05-17-2016
|
#2 |
بيانات اضافيه [
+
] | رقم العضوية : 374 | تاريخ التسجيل : Jan 2014 | أخر زيارة : 03-12-2023 (01:47 AM) | المشاركات : 5,201 [
+
] | التقييم : 4814 | MMS ~ | SMS ~ | | لوني المفضل : Blueviolet | |
رد: ( أطفال صنعوا أمجاداً ) للشيخ : ( عمر بن عبد الله بن محمد المقبل ) قصة تدل على ما يملكه الأطفال من قدرات عجيبة اسمحوا لي -أيها الأحبة- أن أستبق الأحداث فأذكر هذه القصة التي تؤكد ما ذكرتُه آنفاً، وهي من أغرب الأمثلة التي سمعتها، وهي تدل على ما يملكه بعض الأطفال من قدرات عجيبة على التأثير في مجتمعاتهم، بل وعلى كبار رجالات بلادهم. تلك القصة تتمثل في أن طفلاً فرنسياً عمره اثنا عشر عاماً، قام بقيادة حملة من الحملات الصليبية ضد المسلمين، واستطاع أن يسيِّر خلفه ثلاثين ألف طفل من فرنسا وألمانيا ومن باقي دول أوروبا ؛ ولكن كيف تم له ذلك؟! لقد قام هذا الطفل بافتعال قصة راجت على أساطين ورهبان الكنيسة الكاثوليكية في فرنسا ، فأخبرهم بأنه جاءته رسالة من المسيح عليه الصلاة والسلام تأمره بقيادة حملة من الحملات إلى الشام حيث بيت المقدس، من أجل استرداده من المسلمين، وذلك في السنة (السابعة بعد الستمائة)، هذا الطفل الذي أقنع، بل ضحك على دهاقنة النصارى، وأقنعهم بضرورة تسيير حملة يقودها الأطفال رغم صغر سنهم، وبالفعل نجح؛ ولكن بمقاييس النصارى، فهبت الكنيسة التي كانت تتعلق على مثل هذه الأوهام لتسخِّر كل إمكاناتها لتنفيذ تلك الرسالة المزعومة. وبالفعل هيأت لهم الكنيسة سفناً تقلهم؛ ولكن كيف انتهت قصة هؤلاء الأطفال؟! لقد انتهت نهاية مأساوية بالنسبة لهم، حيث انتهت ببيعهم رقيقاً في تونس. إنني حين أذكر هذه القصة الغريبة -أيها الإخوة، بغض النظر عن كونهم أطفالاً كفاراً، وعن كونهم أرادوا بهذه الحملة حرب المسلمين- أذكرها ليتبين قدرة هذه الفئة على العمل، وتنفيذ ما قد يعجز عنه بعض كبار الأجسام، وحسبك أن تنظر نظرة المتأمل لواقع مجتمع الصحابة رضي الله عنهم، فستجد هذا الأمر واضحاً جلياً، وإلا فماذا يعني أن يتنافس الصغار من أبنائهم على الدخول إلى المعارك التي يعلمون أن فيها إطاحة بالرءوس، وإزهاقاً للأنفس؟! معشر المربين: إن من المفاهيم الراسخة عند بعض الناس أن خدمة الدين والعمل له إنما يقوم بها طبقة معينة، مَن هم؟ إنهم المشايخ، وطلبة العلم، وهذا بلا ريب مفهوم خاطئ يجب أن يصحح، نعم، الأطفال ليسوا مكلفين؛ ولكن ليس في الشرع ما يمنع من تسخيرهم لخدمة دينهم، بل فيه ما يحث على ذلك. فلماذا معشر الإخوة لا نهيئهم ونربيهم على تحمل الأمانة ما داموا صغاراً، حتى إذا ما كبروا كانوا أهلاً لتحملها على أكمل وجه ممكن؟! لماذا -أيها الأحبة الكرام- لا نزيل من أذهاننا أن هذه الفئة لا يمكن الاستفادة منها في خدمة الأمة إلا إذا كبرت، وتجاوزت مرحلة البلوغ، وربما تجاوزت مرحلة العشرين بل والثلاثين عند بعض الناس؟! إن تاريخنا والواقع المشاهَد -أيضاً- يؤكدان أن هذه الفئة قادرة على صنع مجد، لا، بل على صنع أمجاد للإسلام، كيف لا وهي فئة مملوءة طاقة وحيوية؟! وتاج ذلك كله خصلة البراءة، وسلامة القلوب التي هي من أعظم المعوقات للعمل الدعوي. إن المربي الحاذق يستطيع بفضل الله ورحمته أن ينشئ الطفل على معالي الأمور، وعلى رأسها: