08-09-2016
|
|
اختلاف كتابة بعض كلمات القرآن الكريم
| | | | بسم الله الرحمن الرحيم ( العلمين – العالمين ) ، ( النبين – النبيين ) ، ( اليل ، الليل ) ، ( سأوريكم – سأريكم ) ، ( الصلوة – الصلاة ) . ( نعمت و نعمة ) ، ( يمحو و يمح ) ، ( إبراهيم و إبراهم ) . القصة من البداية : أمر عثمان بن عفان رضي الله عنه بكتابة عدد من المصاحف و أرسلها إلى بلاد المسلمين ، و طريقة الكتابة التي اتبعها الكاتبون يومَها سُمّيت بـ الرسم العثماني ، و قد حرص المسلمون على نسخ المصاحف فيما بعد بنفس طريقة الكتابة تلك ، و استمروا على ذلك إلى الآن . و قد اختلف موقف المسلمين من التمسك بالرسم العثماني في كتابة المصاحف منذ القدم . 1- فريق رأى أن الرسم العثماني هو أمرٌ تَوقيفي ، و أن الرسول صلى الله عليه و سلم هو الذي وجّـه كُـتّاب الوحي إلى الكتابة بهذا الشكل فيجب الأخذ به . و يرى أصحاب هذا الرأي أن هناك أسرارا قرآنية في الكلمات المختلفة الشكل ، فمثلا يعلّلون زيادة الياء في قوله تعالى { وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْيدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ } و عدم زيادتها في قوله تعالى : { وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ } و { أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا } ، أنها هناك تتحدث عن قوة الله العظيمة فاستحق الأمر زيادة الياء لأن زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى . و يعلّلون حذف الألف من ( بسم الله ) في نحو { بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا } ، و إثباتها في ( باسم ربك ) في نحو { فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ } بأن لفظ ( الله ) هو العَلَم على ربنا سبحانه و تعالى فهو خاص به وحده ، فحُذِفت الألف إشارة إلى أن الوصول إلى الله ينبغي أن يكون بأسرع الطرق و أقصرها . أما رب فـتُطلق على أي معبود .
2- و هناك فريق - و هو يمثّـل رأي أكثر المسلمين - يقول إن الرسم العثماني اصطلاحيٌّ و ليس توقيفيا ، و أن تلك الاختلافات في كتابة بعض الكلمات القرآنية تعود إلى أن الكتابة العربية كانت في بداياتها الضعيفة حين كتابة المصاحف الأولى ، و ليس إلى أسرار قرآنية كما يرى أصحاب الفريق الأول . و لكنّ أصحاب الفريق الثاني أيضا لا يجيزون أن تُكتَب المصاحف بغير الرسم العثماني ، فقد صدر عن المجمع الفقهي الإسلامي قرار بـعدم جواز كتابة القرآن بالرسم الإملائي و جاء فيه : ( العدول عن الرسم العثماني إلى الرسم الإملائي الموجود حاليا ، بقصد تسهيل القراءة ، يفضي إلى تغيير آخر إذا تغيّر الاصطلاح في الكتابة ؛ لأن الرسم الإملائي نوع من الاصطلاح قابل للتغيير باصطلاح آخر . و هذا الأمر قد يؤدي إلى تحريف القرآن بتبديل بعض الحروف ، أو زيادتها ، أو نقصها ، فيقع الاختلاف بين المصاحف على مر السنين ، ويجد أعداء الإسلام مجالاً للطعن في القرآن الكريم ) . و هو قرار يتفق مع قرار سابق لهيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية و فتوى للجنة الفتوى في الأزهر الشريف . و يقول الشيخ يوسف القرضاوي : ( و لكن الأكثرين – و أنا منهم - في الحقيقة يميلون إلى أن يبقى المصحف كما هو . برسمه ، و بطريقته التي كُتب بها أول الأمر ، مبالغة في الحفاظ على هذا الكتاب الإلهي ؛ ليعلم الناس أننا نقرأ كتابنا كما أُنزل ، كما قرأه محمد - صلى الله عليه و سلم - على أصحابه ، و كما نزل به جبريل على قلب محمد -صلى الله عليه و سلم - فليس لأحد أن يزيد أو ينقص أو يغيّر شيئًا فيه ، هذا بالنسبة للمصحف ككل . و لكن إذا أخذنا آيات من المصحف لنستشهد بها في كتاب ، أو لنكتبها على السبّورة ، أو نحو ذلك ، فلا بأس في هذه الحالة أن تُكتب على الطريقة الإملائية الحديثة ، لتكون أسهل في التعليم ) . و يندرج في هذا الفريق عضو هيئة كبار العلماء الشيخ محمد بن إبراهيم بن جبير و لكنه رأى ( أن تُطبع المصاحف بالرسم العثماني؛ حفظاً لهذا الأثر العظيم الذيهو أصل ديننا ، على أن يعاد طبع الكلمات بالرسم الإملائي المعتاد على الهامش في حيّزخاص ، و ذلك تسهيلاً لتعلم الصغار و قراءة الكبار الذين لم يتلقوا القرآن عن قارئ. و بهذا نجمع بين حفظ أهم شيء في تاريخ ديننا و بين تسهيل التعليم و عدم اشتباهالقارئين ).
3- و الفريق الثالث يرى أن الرسم العثماني اصطلاحيّ و تجوز مخالفته ، و بناء على رأيهم تجوز كتابة المصاحف بأسلوب الإملاء العادي ، و من أشهر أصحاب هذا الرأي ابن خلدون ، الذي كان يسخر من محاولات أصحاب الفريق الأول إيجاد أسرار و معجزات في اختلاف كتابة الكلمات القرآنية ، و فسّـر ذلك بأنه حماس غير مبرر باتجاه تنزيه الصحابة رضوان الله عليهم عن صفة عدم إجادة الخط .
و أخيرا فإنه ينبغي التنويه إلى أنه لا يسوء القرآن الكريم أبدا تلك الاختلافات في كتابة بعض كلمات القرآن الكريم لأن سببها هو اختلاف اصطلاح الناس حول إملاء الكلمات ، فقد تتغير طريقة كتابة الكلمة بتغيُّر اصطلاح إملاء الناس لها ، كما أن القرآن الكريم لم ينزل مكتوبا بل متلوا ، و لا يتم تلقيه من المصاحف بل من صدور الـحُـفّاظ الثقات ، فلا يضيره وقوع أخطاء في طريقة الكتابة . | | | | |
أموت ويبقى ما كتبته ** فيا ليت من قرا دعاليا
عسى الإله أن يعفو عني ** ويغفر لي سوء فعاليا قال ابن عون:
"ذكر الناس داء،وذكر الله دواء"
قال الإمام الذهبي:"إي والله،فالعجب منَّا ومن جهلنا كيف ندع الدواء ونقتحم الداءقال تعالى :
(الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب)
ولكن لا يتهيأ ذلك إلا بتوفيق الله ومن أدمن الدعاءولازم قَرْع الباب فتح له"
السير6 /369 قال العلامة السعدي:"وليحذرمن الاشتغال بالناس والتفتيش عن أحوالهم والعيب لهم
فإن ذلك إثم حاضر والمعصية من أهل العلم أعظم منها من غيرهم
ولأن غيرهم يقتدي بهم. ولأن الاشتغال بالناس يضيع المصالح النافعة
والوقت النفيس ويذهب بهجة العلم ونوره"
الفتاوى السعدية 461 |