الموضوع
:
الإعجاز العلمي في قوله تعالى: ﴿لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا﴾
عرض مشاركة واحدة
02-12-2016
#
2
إدارة قناة اليوتوب
بيانات اضافيه [
+
]
رقم العضوية :
426
تاريخ التسجيل :
Mar 2014
أخر زيارة :
منذ ساعة واحدة (10:00 PM)
المشاركات :
16,181 [
+
]
التقييم :
9330
MMS ~
لوني المفضل :
Darkturquoise
رد: الإعجاز العلمي في قوله تعالى: ﴿لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا﴾
أقوال المفسرين
ذهب جماهير المفسرين إلى أن العقل في القلب، بغض النظر عن ماهية العقل هل هو الذي يدرك ويعقل؛ أو هو الذي بيده القرارات التي يصدرها لباقي أعضاء الجسم؛ أو هو مكان العاطفة والمشاعر، ولكنهم مجمعون على تأويل قوله تعالى:
﴿
أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ
﴾
[الحج: 46]
،
بأن العقل المراد في الآية إنما محله القلب، فلنتأمل في أقوال المفسرين حول هذه الآية قبل أن ننتقل إلى ماهية العقل وما المراد به.
قال القرطبي:
"
أضاف العقل إلى القلب لأنه محله كما أن السمع محله الأذن
"
(2)
.
كما زاد بعضهم المراد من العقل إنما هو الفهم الذي يحصل به.
قال ابن حجر:
"المراد المتعلق به من الفهم الذي ركبه الله فيه؛ ويستدل به على أن العقل في القلب، ومنه قوله تعالى:
﴿
فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا﴾
وقوله تعالى:
﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ
﴾
[ق: 37]
.
قال المفسرون أي:
عقل، وعبر عنه بالقلب لأنه محل استقراره"
(3)
.
أما الثعالبي
فهو يقطع بأن العقل في القلب فيقول:
"
وهذه الآية تقتضى أن العقل في القلب وذلك هو الحق ولا ينكر أن للدماغ اتصالاً بالقلب يوجب فساد العقل متى اختل الدماغ
"
(4)
.
ويعلل الأيجي
جواز كون العقل في القلب بناءا على قدرة الخالق ومشيئته لا إرادة المخلوق وفطنته فيقول:
"
محل العلم الحادث سواء كان متعلقا بالكليات أو الجزئيات غير متعين عقلا عند أهل الحق بل يجوز عندهم عقلا أن يخلقه الله تعالى في أي جوهر أراد من جواهر بدن الإنسان وغيرها لأن البنية ليست شرطا للحياة والعلم فأي جزء من أجزائه قام به العلم كان عالما لكن السمع دل على أنه أي محل العلم هو القلب
قال تعالى:
﴿
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ
﴾
[ق: 37]
.
وقال تعالى:
﴿
فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا
﴾
وقال:
﴿
أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا
﴾
[محمد: 24]
"
(5)
.
ما المراد بالعقل
اختلف أهل العلم بالمراد بالعقل وتشعبت مذاهبهم في ذلك، والله سبحانه أخفى بعض الأمور عنا كالروح، وهي لا شك موجودة في أجسامنا وينزعها عنا متى شاء، كما قال سبحانه:
﴿
اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
﴾
[الزمر: 42]
.
وذكر سبحانه وتعالى النفس والعقل والقلب، وكل من هذه المخلوقات لها مكان في جسد الإنسان،فإما أن تكون تلك المذكورة أعضاء محسوسة كالقلب فيكون محلها معلوماً، وإما أن تكون صفات وأيضاً فلها مكان تستقر فيه.
وهنا نقدم تساؤلات بين يدي هذا الموضوع وهي:
1-
هل العقل عبارة عن جسم ومادة؟
2-
هل العقل عبارة عن وصف؟
3-
لماذا لم يرد لفظ العقل في القرآن الكريم مجرداً من الاشتقاقات؟
4-
ولماذا القرآن الكريم ذكر مهمات العقل أو وظائف العقل أو صفة العقل التي يتميز بها الإنسان ولم يذكر العقل باسمه؟
عندما نبحث عن كلمة العقل لا نجدها في القرآن إطلاقاً وإنما الموجود في القرآن هو اشتقاقات تدل على مهمة العقل أو وظائفه التي أرادها الله له، مثلاً قوله تعالى:
﴿
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ
﴾
[الرعد: 4]
.
﴿
أَفَلا تَعْقِلُونَ
﴾
[البقرة: 44]
.
﴿
وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ
﴾
[العنكبوت: 43]
هذا اللفظ يعني
﴿
يَعْقِلُونَ
﴾
﴿
تَعْقِلُونَ
﴾
ورد في القرآن تسع وأربعين مرة وهناك معاني مرادفة أو قريبة مثل التفكر مثلاً
﴿
يَتَفَكَّرُونَ
﴾
[الأعراف: 176]
،
﴿
لِأُولِي الْأَلْبَابِ
﴾
[غافر: 54].
﴿
لِأُولِي النُّهَى
﴾
[طـه: 54]
،
﴿
لِذِي حِجْرٍ
﴾
[الفجر: 5]
.
إن المخ له وظيفة شمولية على الجسد، فجميع الأوامر والنواهي والأحكام تصدر عنه بل ربما حتى قضايا الإيمان، وفي بعض التجارب القريبة عملوا دراسة على أناس وهم في حالة تلبس بالعبادة سواء كانوا من المسلمين أو البوذيين أو من المسيحيين أو غيرهم فوجدوا أن هناك منطقة في المخ مع هذه العبادة وتظهر عليها آثارها، والله -سبحانه وتعالى- ذكر القلب والعقل متداخلين في القرآن مثل قوله سبحانه
﴿لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا﴾
[الأعراف: 179]
.
