الموضوع
:
بيان شروط وجوب الزكاة وما يتعلق بها
عرض مشاركة واحدة
#
1
01-16-2016
إدارة قناة اليوتوب
قـائـمـة الأوسـمـة
لوني المفضل
Darkturquoise
رقم العضوية :
426
تاريخ التسجيل :
Mar 2014
فترة الأقامة :
3718 يوم
أخر زيارة :
منذ 14 ساعات (08:48 PM)
المشاركات :
16,181 [
+
]
التقييم :
9330
معدل التقييم :
بيانات اضافيه [
+
]
بيان شروط وجوب الزكاة وما يتعلق بها
بيان شروط وجوب الزكاة وما يتعلق بها
ضمن شرح الفقه الواضح في المذهب والقول الراجح
على متن زاد المستقنع
كتاب
الزكاة
(1/8)
الشيخ/ عبدالله بن حمود الفريح
بيان
شروط
وجوب
الزكاة
وما
يتعلق
بها
[1]
الزَّكاة لغةً:
الطَّهارة، والنَّماء
الزَّكاة اصطلاحًا:
هي التعبُّد لله تعالى، بإخراج جزءٍ واجبٍ شرعًا، في مالٍ معيَّن، لطائفةٍ أو جهةٍ مخصوصة
حُكم الزَّكاة
الزَّكاة فريضة من فرائض الدِّين، وهي الركن الثالث من أركان الإسلام الخمسة.
الأدلَّة:
أولًا: من الكتاب:
قوله تعالى:
وَأَقِيمُوا الصَّلاة وَآتُوا الزَّكاة
[المزمل: 20]
.
(1)
.
ثانيًا: من السُّنَّة:
عن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلَّ الله عليه وسلَّم قال:
((بُني الإسلام على خمس: شهادةِ أنْ لا إله إلَّا الله، وأنَّ محمدًا رسول الله، وإقامِ الصَّلاة، وإيتاءِ الزَّكاة، والحجِّ، وصومِ رمضان))
عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلَّ الله عليه وآله وسلَّم قال لمعاذ بن جبل رضي الله عنه حين بعَثه إلى اليمن:
((أعْلِمْهم أنَّ الله افترض عليهم صدقةً في أموالهم، تُؤخَذ من أغنيائهم فتردُّ على فقرائِهم))
ثالثًا: الإجماع:
نقل الإجماع على ذلك: ابنُ حزم
، وابنُ رُشد
5
و ابنُ قُدامة
، والنوويُّ
فضائل الزَّكاة
للزكاة ثوابٌ عظيم، وفضائلُ جليلة، منها:
1-
اقترانها بالصَّلاة في كتاب الله تعالى، فحيثما ورد الأمر بالصَّلاة اقترن به الأمر بالزَّكاة، من ذلك قوله تعالى:
وَأَقِيمُوا الصَّلاة وَآتُوا الزَّكاة وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ
[البقرة: 110]
2-
أنَّها ثالث أركان الإسلام الخمسة؛ لما في الحديث:
((بُني الإسلام على خمسٍ: شهادةِ أنْ لا إله إلَّا الله، وأنَّ محمَّدًا رسول الله، وإقامِ الصَّلاة، وإيتاءِ الزَّكاة، والحجِّ، وصومِ رمضان))
3-
أنَّها علامة من علامات التقوى، وسبب من أسباب دخول الجنة، كما قال سبحانه وتعالى:
إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ
[الذاريات: 15 – 19]
و عن أبي الدَّرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلَّ الله عليه وسلَّم:
((خمس من جاء بهنَّ مع إيمان، دخل الجنَّة: من حافظ على الصلوات الخمس على وضوئهنَّ وركوعهنَّ وسجودهنَّ ومواقيتهنَّ، وصام رمضان، وحجَّ البيت إنِ استطاع إليه سبيلًا، وأعطى الزَّكاة طيِّبة بها نفسُه))
*
أن الزَّكاة سبب للأمن يوم القيامة وذَهاب الخوف؛ قال الله تعالى:
الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ
[البقرة:274]
.
