منشور طويل…
بينَ :
-حِفظ الدّين و النّصيحة
- و حِفظ حق المُسلم
# و ضياعِ الصّحة و الفراغ
****
كثيرا ما يسألني أخوة عن أشخاص معيّنين
يقولون : ما رأيُك في فلان ؟
و عامّة أحوالي ألّا أردّ على مثل هذه الأسئلة إلا بإجابة واحدة:
خُذ منه ما تعرف و تظُنُّه أصاب فيه و دع ما تراه أخطأ فيه
و اذكرْ خيرَه و لا تبخسه حقّه ،و بيّن غلطه
فلا يحملُك حُبُّك له أن تجادل عنه في غلطه أو تُبرّره
و لا يحملُك بغضُه أن تظلمه أو تُنكر فضله
# و الأحكامُ الكلّيّة على الأشخاص أكثرُها باطلة
# الكلام في الناس و جرجهم و تعديلُهم بابٌ عظيمٌ جدا من أخصّ ما عظّمه الشرع
و المُتكلّم في الناس إمّا أن يكون كلامُه قُربَةً و عملا صالحا و بابَ خيرٍ و نصيحةً للناس
و إمّا أن يُكبّ به في النّار
و إنما يكون قُربَة إذا تكلّم :
بعد التثبُّت
و كان عالما بما يتكلّم به و فيه
و عالما بمن يتكلّم عنه
و قاصدا وجه الله و النصيحة
و مُتكلّما على قدْر الحاجة
# فإذا كان كذلك= فإنّ كلامه حينئذٍ من أعظم الأعمال الصالحة ،و إنّه يذلك يسُدّ بابا عظيما مما يحتاجه الناس
و قد قيل في شُعبة بن الحجاج:
((لولا أنّ شُعبة أراد اللهَ= ما ارتفع هكذا))
يقصدون أنّ مَن يتكلم في الناس ،غالبًا يكون غيرَ محبوب أو ساقط المنزلة عندهم
لكنّ شُعبة ارتفع بنقده و كلامه فيهم
فاستدلّوا بذلك على أنّه تكلّم بعلمٍ و عَدلٍ و نصيحة
# و معرفةُ الشرّ و بيانُه و التحذير منه و من طرقه
و الاستدلال على بُطلانه= من أخصّ مقاصد التشريع
# أمّا من :
-يتكلّم بغير تثبُّت
-أو مَن يتربَّصُ بإخوانه و يتتبعُهم بقصدِ الحصول على ما يُسقطهم به
-أو من يفرح بأن يقع أحدٌ من المسلمين في بدعة أو ضلالة أو منكر أو سوء
-أو من يتكلّم فيما لا يعلم و بما لا يعلم
-أو مَن يحملُه بُُغضُه أو حُبُّه فيتجاوز العدل و الإنصاف =
فإنّه بين جهل و ظُلم
و إنما يتبعُ هواه بذلك و يشفي ما في قلبه من بُغض و عداوة
فكلامُه ليس لله تعالى و هو آثمٌ ( حتى لو أصاب في حُكمه )
و اللهُ يعلمُ المُفسد من المُصلح
# و أمّا مَن يُفرّغ حياتَه و عمره لهذا التّتبُّع و يعتني بجمع و ترتيب ذلك ثم عرضه و التحذير منه = فإن كان ذلك بنفس الشروط المتقدّمة من العلم و العدل و النصيحة و نحو ذلك = فهو عمل صالح
لكنّي لا أستحبّ أن يكون مثل ذلك شُغلا شاغلا للشخص
و لكنّه بمنزلةٍ الاضطرار و الحاجة و الضرورة
فيتكلّم عند الحاجة و على قدر الحاجة
و يكون مُعظم طَرْحه في بيان ما يراه حقّا مدعوما بالشرح و الأدلة
فأنت هنا بين مقامين :
* حِفظُ الدّين
و* حِفظُ حق أخيك المُسلم
وهما يجتمعان و يتكاملان و يُعِينُ أحدُهما على الآخر
و لا ينتاقضان إلا بقدر جهل الناقد أو ظلمه
# و أكثرُ مَن أُشفِقُ عليهم في هذا كلّه ( ليس المُتكلّم ،و لا المُتكلَّم فيه)
بل المُتابع / المُشجّع الذي ينصرمُ يومُه و شهرُه و عُمرُه و هو يُتابع و ترقّب :
ماذا قال فلانُ في فلان ..و بماذا ردّ عليه؟
و مَن ينقلُ الكلام بين الإخوة بقصد النميمة و الإفساد
# سبحان اللهِ : كيف تهون عليه نفسُه ليستهلِكها في مثل ذلك؟!
و لو أنّه ادّخر ذلك لتعلُّم دينه و الترقّي في العمل الصالح= لجعلَ اللهُ له فُرقانًا ،و مخرجا ،و هداه لما اختُلف عليه
فلم يبقَ مُحتاجًا إلى منشورٍ لشخص أو مقال ينتظره بفارغ الصبر ليهتدي به
أو يتسوّل على الخاص عند شخصٍ يُهمِلُه و لا يردّ عليه ..و مع ذلك لا يزال يُلحُّ عليه و يترجّاه ليردَّ عليه!!
# طريق العلم و المعرفة و الولاية مبذولٌ أمامك مفتوحٌ
و سُبُله كثيرة
فمَن يحول بينك و بينه ؟
#المناقشات و الخلافات في مواقع التواصل و غيره
فيها خير و نفع ،و فيها شرّ و ضرر
كالأشخاص تماما…
فهي صفاءٌ و كَدَر
الموفّق : يأخذُ ما صفا و يدعُ منها ما كدر
و غير الموفّق لا يأخذ منها إلا ما كَدر ،و يبقى كذلك يجمع أسواء ما هو موجود و يعيش معارك وهميّة، و يظنّ نفسه يُحصّل معرفة و علما حتى إذا جاءه = لم يجده شيئًا
#حينما يُحرَق العُمر ،و أنت لا تزال في مقاعد المُتفرّجين
بتشجّع اللعبة الحلوة، و تنظر بانبهار إلى المُتميّزين حولك في المجالات المتنوعة ،و تستبعدُ أن تكون واحدا منهم ،و تتمنى أن تكون مكان الأبطال لحظة تتويجيهم ،دون أن تسلك ما سلكوه من طريق البطولة الشاقّ الصعب الطويل ..
و حينما تعيشُ للمُكايدة و الإغاظة و تلقيح الكلام ..!
متى تدخل السباق في أيٍّ من أعمال الخير و مجالات التميّز ؟
وقتها فقط: ستشعر : كم أضعتَ الوقت في معارك وهميّة ،و سجالات لا منفعة فيها ،كم كنتَ مُفرّطًا ،و ستضِنُّ بوقتك و تنظر إلى ما فات بحسرةٍ تُعطيك وقودا لتسير به ما تبقى من عمرك
إنّما يسعى لتعويض ما فاتَه: مَن تعِزُّ عليه نفسُه
و لا يعيشُ بغير عملٍ إلا من جهِل قدر نفسه
((أوَ من كان ميْتًا فأحييناه و جعلنا له نورا يمشي به في الناس ،كمن مثلُه في الظلمات ليس بخارجٍ منها ))
#حسين عبد الرازق.