05-11-2016
|
|
وقفات مع نور الآيات
[postback=massy/images/backgrounds/22.gif]
سلسلة ( وقفات مع نور الآيات ) (١٧ )
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ، أما بعد :
قال تعالى : إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ
قال جل جلاله : وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ .
إن أوكد الأمور في ديننا هي الأخوة في الإسلام ، فقد آخا الله بين الموحدين ، فالعربي أخو العجمي وأبيض أخو الأسود والفقير أخو الغني لا فرق بينهم إلا بالتقوى ، وقد رتّب علينا كمسلمين حق الأخوة وجعلت واجبة علينا ، فيجب تأديتها ومراعاتها .
فهذا الدين العظيم جعل المسلمين كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو اشتكى سائر الجسد بالسهر والحمى ، وهذا أعظم رابط بين المسلمين وهو رابط الدين .
فقد روى مسلم في صحيحه عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : مثل المؤمنين في توادهم و تراحمهم و تعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسّهر والحمّىّّ .
وهذا تمثيل لا مثيل له في الأخوة والعلاقة التامة بين المسلمين إذ جعلهم كالجسد الواحد ، إذا وقع عدو على مسلم فكأنما وقع على المسلمين بأَسرهم ، وإذا وقع ظلم على المسلم فكأنما وقع على المسلمين ، وهذه هي حقيقة الأخوة .
فقد روى البخاري عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، فقال: رجل يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنصره إذ كان مظلوماً، أفرأيت إذا كان ظالماً كيف أنصره؟! قال: تحجزه أو تمنعه من الظلم، فإن ذلك نصره.
فمن حق المسلم على المسلم أن ينصره إن كان مظلوما ولا يخذله إن استطاع ، وأما إن كان ظالما فيجب عليه ردّه عن ظلمه دون أن يداهن أو يسكت عن الحق وإن كان الحق على أحد أقربائه .
وقد نهانا الله عن خذلان المسلم ، فقد روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : المسلم أخو المسلم ، لا يظلمه ولا يخذله ، ولا يكذبه ولا يحقره .
قال ابن رجب رحمه الله : فإن الأخ شأنه أن يوصل لأخيه النفع ، ويكف عنه الضرر ، ومن أعظم الضرر الذي يجب كفه عن الأخ المسلم الظلم . ( جامع العلوم والحكم ص٤٤١ )
فالمسلم لا يرفع الظلم عن أخيه لأنه في حزبه أو تنظيمه أو عشيرته أو عائلته بل لأنه مسلم ، والأخوة لا تتعلق بحمل بعض الأفكار وإن كانت بنظر المخالف مخطئ، ما دام في دائرة الإسلام فهو مسلم له الحق التام ، وللأسف نجد بعض الشباب لا يلفظ كلمة أخ إلا لملتحي أو كافف ثوبه والصحيح أنه كل مسلم أخٌ لنا ، فالمسلم أخو المسلم أحب أم كره .
قال ابن القيم : إذا كان الله قد رضي أخاك المسلم لنفسه عبدا ، أفلا ترضى أنت به أخا ؟ فعدم رضاك به أخا ـ وقد رضي سيدك الذي أنت عبده عبدا لنفسه ـ عينُ الكِبر .
صدق الإمام القيم ابن القيم فإنه عين الكبر أن لا ترضى بأخ لك في الإسلام وتتعزز عليه وتمشي أمامه مرحا عبوسا وأمام المرتدين مطأطئ الرأس ذليلا .
فالأخوة في الله ليست كلاما يسطّر ولا قولا نتلفّظ به إنما هي صورة من أجمل الصور التي تُبرهن على أرض الواقع وقد مثّل لنا الصحابة رضي الله عنهم أجمل الأمثلة :
روى أحمد في مسنده أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يذكر الرجل من إخوانه في بعض الليل، فيقول: يا طولها من ليلة، فإذا صلى المكتوبة غدا إليه، فإذا التقيا عانقه .
وأخرج ابن أبي الدنيا عن ابن مسعود رضي الله عنه كان إذا خرج إلى أصحابه قال: أنتم جلاء حزني .
وقال الحسن البصري : إخواننا أحب إلينا من أهلينا ، إخواننا يذكروننا بالآخرة وأهلونا يذكروننا بالدنيا.
قال محمد بن المنكدر :لما سئل ما بقي من لذته في هذه الحياة؟ قال: لقاء الإخوان وإدخال السرور عليهم .
وسئل سفيان: ما ماء العيش؟ قال:لقاء الإخوان، وقيل:حلية المرء كثرة إخوانه .
وإن الأخوة في الله والمحبة في الله لتحمل في طياتها كل النقاء والصفاء بل وبذلك يكون استكمال الإيمان قال النبي صلى الله عليه وسلم : من أحب لله وأعطى لله وأبغض لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان ، فإن الأخوة في الله تسمو بها الحياة ، فإن كل لذة لا تساوي لذة الأخوة في الله .
والأخوة هي مواقف يفدي بعضهم الآخر فهم في الشدة عدة وفي الرخاء زينة ، وروعة العمر إخاء في إخاء وجنة الدنيا حب ووفاء .
وما المرء إلّا بإخوانه كما
تقبض الكف بالمعصم
ولا خير في الكف مقطوعة
ولا خير في الساعد الأجذم
كتبه /
💐أَبــُ جُـوَيـْرِيّـة ـو
الـشَّـامِـي 💐[/postback]
إن الأمور إذا ما اللهُ يسَّرها أتتكَ من حيث لا ترجو وتحتسبُ ثق بالإلهِ ولا تركن إلى أحدٍ ، فالله أكرمُ مَن يُرجى ويرتقبُ ♡. |