*
أنَّها سبب لمضاعفة الأجر والثَّواب؛ قال الله تعالى:
وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ
[الروم: 39]
، المُضْعفُون: أي: يُضاعَف لهم الثواب والجزاء
(3)
، وقال الله تعالى:
مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ
[البقرة:261]
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلَّ الله عليه وسلَّم:
((مَن تصدَّق بعَدْل تمرة مِن كسْبٍ طيِّب، ولا يقبل الله إلَّا الطيِّب، فإنَّ الله يتقبَّلها بيمينه ثم يُربيها لصاحبه كما يُربي أحدكم فَلوَّه حتى تكون مثلَ الجبل))
4-
أنَّ المحافظة عليها سببٌ من أسباب بلوغ العبد منزلة الصِّدِّيقين والشُّهداء؛ فعن عمرو بن مُرَّة الجهني رضي الله عنه قال:
((جاء رجلٌ من قُضاعة إِلى رسول الله صلَّ الله عليه وسلَّم فقال: إِني شهدتُّ أنْ لا إله إلا الله وأنك رسول الله، وصليتُ الصلوات الخَمْس، وصُمتُ رمضان وقمتُه، وآتيتُ الزَّكاة، فقال رسول الله صلَّ الله عليه وسلَّم: من مات على هذا كان من الصِّدِّيقين والشُّهداء))
5 ـــ
أنَّ من أدَّاها طيبةً بها نفسُه، ذاق طعم الإيمان، عن عبد الله بن معاوية الغاضريِّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلَّ الله عليه وسلَّم:
((ثلاثٌ مَن فعلهنَّ فقد طَعِمَ طعْمَ الإيمان: مَن عبَدَ الله وحْده، وعلِم أنْ لا إله إلا الله، وأعطى زكاة ماله طيِّبة بها نفسُه رافدة عليه كلَّ عام، ولم يُعطِ الهَرِمةَ ولا الدَّرِنة ولا المريضة ولا الشَّرَط اللئيمة، ولكن من وسَط أموالكم، فإنَّ الله لم يسألْكم خيرَه ولم يأمركم بشرِّه))
*كل ما تقدم ذكره من الموسوعة الفقهية المختصرة*
===========================
بيان
شروط
وجوب
الزكاة
وما
يتعلق
بها
[1]
الشيخ / عبد الله بن حمود الفريح
فيه سبعُ مسائل:
المسألة الأولى:
شروط
وجوب
الزكاة
خمسة:
وهذه الشروط هي أيضًا عند المذهب، وهي كما يلي:
"الشرط الأول: الحرية":
ونُخرِج بهذا الشرطِ العبدَ، فلا تجب الزكاةُ على العبد؛ لأنه لا مال له، فمالُه لسيِّده.
ويدل على ذلك:
1-
حديث عبدالله بن عمر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من ابتاع عبدًا وله مال، فمالُه للذي باعه، إلا أن يشترط المبتاع))
[2]
.
2-
إجماع العلماء على أنْ ليس على العبد زكاةٌ، ونقل الإجماعَ ابنُ هبيرة
[3]
.
الشرط الثاني: الإسلام:
ونُخرِج بهذا الشرط الكافرَ، فلا تجب عليه، ولا تُقبل منه لو فعَلَها، وسواء كان هذا الكافر كافرًا أصليًّا أو مرتدًّا، دلَّ على ذلك الكتابُ والسنة والإجماع والنظر، وهي كما يلي:
1-
قوله - تعالى - {
وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ
}
[التوبة: 54].
2-
حديث ابن عباس - رضي الله عنه - في بعث معاذ إلى اليمن، وفيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: ((فليكن أولَ ما تَدْعوهم إليه شهادةُ أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله... فإن هم أجابوك لذلك، فأخبِرْهم أن الله افترض عليهم صدقةً تُؤخَذ من أغنيائهم، فتردُّ على فقرائهم))
[4]
.
ووجه الدلالة:
أنه أمرهم بالتوحيد قبل الزكاة، فجعل الإسلامَ شرطًا لوجوب الزكاة.
3-
إجماع العلماء على أن الإسلام شرطٌ لوجوب الزكاة، ونقل الإجماعَ ابنُ هبيرة
[5]
.
4-
ومن حيثُ النظرُ، فإن
الزكاة
عبادةٌ، والكافرُ ليس من أهل العبادات.
وهذا باعتبار الأداء؛
أي:
إن الكافر من حيث وجوبُ أداء الزكاة، لا تجب عليه، ولا تُقبَل منه لو أدَّاها، وأما باعتبار العقوبة، فإنه سيُعاقَب على ترْكها، وتقدَّم في أول كتاب الصلاة أن الكافر يُعاقَب في الآخرة على ترْكه لفروع الشريعة؛ لأنه مخاطب بها، ويدل على ذلك:
قوله - تعالى - {
مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ
*
قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ
*
وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ
*
وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ
}
[المدثر: 42 - 45].
ووجه الدلالة:
أنهم ذَكَروا سببًا لعقوبتهم، وهو تركُهم لفروعٍ من الشريعة، كالصلاة، وإطعام المسكين.
الشرط الثالث: مِلْك النصاب:
ونُخرج بهذا الشرط مَن كان عنده مالٌ يَبْلُغ النِّصابَ ولكنه لا يملِكه، وكذلك نخرج من كان عنده مال يملكه ولكنه لم يبلغ النصاب.
والنصاب:
هو القَدْر الذي إذا بلغه المالُ، وجبتْ فيه الزكاةُ، وسيأتي
بيان
الأنصبة، وهي تختلف باختلاف المال.
مثال ذلك:
سيأتينا أن نصاب الذهب عشرون دينارًا، فمَن مَلَكَ هذا النصابَ، وجبتْ عليه الزكاةُ فيه، ولكن لو ملك تسعةَ عشرَ دينارًا، فلا زكاة عليه؛ لأنه لم يبلغ النصاب.