ذكر من مهمة القلب العقل، ومن هنا بحث العلماء
هل العقل في القلب أم في المخ؟
وإذا أردنا أن نقترب من ماهية العقل أكثر يمكننا أن نجمل بعض ما ورد من ألفاظ دلت على بعض وظائف العقل ومنها:
1-
كثيراً ما يقول الفقهاء مثلاً الصلاة واجبة على كل مسلم بالغ عاقل، وهذا من معاني العقل.
2-
والعقل الوازع الذي يحمل الإنسان على فعل الخير وعلى ترك الشر.
3-
كذلك العقل المتأمل الذي ينظر في ملكوت السموات والأرض مثل قوله سبحانه وتعالى-
﴿
إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ
﴾
[آل عمران: 190]
.
4-
كذلك العقل الحاكم؛ لأن العقل معيار صحيح فالعقل لا يخطئ ولو كان العقل يخطئ ما أحالنا الله عليه في مسائل كثيرة فالله -سبحانه وتعالى- مثلاً يقول:
﴿
لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ
﴾
[البقرة: 164]
﴿
أَفَلاَ تَعْقِلُونَ
﴾
[البقرة: 44]
معنى ذلك أنه يحتج على الكافرين بالعقل ويحيلهم إلى العقل، وكذلك المترددين والشاكين يحيلهم إلى العقل وإلى حكم العقل، فهذا دليل على أن العقل الصحيح الذي يتكلم عنه الله -سبحانه وتعالى- في القرآن الكريم عقل لا يخطئ؛ لأن الخطأ يرد من الشهوة، ومن الهوى -التباس أحكام العقل بأحكام الهوى- ويرد من التقليد الذي يجعل الإنسان ربما يتقبل بعض الأحكام، ويرد من أعمال العقل في مجال غير مجاله.
5-
والقرآن الكريم يذكر العقل إشارة إلى الفهم يقول سبحانه
﴿
إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ
﴾
[يوسف: 2]
هنا
﴿تَعْقِلُونَ﴾
يعني تفهمون الكلام لأنكم عرب إذاً الفهم هنا يعني من دلالة العقل.
6-
كذلك العقل في القرآن يشير إلى قضية عدم التناقض، ألا يناقض الإنسان نفسه أو لا يناقض الحقائق العلمية، مثل لما احتج الله على اليهود والنصارى
﴿
لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْأِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ
﴾
[آل عمران: 65]
.
يعني من العقل أنك لا تقول إبراهيم يهودي أو نصراني والتوراة والإنجيل ما أنزلت إلا من بعده فهنا قال
﴿أَفَلا تَعْقِلُونَ﴾
إشارة إلى أن العقل يقتضي عدم وجود تناقض بين أقوال الإنسان أو بين الحقائق.
7-
كذلك العقل الذي يقتضي من الإنسان أن يعزز القول بالعمل، وألا يكون متناقضاً بين ما يعتقده وبين ما يمارسه في الحياة، ما يقتضي أن الإنسان يكون عنده توافق بين ما يعتقده وبين ما يمارسه في الواقع من أفعال؛ ولهذا الله -سبحانه وتعالى- يقول:
﴿
أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ
﴾
[البقرة: 44]
.
يعني العقل هنا الرشيد يوحي الإنسان أن يعزز القول بالعمل.
8-
بل حتى الأخلاق الفاضلة والذوق والتهذيب يدل القرآن على أنها من العقل
﴿
إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ
﴾
[الحجرات: 4]
،
فالله سبحانه وتعالى- يذكر هؤلاء القوم الذين صرخوا بالنبي-
صل الله عليه وسلم
- اخرج إلينا يا محمد من حجراته ولم يراعوا أدب النبوة ومقام النبوة أن
﴿أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ﴾
وليس المقصود أنهم مجانين لكنهم لا يفهمون السلوك المهذب.
فالعقل إذاً في القرآن الكريم ليس متاهة جدلية بيزنطية فلسفية في تحديد ما هو العقل وأين العقل؟ وإنما العقل هو معيار، وهو الذي يملك طرح الأسئلة والبحث عن المعلومات وعن المعرفة في الكون، ويملك البحث عن إجابات أيضاً لهذه الأسئلة في الكون، ويملك البحث عن خيارات متعددة يبحث عن أفضلها ويملك العمل
(6)
.
ومن هذا المفهوم يمكن القول بأن العقل هو صفة لصاحبه مكتسب بالتعلم والعلم، وله حيز ما في الجسم، يمكن به أن تختزن تلك المعلومات والمواهب، والتي بمجموعها تسمى العقل، ولا شك أن الصفات لا بد لها من ذات تستقر بها، مثال ذلك أن أقول فلان شجاع وذكي، فهذه الصفات ما كانت لتعرف إلا بوجود ذات الشخص، فتظهر عليه، وهكذا العقل، فقولنا العقل لا بد أن يكون له حيز ومكان في الجسم يستقر فيه ليظهر دوره وميزاته سلباً أو إيجاباً، بالإضافة.
"يتبع بإذن الله"
التعديل الأخير تم بواسطة عطر الجنة ; 02-12-2016 الساعة
12:36 AM
فترة الأقامة :
3719 يوم
معدل التقييم :
زيارات الملف الشخصي :
506
إحصائية مشاركات »
المواضيـع
الــــــردود
[
+
]
[
+
]
بمـــعــدل :
4.35 يوميا
عطر الجنة
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى عطر الجنة
البحث عن كل مشاركات عطر الجنة