الدعاء
قال تعالى: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي
سيدخلون جهنم داخرين} ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:
((إن الدعاء هو العبادة)) وقال: ((من لم يسأل الله يغضب عليه))
وقال الله في حديث قدسي {يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته، فاستهدوني أهدكم
}
{ وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله }
و هو سلاح المؤمن و يمكن تشبيهه بتشبيه فيه تقليل كبير منه بأنه شيك
على البياض من ملك الملوك او بأنك تملك مصباح علاء الدين فانظر ماذا تريد
قال ابن كثير رحمه الله في تفسير قول الله تعالى :
وقال ربكم ادعوني أستجب لكم )”غافر:60″هذا من فضله تبارك وتعالى وكرمه
أنه ندب عباده إلى دعائه وتكفل لهم بالإجابة كما كان سفيان الثوري يقول:
يا من أحب عباده إليه من سأله فأكثر سؤاله,ويا من أبغض عباده إليه من لم يسأله
,وليس أحد كذلك غيرك يارب (رواه ابن أبي حاتم)وذكر القرطبي في تفسير
قوله تعالى المذكور حيث قال:عجيب لهذه الأمة قيل لها:(ادعوني استجب لكم)
أمرهم بالدعاء ووعدهم الاستجابة,وليس بينهما شرط0 قال له قائل:مثل ماذا؟
قال:مثل قول الله تعالى
(وبشر الذين ءامنوا وعملوا الصالحات)”البقرة:25″ فهاهنا شرط0وقوله
وبشر الذين ءامنوا أن لهم قدم صدق)”يونس:2″ ليس فيه شرط عمل ,ومثل
قوله (فادعوا الله مخلصين له الدين)”غافر:14″فها هنا شرط وقوله تعالى :
(ادعوني أستجب لكم )ليس فيه شرط0
يقول المكودي رحمه الله:
إذا عرضت لي في زمان حاجة وقد أشكلت فيها علي المقاصد
وقفت باب الله وقفة ضارع وقلت إلهي إنني لك قاصد
ولست تراني واقفاً عند باب من يقول فتاه سيدي اليوم راقد ا
و قد يستغرب احدهم أن ندرج الدعاء في كتاب كهذا يناقش حياة العظماء و كيف
نحياها من منطلق التنمية البشرية الاسلامية فاقول :
التنمية البشرية الاسلامية تهتم بثلاثة اشياء :
- معاملة الرجل لربه
- معاملة الرجل لنفسه
- معاملة الرجل للناس
تأمل في خطاب شعيب لقومه: {أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ورزقني
منه رزقا حسنا، وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه، إن أريد إلا الإصلاح
ما استطعت}[هود:88] فلهذه الأجوبة الثلاثة -على هذا النسق- شأن: وهو التنبيه
على أن العاقل يجب أن يراعي في كل ما يأتيه ويذره أحد حقوق ثلاثة:
أهمها وأعلاها حق الله تعالى، وثانيها: حق النفس، وثالثها: حق الناس. [البيضاوي]
قال الإمام أحمد في السؤال ( يعني سؤال العباد ):هو ظلم في حق الربوبية,
وظلم في حق الخلق, وظلم في حق النفس
أما في حق الربوبية: فلما فيه من الذل لغير الله, والتعوض عن سؤاله بسؤال
المخلوقين, والتعرض لمقته إذا سأل وعنده ما يكفيه يومه.
وأما في حق النفس: فبمنازعتهم ما في أيديهم بالسؤال, واستخراجه منهم,
وأبغض ما إليهم .. من يسألهم ما في أيديهم, وأحب ما إليهم .. من لايسألهم,
فإن اموالهم محبوباتهم, ومن سألك محبوبك فقد تعرض لمقتك وبغضك .
وأما في حق النفس: فحيث امتهنها, ورضي لها بذل الطلب ممن هو مثله,
وترك سؤال من ليس كمثله شئ وهو السميع البصير, فقد أقام السائل نفسه
مقام الذل وأهانها بذلك, ورضي أن يكون شحاذا من شحاذ مثله, فإن من تشحذه
هو أيضا شحاذ مثلك والله وحده هو الغني.
وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلي الله عليه وسلم قال:
” لا تزال المسألة بأحدكم حتي يلقي الله وليس في وجهه مزعة لحم ” .
