03-26-2016
|
#2 |
بيانات اضافيه [
+
] | رقم العضوية : 69 | تاريخ التسجيل : May 2013 | العمر : 76 | أخر زيارة : منذ أسبوع واحد (12:30 PM) | المشاركات : 8,131 [
+
] | التقييم : 9284 | | لوني المفضل : Cadetblue | |
رد: لا رسائل بعد اليوم..! [ زلزال قلبٍ لم يشعر به أحد [ft=simplified arabic][b][size=5][color=#008000] [center] [center][ft=simplified arabic][b][size=5][color=#008000]- أستغفر الله أستغفر الله أستغفر الله
قالتها ملاك بهدوءٍ وخشوع وهي تتملَّى في كل كلمةٍ تنطقها وتتهجَّاها حرفًا حرفًا
لقد كان آخر عهدها بأذكار الصلاة يوم شاركتْ في مُسابقة المُصلى بمدرستها الابتدائية
- " يااااااه تلك الأيام ألا تعود؟! "
أحستْ ملاك بالدموع تستأذنها للإجابة عن السؤال
فتشاغلت بالاتكاء على إحدى سوراي المُصلى ثم مدت رجليها بتثاقل
وسمحت لشعرها المُنساب على كتفيها أن ينسدل لتُمازجه النسائمُ الخجلى
ثم أطرقتْ لحظة
وبدا لها أن تُحمَّل السطور ما ينوء بها كاهلُها
فأخرجت ورقةً وقلمًا أحمر اللون كحمرة أحداقها الدامعة
ثم كتبتْ :
- أستاذتي إيمان
لستٌ أدري أيَّ شئٍ أسمي هاته السطور
ربما كانت رسالةً مني إليَّ
وربما هي مشاعرُ قلبٍ ستظل أسيرةَ الأضلاع
وربما هي شئٌ من بوحٍ لن يسمعه أحد
ربما هي كلُ ذلك أو فوق ذلك
لكنها -يقينًا- حروفٌ من وحي حديثك الماتع الخلاب!
* يا نجمةَ روحي التائهة :
هل رأيتِ إلى الأرض الجدباء كيف تكون حين انهمار الغيث؟!
أم رأيتِ إلى قطب المغناطيس السالب التائه كيف يلتصق بالقطب الموجب حين يلقاه؟!
أم تُراكِ تتأملين في وجيب الفؤادِ كيف يسكنُ إلى الحضن الحنون؟!
هكذا كنتُ أنا وهكذا كان حديثُك
لا تتعجبي يا مَن بعثكِ الله على قدرٍ إليَّ!
فقد كان حديثُك اليوم كالقطرة الأخيرة النازلة على جلمود صخر
سبقتها قطراتٌ وقطرات
وكل قطرةٍ يحسبها الناسُ مجرد محاولات عابثةً لن تفلق الصخر ولن تكسر الحجر
حتى إذا ما أذن الله بما يشاء جاءت هاته القطرة تتهادى
فصار الجلمودُ العصيُ تحتها طيعًا لينًا!
فالحمد لله
الحمد لله الذي جعل من الحجارة ما تتفجر منه الأنهار
ومنها ما يشقق فيخرج منه الماء
ومنها ما يهبط من خشية الله!
أعادت ملاك القلم الأحمر والورقة إلى حقيبتها المُخملية ثم رفعتْ رأسَها
كان المكان مليئًا بفتيات المصلى اللاتي ظاهرهن الاستقامةُ والصلاح
وهناك تجلس سمية وعن يمينها تغريد
الفتاتان اللتان دائمًا ما تُمضيان الوقت في الحافلة بالجدال والنقاش
منظرهما لم يتغير حشمةٌ وعفةٌ واستقامةٌ ينطق بها ظاهرُهما وزيُهما
لكن نظراتهما المصوبة إليها لم تتغير أيضًا هُنا في المُصلى وهناك في الحافلة
نظراتٌ واحدة لا تورث ملاك إلا شيئًا واحدًا :
الإحساس بالغربة!
- حتى هنا في بيت الله أشعر بالغربة في أقسى معانيها
وأقسى ما تكون الغربةُ حين تتبدى بين أهل الوطن!
آااه ليتهنّ يعلمنْ أن الهداية والاستقامة كالوطنٌ للأرواح البشرية الهائمة
و ستظل هاتيك الأرواح هائمةً تائهةً تشعر بالغربة؛ إن هي لمستْ من أهل وطنها ما لمستُ أنا هُنا
فتيات الهداية وبناتُ الاستقامة يملأن المُصلى
لكني في كل مرةٍ أهزم فيها الشيطان وآتي إلى هنا لا أكاد أجد منهن ترحابًا ولا ابتهاجًا!