مثال آخر:
سيأتينا أن نصاب الغنم السائمة أربعون شاة، فمن ملك أربعين شاة، وجبتْ عليه
الزكاة
فيه، ولكن لو ملك تسعًا وثلاثين شاة، فلا زكاة عليه؛ لأنه لم يبلغ النصاب، فمِلكُ النصاب شرطٌ لوجوب الزكاة.
ويدل على ذلك:
1-
حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن النبي - صل الله عليه وسلم - قال: ((
ليس فيما دون خمسة أَوْسُقٍ صدقةٌ، ولا فيما دون خمس أَوَاقٍ صدقة، ولا فيما دون خمس ذَوْدٍ صدقة
))
[6]
.
ووجه الدلالة:
أن ما دون خمسة أوسق، أو خمس أواقٍ، أو خمس ذود، ليس فيه زكاة؛ لأنه دون النصاب، والمقصود بالصدقة الزكاة.
2-
إجماع العلماء على أن ملك النصاب شرطٌ لوجوب الزكاة، ونقل الإجماع ابن هبيرة
[7]
.
إذًا هذا الشرط مكوَّن من أمرين: أن يكون مالكًا لهذا المال؛ أي: مستقرًّا في ملكه، وسيأتي بيانه، وأن يكون هذا المال بلغ النصاب، فإذا لم يبلغ النصاب، فلا زكاة فيه كما تقدم في المثالين، وكذلك إذا لم يكن مالكًا لهذا المال، فلا زكاة فيه؛ ولذا فإن هناك أموالاً لا مالك لها، فلا زكاة فيها.
ومثال ذلك:
أ-
أموال الدولة التي تجمع من الزكوات أو الضرائب، وكذا الأموال التي في بيت مال المسلمين، لا زكاة فيها؛ لعدم المالك المعيَّن لها؛ لأنها ملك لجميع الأمة، ومنهم المستحقون كالفقراء وغيرهم.
ب-
أموال المؤسسات الخيرية التي تكون للمشاريع الدعوية، وكذلك الأموال الموقوفة على جهة عامة، كالفقراء، والمساجد، والمدارس، وسائر الجهات الخيرية، فالصحيح أنه لا زكاة فيها؛ لعدم المالك المعيَّن لها
[8]
.
ج-
المال الحرام لا زكاة فيه، كالمال الذي يحصل عليه الإنسان من سرقةٍ، أو غصبٍ، أو رشوةٍ، أو ربًا، أو غشٍّ، وكذا مَن أخَذَ أموالَ الناس بالباطل، أو نحو ذلك؛ لأنها ليست في ملكه في الأصل، وهي محرَّمة عليه، ويجب عليه أن يُعيدَها لأصحابها؛ لأنها أموال لا يملكها، فلما كانت غير مملوكة له، لم يَصحَّ أن يزكيَها، وكذا حُلي المرأة المحرم، فإنه لا زكاة فيه بإجماع العلماء، وسيأتي بيانه عند الحديث عن مسألة زكاة الحلي.
فالمال المحرَّم لا زكاة فيه؛ لقول النبي - صل الله عليه وسلم - ((
لا تُقبل صلاةٌ بغير طُهُور، ولا صدقةٌ من
غُلُول
))
[9]
.
والغلول
الأخْذ من مال الغنيمة قبل القسمة وهذا محرَّم.
ولقول النبي - صل الله عليه وسلم -: ((
إن الله طيِّبٌ لا يقبل إلا طيبًا
))
[10]
.
الشرط الرابع: استقرار الملك:
ونُخرِج بهذا الشرط من كان عنده مالٌ لكنه ليس في ملكه كما تقدم بيانه، مثل أموال الزكوات والضرائب التي تجمعها الدولة، وكذا أموال المؤسسات الخيرية؛ لأن هذه الأموال لا مالك لها معيَّن، فهنا الملك لم يستقرَّ، ومعنى استقرار الملك: أي أن ملكه لهذا المال تامٌّ، ويتصرف فيه حسب اختياره، فلا يتعلَّق بهذا المالِ حقٌّ لغيره.
ويدل على اشتراط استقرار الملك:
1-
قوله - تعالى -: {
خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ
} [التوبة: 103].
ووجه الدلالة:
أن الله - تعالى - أضاف الأموالَ إلى أصحابها، ولا تكون لهم إلا إذا ملكوها ملكًا تامًّا مستقرًّا.
2-
إجماع العلماء على أن استقرار الملك شرط لوجوب الزكاة، ونقل الإجماعَ ابنُ هبيرة
[11]
.
