خلف خطانا
هكذا يمضي بنا العمرُ كِلانا
تنطفي أنوارُهُ خَلْفَ خُطانا
تعِبَتْ أرجُلُنا مما مشينا
وانتهى السيرُ وما نِلْنا مُنانا
واختفتْ في زحمةِ العُمرِ وجوهٌ
وطوى الموتُ رفاقاً وزمانا
وتناسينا، وقد مَرُّوا وغابوا
أننا في الدربِ نمشي كَسِوانا
وغدا الصبحُ الذي خلناهُ عيداً
مغرِباً ينزفُ في صمتٍ دِمانا
وتمنينا وهِمْنا وانتشينا
في خيالٍ غمرَ العقلَ وكانا
أننا في ذلك الحقل زهورٌ
تبحثُ النجماتُ عنّا وترانا
نستقي من طلّةِ البدرِ ضياءً
فتمايلنا هوىً مما سقانا
وإذا هبّ مع الصبحِ نسيمٌ
تلتقي أغصانُنا وقت ضحانا
ثم إن مِتنا بُعثنا من جديدٍ
في ربيعٍ مزهرٍ بضٍ أتانا
عندها أُدرِكُ أني في منامٍ
أتمنى أَنَّهُ كانَ عَيانا
(ليتني، ليتَ، ولو) تنهشُ لحمي
لم تعُفْ في جسميَ الُملقى مكانا
هكذا نحلم بالوهم ونحيا
غيرَ هذا الوهم ما طالتْ يدانا
كم تمنينا، على البعد، لقاءً
فغدا قفلاً من الغيبِ لِقانا
وبدا الوعدُ جميلاً فانخدعنا
وتعلّقْنا بهِ دهراً، وخانا