11-14-2015
|
| | | لوني المفضل Cadetblue | رقم العضوية : 69 | تاريخ التسجيل : May 2013 | فترة الأقامة : 3990 يوم | أخر زيارة : 03-10-2024 (11:47 AM) | العمر : 76 | المشاركات :
8,131 [
+
] | التقييم :
9284 | معدل التقييم : | بيانات اضافيه [
+
] | | | |
فوائد وحكم من سورة العاديات
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فوائد وحكم سورة العاديات الحَمدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَأَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا الل
هُ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ، وَبَعدُ: فإن الله أنزل هذا القرآن لتدبره والعمل به، فقال سبحانه:
﴿ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَاب ﴾ [ص: 29]. وسورةُ العادياتِ من السور القصيرة التي تتكرر على أسماعنا كثيرًا
ويحفظُهُا أكثرُ المسلمينَ، ويتأكدُ فهمُ معناها وما تضمنته من الحكم العظيمة. قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا * فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا * فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا * فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا * فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا * إِنَّ الإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُود * وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيد * وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيد * أَفَلاَ يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُور * وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُور * إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِير ﴾ [العاديات: 1-11]. قَولُهُ تَعَالَى: ﴿ وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا ﴾ الواو: واو القسم، والمقُسم
به هو العادياتُ، وهي الخيلُ المسرعاتُ في سيرها، والضبح: صوتُ أجوافها عند جريها. قَولُهُ تَعَالَى: ﴿ فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا ﴾ أي: أنها تُوري النارَ إذا سارت ليلًا
بانقداح النار بوقع حوافرها على الحجارة لقوتها وصلابتها. قَولُهُ تَعَالَى: ﴿ فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا ﴾ أي: الخيل تغير على العدو وقت الصباح. قَولُهُ تَعَالَى: ﴿ فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا ﴾ النقع: هو الغبار تثيره بحوافرها عند عَدْوِهَا، قال الشاعر: كَأَنَّ مُثَارَ النَّقْعِ فَوْقَ رُؤُوسِنَا
وَأَسْيَافُنَا لَيْلٌ تَهَاوَى كَواكِبُهْ قَولُهُ تَعَالَى: ﴿ فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا ﴾ أي: أنها تعدو بالفرسان حتى
تنتهي بهم ميدان المعركة ومجتمع الجيوش، قال الشاعر: فَوَسَطْنَ جَمْعَهُمُ وأَفْلَتَ حَاجِبٌ
تَحتَ العَجاجَةِ فِي الغُبارِ الأَقْتَمِ قَولُهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ الإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُود * وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيد ﴾
هذا هو جواب القسم، والكنود: الكفور الجحود لنعم الله، قاله ابن عباس
، وقال الحسن: هو الذي يذكر المصائب وينسى النعم[1]، قال الشاعر: يَا أَيُّهَا الظَّالِمُ فِي فِعْلِهِ
وَالظُّلْمُ مَرْدُودٌ عَلَى مَنْ ظَلَمْ
إِلَى مَتَى أَنْتَ وَحَتَّى مَتَى
تَشْكُو المُصِيبَاتِ وَتَنْسَى النِّعَمْ؟ وحال الإنسان شاهد عليه بذلك وإن أنكره بلسانه، والخير
هو المال ومحبة الإنسان له شديدة كقَولِهِ تَعَالَى: ﴿ وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا ﴾ [الفجر: 20]. قَولُهُ تَعَالَى: ﴿ أَفَلاَ يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُور ﴾ قال الزمخشري:
هذه الكلمة وهي ﴿ بُعْثِرَ ﴾، مأخوذة من أصلين:
البعث والنثر، فالبعث خروجهم أحياء، والنثر: الانتشار كنثر الحب، فهي
تدل على بعثهم منتشرين[2]، كقوله ﴿ خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ
كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِر ﴾ [القمر: 7]. وكقوله:
﴿ يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوث ﴾ [القارعة: 4]. قَولُهُ تَعَالَى: ﴿ وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُور ﴾ قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله:
أي: ظهر وبان ما فيها من كمائن الخير والشر فصار السر علانية
والباطن ظاهرًا[3]، قال الشاعر: وَكُلُّ امْرِئٍ يَوْمًا سَيَعْلَمُ سَعْيَهُ
إِذَا حُصِّلَتْ عِنْدَ الإِلَهِ الَحَصائِلُ قَولُهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِير ﴾. ﴿ يَوْمَئِذٍ ﴾:
أي: يوم القيامة المتقدم ذكره في قوله: ﴿ أَفَلاَ يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُور ﴾.