3-
من حيث النظر، فإن بذْل
الزكاة
فيه تمليكُ المال لمستحقِّه من الفقراء وغيرهم، فإذا لم يكن صاحب
الزكاة
مالكًا لهذا المال ملْكًا تامًّا، فإنه لن يستطيع تمليكَ غيره من مستحقي
الزكاة
عند بذْلها، إذًا تمامُ الملك واستقراره من
شروط
وجوب
الزكاة، ولا يكون المال مستقرًّا، وفي تمام ملكه، إلا إذا ملك صاحبُه تمامَ التصرف في الحال وفي المستقبل، أما إذا كان المال ليس في ملكه حالاً، أو أنه عرضة للسقوط في المستقبل، فإنه لا تجب فيه الزكاة، كـ مال المُكَاتَب.
والمكاتب:
هو العبد الذي يتَّفق مع سيده بأن يدفع لسيده مالاً، على أن يكون العبد بعدها حرًّا، فلو اتَّفقا على مبلغٍ، فإن هذا المبلغ الذي عند العبد ليس فيه زكاة، ولو مضتْ عليه سنة؛ لأن العبد يملك تعجيز نفسه، فيقول لسيده: لا أستطيع أن أوفي، وإذا لم يستطع الوفاء، سقط عنه المال، فهذا المال لا زكاة فيه؛ لأنه عرضه للسقوط.
وكذا الحبوب والثمار، لا تجب فيها الزكاةُ حتى يبدو صلاحُها، فلا يكفي أن تكون على رؤوس الشجر، وإنما لا بد من صلاحها، وحينئذٍ تستقر في ملكه، وأما قبل ذلك فلا، كأن تكون على رؤوس الشجر أو الزرع، فتأتيها آفةٌ تتلفها قبل صلاحِها من غير تفريط من صاحبها، فلا زكاة فيها؛ لأن ملكه لم يستقرَّ على هذا الشيء.
الشرط الخامس: مضي الحول:
أي:
إنه لا تجب
الزكاة
في المال إلا إذا مضتْ عليه سنة كاملة، وهناك أشياء تستثنى من هذا الشرط ستأتي.
إذًا لا بد في المال - حتى تجب فيه
الزكاة
- أن يمضي عليه حولٌ.
ويدل على ذلك:
1-
حديث عائشةَ - رضي الله عنها - مرفوعًا: ((
لا زكاة في مال، حتى يحول عليه الحول
))
[12]
.
2-
حُكي الإجماع على اشتراط مضي الحول لوجوب الزكاة، نقل هذا الإجماعَ ابن هبيرة
[13]
، وخالف هذا الإجماعَ داودُ الظاهري، والصواب اشتراط ذلك.
3-
يؤيد اشتراطَ مضي الحول أن النبي - صل الله عليه وسلم - لم يكن يبعث السُّعاة لجمع
الزكاة
إلا كل عام، وهذا يدل على اشتراط الحول.
وهناك أشياء لا يشترط لها مضي الحول، فتستثنى مما سبق، وهي:
1- المعُشَّر:
وهي الأموال التي يجب فيها العُشْر أو نصف العشر، وهي الخارج من الأرض من الحبوب والثمار، فإنها لا يشترط لإخراج زكاتها مضيُّ الحول؛ بل متى ما بدا صلاحها وحُصِدت، وجبت فيها الزكاة، ولو كان ذلك في أربعة أشهر أو ستة، ويدل على ذلك: قوله - تعالى -: {
وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ
} [الأنعام: 141].
2- نتاج السائمة:
السائمة:
هي بهيمة الأنعام (الإبل والبقر والغنم) التي تَرْعَى الحول أو أكثره فيما أنبتَه الله - عز وجل - أما ما نزرعه نحن ونُعلفه إياها، فلا تُعَدُّ به سائمة، فإذا كانت ترعى فيما أنبته الله سنةً كاملة، أو ثمانية أشهر أو سبعة، ففيها الزكاة، أما إذا كانت ترعى ستة أشهر، ونعلفها ستة أشهر فأكثر، فلا زكاة فيها؛ لأنها ليست سائمة، وهذا إذا كانت مُتخذة للدَّر والنسل لا للتجارة، وسيأتي
بيان
ذلك في بابه - بإذن الله.
ونتاج السائمة:
أولادها، فلا يشترط في هذه الأولاد أن يمضي عليها حولٌ كامل، ما دام أن أصلها (وهي أمهاتها) مضى عليها حول؛ لأن حولها حولُ أصلها.
فمثلاً:
لو أن رجلاً عنده تسعون شاة، وقبل أن يتم الحول بشهرين نتجتْ (أي: ولدت) ثلاثون منها ثلاثين شاة، هذه الثلاثون تسمى نتاجًا لتلك السائمة، فإذا ضممناها مع التسعين، صار عندنا مائة وعشرون شاة، فإذا جاء عامل الصدقة، فإنه يأخذ من صاحب هذه الماشية زكاةَ مائة وعشرين شاة، مع أنه لم يمرَّ على الثلاثين إلا شهران؛ لأنه لا يشترط فيها مضي الحول، فحولُها حولُ أصلها.
