احرام قلب
بسم الله
والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
تسليمًا كثيرًا .
أما بعد ...فأحبتي في
الله
...
كيف كان الزاد؟؟؟
وهل ارتحلتم إلى البيت العتيق بقلوبكم ؟؟
إن الذي لا يفد عليه محروم ، وإن الذي لا يذوق
حلاوة القرب إلى الله تعالى لمقطوع ، ولن نرضى لا بالحرمان ولا بالقطع .
تعالوا نبدأ
الرحلة بعد كل هذه التجهيزات التي طالت ، وأردت أن نتهيأ لهذه المراحل
القادمة ، وأنا أعرف أن إقبالكم ليس كما كان في موسم الاستعداد لرمضان
والإبحار عبر سفينة رمضان ، وما ذلك إلا لعدم احتسابكم الأجر ، ولعدم
تعظيم الأمة بالشكل المناسب لأيام العشر الأول من ذي الحجة كما هو الحال في
رمضان ، لكن - والله – لو احتسبتم لبلغتم – ربما – ما هو أعلى رصيدًا من
قربات رمضان ، فكيف لا تقبلون والجائزة
( الجنة )
و( غفرانالذنوب )
و( التخلص من التبعات
التي هي المظالم التي يقتص فيها عند القنطرة ) ؟؟
أعيدوا
استحضار النية وراجعوا رسالة
( لماذا مشروع 60 يوم إلى الحج ؟ )
مرة أخرى ، ومازلت أرى أنكم بعيدون هذه المرة
تماما وأراكم فترتم ، ومنكم من انتكس ، ومنكم من أدبر ، ومنكم من شغل ،
ومنكم من لا يدري ، فيا عباد الله ... اقبضوا على الجمر فوالله إنه أهون
من أن نقذف في نار الفتن ووحل المعاصي من جديد.
اليوم
سيمضي معي من صدق فشمَّر عن ساعد الجد ،
" ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا
وانصرنا
"
وأول النسك :( الإحرام)
وفي الإحرام يحظر على الإنسان أشياء ، غالبها يعود على أمور الدنيا والترفه ، فيلبس
الواحد أكفانه في هيئة الإزار والرداء ، وينقي جسده ، ويعطره كما هي السنة
عند تهيئة الميت في الغسل والتكفين ، وكأن هذا حال كل من يدخل على الله
، يحتاج لطهارة بدنه ، ومن أولى طهارة قلبه ، ويحتاج أن يهتف بالتلبية
(
لبيك اللهم ) بقلبه قبل أن ينطق بها لسانه .
ولابد من
(
ميقات ) لا يجوز له أن يتعداه حتى يدخل على الملك وهو متهيئ ، ( والميقات ) منزل مؤقت
كشأن الدنيا تكون قنطرة إلى دار لا محظور فيها ( ألا وهي الجنة )
وأنت ( أحرم ) من اليوم بقلبك فعليك بأن :
(1)تُحرِّم على قلبك
كل ضغينة وبغضاء تجاه أي أحد فإنها تحلق الدين كما
يحلق الموس الشعر .
(2) تُحرِّم على قلبك
التعلق بالدنيا ، فازهد فيها ، فوالله إنها إلى زوال ، فأعرض عنها ، وأكثر من القراءة أو السماع
عن الآخرة ، حتى تكون في قلبك ويصرف عنك حب الدنيا ، وعليك بدعاء مكثف
أن يطهر الله قلبك منها .
(3)حرِّم على قلبك أي حب لا يكون في الله
( اللهم لا تجعل في قلوبنا حبًا
إلا لك ولا تعلقًا إلا بك ) .
(4) وبيض قلبك كما
بيضت ثيابك ، فربَّ مبيض لثيابه مدنس لدينه ، وعليك من الآن بصفاء الباطن " اللهم نقني من
خطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس "
(5) أقبل على ربك
، فناجه وادعه ، وتقرب له " وجاء بقلب منيب "
" وقربناه نجيًا " .
(6) تواضع فأنت من الآن تلبس الأكفان
، ولا فضل لأحد إلا بالتقوى للرحمن .
هيا من
الآن اسمع ربك من دبيب قلبك
( لبيك ربي )
( لبيك اللهم لبيك ) ،
هيا فإنه باسط يده
إليك لتتوب له فهل ترد يده ؟؟؟؟
ماذا ستحرمون على قلوبكم أيها الحجاج
بقلوبكم ؟
أريد أن أسمع منكم ، والله لأحرمن على نفسي كذا وكذا من
اليوم فلا عرف قلبي من الآن طعم ( كذا وكذا ) مما كان يلهيه عن رب العالمين فمن
يتقدم الخطوة الأولى ويجتازها بنجاح ؟؟؟؟
تذكروا : البداية
المحرقة تؤدي إلى النهاية المشرقة .
والله الموفق
الشيخ هانى حلمى