والخبير: هو الله تعالى، وهو أخص من العليم لأنه في ذلك يقع الجزاء على
ما اشتملت عليه القلوب من الأسرار والخفايا التي لا يعلمها إلا هو،
وقد جمع الله بينهما في قَولِهِ تَعَالَى: ﴿ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَذَا
قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِير ﴾ [التحريم: 3]. ومن فوائد السورة الكريمة وحكمها العظيمة: أولًا: أَقْسَمَ الله تعالى بالخيل العاديات، والله لا يقسم إلا بعظيم
من مخلوقاته التي تدل على عظمته، وفي ذكر الخيل وشدتها وسرعة
عدوها واقتحامها ميادين المعارك تحت بوارق السيوف تنبيهٌ إلى فضلِ الجهاد وعظيمِ مكانته. ثانيًا: الإشارة إلى إعداد الخيل للجهاد في سبيل الله، وفي الآية
الكريمة: ﴿ وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ
عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ ﴾ [الأنفال: 60]. وَفِي الحَدِيثِ: "الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي
نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ"[4]. ثالثًا: فيه إشارة أن ما يعانيه الفرسان المجاهدون في سبيل الله:
من نقع الغبار الذي تثيره الخيل، محل عناية الله وحسن جزائه،
قَالَ صلى اللهُ عليه وسلم: "لَا يَجتَمِعُ غُبَارٌ فِي سَبِيلِ اللهِ وَدُخَانُ جَهَنَّمَ"[5]. رابعًا: الآيات الكريمة إشارة إلى العناية بالخيل واقتناء الجياد منها والاهتمام
بتدريبها وتهيئتها لكل المهام التي يحتاج إليها فيها، ومن ذلك: تضميرها،
والمسابقة بينها، وتحذيتها وقاية لها من الحفاء، وذكر القدح في
الآية الكريمة يشير إلى ذلك، وفي الصحيحين مِن حَدِيثِ
ابنِ عُمَرَ رضي اللهُ عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم سَابَقَ
بَينَ الخَيلِ الَّتِي قَد أُضمِرَتْ فَأَرسَلَهَا مِنَ الحَفيَاءِ، وَكَانَ أَمَدُهَا ثَنِيَّةَ
الوَدَاعِ، وَسَابَقَ بَينَ الخَيلِ الَّتِي لَم تُضْمَرْ فَأَرسَلَهَا مِن ثَنِيَّةِ الوَدَاعِ[6]. خامسًا: أن الله عزَّ وجلَّ خلق الإنسان وجعله محل الابتلاء، فطبعه
على بعض الصفات الذميمة، وكلفه بالمجاهدة على التخلص منها وتهذيب
نفسه من أوضارها، قَالَ تَعَالَى: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا ﴾ [الشمس: 9-10]. سادسًا: في الآيات الكريمة إثبات البعث بعد الموت، وأن هذه
الأجساد التي بليت في القبور وصارت ترابًا سوف يحييها الله ويجازيها على
ما أضمرت قلوبها، فذلك حين ﴿ يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُون * إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيم ﴾ [الشعراء: 88 - 89]. سابعًا: أن القلوب عليها مدار صلاح الإنسان وفساده، فإذا صلحت
صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله[7]. وَالحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحبِهِ أَجمَعِينَ.
حين تستيقظ يوماً لتجد الأرجاء خاوية من الأحبة,
وقد تفلتت منا سبُلُ" اللقاء " .
فلا تحزن وتضيق بك الأكوان , واعمل للغد حتى
لا نفترق عند أعتاب الجنان
فرُب فراق غـــدٍ لاينفعه البكاء ولا شفعاء !" ،
وحين الرحيل للوجه الآخر من الحياة ."
لا تحزنوا فبرحمت الله اللقاء عند أعتاب الجنان |