ترى البعض من المسلمين ـ وفقنا الله وإياهم ـ ، تقل مزاولته للطـاعات ،
فتـجده لا يتـخذ الأسباب المعيـنة للثـبات عـلى الطــاعة كالدعـاء
( ثبت قلبي على دينك ) ، أو كالتأمل في الثـواب والأجر.
والأدهى من ذلك أن ترى بعضهم لمـا يتقرب إلى الله بطـاعة مفروضة عليه
ـ كالصوم مثـلا ـ تراه يعملها بلا استشعار بل وبـضجر وملل أحيـانا ،
كأنـه لا يرضي الله بـها أو كأنه لن يثاب عليهـا.
ولكن الأحـرى بالمـؤمن أن تكون طــاعته سبــب نشـاطـه كأن يؤدي
الفـجر فيبدأ يومـه بكـل تـفاؤل وإيـجابيــة ، وأن تكـون الـطاعـة تـلك سبب لطـاعة أخـرى.
يغنيكم عـن جميـع كـلامي هـذا الحديـث الذي يرشد فيه النبي عليه
الصـلاة والسـلام صاحبـاه بأن الصـوم لا يمنـع المسـلم مـن أن يقدم العـون لإخـوانه في حـاجاتهم.
في الحديث الصحيح : عن أبي هريرة قال أتي النبي صلى الله عليه وسلم
بطعام وهو بـ ( مر الظهران ).
فقال لأبي بكر وعمر ادنوا فكلا.
فقالا إنا صائمان.
فقال ارحلوا لصاحبيكم واعملوا لصاحبيكم ، ادنوا فكلا .
( ارحلوا : اي شدوا الرحل لهما على البعير )
قـال ريـحـانـة بلاد الشـام الإمام الألبـاني رحمه اللــه ـ معلقـا ـ :
(وفيه دليل على أن للصائم في السفر الفطر بعد مضي بعض النهار .
وفيه توجيه كريم إلى خلق قويم وهو الاعتماد على النفس وترك التوكل
على الغير أو حملهم على خدمته ولو لسبب مشروع كالصيام ) . أ.هـ
ودليل آخر في الصحيحين على أن الطاعة تقوي العبد بإذن الله فلما
شكت فاطمة رضي الله عنها ما تلقى في يديها من الرحى ، وتسأل
النبي عليه الصلاة والسلام خادما قال لها ولعلي رضي الله عنه :
ألا أدلكما على ما هو خير لكما مما سألتما ؟ إذا أخذتما مضاجعكما
فسبحا الله ثلاثا وثلاثين ، واحمدا ثلاثا وثلاثين ، وكبرا أربعا وثلاثين ، فهو خير لكما من خادم .
أمدنا الله وإياكم بحول منه وقوة ..