ويدل على ذلك:
1-
أن النبي - صل الله عليه وسلم - كان يبعث السُّعاة لجباية الزكاة، فيأخذون
الزكاة
مما يجدونه عند صاحبها، ولا يسألون عما وُلد أثناء الحول، مع أن في المواشي صغارًا وكبارًا.
2-
أنه صحَّ عن بعض الصحابة - رضي الله عنهم - إتباع المولود بأصله في الحول، فصح ذلك عن عمر
[14]
.
تنبيه: لو أن رجلاً عنده ثلاثون شاة، وقبل حَوَلانِ الحول بشهرين ولدتْ عشرٌ منهن عشرَ شياهٍ، فصارت أربعين شاة، فهنا يبدأ الحول من ولادة العشر شياه؛ لأن الثلاثين شاة ليس فيها زكاة في الأصل، حيث إن نصاب الغنم يبدأ من أربعين، وهي من قبلُ لم تبلغ النصاب، وحينما ولدت عشر شياه صارت أربعين شاة، فهنا كمل النصاب، فيبدأ من كماله حتى يمضي عليه حولٌ كاملٌ، وهذا معنى قول صاحب "الزاد": "وإلا فمن كماله"، وكذا يقال في ربح التجارة فيمن كان رأسُ ماله دون النصاب.
3- ربح التجارة:
وربح التجارة لا يشترط له مضي الحول؛ فالتاجر إذا حال على ماله الأصليِّ حولٌ كاملٌ، فإنه يخرج زكاته وزكاة ما معه من أرباح، ولو لم يمض على هذه الأرباح حولٌ كاملٌ؛ لأنها تتبع أصلها.
فمثلاً:
لو أن رجلاً له أرض اشتراها بخمسين ألفًا، وقبل تمام السنة بشهر ارتفع سعرُها فصارت تساوي مائة ألف، فهو في هذه الصورة ربح خمسين ألفًا، هذا الربح لا يحتاج أن يحول عليه الحول؛ لأنه فرع عن الأصل، فيزكي عن مائة ألف.
ويدل على ذلك:
1 -
أن المسلمين منذ القدم حين يخرجون زكاة أموالهم لا يحذفون ربح التِّجارة، وإنَّما يخرجون زكاة رأس المال، وما معه من الأرباح، ولو لم يَمض على الأرباح حولٌ كامل.
2 -
لأنَّ ربح التجارة فرع، والفَرْع يتبع أصله، ولا يفرد بحكم وحْدَه.
فائدة:
لو أن رجلاً جاءه مالٌ ولكنَّه ليس ربحًا للتجارة التي عنده، وإنَّما جاءه من إرث أو هبة أو راتب ونحوه، فإنَّه لا يضمه إلى رأس مال تِجارته التي عنده، وإنَّما لهذا المال حولٌ مستقلٌّ
-
على القول الراجح والله أعلم - وهو قول المذهب فإذا مضى عليه الحولُ زكَّّّّّاه، وكذلك لو جاءته غنم، ولكنها ليست نتاجًا للسائمة التي عنده، وإنَّما جاءته عن طريق شراء أو إرث أو هبة، فإن لها حولاً مستقلاًّ على الصحيح، وهو قول المذهب، فلا تضم إلى ما عنده من النِّتاج، فإذا مضى عليها الحول زكَّاها، فلو أنَّ عنده أربعين شاة، وقبل حَوَلاَنِ الحولِ بشهرين اشترى مائة وعشرين شاة، فإن هذه المائة والعشرين حولها مستقلٌّ عن الأربعين، وعلى هذا يكون المال المستفاد
على قسمين:
1 -
أن يكون فرعًا عن أصل كأن يكون نتاجًا لسائمة أو ربحًا لتجارة، فهذا حوله حول أصله.
2 -
ألاَّ يكون كذلك، فليس نتاجًا لسائمة، ولا ربحًا لتجارة، ولكنه من نفس جنس المال الذي عنده، فهذا له حول مُستقل عن الذي عنده.
- إذًا يستفاد مما تقدَّم أنَّ الأصل في زكاة كلِّ شيء أن يَمضي عليه حولٌ كاملٌ إلا في ثلاثة أشياء:
1 - المعشَّرات: وهي الخارج من الأرض من الحبوب والثِّمار.
2 - نتاج السائمة.
3 - ربح التجارة.
فهذه لا يشترط أن يحول عليها حولٌ كاملٌ، وأضاف أهلُ العلم إلى هذه الثلاثة:
1-
الرِّكاز:
وهو ما وُجد من دفن الجاهليَّة - وسيأتي الحديث عنه - فهذا لا يشترط له حولٌ، وليس له نصاب معيَّن، بل يزكيه بمجرد وجوده، فيخرج الخُمُس - أي: ما يعادل 20% - لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - المتَّفق عليه أن النبي - صل الله عليه وسلم - قال: ((
وفي الرِّكاز الخُمُس
)).
