(3) أشتاق إلى الله
بسم الله والحمد لله ، والصلاة والسلام على
رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .
أما بعد
نسى ربه
كثيرا ، وبارز بالمعاصي طويلا ، وعاند وكابر من به بصيرا ، إلى أن ذهب إلى هناك ،
ووقع بصره على البيت ، فدبت فيه الحياة ، ووقف بعرفة فدعا ربه ورجاه ، وذبح الهدي
فذبح معه هواه ، ورمى الشيطان بالجمرات فقصم ظهره وأخزاه ، فعاد أخيرا يبكي من
الفرح إلى رحاب مولاه .
استثر الشوق إلى الله ، فإنه الدافع لتتعجل
إليه لترضيه ، فعش اليوم هذه العبودية
( عبودية الشوق )
عساك
تبلغ بقلبك ما لا تستطيعه ببدنك .
تخيل أنك ستزور رب البيت لا البيت ، وتطلب
القرب من الغفَّار لا من الأحجار ، وتخيل مدى الحرمان إذا كنت ممن لا يفدون إليه .
قال الله في الحديث القدسي "
إنَّ عبدًا أصححت له جسمه ووسعت عليه في معيشته تمضي عليه خمسة أعوام
لا يفد إليَّ لمحروم "
[ رواه ابن حبان وصححه الألباني ] نعم لا يفد إليَّ
فالحاج يرتحل إلى الله تعالى .
وأنت حين تزوره في بيته لا تراه ، فقم قيام موسى
عليه السلام وقلبه يضطرب شوقاً :
" رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ
إِلَيْكَ " [ الأعراف :143 ]
واعلم أنك ستراه بإذن الله حين يكشف الحجاب
. قال صلى الله عليه وسلم "
إذا دخل أهل الجنة الجنة يقول الله
تعالى : تريدون شيئا أزيدكم ؟ فيقولون : ألم تبيض وجوهنا ؟ ألم تدخلنا الجنة و
تنجنا من النار ؟ فيكشف الحجاب فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم
" [ رواه مسلم ]
أما تشتاق إلى بيت ربك الذي جعل "
مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا " [ البقرة : 125 ]
حج سفيان بن عيينة ثمانين حجة ، وكان من شدة شوقه يناجي
ربه فيقول كل مرة : اللهم لا تجعله آخر العهد بك ، حتى كان العام الذي توفي فيه ،
لم يقلها فسألوه فقال : قد استحييت من ربي .
وخرجت أم أيمن
زوجة أبي علي الروذباري
من مصر وقت خروج الحجيج ، ورأت مواكبهم فصرخت :
واضعفاه ...واعجزاه .. واحسرتاه ، ثم زاد بكاؤها وعلا نحيبها أكثر وأكثر : وهي تقول
: هذه حسرة من انقطع عن البيت ، فكيف تكون حسرة من انقطع عن رب البيت ؟
كان
بعضهم إلى رأى الحجيج ضج في البكاء قائلا : لو كنت أصلح لهذه المنزلة لكنت في
الصُحبة ( اللهم لا تحرمنا لذة القرب منك )
.
استنهض الشوق
:
(1) بسماع أذان الخليل :
" وَأَذِّنْ فِي
النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ
كُلِّ فَجٍّ عَمِيق " [ الحج :27 ]
(2) باستحضار موقف الرؤية يوم القيامة وعدم احتمال
الحرمان هنالك ، كفى أننا محرومون منه في الدنيا فهل تطيق بعاد " لن تراني " وعقاب
" كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ
" .
(3) أكثر من ذكره تعالى ، وألح على ربك بالحبيبتين "
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم "
لتغرس الحب والشوق في
قلبك .
(4) نريد أن تختم ختمة من الآن وقبيل انتهاء شهر
شوال
بنية تعميق الحب في قلبك ، قال صلى الله عليه وسلم :
" من سره أن يحب الله ورسوله فليقرأ في المصحف
" [ الصحيحة
:2342]
اللهم قد حبسنا العذر فلا تحرمنا
الأجر .
الشيخ هانى حلمى