لماذا أيتها الفاضلات لماذا؟! "
لم يكد حديث نفسها ينقضي حتى جاءها بعض الجوابِ
جاءها على هيئة نظرةً شزرى رمقتها بها فتاةٌ أخرى من فتيات المصلى
كانت تُحدق في عباءة ملاك المُخصرة المُلقاة بين يديها!
عندها
صرفتْ ملاك ناظريها
ولملمت ما تناثر من أغراضها
وجمعت خصلات شعرها المُنسدلة، لتُفسح المجال لعباءتها أن تستقر على كتفيها
ثم
خرجت من "غربة" المُصلى
لتمضي كُرهًا صوب "غربة" الحافلة!
- كم أكره هذه المُتبرجة!
هكذا قالت تغريد وهي تصك بأسنانها على الحروف حنقًا وخوفًا :
حنقًا على ما تراه على ظاهر ملاك وأمثالها
وخوفًا من أن تسمع كلامها
زوت سمية حاجبيها استنكارًا لما سمعت وأشاحت بوجهها إلى نافذة الحافلة
عادت تغريد تقول بصوتٍ يرتفع تدريجيًا :
- ألا تسمعينني؟!
- بلى سمعتُك يا تغريد لكن لم يُعجبني كلامكِ
لم تكد سمية تُنهي جملتَها، حتى قالت تغريد بانفعال وصوتٍ عالٍ :
- هل أفهم من هذا أنكِ معجبةٌ بهذه العاصية التي تُدعى ملاك؟!
تصنعتْ سمية الهدوء وقالت وهي تمط حروفها :
- أرجوكِ اخفضي صوتكِ فهي تجلس أمامنا مُباشرة!
- ومن هي حتى تُراعين مشاعرها؟!
قاطعتها سمية وهي تقول بصوتٍ عميقٍ حاسم :
- أخشى أن أقع في الغيبة إن تحدثتُ عنها
لكنكِ لو قُلتِ "كم أكره التبرج" لما استنكرتُ ما تقولين!
- عفوًا هل تملك إحداكن قلمًا أسود اللون؟!
التفتتْ تغريد و سمية صوب الصوت بارتباك
إنه صوت ملاك تناهى إلى مسمعهما متهدجًا حزينًا واهنًا!
قالت سمية وهي تحاول تدارك الموقف :
- سأُعيرك واحدًا
ثم مدتْ بقلمٍ أسود إلى ملاك
والتقت أناملُهما للمرة الأولى!
* * * * *
كتبتْ ملاك :
- أستاذتي إيمان :
لقد اخترتُ هذه المرة قلمًا أسود لأكتب على ذات الأوراق
ربما لأن الكون من حولي الآن قد علاه السوادُ
ربما
لكني - يا غيث قلبي الجديب - موقنةٌ أني آثرتُ السواد لتبقى هاته السطور طويلاً، كما يطول بقاءُ سواد الأسى في قلوبنا
أريدها أن تبقى
لأتأمل فيها
وأقلب ناظريَّ بين سطورها
فهي سطورٌ - كما قلتُ لكِ - مني إليّ
وأنا أحوجُ ما أكون لأعرف نفسي حين لم يعرفها الأُخريات!
أستاذتي
ربما أُتهم بالعبث لو قلتُ : إنه لن يقرأ أحدٌ هاته الرسالة سواي
لكنكم ستعذرونني حتمًا لو سمعتم ما أسمعه الآن من مُحاكمةٍ غيابية لي وأنا حاضرة!
قالت تغريد ما قالتْ
وقالت سمية ما قالتْ
ولربما قال غيرهنَّ من الفتيات الفاضلات ما قُلن
لكن صدقيني
بقدر ما تؤلمني هذه الأحكام التي يلقينها عليّ إلا أنني ألتمس لهنَّ الأعذار!
فما أُبرئ نفسي!
وربما كان عليَّ أن أبادرَ بمد يدي إليهنَّ
فأنا مجرد فتاةٍ ذاتِ عباءة مُخصرة تُلبس على الكتف
و كان عطري الفواح يسبقني عند صعودي إلى الحافلة أو نزولي منها
وكان صوت الموسيقى يصدح في أذني من سماعة الجوال كثيرًا
وكانت أحداث المسلسل المكسيكي في قناة على لساني فيما مضى
وكانت ألبومات الفنانين والفنانات لا تكاد تخلو منها حقيبتي
صحيحٌ أن ذلك كله "قد" يُفسر إحجامهنَّ عني
لكنه لا يُبرره ولن يُبرره أبدًا!