إذا لم يكن عون من اللّه للفتى * * فأوّل ما يجني عليه اجتهاده
فسؤال المخلوق للمخلوق سؤال الفقير للفقير, والرب تعالي كلما سألته
كرمت عليه, ورضي عنك, وأحبك, والمخلوق كلما سألته هنت عليه
وأبغضك وقلاك, كما قيل:
الله يغضب إن تركت سؤاله **** وبني آدم حين يسأل يغضب
قال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-: ” تأمَّلت أنفع الدعاء فإذا هو:
سؤال الله العون على مرضاته”
{ قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ (97) قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ
رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (98) } قال بن كثير كان عمر، رضي الله عنه،
يأتي المسجد فيسمع (2) إنسانا يقول: “اللهم دعوتني فأجبت، وأمرتني
فأطعت، وهذا السَّحَرُ فاغفر لي”. قال: فاستمع الصوت فإذا هو من دار
عبد الله بن مسعود. فسأل عبد الله عن ذلك فقال: إن يعقوب أخَّر بنيه إلى السحر بقوله: { سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي }
و تأمل في قولك عند الانتهاء من الركوع ” سَمِعَ اللهًُ لِمَنْ حَمِدَه ” اى ان الله يسمع
و يستجيب دعاء من يحمده , و بعد هذا تقول ” الَّلهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الحَمدُ ”
ثم تسجد و تدعو الله فى سجودك
و كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَالَ سَمِعَ اللهًُ لِمَنْ حَمِدَه قَالَ :
الَّلهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الحَمدُ
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : « ادُعوا اللهَ وَأنْتُمْ مُوقِنُونَ بالإِجَابَةِ
، واعلموا أنَّ الله لا يَسْتَجِيبُ دُعَاء من قَلْبٍ غَافِلٍ لاهٍ»
ومن الآفات التي تمنع ترتب أثر الدعاء عليه : أن يستعجل العبد ، ويستبطئ
الإجابة ، فيستحسر ويدع الدعاء ، وهو بمنزلة من بذر بذرا أو غرس غرسا ،
فجعل يتعاهده ويسقيه ، فلما استبطأ كماله وإدراكه تركه وأهمله .
وفي البخاري من حديث أبي هريرة أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال :
يستجاب لأحدكم ما لم يعجل ، يقول : دعوت فلم يستجب لي .
وفي صحيح مسلم عنه : لا يزال يستجاب للعبد ، ما لم يدع بإثم أو قطيعة
رحم ، ما لم يستعجل ، قيل : يا رسول الله ما الاستعجال ؟ قال يقول :
قد دعوت ، وقد دعوت ، فلم أر يستجاب لي ، فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء .
وفي مسند أحمد من حديث أنس قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم :
لا يزال العبد بخير ما لم يستعجل ، قالوا : يا رسول الله كيف يستعجل ؟
قال : يقول قد دعوت ربي فلم يستجب لي .
لا يكن تأخر أمد العطاء مع الإلحاح في الدعاء موجبا ليأسك، فهو ضمن لك
الإجابة، فيما يختاره لك، لا فيما تختاره لنفسك، و في الوقت الذي يريد لا في الوقت الذي تريد.
أحبتي: لنكن عصاميين, وعلي أنفسنا معتمدين, وعلي ربنا متوكلين
سَمِعَ ابن مغفل – رضي الله عنه – : « ابنَهُ يقولُ : اللَّهُمَّ إني أسألُكَ القَصْرَ الأبَيْضَ
عن يَمينِ الجَنَّةِ إذا دَخلتُهَا ، فقال : أيْ بُنيَّ سَلِ اللَّهَ الجَنَّةَ ، وتَعَوَّذْ بِهِ من النارِ ،
فَإِني سمعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يقول : سَيكونُ في هذه الأمَّة
قَومٌ يَعْتَدُونَ في الطُّهورِ والدُّعَاءِ».
هو ما كان من القرآن و السنه
{ اللهم اهدني لأحسن الأخلاق , لا يهدي لأحسنها إلا أنت , و اصرف عني سيئها ,
لا يصرف عني سيئها إلا أنت }
قال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – :
” أفضل الدعاء .. اللهم إني أسألك الأنس بقربك ”
يتحقق لمؤمن فيها أربع ..
1. عز من غير عشيرة 2. علم من غير طلب
2. غنى من غير مال 4. انس من غير جماعه
فاحرص على هذه الدعوة لك ..
مشى إبراهيم بن أدهم ذات يوم في سوق البصرة ،
فلما عرف الناس أن إبراهيم بن أدهم بينهم ؛ أسرعوا إليه ، والتفوا حوله ،
وهو العالم الزاهد العابد التقيّ الورع
وقالوا له:يا أبا إسحاق: ما لنا ندعو الله فلا يستجيبُ لنا ؟
فقال إبراهيم بن أدهم: لعشرة أسباب- أرجو أن تتدبروا الأسباب وأخبرونى
عن سبب واحد ليس فينا , فازيلوا الاسباب يستجاب الدعاء-
قالوا: هاتها يرحمك الله ..
قال: عرفتم الله فلم تؤدوا حقوقه، و زعمتم أنكم تحبون رسول الله وتركتم سنته،
و قرأتم القرآن ولم تعملوا به،
و أكلتم نعم الله ولم تؤدوا شكرها، و قلتم: إن الشيطان لكم عدو ولم تخالفوه،
و انتبهتم من نومكم فانشغلتم بعيوب الناس ونسيتم عيوبكم، و قلتم:
إن الموت حق ولم تستعدوا له،
و قلتم: إن الجنة حق ولم تعملوا لها، و قلتم: إن النار حق ولم تهربوا منها،
و دفنتم موتاكم ولم تعتبروا بهم.
يتبع