05-17-2016
|
#3 |
بيانات اضافيه [
+
] | رقم العضوية : 374 | تاريخ التسجيل : Jan 2014 | أخر زيارة : 03-12-2023 (01:47 AM) | المشاركات : 5,201 [
+
] | التقييم : 4814 | MMS ~ | SMS ~ | | لوني المفضل : Blueviolet | |
رد: ( أطفال صنعوا أمجاداً ) للشيخ : ( عمر بن عبد الله بن محمد المقبل ) الأسباب المعينة على تربية صانعي المجد وكأني بأحد الإخوة يقول: لقد ملأتَ أسماعنا بهذه القصص، فما الوسيلة التي نجعل بها أطفالنا يصنعون أمجاداً للأمة، ونحن في عصر الفضائيات والإنترنت، وفي عصر البلايستيشن؟ وهذا سؤال مهم، وأعتقد أن الجواب عنه يحتاج إلى محاضرة مستقلة، بل محاضرات، لماذا؟ لأن هذا الموضوع متشعب وكبير، وله ارتباط بقضية الذكاء والموهبة عند الأطفال، وكيف تُكْتَشَف! ثم كيف تُنَمَّى! وما هو حد الذكاء! وما حقيقة النجاح! وهل هي مقصورة على التحصيل العلمي! ومثل هذا الموضوع ينبغي أن يستفاد فيه من كلام المختصين بهذه المواضيع، والتي تحتاج إلى سماع آرائهم بجانب آراء أهل العلم الشرعي؛ ولكن لا بأس من الإشارة والتذكير، ولو كان ذلك على وجه السرعة برءوس أقلام هي كالمفاتيح لهذا السؤال. اكتشاف قدرات الأولاد أولاً: حاول أيها المربي الفاضل أن تكتشف قدرات أولادك، ومعرفة الأشياء التي يميلون إليها، ويحبون العمل فيها، وهذا الاكتشاف كما هو معلوم لا يتم بسرعة، بل عن طريق المتابعة والتحري الطويل، الذي ربما استمر عدة سنوات، ولهذا توجد بعض الدراسات المتعلقة لمتابعة الموهوبين تستمر لأكثر من عشر سنوات. المساهمة في تنمية قدرات الأطفال وصقلها ثانياً: إذا تبيَّنت لك الجوانب التي يحسنها ابنك أو ابنتك مثل: القدرة على الحفظ، أو حب القراءة، أو القدرة على الربط بين الأشياء وتحليلها، ونحو ذلك، فحاول أن تساهم في تنميتها وصقلها، إما بنفسك، أو عن طريق الوسائل المتاحة، فإن هذه المواهب كالزرع الجديد النابت في أرض خصبة، إن تعاهده صاحبه أثمر وأينع، وإلا مات في مهده، ويمكن الاستعانة في هذه الأمور بالقراءة في الكتب المؤلفة عن الموهوبين والمبدعين، وهي كثيرة، ومطبوعة، وموجودة، ومتوفرة، وكذلك استشارة بعض مَن لهم خبرة في أمور التربية وعلم النفس. تصحيح مفهوم الفشل والنجاح ثالثاً: إياك أيها المربي الفاضل أن تظن أن فشل ابنك في الدراسة والتحصيل العلمي هو نهاية المطاف، وتذكر أن الذكاء والنبوغ ليس مقصوراً على أسلوب معين في التعليم أو العمل، هذا ما نبَّه عليه المختصون في دراسة أحوال الموهوبين، فلقد أثبتت دراسات كثيرة أنه ليس من علامة النبوغ والتميز أن يكون الطفل ناجحاً في دراسته، بل ذكر كثير من الباحثين في موضوع الموهوبين أن كثيراً منهم -أي: من هؤلاء الموهوبين- كان في أول أمره فاشلاً في دراسته. ومن الأمثلة المشهورة التي تُذْكَر هاهنا -وهي كثيرة-: أن أديسون المخترع المشهور قال له المدرس وهو في الصف الرابع الابتدائي: أنت يا أديسون غبي وفاشل، ولا تصلح للدراسة، فحينها نَقَل أديسون هذه الكلمة إلى أمة التي بادرت إلى فصله من المدرسة خوفاً على حالته النفسية، فماذا صنع هذا الطفل الذي اتُّهم بالغباء والفشل؟! وفعلاً لم ينجح في دراسته؛ لكنه بدأ بقراءة ذاتية، وبدأ بممارسة تفكيك بعض القطع وتركيبها حتى صار من جملة نوابغ العالم. إننا -أيها الإخوة- الكرام نحتاج إلى تصحيح نظرتنا إلى مفهوم النجاح في الحياة، ولضيق الوقت أقتصر على هذا المثال الذي يدركه الجميع: ما يقول المربي الفاضل في تاجر من التجار الكبار، وأصحاب