وصحيحٌ - أيضًا - أن ذلك كله ظاهرٌ في ملبسي ومنظري وحديثي
لكنهنَّ لم يُفكرنَ في قلبي!
ويا ويح قلبي الذي طالما كانت انقباضاته توحي إليَّ بأنه مُقرٌ بالذنب راجٍ للعفو
لم يعصِ ربه عن جحودٍ واللهِ إنما غرَّه حُسن الرجاء
ثم إنني غريقة
غريقة واللهِ يا أستاذة
أرنو للتي تنتشلني من اليمِّ الذي يُحيط بي
فهل تُلام الغريقة إن عاتبتْ أخواتها اللاتي يملكن أطواق النجاة وقد تركنَها تُصارع الموج
وهي بين آونةٌ وأخرى تقترب منهنّ قاب قوسين أو أدنى؟!
لقد كان آدمُ مُعينًا لحواء على التوبة والإنابة
فماذا تصنع بنتُ حواء اليومَ إذا تخلى عنها ابنُ آدم المستقيمُ فلم يخطبها
لمجرد أن ظاهرَها فيه كثيرٌ من تقصيرٍ "ربما" كان يواري طهارة قلبها ونقاء فطرتها؟!
وأي شئٌ تملكه فتاةٌ قد هجرنَها أخواتُها من بناتِ حواء المستقيماتِ
و حال بينها وبينهنَّ تقصيرُها وعزلتُهنَّ!
تقصيرُها هي الذي تُقر به ولا تُنكره
وعزلتُهنَّ التي جعلت من الاستقامة دائرة ضيقةلا تكاد تدخلُها إلا من استكملتْ كامل المواصفات والمقاييس
حتى أنتِ أيتها الفاضلة - واعذريني حين أقولُها
حتى أنتِ كنتُ ألمح في ناظريكِ طيفًا من أملٍ
ثم سرعان ما يتلاشى بعد انتهاء المحاضرة كهشيمٍ تذروه الرياح
لكن لاملامة عليك فلربما أعياكِ كثرةُ الغريقات مثلي!
وحسبي منكِ مثل هاته الحروف التي يعزفها صوتُك العذب
فأشعر بإيقاعه متجاوبًا مع نبضات فؤادي الموعوك
وحسبي قبل ذلك وبعده أن يقبل الله الكريم المنَّان توبتي
وأن يحعلها توبةً نصوحًا
وأن يُبدل بها سيئاتي حسنات
فاللهم عفوَك يا غفور يا رحيم
فقد أنهكني بؤس المعصية
وعونَك يا حي يا قيوم
فقد طالتْ بي وعثاءُ الحياة الموحشة! "
- شكرًا جزيلاً يا سمية فقد انتهيتُ من القلم
هكذا قالت ملاك وهي تهمُّ بالنزول من الحافلة
لم يكد طيف ملاك يتوارى بعيدًا عن الحافلة حتى قالت تغريد بامتعاض :
- كم أمقتُها!
فقالت سمية بنبرةٍ غاضبةٍ هذه المرة :
- كفى يا تغريد كفى اتقِ الله وما يُدريك لعلها أن تــ !"
فجأةً
بتر حديثهما صوت صرير عجلاتٍ تلاه ارتطام عنيف
التفتتْ جميع الطالبات صوب الصوت
هنااااك
جسدٌ هامد مُتشبثٌ بورقاتٍ مُمزقة
قد اختلطتْ فيها حمرة القلم بحمرة الدماء
وامتزج فيها سواد الحبر بسواد الإسفلت!
لقد انتهى كلُ شئ
وانتفض الجسدُ انتفاضته الأخيرة
وطارت الريح بهاتيك الورقات!
ورقاتٌ ورسائلٌ
لا يعلم ما كان فيها إلا رحمن السماوات والأرض
وكفى بالله عليمًا حكيمًاتوابًا غفورًا![/center]
[/color][/size][/b][/font][/center]
[/color][/size][/b][/font]
|
|
حين تستيقظ يوماً لتجد الأرجاء خاوية من الأحبة,
وقد تفلتت منا سبُلُ" اللقاء " .
فلا تحزن وتضيق بك الأكوان , واعمل للغد حتى
لا نفترق عند أعتاب الجنان
فرُب فراق غـــدٍ لاينفعه البكاء ولا شفعاء !" ،
وحين الرحيل للوجه الآخر من الحياة ."
لا تحزنوا فبرحمت الله اللقاء عند أعتاب الجنان
التعديل الأخير تم بواسطة امي فضيلة ; 03-27-2016 الساعة 11:37 AM |