2 -
العسل:
قالوا لا يشترط له مُضِي الحول، وإنَّما يُزَكَّى مباشرة كالحبوب والثمار إذا حُصِدت، والصواب أنَّه لا زكاةَ في العسل إلا أن تكون مُتَّخذة للتِّجارة؛ لأنَّه لا يصح في زكاة العسل حديث، وسيأتي الكلام عليها بإذن الله.
1 -
الأشياء المعدَّة للأجرة:
قالوا لا يشترط مضي الحول عليها، وإنَّما تجب بقبض المال، فإذا قَبَضَ قيمة تأجير البيت مثلاً، أخرج زكاتها أوَّل ما يقبض، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، والصَّواب أنه ليس في هذا المال زكاة إلاَّ إذا حال عليه الحول
[15]
.
2 -
المعادن:
وهو ما يستخرج من الأرض من المعادن، وسيأتي بيانه في آخر باب زكاة الحبوب والثِّمار.
إذًا تبيَّن من المسألة الأولى أنَّ
شروط
وجوب
الزَّكاة خمسة:
-
اثنان يتعلقان بالمُزكِّي، وهما:
الحرية، والإسلام.
-
وثلاثة تتعلق بالمال المُزكَّى، وهي: ملك النِّصاب، واستقراره، ومضي الحول.
وكل هذه الشُّروط الخمسة نقل الإجماع عليها ابنُ هبيرة في "
الإفصاح
" كما تقدم.
فإن قيل: أليس العقل والبلوغ من شُرُوط الزَّكاة أيضًا، فنخرج المجنون والصَّغير فيما لو ورثا مالاً كثيرًا
على سبيل المثال،
أم أنه يجب في مالهما الزكاة؟
المذهب وهو القول الراجح والله أعلم:
أنَّه يَجب في مالهما الزَّكاة، وهو قول جمهور العلماء.
ويدل على ذلك:
1- عموم الأدلة كقوله - تعالى -: {
خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم
} [التوبة: 103]، وحديث ابن عباس - رضي الله عنه - في بعث معاذ إلى اليمن، فإنَّ النبي - صل الله عليه وسلم - قال: ((
فأخبرهم أنَّ الله افترض عليهم صَدَقة تؤخذ من أغنيائهم، فترد على فقرائهم
))؛
متفق عليه.
وهذا يشمل الصَّغير والكبير والمجنون والعاقل؛ لعموم الخطاب.
2 -
أنَّ هذا هو حكم جمع من الصَّحابة، ولا يُعلم لهم مُخالف فمن ذلك:
ما ثَبَتَ عن عمر - رضي الله عنه - أنَّه قال:
"
ابتغوا في أموال اليتامى؛ لا تأكلها الصدقة
"
[16]
.
وأيضًا ورد ذلك عن علي وعائشة وابن عمر وجابر بن عبدالله - رضي الله عنهم أجمعين - كما في مصنف ابن أبي شيبة (4/24)، وسنن البيهقي (4/107)، والمحلى لابن حزم (5/208).
ووجه الدلالة:
أنَّ البالغ لا يسمى يتيمًا، وإنَّما اليتيم هو الصَّبِي.
والقول الثاني:
أنَّه لا يجب في مالهما الزَّكاة وهو قول الأحناف.
واستدلوا بحديث عائشة مرفوعًا
: ((رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق))
[17]
.
ونوقش هذا الاستدلال بأنَّ هذا الاستدلال يكون في العبادات التي لا تعلُّقَ لها بحق الغير، كالصلاة مثلاً، أمَّا العبادات التي لها تعلق بحق الغير كالزَّكاة، فإنَّها حق يُبذل لأهل
الزكاة
من الفقراء وغيرهم، فلا ينظر فيها إلى المكلَّف، وإنَّما إلى المال نفسه، وأيضًا لأنَّ
وجوب
الزَّكاة عليهما هي فتوى الصَّحابة ولا مُخالف، لهم فلا بُدَّ من القول بذلك والله أعلم.
المسألة الثانية:
زكاة من له أو عليه دَيْن.
هذه المسألة لها قسمان:
الأول
زكاة من له دين عند أحد.
والثاني:
زكاة من عليه دَيْن لأحد، وقد عبَّر صاحبُ الزاد عن هاتين المسألتين بقوله:
"
ومن كان له دين أو حق من صداق وغيره على مَلِيءٍ أو غيره، أدَّى زكاته إذا قبضه لما مضى، ولا زكاةَ في مال مَنْ عليه دَيْن ينقص النِّصاب، ولو كان المال ظاهرًا
".
ومسألةُ زكاةِ الدين
، سواء له أم عليه - من المسائل المهمة جدًّا، لا سيما في وقتنا الحاضر؛ حيثُ كَثُرَت الحاجة للديون فمن دائن - وهو المعطي للمال - ومن مَدِين - وهو الآخذ له - وهي مسألة اختلف فيها أهل العلم اختلافًا كثيرًا، فتعدَّدت الأقوال فيها، وذلك لأنه لم يرد نص من الكتاب أو السنة يفصل زكاة الديون.
