بشريا يريد ان يستوثق؟
ويهتز بالفرح مرتين بدلا من مره واحده؟
اكد له الملائكه انهم بشروه بالحق
{
قَالُواْ بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُن مِّنَ الْقَانِطِينَ قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّونَ
}
(
الحجر:55-56
)
لم يفهم الملائكه احساسه البشرى
فنوه عن ان يكون من القانطين
وافهمهم انه ليس قانطا
انما هو الفرح
لم تكن البشرى شيئا بسيطا فى حياه ابراهيم وزوجته
لم يكن لابراهيم غير ولد واحد هو اسماعيل
تركه هناك بعيدا فى الجزيره العربيه
ولم تكن زوجته ساره قد انجبت خلال عشرتها الطويله لابراهيم
وهى التى زوجته من جاريتها هاجر
ومن هاجر جاء اسماعيل
اما ساره فلم يكن لها ولد
وكان حنينها الى الولد عظيما
لم يطفئ مرور الايام من توهجه
ثم دخلت شيخوختها واحتضر حلمها ومات
كانت تقول:
انها مشيئه الله عز وجل
هكذا اراد الله لها
وهكذا اراد لزوجها
ثم ها هى ذى فى مغيب العمر تتلقى البشاره
ستلد غلاما
ليس هذا فحسب
بشرتها الملائكه بان ابنها سيكون له ولد تشهد مولده وتشهد حياته
لقد صبرت طويلا ثم يئست ثم نسيت
ثم يجئ جزاء الله مفاجاه تمحو هذا كله فى لحظه
فاضت دموعها وهي تقف
واحس ابراهيم عليه الصلاه والسلام باحساس محير
جاشت نفسه بمشاعر الرحمه والقرب
وعاد يحس بانه ازاء نعمه لا يعرف كيف يوفىها حقها من الشكر
وخرّ ابراهيم ساجدا على وجهه
انتهى الامر واستقرت البشرى فى ذهنيهما معا
نهض ابراهيم من سجوده وقد ذهب عنه خوفه
واطمانت حيرته
وغادره الروع
وسكنت قلبه البشرى التى حملوها اليه
وتذكر انهم ارسلوا الى قوم لوط ولوط ابن اخيه النازح معه من مسقط راسه
والساكن على مقربه منه
وابراهيم يعرف معنى ارسال الملائكه الى لوط وقومه
هذا معناه وقوع عذاب مروع
وطبيعه ابراهيم الرحيمه الودوده لا تجعله يطيق هلاك قوم فى تسليم
ربما رجع قوم لوط واقلعوا واسلموا اجابوا رسولهم
وبدا ابراهيم يجادل الملائكه فى قوم لوط حدثهم عن احتمال ايمانهم ورجوعهم عن طريق الفجور
وافهمه الملائكه ان هؤلاء قوم مجرمون
وان مهمتهم هى ارسال حجاره من طين مسومه من عند ربك للمسرفين
وعاد ابراهيم
بعد ان سد الملائكه باب هذا الحوار
عاد يحدثهم عن المؤمنين من قوم لوط فقالت الملائكه:
نحن اعلم بمن فيها
ثم افهموه ان الامر قد قضى وان مشيئه الله تبارك وتعالى قد اقتضت نفاذ الامر وهلاك قوم لوط
افهموا ابراهيم ان عليه ان يعرض عن هذا الحوار
ليوفر حلمه ورحمته
لقد جاء امر ربه
وتقرر عليهم
(
عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ
)
عذاب لن يرده جدال ابراهيم
كانت كلمه الملائكه ايذانا بنهايه الجدال
سكت ابراهيم
وتوجهت الملائكه لقوم لوط عليه السلام
[/postback]
تابعو معنا الحلقه السابعه
http://b.top4top.net/p_334wp2js1.gif
فترة الأقامة :
3748 يوم
الإقامة :
الجزائر
معدل التقييم :
زيارات الملف الشخصي :
208
إحصائية مشاركات »
المواضيـع
الــــــردود
[
+
]
[
+
]
بمـــعــدل :
1.39 يوميا
ام بشري
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى ام بشري
البحث عن كل مشاركات ام بشري