حب الله ورسوله، وطاعتهما، وتربيته على مراقبة الله والخوف منه، ويربيه -أيضاً- بأفعاله هو بصفته والداً يرى فيه ابنه الأمل، وأن ما يفعله أبوه هو الصواب، وأن ما ينهى عنه هو الخطأ، ويربيه أيضاً بإبراز القدوات الشرعية السابقة والحاضرة قبل أن تنفتح عينه على نجوم مزعومين وأبطال منسوجين. ومن أهم ما يربى عليه الطفل أيضاً: الشعور بهمَّ الإسلام، والحرقة على واقع ومستقبل الأمة. وكل ذلك بأسلوب يناسب سنه ومستواه وإدراكه، فإن هذا كفيل بأن يولِّد في نفسه شعوراً، بل مشاعر عظيمة يرجى أن تؤتي ثمارها بإذن الله تعالى، وسنقف بعد قليل إن شاء الله على شيء من أثر التربية على هذا الخُلُق في صناعة الأمجاد. أيها المربون: أيها الآباء الفضلاء! ثقوا تماماً أن الأمة إن لم تتولَّ إصلاح نشئها وشأنها بنفسها فلن تُصلحها أمة أخرى والله مهما حسنت نيتها، ومهما نبل مقصدها، والصلاح إن لم ينبت في تربة الأمة نفسها، ويزهر في جوها؛ فلا ينفعها ولا يجدي عليها، ويكون مثل الشجرة التي تنقل من مغرسها إلى مغرس آخر، فهي تزهر فيه أياماً قلائل، ثم لا تلبث أن تذبل وتذوب. معشر الأحبة: إن العجب لا ينقضي من أناس يريدون أن ينقلوا لنا ولأطفالنا طرق التربية الغربية أو الشرقية بعُجَرها وبُجَرها، من غير تمييز بين نافع وضار، وكأن ديننا -عند هؤلاء- وآدابنا وأخلاقنا عاجزة عن إثراء هذا الجانب العظيم والمهم. أين هؤلاء من رد سلمان رضي الله عنه وأرضاه على ذلك اليهودي الذي قال له كما في صحيح مسلم ، قال له اليهودي: (علمكم نبيكم -صلى الله عليه وسلم- كل شيء حتى الخراءة؟! قال: أجل! نهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول ...) الحديث؟! وأين هؤلاء من حديث أبي ذر رضي الله عنه الذي رواه الإمام أحمد في مسنده ، وصححه ابن حبان قال: (لقد تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يتقلب في السماء طير إلا ذكر لنا منه علماً)؟! إن من المؤسف حقاً أن كثيراً من بلاد الغرب الكافر اهتم بهذه الفئة واعتنى بها -وللأسف- أكثر من بلاد المسلمين، خاصة أولئك الذين ظهرت عليهم أمارات النجابة، فأنشأت منذ زمن طويل معاهد لرعاية الموهوبين والاهتمام بهم، وتطوير مهاراتهم. والسؤال: لماذا قصر كثير من المسلمين في هذا الجانب؟! وهل عقمت أرحام المسلمات عن إنجاب أطفال موهوبين، نوابغ أذكياء، يكتب الله على أيديهم نصراً وعزاً للأمة؟! كلا؛ ولكن أين من يعتني بهم؟! وأين من يتولى شئونهم سواء على المستوى الفردي، أم على المستوى المؤسسي؟! إن في الساحة جهداً؛ لكن المؤمَّل والمطلوب أكثر بكثير من ذلك. أيها الإخوة الكرام: هل لهؤلاء الأطفال أمجاد حتى يُتَحَدَّث عنها؟ والجواب: نعم؛ ولكن ما هي هذه الأمجاد؟ إنني أعني بهذه الأمجاد كل عمل يخدم به الطفل الإسلام مهما كان ذلك في أعيينا صغيراً؛ لأن العمل من هؤلاء الصغار كبير، ولأن الجهد القليل منهم في خدمة الدين كثير، ويكفينا مكسباً -أيها الإخوة- أن يعيش الطفل منذ نعومة أظفاره وهو يحمل هم دينه وإخوانه المسلمين، فهذا والله مجد بحد ذاته، خاصة في هذا الوقت الذي قصَّر فيه كثير من المسلمين ممن هم في سن الشباب والكهولة في البذل لدينهم، بل صار بعضهم يبذل لدنياه وشهواته أكثر من بذله لأخراه التي سيُفْضي إليها ولابد. |
| |