-
والدَّيْن لغة:
اسم لكل شيء غائب، فكل ما لم يحضر يُسمى دَيْنًا
[18]
.
وفي الاصطلاح:
اسمٌ لمال واجب في الذِّمَّة من قرض، أو ثمن مبيع، أو منفعة عقد، كالمهر أو لشيء أتلفه، أو استأجره وغير ذلك.
ومما تقدَّم من تعريف الدَّين تبيَّن أنَّ القرض هو أحد أسبابِ الدَّين، وليس كل دين لا بد أن يكون قرضًا، فالدَّين أعم من القرض.
أولاً:
زكاة الدائن؛ أي: زكاة من له دَيْن عند أحد.
فالمذهب:
أنَّه يَجب أداء زكاة كل مال قبضه لما مضى عليه من السنين.
فعَلَى قول المذهب
يَجب أداء زكاة ما مضى إذا قبضه، سواء كان الذي عليه الدين ملتزمًا في دَيْنه كأن يسدِّد ما عليه بعد سنة واحدة، أم كان مماطلاً ولم يسدِّد إلا بعد عشر سنين، فالمذهب يقول على الدَّائن أن يخرج زكاة كل مال يقبضه لما مضى عليه من السنوات.
مثال ذلك:
رجل أجَّر بيتًا لمدة سنة أو باعه على آخر بـ
(200.000)
ريال، فإذا التزم المشتري وسدَّد ما عليه بعد سنة، فعلى البائع أن يخرج زكاتها، فيخرج ربع العشر وهي
(5000)
ريال، ولو قُدِّر أن هذا المشتري مماطل، فلم يسدِّد قيمة البيع إلا بعد خمس سنوات، فإن البائع سيخرج زكاة كل سنة مَضَت فسيخرج زكاة خمس سنوات، وهي
(25.000)
ريال؛ لأنَّ كل سنة زكاتها
(5000)
ريال.
مثال آخر:
رجل تزوَّج امرأة على صداق (مهر)، قدره
(20.000)
ريال، ولم يعطها المهر إلاَّ بعد عشر سنين من زواجها، فعلى الزوجة أن تخرج زكاة هذا المهر لعشر سنين مضت فتخرج
(5000)
ريال؛ لأنَّ كل سنة زكاتها
(500)
ريال، هذا هو قول المذهب.
إذًا؛ خلاصة قول المذهب:
أنَّ الدَّائن يدفع زكاة كل سنة مضت إذا قبض المال، سواء كان هذا الدَّين مرجوًّا؛ أي: على غني باذل، أو كان هذا الدين غير مرجو؛ أي: على غني مماطل، أو جاحد، أو على فقير مُعسر.
وقالوا:
إنَّ للدائن أن يُخرج زكاة كل سنة في عامها مع ماله الذي عنده، وهذا أفضل؛ لتبرأ الذِّمَّة، وله أن يؤخرها حتَّى يقبض المال، فيزكي عن جميع السنوات، وهذه رخصة، فالأولى فضيلة، والثانية رخصة.
واستدلوا:
1 -
بعموم الأدلة في
وجوب
الزَّكاة كل سنة، كقوله - تعالى - {
خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ
}
[التوبة: 103]
.
وحديث ابن عباس
في بعث معاذ إلى اليمن، فإنَّ النبي - صل الله عليه وسلم - قال: ((فأخبرهم أنَّ الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم، فترد على فقرائهم))
متفق عليه.
2 -
بما ورد عن بعض الصَّحابة من آثار كما سيأتي.
والأظهر - والله أعلم - أنَّه يفرق بين الدَّين المرجو؛ أي: يرجو وجوده كأن يكون على غني باذل كما تقدم - وبين الدين غير المرجو؛ أي: لا يرجو وجوده كأنْ يكون على غني مماطل أو جاحد، أو على فقير معسر كما تقدم.
-
فأمَّا الدين المرجو:
فتجب الزَّكاة فيه عن كل سنة، وتقدَّم أن هذا قول المذهب.
وبه قال جمهور العلماء.
ويدل على ذلك ما استدل به المذهب:
1 -
عموم الأدلة التي فيها الأمر بأداء الزكاة.
2 -
وبما ورد من آثار الصَّحابة في إيجاب الزَّكاة، فقد ورد عن عمر وعثمان وجابر وابن عمر، كما في الأموال لأبي عبيدة (ص434)، وأيضًا روي عن علي كما في الأموال لأبي عبيدة (ص436)، وسنن البيهقي (4/150)، ومصنف عبدالرزاق (4/100).
3 -
أنَّ الدين المرجو كالمال الذي في اليد؛ لأنَّه سيتمكن منه، فالصحيح فيه ما قاله المذهب وهو أنَّه يؤدي زكاة كل سنة، وله أن يخرج زكاة كل سنة في عامها، وهذا أبرأ للذمة، وله أن يزكي إذا قبض لما مضى من السنين.