رءوس الأموال، الذي أمضى جل وقته في تجارته ومتابعة أرباحه، وتوظيف أمواله، حتى أصبح ممن يشار إليهم بالبنان؟! ألا يعتبر هذا قد نجح في ميدان التجارة؟! بلى. والسؤال: هل يؤثر على نجاحه هذا كونه لا يجيد اللغة الإنجليزية مثلاً؟! أو كونه لا يتقن التعامل مع الحاسب الآلي؟! وهل يصح هنا أن نصفه بأنه قد فشل في حياته؟! كلا، فإن النجاح يتجزأ، واعتبر هذا -يا رعاك الله- بعلماء الأمة، فإن الغالب عليهم منذ عهد الصحابة رضي الله عنهم إلى يومنا هذا الغالب عليهم التخصص، أي: إنهم نجحوا وأبدعوا في بعض الفنون، وشاركوا في فنون أخرى. منح الثقة للأولاد رابعاً: تذكر أيها المربي الفاضل أنه من المهم جداً منح الثقة -ولا أقول زرع الثقة- لأن الثقة موجودة فطرة في كل نفس؛ لكنها إما أن تُمْنَح وإما أن تُمْسَح. أقول: من المهم جداً مَنْح الثقة للطفل منذ سِنِيِّه الأولى، وبعبارة أخرى: اجعل ولدك يصنع، أو على الأقل يساهم في صنع قراراته، خاصة في الأمور التي تخصه؛ لأن صناعة القرار من أهم صفات الناجحين والمبدعين في هذه الحياة. أيها الأحبة الكرام: أيها المربون الفضلاء! إن بعضنا بل كثيراً منا -وللأسف- يمارس بطريقة أو بأخرى مصادرة حرية الطفل، بل ووأد رأيه، وقتل قدراته، وتحطيم نفسيته، فما إن يقترح الطفل اقتراحاً -وقد يكون جميلاً ونافعاً- إلا ويواجَه بالتسكيت والتبكيت، وما السبب؟! إنه طفل، وبعضنا يتعامل مع طفله وكأنه دمية لا روح فيه، يحركها كيف يشاء، متى شاء، وأينما شاء، بحجة ماذا؟ بحجة أنه طفل لا يعرف مصلحة نفسه، وإذا كََبُر يتعلم، ثم يطمح أبوه أو تطمح أمه بعد ذلك في أن يمارس دوره في الحياة كما ينبغي، وكيف يتم هذا -أيها الإخوة- وقد أخرج هؤلاء المربون إلى المجتمع إنساناً معوَّقاً في قدراته؟! بل من الآباء والأمهات من يرسم فشل ابنه العلمي والعملي بيده، حتى مع أبنائه البالغين، وذلك حينما يفرضون آراءهم على ابنهم الذي تخرج من الثانوية حديثاً لكي يدخل التخصص الفلاني الذي يرغبه الأب، أو ترغبه الأم، ولا يهمهم أن يكون هذا التخصص موافقاً لرغبة الابن. وإن من أبرز صور قتل الثقة: الدلال الزائد عن حده، فمن المربين مَن يربي أولاده على دلال غير منضبط، فإذا طلب الابن شيئاً لُبِّيَ له، وإذا أخطأ فلا يُرْشَدُ إلى خطئه، خشية أن يتأثر الطفل، فينشأ الطفل حينئذٍ على أن هذا الجو هو الجو المثالي الذي لا يُبَدَّل بجو آخر غيره، وأي محاولة لتغيير هذا الجو فسَتَلْقَى معارضةً عارمةً من هذا الطفل، فيخرج حينئذٍ إلى المجتمع لا يتحمل أي رأي آخر حتى ولو كان أصوب من رأيه. لا بد للوالدين -أيها الإخوة- أن يتنبَّها إلى هذا الأمر، وألا يقوما بكل شيء للأبناء، بل لا بد أن تكون هناك أعمال يتعود الأبناء على القيام بها، كترتيب الغرفة مثلاً، أو شراء بعض الحاجات، واتخاذ القرار فيما يلبسه ويأكله بالضوابط الشرعية وبإشراف الوالدين أيضاً، حتى يتعود الأولاد على المسئولية قبل أن يكبروا، فلا يقدروا حينها على اتخاذ أي قرار بأنفسهم مهما كان ذلك القرار صغيراً. معشر الأحبة: إن صناعة القرار ليست دواءً يُعْطَى على جرعات فيتحول المرء من متردد ضعيف إلى متخذ وصانع للقرار في يوم أو يومين، بل لا بد من تنشئة الطفل منذ نعومة أظفاره على هذا الخلق الذي يعبر عنه البعض بمنح أو تنمية الثقة في النفس حتى تكون ظاهرة فيه، ويطورها كلما توغل في هذه الحياة، وزادت سنوات خبرته. |
|
التعديل الأخير تم بواسطة حمامة الاسلام ; 05-17-2016 الساعة 01:00 PM |