الحمد لله ربّ العالمين ... والصلاة والسلام على نبيّنا محمد
المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وأصاحبه الغرّ الميامين ..وبعد :
فقد بدا لي ـ والدين النصيحة ـ أن أجمع في هذا الموضوع كلّ ما يمرّ عليّ من مواضيع
وأحاديث وقصص متداولة وبخاصّة في الشبكة العنكبوتيّة لأحذّر الناس
من نشرها وتدوالها فيما بينهم ..
ولا بدّ للمسلم أن يتثبّت في كلّ ما ينقله حتى لا ينسب
إلى دين الله ما هو برئ منه ..
فيضل الناس ـ عياذا بالله ـ ..
ولنا في سلفنا الصالح ـ رضوان الله عليهم ـ أبلغ عبرة حيث إنهم كانوا يتهيّبون من نقل أيّ شئ ـ صغر أو كبر ـ حتى يتثبّتوا منه ..
وأكتفي ـ في هذه العجالة ـ بمثال واحد ...
عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قُلْتُ لِلزُّبَيْرِ : " مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تُحَدِّثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا يُحَدِّثُ عَنْهُ أَصْحَابُهُ " ، فَقَالَ : " أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ كَانَ لِي مِنْهُ وَجْهٌ وَمَنْزِلَةٌ ، وَلَكِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ : " مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ " .
رواهُ أبو داود (3651) ، وصححهُ العلامةُ الألباني في " صحيح سنن أبي داود " (3102) .
قال " صاحب عون المعبود " تعليقاً على الحديثِ :
" وَفِي تَمَسُّكِ الزُّبَيْرِ بِهَذَا الْحَدِيث عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مِنْ اِخْتِيَار قِلَّة التَّحْدِيث دَلِيل للأصح فِي أَنَّ الْكَذِب هُوَ الْإِخْبَار بِالشَّيْءِ عَلَى خِلَاف مَا هُوَ عَلَيْهِ , سَوَاء كَانَ عَمْدًا أَمْ خَطَأً , وَالْمُخْطِئ وَإِنْ كَانَ غَيْر مَأْثُوم بِالْإِجْمَاعِ لَكِنَّ الزُّبَيْر خَشِيَ مِنْ الْإِكْثَار أَنْ يَقَع فِي الْخَطَأ وَهُوَ لَا يَشْعُر لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَأْثَم بِالْخَطَأِ لَكِنْ قَدْ يَأْثَم بِالْإِكْثَارِ إِذْ الْإِكْثَار مَظِنَّة الْخَطَأ . انتهى .
فالحذر .. الحذر يا إخواني من نقل ما يتداوله الناس فيما بينهم حتى نتأكّد ونتثبّت فيما ننقله ... وإلا وقعنا في الكذب ـ والعياذ بالله ـ .. نسأل الله العافية ..
قال الشيخ الإمام محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله ـ ( بتصرّف يسير ) :
كثرت في الآونة الأخيرة النشرات التي تشتمل على مقالات لا صحة لها
وعلى أحاديث لا صحة لها وعلى أذكار لا أساس لها في دين الله ...
كثرت في الملصقات وعلى المساجد وتبث بين المصاحف وتنشر حتى في المدارس ...
وهذا فيما أراه غزو عظيم فكري وعقدي .... إنهم يريدون من عامة الناس
أو إنهم يصلون بهذا العمل إلى أن يتبع المسلمون في دين الله ما ليس منه
وإلى أن يتعبدوا لله تعالى بالجهل والعمى والضلال .إن هذه نتيجه
هذه الأفعال سواء كان فاعلوها يقصدون هذا الفساد أو كانوا
ينشروها بحسن نية .
والذي أوصيكم به من على هذا المنبر وأجل الله تعالى به وأعتقد
أنه واجب عليّ أن أنصحكم به أن تحذروا من هذه النشرات حتى
تعروضها على أهل العلم ذوي البصيرة ليتبين ما فيها من صحة وضعف .
لا تنشروها ولا تعتمدوها ولا تعملوا بها إلا بعد أن يتبين لكم صحتها
من ذوي العلم المؤثوقين في علمهم علما وفقها وأمانة .
وأهيب بإخواني أن يشاركوني في هذا المشروع الطيّب بشرط أن
يذكروا مصدرا معتبرا في حجّتهم على كلامهم من شيخ موثوقٍ بعلمه
عسى أن يكون مرجعا لنا جميعا في معرفة ما لم يثبت لنحذره ونحذّر الناس منه ...
وقد قيل بأن الإمام أحمد بن حنبل حفظ ابنه عبدالله مائة ألف حديث ثم قال له: هذه كلها
موضوعة فابحث عن الصحيح.
يتبع إن شاء الله