4
-
وأمَّا الدين غير المرجو، كأن يكون المَدِين مماطلاً أو جاحدَ مالِ الدائن أو يكون فقيرًا معسرًا.
فقيل:
إنَّه يزكي لكل سنة مضت إذا قبض ماله، وهذا قول المذهب كما تقدم بأدلته.
وقيل:
يزكيه إذا قبضه لسنة واحدة فقط، وبه قال الإمام مالك وهو رواية في مذهب أحمد، وهو اختيار الإمام محمد بن عبدالوهاب، كما في "حاشية العنقري على الروض" (1/361)، واختاره الشيخ محمد بن إبراهيم في فتاويه (4/20).
واختاره ابن باز في فتاويه
(14/189)،
وابن عثيمين في فتاويه
(18/24).
ودليلهم:
القياس على الثِّمار التي يجب إخراج زكاتها عند حصدها، فقالوا: إنَّ هذا الدين يشبه الثمرة التي لا تزكَّى إلا إذا حُصدت، فكذلك هذا الدين غير المرجو إذا جاء، فإنَّه يزكيه لسنة واحدة فقط.
ونوقش هذا التعليل بأنَّه ليس في زكاة الأموال إلا أن تجب فيه الزَّكاة لكل سنة، أو أنه ليس فيه زكاة أبدًا، والقول بأنَّ عليه أنْ يُزكي لسنة واحدة ليس عليه دليل؛ لأنَّ المال له حكم واحد في الشرع، إمَّا أن يزكى لكل سنة وإمَّا ليس فيه زكاة، وأمَّا التفريق بين السنة الأخيرة، فيخرج عليها الزكاة، وما قبلها من السنوات لا يخرج عليها، فليس عليه دليل.
- قال أبو عبيد في كتاب الأموال
(ص440): "فأمَّا زكاة عام واحد، فلا نعرف لها وجهًا".
وقال عنه ابن عبدالبر في الاستذكار
(3/163): "وليس لهذا المذهب في النَّظر كبير حظ".
والقول الثالث: إنَّه لا تجب فيه زكاة، وهو قول الأحناف، ورواية في مذهب أحمد، واختاره شيخُ الإسلام ابن تيميَّة.
وعلَّلوا ذلك بأنَّ هذا المال
لا يُمكن أن ينتفعَ به، ولا يتصرف فيه، فهو كالمعدوم وهذا القول له وجاهة وقوة، وأمَّا من استدل لوجوب الزَّكاة بما ورد من آثار الصَّحابة، فقد جاءت آثار أخرى للصَّحابة أن ليس في الدين زكاة، فقد ورد عن عائشة وابن عمر وغيرهما ومن التابعين عكرمة وعطاء
[19]
،
فتعارضت أقوال السلف، فلا يكون فيها حجة.
فعلى هذا القول إذا قبض الدَّائن من مَدِينه ماله،
فإنَّه لا زكاة فيه إلاَّ أنْ يَحولَ على هذا المال حولٌ كامل بعد القبض، ففيه زكاة السنة التي حال فيها، وأمَّا حين يقبض المال فلا، وهذا القول هو الذي صدر عن قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن زكاة الديون
[20]
.
وذكر في القرار أنَّه لا يوجد نص في الكتاب ولا السنة يفصل زكاة الديون، وما ورد من آثار الصحابة والتابعين تعددت فيه وجهات النظر، ثم قرر المجمع ما يلي:
أولاً:
تجب زكاة الدَّين على الدَّين عن كل سنة إذا كان المدين مليئًا باذلاً.
ثانيًا:
تجب
الزكاة
على رب الدَّين بعد دوران الحول من يوم القبض إذا كان المدين معسرًا أو مماطلاً.
وما ذكره أصحاب المجمع الفقهي هو ملخص المسألة،
ولو زكَّى صاحب الدَّين المال لسنة واحدة فقط بعد ما يقبضه من المدين المعسر أو المماطل، كان ذلك أحوط وأبرأ لذمته والله أعلم، وأمَّا من حيث الترجيح، فالأظهر والله أعلم القول الثالث، وأنَّه ليس عليه زكاة حتَّى يحولَ على المال الذي قبضه حولٌ كاملٌ.
فائدة:
ومثل الدين الذي على معسر أو مماطل: المال المغصوب أو المسروق أو المال الموروث والمجهول ونحوها في الحكم.
"يتبع بإذن الله"
المصدر:
منتديات شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد
آخر تعديل عطر الجنة يوم 01-16-2016 في
06:18 PM
.
زيارات الملف الشخصي :
506
إحصائية مشاركات »
المواضيـع
الــــــردود
[
+
]
[
+
]
بمـــعــدل : 4.35 يوميا
MMS ~
عطر الجنة
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى عطر الجنة
البحث عن كل مشاركات عطر الجنة