- العناية بالعنصر البشري تكوينا و تحفيزا
لقد أثبتت التجربة الميدانية فشل نظام التدريس بمراكز تكوين المدرسين، حيث أن المناهج المعتمدة لا علاقة لها بالواقع، فنجد معظم المتخرجين يضطرون لترك ما تعلموه جانبا لفسح المجال أمام الارتجال الذي يفرضه واقع الحال في مدارسنا، خصوصا في الوسط القروي، حيث أن فلسفة التربية و طرائق التدريس و علم النفس التي تدرس بمراكز التكوين كلها نظريات مستوردة و غير مناسبة للواقع السوسيوثقافي العربي.
هذه الحقيقة تفرض علينا ضرورة إعادة النظر في نظام التكوين الأساسي، مناهجه، و مدته. كما ينبغي مأسسة التكوين المستمر ، لما له من دور فعال في تحسين الكفايات والرفع من مستواها, و كذا إعادة تأهيل المدرسين و تجديد معارفهم و طرق تدريسهم. و في هذا الصدد، ينبغي تنظيم دورات التكوين المستمر على أساس الأهداف الملائمة للمستجدات التعليمية والبيداغوجية، وفي ضوء الدراسة التحليلية لحاجات الفئات المستهدفة، وآراء الشركاء ومقترحاتهم بخصوص العملية التربوية من آباء وأولياء وذوي الخبرة في التربية والاقتصاد والاجتماع والثقافة.
4-مراجعة المناهج الدراسية.
لقد أثبتت الدراسات الميدانية نفور أغلب المتخلفين دراسيا من المناهج بشكلها الحالي، إضافة إلى الأخطاء التي تحتوي عليها بعضها وعدم احترامها للفروق الفردية بين المتعلمين، كما أن مستواها لا يتناسب مع مستواهم خصوصا بالوسط القروي؛ زد على ذلك أن المدة الزمنية المخصصة لتدريس بعض المواد لا تتناسب مع الزمن الحقيقي الذي يفرضه الواقع، مما لا يتيح للمدرس التحقق من مدى اكتساب المعارف لدى جميع المتعلمين.
هذه العوامل و أخرى تفرض علينا مراجعة المناهج مع استحضار اختلاف خصوصيات الوسط القروي عن الوسط الحضري، كما يجب تقليص المحتوى و تجميع المواد المتقاربة في كتاب واحد لتخفيف العبء المادي على الآباء وتخفيف ثقل المحافظ المدرسية على التلميذ، علما أنه قد تبث علميا الآثار الصحية لهذه الظاهرة.
الحديث عن المناهج يحيلنا إلى الحديث عن طرق التدريس حيث نذكر بضرورة التكوين المستمر في المستجدات التربوية، هذا دون أن ننسى ضرورة توفير الوسائل التعليمية و الإيضاحية المتناسبة و المناهج الدراسية الجديدة و استغلال التكنولوجيا الحديثة في تسهيل التحصيل الدراسي.
5- التركيز على أهمية الدعم التربوي
لقد ركزت أغلب الأنظمة التعليمية في السنوات الأخيرة على أهمية الدعم التربوي باعتباره آلية مهمة في التصدي لظاهرة التأخر الدراسي و ظاهرة الهدر المدرسي عموما، وثم وضع إستراتيجية متكاملة للدعم، ففي المغرب مثلا، تم في السنوات الأخيرة تجريب آلية الدعم المدرسي خارج أوقات الدراسة بإيقاعات زمنية مستقلة و تم إعطاء الأولوية لدعم الكفايات الأساسية كالقراءة و الكتابة باللغتين العربية و الفرنسية و الرياضيات. و لقد أتبث تقييم هذه التجربة مدى نجاعتها في تخطي العقبات و إبراز الفروق الفردية في التعلم.
خـــــاتــــمــــة إن المشاكل التي يتخبط فيها التعليم بالوطن العربي هي نتيجة حتمية للواقع السوسيو إقتصادي و للتوزيع الجغرافي للسكان، حيث أن انعدام التوازن بين النمو الاقتصادي و النمو الديموغرافي و انعدام مشروع مجتمعي متكامل تنخرط فيه جميع الأطراف المعنية من أسرة و مجتمع و سلطات وصية…. للخروج بمخطط واضح المعالم بغية إصلاح المنظومة التعليمية بالإضافة إلى ضعف الإرادة السياسية، كلها عوامل أدت بشكل أو بآخر إلى إفراز الواقع الحالي للتعليم بكل سلبياته.