إن ضعيف الإرادة يتأرجح في أمره كما يتأرجح راكب الدراجة عند ركوبها لأول مرة،
فإذا هو ربى إرادته سار سيراً متوازناً معتدلاً متجنباً الأخطاء، كما يفعل
راكب الدراجة إذا اعتادها.
وكما يحتاج راكب الدراجة إلى جهد جهيد أول أمره حتى يستقيم له السير،
وحتى يسير سيراً هيناً من غير بذل جهد كبير _ كذلك الشأن في تربية الإرادة يحتاج
المرء أول أمره إلى كبير جهد، وقوة وتصميم، وصحة عزم، واحتمال الشدائد،
ثم تسير الأمور بعد ذلك في يسر وسهولة من غير جهد ملحوظ، ولذلك جاء في الحديث:
=إنما الصبر عند الصدمة الأولى+.
فمن صبر على الشدة الأولى في تربية إرادته كان ما بعدها أهون.
إِذا اِعتادَ الفَتى خَوضَ المَنايا….. فَأَهوَنُ ما يَمُرُّ بِهِ الوُحولُ
إن الذي يفسد الإرادة أن تعزم، وتَعْدِلُ، ثم تعزم، وتعدل، فيكون شأنك شأن بَكْرةِ
الخيط يلقي صاحبها عليها الخيط ثم ينقض ما لف.
وبعدما يصبر المرء على الشيء الذي يريده ويربي فيه إرادته، يصبح عادة يأتي
به من غير عناء كبير؛ فالرجل الفاضل الذي اعتاد الإتيان بالأعمال الفاضلة كالرجل
الشرير الذي اعتاد أن يأتي بالأعمال الشريرة، كلاهما تصدر عنه الأعمال في يسر
وسهولة، وليس من فرق بينهما إلا أن الأولَ وجه إرادته وعوَّدها أعمالاً صالحة،
والثاني وجه إرادته وعوَّدها أعمالاً سيئة.
”
و قد تحتاج في بداية الأمر أن تشتد على نفسك و تعزلها كالنسر او الصقر أذا أريد
ترويضهما و نقلهما الى الألفه فأنه يحبس في بيت مظلم حتى ينسى التحليق
في الجو و يخلط باللحم الخضروات حتى يالفها و يطعمة صاحبه حتى يكون ألفه
فقسا ليزدجروا ومن يك ذا حزم فليقس أحيانا على من يرحم .
و الدابة البرية تأنف من اللجام و السرج ثم ما تلبث أن تألفهم
قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا حرملة سمعت ابن وهب يقول: نذرت أني كلما
اغتبت إنسانا أن أصوم يوما ، فأجهدني فكنت اغتاب ، وأصوم ، فنويت أني كلما
اغتبت إنسانا أن أتصدق بدرهم ، فمنْ حُبِ الدراهم تركتُ الغيبة .
أنك عندما تقاوم اغراء بسيط تستطيع مقاومة أغراء أكبر
نعم أنت من يصنع حياتك لا غيرك , يمكنك أن تتعلم الصبر و القيادة و أن
تكون غنيا فلا تلتمس الاعذار بالوراثة
يقول الاستاذ احمد امين :”
كل إنسان في هذه الحياة قادر _ إلى حد ما _ أن يصنع حياته فقيرة أو غنية،
خصبة أو مجدبة، سعيدة أو شقية، باسمة أو عابسة.
نعم إن للوراثة والبيئة دخلاً في تحديد حياته، فهو _ إلى حد كبيرة _ ذكي أو غبي
بالوراثة، قوي الأعصاب أو ضعيفها بالوراثة، وهو ناشئ في وسط فقير أو غني بالبيئة
، معتادٌ عاداتٍ حسنةً أو سيئةً بالبيئة وهكذا…
ولكنَّ إرادةَ الإنسان، وعزمه، وهمته، وتربيته نفسه قادرةٌ قدرةً كبيرةً على
التغلب على عقبات الوراثة، والبيئة.
نعم إنَّك لا تقدر أن تكون في الذكاء قوةَ مائةٍ إذا خلقت وذكاؤك قوة عشرين،
ولكنك قادر أن تستعمل ذكاءك المحدود خير استعمال حتى يفيد فائدة أكثر
ممن ذكاؤه مائة إذا أهمل؛ كمصباح الكهرباء إذا نُظِّف وكانت قوته عشرين شمعة
كان خيراً من مصباح قوته خمسون إذا عَلَتْهُ الأتربة، وأهمل شأنه.
ونعم إنك لا تقدر أن تساير أبناء الأغنياء في ملبسهم، ومأكلهم، ومركبهم،
ولكنك تستطيع أن تعيش عيشة نظيفة، وصِحِّية بدخلك القليل، حتى تفوق الغني
في مظهره البراق إذا لم يسر على قوانين العقل، والصحة، وهكذا…
إذاً فالوراثة والبيئة لا تعوقان الإنسان عن إسعاد حياته إذا منح الهمة،
وقوة الإرادة، والتفكير الصحيح.”
الايجابية
بالبحث في سير العظماء وجدت أن أكبر صفة مشتركة بينهم هي الايجابية .
و ديننا يأمر بالايجابية و صفة أمتنا الأساسية هي الايجابية , الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر
{
كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ }
و ضرب الله مثلا للسلبي الذي لا يأمر بالمعروف و لا ينهى عن المنكر و الايجابي
{ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَم لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ
أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ
وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (76)}
قال رسول الله {
إن أول ما دخل النقص على بنى إسرائيل كان الرجل يلقى الرجل فيقول
يا هذا اتق الله ودع ما تصنع فإنه لا يحل لك ثم يلقاه من الغد فلا يمنعه ذلك
أن يكون أكيله وشريبه وقعيده فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض
كلا والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يدى الظالم ولتأطرنه
على الحق أطرا ولتقصرنه على الحق قصرًا أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على
بعض ثم يلعنكم كما لعنهم }
أنظر الى الصديق يتعلم أيات من الحبيب محمد فيخرج و يعود بسته من المبشرين بالجنه ,
و حباب بن المنذر يقترح المكان المناسب في بدر و سلمان الفارسي يقترح
حفر الخندق و خالد بن الوليد يأخذ الرايه و هو جندي في مؤته فينتصر
و يأخذ وسام “سيف الله” و يأتى صحابي اسمه تميم الداري فينير المسجد النبوي فيدعو له النبي
و تأتئ صحابية ايجابيه للرسول تقول له “غلبنا عليك الرجال فاجعل لنا يوما نأتيك فيه” فقال : اجْتَمعن في يوم كذا وكذا ، في مكان كذا وكذا
و في أحد غزوات المسلمين ضد الفرس لما لقى الفُرسْ نفرت خيل المسلمين
من الفيلة، فعمد رجل ايجابي منهم فصنع فيلا من طين وأنَّس به فرسه حتى
ألفه ، فلما أصبح لم ينفر فرسه من الفيل ، فحمل على الفيل الذى كان يقدمها فقيل له :
إنه قاتلك ، فقال لا ضير أن أقتل ويفتح للمسلمين
نعم أنك ميت و لست بمخلد فليكن موتك لرفع رايه الاسلام .
و تأمل في رجل جاء يوعظ قومه بعد أن جاء اليهم ثلاثة انبياء {
وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20)
اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ (21) وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (22)
أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ (23)
إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24) إِنِّي آَمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (25)
قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ (27) }
فتأمل كيف ظل أيجابيا و ينصح لهم حتى بعد أن مات
{ قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) }
يتبع