داء فتاك أصاب الملتزمين
انه
مرض قلبي (( العجب ))
كثير من الملتزمين وقعوا في هذا المرض القلبي واغتروا بأعمالهم و أنفسهم ونسوا ان الله هو الذي وفقهم لها.
فتراه استعظم أعماله من قلة السائرين الي الله وكثرة الفساد
عندما تجد خللاً في الدعوة، وبطئاً في السير، ففتش عن القلب،
فأمراضه أشد من أمراض الأبدان،
كما أن اكتشافه أخفى، ويحتاج إلى خبير في ذلك، وليس هناك وصف أدق لمكانة القلب من وصف الرسول - صلى الله عليه وسلم - حين يقول:
"ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب".
ومن أمراض القلب التي تفسد على المرء دينه ودنياه مرض العُجب، وهو ناشئ عن الكِبْر؛ لأن المعجَب بنفسه لا يزال يزداد إعجاباً وينفخ الشيطان فيه حتى يزدري الكبار من العلماء والدعاة، وهو وإن حاول إخفاء هذا الإعجاب، لكنه يظهر على فلتات لسانه أو على تصرفاته.
قال ابن القيم:
العارف من صغرت حسناتهُ في عينِه وعظمت ذنوبهُ عنده ُوكلما صغرت الحسناتُ في عينكَ كبرت عند الله وكلما كبرت وعظمت في قلبك قلت عند الله ومعرفة حقه وما ينبغي لعظمته من العبودية, تلاشت حسناته عنده, وصغرت جدا في عينه وعلمَ أنها ليست مما ينجو بها من عذابهِ وأن الذي يليقُ بعزتِه ويصلحُ له من العبودية أمر آخرُ...
لأنه كلما استكثر منها فتحت له أبواب المعرفة بالله والقرب منه فشاهد قلبه من عظمته سبحانه وجلاله ما يستصغر معه جميع أعماله....
وإذا كثرت في عينه وعظمت دل علي أنه محجوب عن الله غير عارف به وبما ينبغي له....
و
من مظاهر العجب
فى العلم
قد يعجب المرء بعلمه ويغتر بكثره معارفه فيحمله ذلك على عدم الاستزاده وعلى ترك الاستفاده او يحمله على احتقار اهل العلم واستصغار سواه وكفى ذلك هلاكا له
فى المال
قد يعجب المرء بوفره ماله وبغتر بكثره عرضه فيبذر ويسرف
فى القوه
قد يعجب المرء بقوته ويغتر بعزه وسلطانه فيتعدى ويسرف ويتعالى على الخلق
فى الشرف
قد يعجب المرء بشرفه ويغتر بنسبه واصله
فى العباده
قد يعجب المرء بعمله ويغتر بكثره طاعته يحمله ذلك على الادلال على ربه والامتنان على منعمه فيحبط عمله ويهلك بعجبه ويشقه باغتراره
العلاج
والعلاج لهذا الداء هوفى ذكر الله بالعلم بان الذى اعطاه العلم والمال والقوه والعزه والشرف قد يسلبه منه غدا ان شاء ذلك
وان طاعه العبد للرب مهما كثرت لاتساوى بعض ما انعم الله على عبده
وان الله تعالى لا يمن عليه بشىء اذا هو مصدر كل فضل وواهب كل خير وان الرسول عليه الصلاه والسلام يقول
"لن ينجى احدا منكم عمله , قالوا ولا انت يارسول الله ؟
قال ولا انا الا ان يتغمدنى الله برحمته
ومن العلاج ايضا :
1 ـ ان يعلم قول الله تعالي{واعلموا ان الله يحول بين المرء وقلبه}الأنفال24
2- اعلموا ان أكثر دعاء النبي عليه الصلاة والسلام :يا مُقلب القلوب ثبت قلبي علي دينك,كما في حديث أم المؤمنين أم سلمة قالت: فقلت:يا رسول الله ما أكثر دعاءك يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك,قال( يا أم سلمة إنه ليس آدمي إلا وقلبهُ بين أصبعين من أصابع الله فمن شاء أقام ومن شاء أزاغ) صحيح سنن الترمذي,
قال الشيخ مصطفي العدوي فيه ان هذا الحديث أقرب الي الضعف ولكن الحديث له شواهد
3-اعلموا ان المعجبُ لايحقق قول الله تعالي{وإياك نستعين}
وقال شيخ الاسلام ابن تيمية:من أراد أن يكسر العجبَ, فعليه بأربعة أشياء:
أولها:أن يرى التوفيق من الله, فإذا رأى التوفيق من الله تعالي فإنه يشتغلُ بالشكر ولا يعجبُ بنفسه.
والثاني:أن ينظر إلي النعماءِ التي أنعم َاللهُ بها عليهِ فإذا نظر في نعمائِه اشتغل بالشكرِ عليها واستقل عملُه ولا يعجبُ به.
والثالث: أن يخاف أن لايتقبل منه فإذا اشتغل بخوف القبول لا يعجبُ بنفسه.
والرابع: أن ينظرَ في ذنوبه التي أذنبَ قبل ذلك ,فإذا خافَ أن ترجحَ سيئاته على حسناتِه فقد كسرَ عجبَه,
وكيف يعجب المرء بعمله ولا يدري ماذا يخرجُ من كتابِِه يوم القيامة وإنما يتبين عجبه وسروره بعد قراءة الكتاب.
والموضوع متواصل